يستيقظ محمود فى الصباح الباكر من كل يوم، ويبدأ فى التأكد من سلامة وجاهزية شباك الصيد، قبل أن ينتظم في صفوف زملائه العاملين كخلية نحل على شاطئ الأطلسي المقابل لمدينة نواكشوط.
يقف الصيادون أمام الشاطى فى صفوف متراصة لسحب الشباك من قاع المحيط، بعد ساعات من رميها لتعود محملة بأنواع الأسماك التي ينتظرها الباعة والزبناء على أحر من الجمر.
وفي خضم معركة استخراج الأسماك ينهمك سعيد في معركة أخرى موازية، هي معركة إعداد الشاي وتوزيع الكاسات الدافئة والمطعمة بالنعناع على الصيادين في ميدان معركتهم حامية الوطيس.
وهناك معركة ثالثة تبدو أقل سخونة، لكنها ضرورية ل"مقاتلي" الجبهات السابقة.. إنها معركة دارت رحاها قبل ساعات هنالك في قلب المدينة وخلف أسوار المخابز، لكن رفع راية نصرها وسط ميدان الشاطئ يعتبر من ضرورات رفع طاقة الصيادين خلال معاركهم التي لا تنتهي إلا لتبدأ.. إنها معركة توفير الخبز الساخن لجنود معارك أسخن على شاطئ يبدو ساخنا هذه الأيام.
تلقي جائحة كورونا بظلالها الثقيلة على نشاط الصيد التقليدي في نواكشوط، فإكراهات حظر التجول داخل المدينة تفرض على الصيادين إنهاء مهامهم الشاطئية قبل ساعات من غروب الشمس ليتسنى لهم الحصول على وسائل نقل توصلهم لمنازلهم قبل الوقت المحدد لسريان الحظر، فبات انتظار عودة الزوارق من رحلة الصيد مجازفة لا يمكن تحمل تبعاتها، لذلك لجأ الصيادون لاستخدام حيلة بديلة وسريعة تتمثل في رمي الشباك في عمق الشاطئ وتركها لساعات قبل سحبها بما اصطادت من أسماك تبدو قليلة وصغيرة، لكنها تبقى أفضل من لا شيئ، كما يقولون.
يؤكد الصياد أعمر، في تصريح خاص لوكالة الوئام الوطني للأنباء، أنه وزملاءه يرغبون في زيادة الكميات التي يصطادونها يوميا، وأضاف: "ما يأتي به الصيادون لا يكفى وجلوسنا فى انتظار الزوارق غير مجد"، على حد وصفه.
وتوزع كميات الأسماك المصطادة في سلات منها ما يجد طريقه إلى البيع للزبناء الذين يفضلون السمك الطري، ومنها ما يجد طريقه نحو التبريد لعرضه في السوق خلال الأيام المقبلة.
وتبدو أسعار السمك على الشاطئ غير مستقرة، فهناك من يبيع بسعر منخفض خوفا من تعفن بضاعته التي قد لا تجد طريقها للتبريد، وهناك من يحرص على البيع بثمن متوسط إلى مرتفع حتى ولو تطلب الأمر إيداع بضاعته في الثلاجات لأيام عديدة.
موفد الوئام/ جمال السالك