شرع الله عز وجل المشورة وأمر نبيه صلى عليه وسلم بها (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) وجعلها من أرقى أساليب تسيير الاختلاف وصناعة فكر الإصلاح والاستقامة على المنهج المرسوم (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) والرأي المركب من المشورة رأي مسدد وموفق يخرج من مشكاة ذوي الألباب والعقول وذوي النهى، لا يأمر إلا بخير ولا ينهى إلا عن سوء، هدفه إسعاد الجميع في عاجلهم وآجلهم (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
والمشورة تعني التناصح والتآزر والتكامل في الفكر من خلال تجربة الخبراء وحكمة الحكماء ونصح الفضلاء، في بيئتها الجاذبة والمستوعبة للآخر مهما كان الاختلاف، تجلب إليها البضاعة التي تروج فيها (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ)، وهي طاردة في نفس الوقت أصحاب السوء والقول المردود (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) ومن خلالها يغلب العام على الخاص.
ومن العنوانين البارزة التي ميزت الحياة السياسية للبلد خلال السنة المنصرمة من حكم الإصلاح إشاعة ثقافة المشورة وتوفير الظروف المحفزة والمساعدة على إنجاحها في الاتجاهين الأفقي والعمودي، ومن خلال أسلوب (وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) الجامع لقيم الأخلاق والتعامل الحضاري الراقي والمسؤول في بعده الوطني الشامل لكل تطلعات المواطن في حياة كريمة (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
وقد سادت لغة المواطنة في أجل معانيها وأبهى صورها في إثراء هذه التجربة وهذا الأسلوب الجديد في التعاطي مع الشأن العام وفق منظور "الوطن يسع الجميع والحكمة ضالة المؤمن"، وتميزت ساحة النقاش بالسكينة وحسن الأداء وتطوير مضامين الخطاب السياسي وترقيته وتحريره من حالة الجمود والركود إلى حالة النشاط والحركة في اتجاه ما ينفع الناس فيأتي الإعلان عن الخطة الاقتصادية من لدن فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في هذه الأجواء المرحبة والداعمة ومناخ أعمال ملائم ومشجع على الإقلاع التنموي نحو الرفاهية والازدهار في أمان.
ورأي عام مهتم ومتابع ومؤطر بفكر المرحلة ومتطلع إلى رؤية موريتانيا في أبهى حللها وأجمل صورها.
رأي عام يراقب ويحاسب ويثمن ولا تلتبس لديه أمور الوطن، يعرف المصلح من المفسد والنافع من الضار ويقيم المنجز على أرض الواقع بموضوعية وشفافية.
وبرنامج الرفاه الاقتصادي المعلن عنه سيرفع منسوب الثقافة الحاصلة بين مكونات الطيف السياسي في خطط التنمية الوطنية وسيعزز آمال المواطن في حياة كريمة أصبح ينظر آفاقها بعين الحقيقة.
محمد ولد الخرشي عبد الله السالم