الوئام الوطني - تقرير - عرفت السنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا لإقبال البدو الرحل على المدن، حيث شكلت خيامهم وقطعان مواشيهم طوقا لف العاصمة نواكشوط من كل الاتجاهات.
يستثمر هؤلاء لبن مواشيهم لتكون مصدر دخل يوفر لهم معيشتهم ويؤمن لهم الأعلاف التي يشتكون دائما من غلائها في الأسواق.
ومع مساء كل يوم دأب العشرات من ساكنة نواكشوط على الخروج في نزهة إلى الضواحي، حيث يكون لبن الإبل أهم ما يمكن استجلابه أثناء العودة إلى البيت، غير أن بعضهم ربما اعتاد الخروج مساء وصباحا إلى تلك المشاريع لغرض واحد، هو الحصول على لبن الإبل.
ينصب محمد خيمته على المدخل الشمالي لمدينة نواكشوط "طريق اكجوجت"، ومعه زوجته وأبنه ومساعد يرعى إبله.
ويقول محمد، في تصريح خاص لوكالة الوئام الوطني للأنباء، إن أحوالهم ازدادت صعوبة بسبب غلاء سعر العلف، الذي عرف تصاعدا بلا سقف خلال السنوات الاخيرة، بحسب تعبيره.
ويضيف: "استبشرنا خيرا بجهود الحكومة لتوفير الأعلاف بأسعار مناسبة، غير أنها فضلت توزيعها على المناطق الداخلية، لأنها اعتبرت أن الأولية فى كميات الأعلاف يجب أن تتجه إلى هنالك".
وأوضح محمد أنه يبيع لبن الإبل بشكل يومي، غير أن حركة البيع تأثرت كثيرا بجائحة كورونا، مشيرا إلى أن المسافرين بين نواكشوط وولايات الشمال(إينشيري، آدرار، وتيرس زمور) يشكلون الغالبية العظمى لزبنائه قبل تنفيذ قرار الإغلاق بين الولايات.
وقال: "إنهم يشترون اللبن بسخاء كبير".
وأكد أن حركة الإقبال اليوم على شراء لبنه تكاد تنحصر في حالات محدودة قادمة من وسط العاصمة، وكثيرا ما تحارب من أجل خفض السعر المحدد سلفا.
وحول اختيار محمد للمكان الذي شيد فيه مشروعه، أوضح أنه كان مضطرا لإقامته في مكان لا زرع فيه ولا عشب ليكون قريبا من بوابة العاصمة التي تجمع بين زبنائه من المسافرين والمقيمين.
ونبه إلى أنه وأهله يشعرون بوطأة الحظر الليلي المفروض على العاصمة، فلا أحد يزورنا ليلا، فقط نبقى سامرين في هذه الساحة الشاسعة بين الخيمة والإبل، نشرب الشاي ونتجاذب أطراف الحديث حتى يحين موعد النوم، يقول محمد.
وردا على سؤال عما إذا كان يعتزم بيع الإبل والاستثمار في مشروع تجاري آخر في أسواق المدينة، أكد محمد أنه لا يستطيع العيش فى البيوت المغلقة، فالفضاء الشاسع هو طبيعة حياتنا، على حد وصفه.
وختم محمد حديثه لوكالة الوئام بالقول إنه يدرك مدى خطورة فيروس كورونا وسرعة انتشاره بين البشر، لكنه أضاف: "المهم ألا يفتك بالإبل".