لم يقتصر تأثير الخوف من انتشار فيروس كورونا على قطع طرق عودة المئات من الأجانب في موريتانيا إلى بلدانهم فحسب، بل إن الواقع الجديد فرض على بعضهم اللجوء إلى الحرف التي يتقنونها لكسب أقواتهم، لكن قارعة الطريق واستجداء المارة كانت حضنهم ووسيلتهم للظفر بالزبناء.
فعلى شارع نواذيبو بمقاطعة تفرغ زينة في ولاية نواكشوط الغربية، يتخذ مواطن فلسطيني وثلاثة سنغاليين ركنا مقابلا للرصيف، يرصدون منه حركة المارة لعرض خدماتهم المتمثلة في إصلاح الأعطاب المنزلية في مجالات الماء والكهرباء، فضلا عن تقديم خدمات الصباغة والزخرفة والتنظيف.. وغيرها.
الفلسطيني، ويدعى إبراهيم، صرح لوكالة الوئام الوطني للأنباء بأنه جاء إلى موريتانيا منذ أقل من سنة، موضحا أنه قدم من مدينة "رام الله" بحثا عن عمل.
وعلى غير عادة الفلسطينيين الذي تقترب نسبة الأمية في صفوفهم من الصفر، يؤكد إبراهيم عدم إلمامه بالقراءة ولا بالكتابة، مشيرا إلى أنه تربى وترعرع في أحضان المزارع بعيدا عن المدارس والكتاتيب.
وعلاوة على مجال الزراعة، قال إبراهيم إن لديه خبرة لا بأس بها فى السباكة والنجارة وتصليح المواسير والأبواب، أما صاحب الدكان الذي يقف أمامه فلديه رأي آخر في خبرة إبراهيم في المجالات التي ذكرها.
ورغم اعتراف الجميع بخطورة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، يؤكد إبراهيم أنه لا يعبأ بالفيروس الخطير، مشيرا إلى أن تجاربه المريرة مع الحياة كانت أصعب من كورونا بكثير، على حد وصفه.
يبدأ إبراهيم بحثه عن العمل باكرا، حيث يكون من أول الواصلين لمكان البحث اليومي عن زبون يريد تصليح باب أو حنفية معطلة، وفي المساء يعود بما كتب الله له من رزق حلال.
وينفي المواطن الفلسطيني أن تكون لديه أية صلة بسفارة بلده في نواكشوط، ولا بجاليته في موريتانيا، قائلا: "لا فائدة في الجميع".
يقطع إبراهيم ورفاقه السنغاليون كل التعاطي والتفاعل مع من حولهم بمجرد اقتراب سيارة من الرصيف الذي يتخذونه عنوانا لمن يريد خدماتهم، وهم يتسابقون نحو نوافد السيارة التي تقترب منهم.
وبعد مغادرتهم المكان تحت تهديد الشمس بالغروب ووعيد الشرطة لمن خالف قرار منع التجول، يبقى أمل إبراهيم ورفاقه السنغاليين معلقا برنين هواتفهم التي قد تحمل لهم دخلا من خلال اتصال زبون حصل على أرقام هواتفهم من صاحب المحل الذي يتخذون المساحة الواقعة بين واجهته والرصيف مكانا لعرض خدماتهم على المارة.