حتى يتبيّن للجميع الخيط الأبيض من الخيط الأسود!

بعض الإخوة على هذا الفضاء يتكلمون عن وجود فساد في الاتحادية الموريتانية لكرة القدم! لكن، لكي يكون لهذا الكلام المرسَل مصداقية، ولهذه التهمة وجه، وحتى لا يبقى مجرد استهداف واضح، فما هي أدلتهم القطعبة التي لا تقبل الرد على وجود هذا الفساد المزعوم؟! فكما هو معروف لدى المتعلمين جميعاً أن "البيّنة على من ادعى"! ولكن هؤلاء لم يقدموا لنا الدليل أبداً! وفي ظل غياب هذا الدليل لا يبقى أمامنا سوى تحليل هذه الادعاءات، حتى يكون القارئ الكريم على بينة من أمره فيها؛ وبشكل عام، حين نتهم أي مؤسسة بالفساد، هناك احتمالان اثنان، لا ثالث لهما، لتفسير هذه التهمة؛ - إما أن يكون هناك #فساد فعلاً في المؤسسة المتهمة. - وإما أن يكون هناك #تحامل فقط على هذه المؤسسة! فكيف نميّز بين الأمرين؟! قبل الجواب على هذا السؤال، لابدّ أولاً من تعريف الفساد نفسه؛ حيث أنكم تتفقون معي أن من غير المنطقي أن نحكم بوجود شيء لا نعرف صفاته وأماراته! الفساد المالي في لغة التسيير والإدارة يعني أمرين فقط؛ وما سوى ذلك تفاصيل؛ 1. أن يُسجل اختفاء لبعض الموارد المالية. 2. أن لا يوجد تبرير وجيه لصرف بعض الموارد. وكل أوجه الفساد مجتمعة داخلة حتماً في خضم هذين العنوانين الكبيرين، فتعالوا معي لننزل هذين الأمرين على ما يدور في مؤسسة الاتحادية الموريتانية لكرة القدم، لنحكم بعد ذلك؛ عن بيّنة ووعي وبصيرة، على ما إذا كان يوجد في الاتحادية فساد فعلاً أم لا؛ 1. هل تم تسجيل اختفاء أي موارد في الاتحادية؟! الجواب؛ لا أبداً، حيث لم تسجل أي لجنة تفتيش خارجية أو وطنية (وقد زارت الاتحادية جميعاً) أي اختفاء لأية موارد على الإطلاق في الاتحادية. 2. هل توجد أوجه صرف للموارد غير مبررة قانونياً؟! الجواب يتحدد في ما يلي: • الاتحادية تكشف كل سنة (والتسيير سنوي) كافة مواردها المالية، وتبرر أوجه صرفها القانونية أمام أعضاء الجمعية العامة وبحضور وسائل الإعلام، فكيف يكون هنالك فساد (أو عدم تبرير وجيه) ولا يراه -أو يلاحظه- أي عضو في الجمعية العامة، ولا تكتشفه وسائل الإعلام الحاضرة؟! • الاتحادية تزورها لجان تفتيش تابعة للفيفا، وتزورها المفتشية العامة للدولة، فتسأل عن كل كبيرة وصغيرة، وتفحص كل الأوراق والوثائق وتدقق كافة الحسابات، فكيف يكون هنالك فساد ثم ينطلي على هذه الجهات الفنية المختصة في كشفه؟! • موارد الاتحادية محدودة جداً، فهي ليست بالمليارات، كما هو حال الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى، بل تكاد ميزانية الاتحادية لا تصل سنوياً إلى ملياري أوقية قديمة، بحساب مصاريف المنتخبات الوطنية، فهل سمعتم عن أي نقص أو خلل في التكفل بنفقات المنتخبات الوطنية في أي مباراة؟! وهي التي تخوض سنوياً عشرات المباريات لمختلف المئات العمرية، وفيها أسفار وإقامات ومكافآت! أما عن بقية أوجه الصرف الأخرى، فهلاّ زرتم مقر الاتحادية، والعصب التابعة لها، لتروا بأعينكم أعمال البنى التحتية الرياضية الفنية التي قيم ويقام بها سنوياً؟! وأضيف هنا؛ هل سمعتم عن تأخر الرواتب الشهرية لعمال الاتحادية، وهم بالمئات؟! هل سمعتم عن توقف التكفل بمصاريف أطفال الأكاديمية مثلاً؟! هل سمعتم عن توقف أي بطولة وطنية بسبب أزمة مالية؟! إذا كان كل هذا وغيره من أوجه العمل يتم دون مشكلة، بأقل من ملياري أوقية سنوياً، مع كشفه على الأوراق بالتفاصيل الدقيقة، فكيف يمكن أن نتحدث عن فساد؟!! أما قضية الكونكورد المثارة حالياً، فهي تعود لعام 2016، وقد أوضحتها الاتحادية أكثر من مرة، ونشرت الوثائق التي تثبت دفعها للمبلغ المذكور لنادي الكونكورد، والنادي نفسه أصدر بياناً يؤكد فيه ذلك، وهي بالنسبة للاتحادية قضية مغلقة، ولا داعي للتكرار. إذن لم يبقَ لتفسير الحديث عن الفساد وإلصاقه بالاتحادية سوى الاحتمال الثاني وهو #التحامل، ومن أمارات التحامل أن يلجأ الطرف المتحامل إلى شن حملة منظمة على #خصمه، يستخدم فيها كل أساليب التشويه والمغالطة؛ فلا يبقى معارض لك إلا استشهد بكلامه، ولا تبقى مغالطة يمكن استغلالها لمخادعة الرأي العام إلا استخدمها، ولا يبقى لقب مسيء أو صفة جارحة إلا ألصقها بك، وهذا بالضبط ما نراه الآن! ومما يؤكد لكم ذلك أن الجهات المتحاملة على الاتحادية تنشر فيديوهات كثيرة لتصريحات مناوئة للقائمين على هذه المؤسسة مرت عليها سنوات، وبعض من يتكلمون فيها قد تغيّرت مواقفهم منها. كما أن كل ما تنشره هذه الجهات من وثائق رسمية هي في الواقع وثائق تثبت شفافية الاتحادية، لا العكس، لأنها التقارير نفسها التي تعدها الاتحادية سنوياً لشرح وتبرير الأوجه القانونية لصرف كافة مواردها أمام الجمعية العامة، ثم يعتقد هؤلاء -واهمين طبعاً- أن مجرد نشرها يصلح لمغالطة الجمهور حتى يظن أنها وثائق سرية، وهي في الواقع ليست كذلك، بل هي نفسها الدليل القطعي على اتباع معايير الشفافية في الاتحادية! وكأن هذه الجهات كانت تريد من الاتحادية أن تنفق مواردها السنوية دون كتابة ودون تبرير ودون نقاش أمام الجمعية العامة، فلا يبقى لها أثر!!! إذا مَحَاسِنيَ اللاّتي أُدِلُّ بِهَا كانَتْ ذُنُوبي، فقُلْ لي كَيفَ أعتَذرُ؟! مع تحياتي للجميع..

 

من صفحة الصحفي الرياضي محمد اندح على فيسبوك

أربعاء, 22/07/2020 - 14:16