الوئام تنشر النص الكامل لمقابلتها مع رئيس حزب الصواب النائب الدكتور عبد السلام ولد حرمه

وصف الدكتور عبد السلام ولد حرمه، رئيس حزب الصواب المعارض والنائب عنه في البرلمان، تقييمه لعمل اللجنة البرلمانية للتحقيق في ملفات العشرية الماضية بالإيجابي، قائلا إنه لم يطلع على سير التحقيق وما دار فيه بشكل دقيق، "لكن السياق العام يدور في ظروف جيدة".

وأكد ولد حرمه، في مقابلة خص بها وكالة الوئام الوطني للأنباء، أنه راض تماما عن عمل اللجنة وأدائها، معبرا عن أمله في أن تحقق النتائج المرجوة منها.

وأوضح أن رفض الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز المثول أمام اللجنة، إن تأكد، يضيف شعورا مؤلما تجاه رئيس كان يحكم هذا البلد وهو المسؤول عن تطبيق الدستور واحترام المؤسسات، خاصة مؤسسة البرلمان التي شكلت لجنة التحقيق ومنحتها صلاحيات واسعة.

 

نص المقابلة: 

الوئام: كيف تقيمون أداء اللجنة البرلمانية التي تحقق في ملفات العشرية الأخيرة؟.. وما موقفكم من رفض الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز المثول أمامها؟

 

الدكتور عبد السلام ولد حرمه: بسم الله الرحمن الرحيم، شكرا لوكالة الوئام على هذه المقابلة واختيارنا لي ضمن من ارتأت أن توجه إليهم أسئلتها في هذا الموضوع الهام، وبالتحديد هذا السؤال. 

إن تقييمي لعمل هذه اللجنة هو تقييم إيجابي، وفي الحقيقة لم أطلع على سير التحقيق وعلى ما دار في دقائقه، لكن السياق العام لعمل اللجنة بالنسبة لي يدور في ظروف جيدة، من جهة أنها لجنة تشكلت لأول مرة في تاريخ بلدنا، في تاريخ برلماننا. ثانيا لأنها تشكات في فضاء نفسي أو وطني فيه تعقيدات معروفة، وثالثا تحتاج إلى دعم والى مؤازرة الجميع، ورأيي أنها واجهت هجومات وعثرات كثيرة وضعت في طريقها من طرف جهات معروفة ومن طرف جهات غامضة أو متسترة، المهم أنها واجهت عراقيل كثيرة نغسية وإعلامية، وربما فنية، لا أعرف، لكن انا على العموم راض تماما عن أداء هذه اللجنة وعن عملها ونأمل ان يتحقق هذا العمل عندما تقدم عملها في الأيام المقبلة للجمعية الوطنية. 

فيما يخص رفض الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز الحضور أمام هذه اللجنة، إذا تأكد هذا الأمر لأني لا أمتلك الأدلة والوثائق الرسمية التي تفيد بأنه رفض، رغم ما تسرب من وسائل الإعلام من أمور تؤكد حصول الرفض، فهو في الحقيقة يضيف شعورا مؤلما تجاه رئيس للبلد كان يمثل الجهة التي تدافع عن دستوره والمسؤولة عن حوزته الترابية، وهو أولى الناس باحترام المؤسسات، خاصة مؤسسة دستورية عبارة عن برلمان منتخب يمثل سلطة الشعب والسلطة التشريعية في موريتانيا، هذا البرلمان انتخب لجنة وأوكل إليها مهمة، وارتأت هذه اللجنة بصلاحياتها الواسعة أن توجه إليه أسئلة حولها، فرفضه لهذا الأمر نقومه تقويما سلبيا تماما، وأرجو أن يكون هذا الحادث مدعاة لأن نراجع أنفسنا على كل المستويات وأن نعرف أن موريتانيا فوق الجميع، وأن المؤسسات فوق الأفراد، وأنه عندما يتعالى الفرد على المؤسسة يجب أن الرسائل الواضحة بأن المؤسسات فوق الأفراد.

 

الوئام: حزب الصواب يقف في صفوف المعارضة، والقيادي فيه والنائب عنه بيرام ولد اعبيدي كثيرا ما يغرد خارج سرب المعارضة.. هل يسبب ذلك حرجا لكم بوصفكم رئيسا للحزب، وكيف تتعاملون مع الموضوع؟ 

 

ولد حرمه: "يبتسم".. هذا السؤال من شقين، ففي الشق الأول البرلماني من حيث هو ليس ملزما إلا برأيه أو ما تمليه عليه قناعته، سواء خارج قبة البرلمان أو داخلها، فكونه نجح من حزب معين فهذا لا يعني أنه أصبح أداة في يد الحزب الذي انتخب منه نهائيا، فكل برلماني له الحق بأن يعبر عن رأيه بطريقته التي يشاء وبالموقف الذي يختار، فهذا بالنسبة لنا يشكل أي حرج ما دام خطابه منسجما مع اصطفاف الحزب، ومن المعلوم ان حزب الصواب هو حزب معارض ومنتظم داخل تكتلات المعارضة، خطابه يصنف في هذا الإطار وتموقعه السياسي كذلك، وبالتالي، فالحرج كان سيكون لو أن هذا النائب البرلماني اختار موقفا في الصف الآخر وأصبح يدافع عن النظام وبرنامجه وإجراءات، فهذا النوع يشكل حرجا لأنه يدافع عن قطب سياسي نحن في مواجهته.. أما وأن النائب بيرام ولد الداه ولد اعبيدي يصدر مواقفه من داخل خندق المعارضة، فهذا لا يشكل أي حرج بالنسبة لنا في حزب الصواب. 

 

الوئام: لماذا فشلت المعارضة في توحيد صفوفها ضمن تحالف جديد، بدل تحالفات مختلفة ومتباينة؟

 

ولد حرمه: هذا السؤال يعود إلى سؤال أكبر، وهو عدم حصول النخبة الموريتانية على المستوى المأمول الذي كانت تنتظره منها جماهيرها والشعب برمته. 

هذا العجز عبر عن نفسه منذ المراحل الأولى للديمقراطية من 1991، وما ذكرتم هو تعبيرات واضحة عن هذا الفشل، لأننا في المعارضة نقف في صف واحد وخطابنا واحد، نريد التغيير والإصلاح السياسي.. هذا إطار يجمعنا، وهذا العجز لا أبرره إطلاقا، بل نوجه معكم النقد، ولا أبرئ نفسي منه، لأنه نقد صريح وصحيح. 

إن تشتت المعارضة داخل كيانات متفرقة يمنعها الزخم والقوة التي تحتاجها الآن في معركتها من أجل البحث عن الاصلاح السياسي. 

 

الوئام: كيف تنظرون إلى جو الانفتاح السياسي الذي طبع فترة حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؟ 

 

ولد حرمه: هذا السؤال من شقين، ففي الشق التقني والنفسي والمعنوي جرى انفتاح واضح، أي أن هذا النظام فتح جسورا مع المعارضة بكل أطيافها وتشكيلاتها، وكسر الجليد النفسي الذي كان قائما بين المعسكرين.. هذه الخطوة لا شك أنها تثمن، ونحن نقدرها ونثمنها. 

أما الشق الثاني فيتعلق بجوهر الانفتاح الذي نعتبر أنه لا يزال على حاله، فما زال النظام مغلقا، ودوائر صنع القرار ما زالت مغلقة، وما زالت المعارضة محرومة من المعلومات الحقيقية التي تمكنها من تقييم أداء الحكومة. ما زال المعارضة محرومة من الوظائف الإدارية والفنية التي يتيحها لها وجود الكفاءات الهائلة من المواطنين المنتظمين داخل صفوفها. ما زالت الدائرة مغلقة على مجموعة أشخاص معينين.. ومن هذا الجانب فتقويمي سلبي، إذ أن ما يجري هو استمرار لنهج السنوات العشر الأخيرة والسنوات العشرين التي قبلها، ولم يطرأ أي جديد. لكننا نثمن جو الانفتاح ونرجو أن يساهم في فتح ثغرة للوصول إلى مرحلة ثانية. 

 

الوئام: ما موقف حزب الصواب من التحديات التي تواجه لحمة المجتمع، كالخطابات الشرائحية والقبلية مثلا؟

 

ولد حرمه: أستطيع وصف هذا السؤال بالوجودي والمقلق، فبنية موريتانيا الاجتماعية متوترة ومفخخة. لكن لماذا هي متوترة ومفخخة؟ هي كذلك بفعل سياسات وتراكمات بعضها من قرون خلت وبعضها حديث، وهي ممارسات الغبن والتهميش وممارسة الرق ومخلفاته وممارسة الاضطهاد الشرائحي والفئوي والقبلي. 

إن هذا التراكم خلف المرارات على المرارات داخل نفوس مجموعات كبيرة من هذه الشرائح، وهذه المرارات لابد أن تعبر عن نفسها من جهة من مورس عليهم هذا الاضطهاد، ومن مورس عليهم هذا الظلم. 

لا يمكن لهذا الأمر أن يعالج إلا من زاويتين، أولاهما البحث عن أسباب هذا الشعور، وهي واضحة، فقد نتجت عن ظلم، ولا بد من إزالة أسباله بإزالة التفاوت الاجتماعي، إزالة الحيف الكبير الذي يصل أحيانا درجة الجرم الممارس ضد بعض الفئات، والبدء الفوري في إزالته، فهو يحتاج إلى نية صادقة وسياسة حكيمة ومتصاعدة. 

وفي المقابل، حينما نبدأ هذا الأمر ونسير في الاتجاه الصحيح، يمكننا أن نطالب، ونطالب الآن، بأن من يقع عليهم هذا الظلم وهذا الحيف ينبغي أن يكون تعبيرهم عن مراراتهم داخل أطر ومؤسسات حقيقية، ومطالبتهم بالحفاظ على لحمة المجتمع وكيان الدولة، لأنه بدون ذلك لا يمكن الحصول على إصلاح ولا على جبر الضرر، ولا على إنصاف الضحايا من أي نوع كانوا، وبالتالي فهناك مرارات يجب أن يتم التعبير عنها داخل مؤسسات، لكن ينبغي أن نتجه جميعا أولا إلى إصلاح الأعطاب الناتجة عن قرون وعقود وسنوات من الممارسات الظالمة ضد بعض الفئات.

 

الوئام: شكرا جزيلا سيادة الرئيس والنائب. 

 

 

أجرى الحوار/ جمال السالك

 

خميس, 16/07/2020 - 23:32