افتتاحية الوئام الوطني للأنباء -
وأخيرا ينفلق الفجرُ الشنقيطي عن جائزة للمتون المحظرية، هي الأولى من نوعها في تاريخ موريتانيا. لم يُحدِث أي إنجاز، لأي رئيس، في أي عهد من عهودنا السياسية المتشعبة، مثلما أحدثت هذه الجائزة من ضجيج إعلامي وصخب شعبي، فقد اعتبرها البعض انطلاقة ميمونة لمأمورية مباركة جعلت ثوابتنا الدينية في مقدمة القاطرة، واعتبرها البعض لفتة كريمة إلى كتاتيب عانى خريجوها التهميشَ والإقصاءَ على مر العصور، واعتبرها آخرون عودة إلى التراث الديني السلمي المحلي المعتدل. لكن أهم زخم لهذه الجائزة هو إجماع المجتمع (من علماء، وفقهاء، وأساتذة، وطلاب، مثقفين، وسياسيين) على أنها تشكل، بحد ذاتها، تخليدا لذكرى العيس التي اتخذناها مدرسة بها نبيّن دين الله تبيانا، واعترافا بالجميل التاريخي للأعرشة والحطب والمحبرة والقلم والشيوخ الأكابر الذين سهروا الليالي على تنشئة الأجيال على الدين القويم وأصول التشريع الخالي من الغلو والتطرف.
كل ربوع الوطن، كل فئاته، كل حجر ومدر في حضره وفي فيافيه، يعتبر جائزة المتون المحظرية التمهيدَ الفعلي لتشجيع رواد المحظرة على التحصيل ومواصلة السير الحثيث على خطى الأجداد الميامين. فهذه الجائزة جاءت لتخاطب الضمير المحظري المنسي بقولها الضمني: "واصلْ، فمن الآن فصاعدا لست وحدك". إنها جزء مهم من العهد، وللعهد معنى عند من بادر إلى هذا العمل غير المسبوق.
لقد أشاد العلماء، كما أشاد المجتمع بمختلف مشاربه، بهذه الجائزة، لكن أهم إشادة بها هي تلك التي سيسطرها التاريخ في كناشه الخالد.
وكالة الوئام الوطني للأنباء