بسبب غياب الترقيم وتحريف أسماء الشوارع.. نواكشوط عاصمة التيه في عصر GPS

الوئام الوطني - عرفت مدينة نواكشوط، منذ نشأتها، التعايش مع متطلبات الحضارة الحديثة، من صرف صحي، ونقل بمواصفات عصرية، وتسمية للشوارع وترقيم للمنازل والمحلات.  

كانت العناوين بارزة ومعروفة لدى سائقي سيارات الأجرة وعمال البريد ومُستخدَمي شركة الكهرباء والماء، ولدى رجال الإطفاء وأجهزة الأمن.

لكن الغريب في الأمر هو أن العاصمة نواكشوط كلما تقدم بها العمر في عالم يتطور بسريعة متواترة، كلما تراجعت عن مكتسباتها الحضارية التي عرفتها أيام تأسيسها.

فقد اختفى ترقيم المنازل بشكل شبه كلي من شوارع العاصمة، في حين تكاد الشوارع ذات التسمية المميزة تعد على أصابع اليد، واختفت كل مظاهر تمكين الأفراد والقائمين على المصالح العامة والوافدين من تحديد مكان وجهتهم، وتفاقمت مخاطر تأخر الإطفاء وسيارات الإسعاف ورجال الأمن عن سرعة الوصول إلى مكان النجدة بسبب غياب العناوين، وأصبحت العناوين مربوطة باسم مجمع تجاري أو بقالة تتعدد أسماؤها في مختلف أحياء المدينة، وهو ما يضيع فرص إنقاذ أرواح وتأمين ممتلكات.

ورغم قلة الشوارع التي اكتسبت أسماؤها شهرة كبيرة وأصبحت معروفة لدى الجميع، عمد النظام السابق إلى تغيير أسماء الكثير منها ليزيد طين التيه داخل العاصمة بِلَّة، فعلى سبيل المثال تم تحويل اسم "شارع جمال عبد الناصر" ليصبح "شارع الوحدة الوطنية"، في حين انتهز العامة فرصة غياب إبراز تسميات الشوارع بإطلاق أسماء تتداولها الألسن وتكون مرجعية معروفة لدى الجميع بدل الأسماء الأصلية التي أهملتها الإدارة والبلديات.

الوئام سألت أحد المارة عن" شارع الشهيد ياسر عرفات"، فنفى علمه بوجود شارع بهذا الاسم، وهي ذات إجابة سائق تاكسي، لكن الجميع عرف إحداثيات الشارع عندما علموا أنه يدعى شعبيا بشارع "أبيتيگ كسكس".

ومما لا يعلمه الكثيرون أن الشارع المحاذي لشركة "ماتل" تمت تسميته على وزير سابق اسمه جيارا مونا سوماري، بينما يسمى الشارع المار من أمام منزل الرئيس المؤسس المختار ولد داداه بشارع شارل ديكول، قبل أن يتم تغيير اسمه ليصبح "شارع الحاج عمر تال".

أما الشارع المار من أمام وزارة الاقتصاد والصناعة فيدعى" شارع نيلسون مانديلا"، بينما يسمى الشارع المار خلف قصر المؤتمرات القديم ب"شارع المصطفى ولد محمد السالك".

أما الشارع المنطلق من ملتقى طرق مدريد باتجاه روصو فقد تمت تسميته ب"شارع الشيخ إبراهيم نياس".

لكن عمق أزمة تسمية الشوارع وترقيم المنازل يتجلى في عدم إلمام الكثيرين ممن يمارسون النقل بتقنيات العصر التي تتيح استخدام تنزيل تطبيق GPS على الهاتف المحمول، والاستفادة من خدماته في تحديد الشوارع والأماكن المحفوظة بأسمائها الحقيقية، بدل الاعتماد على عناوين شعبية قد تتكرر في أكثر من مكان داخل الحي الواحد.

 

تقرير موفد الوئام/ جمال السالك 

 

اثنين, 06/07/2020 - 13:23