على ما يبدو أن العقل العربي لا يستطيع أن يستوعب التاريخ وإشاراته، وما يخطط له، وليس بقادر على أن يعرف مقاصد سياسات الدول الغربية.
فمنذ وصول القائد العسكري إبراهيم باشا إلى حدود عاصمة العثمانيين سنة ١٨٣٢م، وكادت أن تسقط تحت سنابك خيل الجيش المصري، هبت دول الغرب تساند، وتدافع، وتحمي عاصمة العثمانيين من السقوط تحت وطأة الجيش العربي.
وما نراه اليوم من غزو همجي براً وجواً وبحراً للخليفة العثماني الجديد “أردوغان” الذي يُهدد أوروبا باجتياحها بالمهاجرين من “داعش” و”المرتزقة”، واكتفاء العالم بدور المتفرج على مشهد حزين يجرى للعالم العربي، يؤكد أن الكل متآمر على الوطن العربي من أجل تحقيق حلم بنو إسرائيل لإقامة دولتهم من النيل الى الفرات….!!
وحينما نرى مواقف مجلس الأمن، ووزراء خارجية الدول الأوروبية، وأمريكا تجاه الغزو التركي لدولة ليبيا، نجدهم لا يتخذون قراراً حاسماً تجاه ما يحدث من انتهاكات بحق الشعب الليبي، وكأنما أصبح العرب لعبة يتقاذفها الفرقاء تحت قيادة وتوجيه الصهيونية العالمية…..!!
يحدث كل ذلك فى الوقت الذى نُشاهد فيه الموقف الأثيوبي، والمؤامرة على تعطيش الشعب المصري، وتعطيل نموه الاقتصادي، وينساق الاشقاء فى مصر أكثر من عشر سنوات فى لعبة مكشوفة من المفاوضات خلف الإثيوبيين الذين يجعلون الإخوة المصريون يدورون فى حلقة مفرغة، بينما هم مستمرون فى بناء السد…..!!
فتلك عملية خداع لم يتنبه لها الجانب المصري، ومن المتعارف عليه إذا حدث خلاف بين طرفين على أي أرض أو حقوق مائية، المفروض يتوقف الطرفان من استمرار البناء إلى أن يتم حل الخلاف.
ولكن الجانب المصري تم خِداعِه فى ضوء الشمس دون أن يُدرك أهداف الاثيوبيين، بأنهم يعملون بتوجيه من الإسرائليين الذين نجحوا في أن يجعلوا العرب والفلسطينيون يتفاوضون معهم على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (٢٤٢) بالانسحاب الإسرائيلي إلى حدود ما قبل سنة ١٩٦٧م، وظلوا يتفاوضون في حلقة مفرغة، في الوقت الذي تستمر فيه اسرائيل باغتصاب الأراضي الفلسطينية كل يوم، وتبني المستوطنات، والعالم كله يتفرج، والعرب يعيشون على أمل كاذب….!!
نضف إلى لما سبق، تلك الخلافات التى تدب بين العرب وبعضهم البعض، مما يساعد فى تحقيق أهداف اسرائيل، وسيأتي يوم قريب لن يجد فيه الفلسطينيون والعرب متراً واحداً من الأرض يتفاوضون عليه إن هم ظلوا على ما هم عليه الآن….!!
وهو نفس التكتيك الذي يستعمله الإثيوبيون مع الأشقاء في مصر، فمتى يستيقظ العرب، ويفهموا لعبة الأمم، ويتعلمون من عِبر التاريخ، لكي يتفادوا المصائب التي تنهال عليهم من كل حدب وصوب…..؟!
وسلام على أمة ضلت الطريق، وغربت عنها الشمس إلى أن يرجعوا إلى وحدتهم، ويدركوا أن مصيرهم واحد، وعدوهم لن يستثني منهم أحدًا.
لكل ما سبق وغيره، فلننظر إلى أمريكا، ونفكر جدياً كيف استطاعت أن تُجند “أردوغان” من الشمال ضد مصر، و”نتنياهو” من الجنوب، وكلاهما – كما نعلم جميعا – ينفذا خطط الصهاينة، أما العرب فهم مشغولون، وشغلهم الشاغل، يكمن فى خلافاتهم الغبية والعبثية…..!!