افتتاحية الوئام الوطني - اليوم نشهد البداية الفعلية لنهاية العد التنازلي للتحقيق حول ملفات العشرية الفارطة. ثلاث إشارات جاءت لتؤكد للرأي العام أن الأمور نضجت بما يكفي ليقدم التاريخُ جردة حسابه النهائي. الإشارة الأولى جاءت في بيان لوكيل الجمهورية حين أصدر أمرا بمنع الرئيس السابق من مغادرة حيّز ولاية نواكشوط الغربية، والإشارة الثانية تمثلت في بيان لوزير الداخلية أعلن فيه أنه لا أحد فوق القانون، والإشارة الثالثة عبرت عنها شرطة الجرائم الاقتصادية باستدعائها، اليوم، للرئيس السابق بغية إجراء مقابلة له مع طواقمه من وزراء ومسؤولين سامين، كديباجة فعلية لتحويل الملف برمته إلى القضاء الذي يمثل آخر حلقة من السلسلة الطويلة.
لا شيء يثير فضول الرأي العام الموريتاني أكثر من مآلات هذه القضية التي طال انتظارها، ولا شيء يزعج الرأي العام أكثر من عدم الجدية في معالجة ملف حساس يتعلق بأموال طائلة اختُلست من ميزانيات الشعب ومن مشاريعه الكبيرة ومن ثرواته، بل من أحلامه في التقدم والرفاه. كما أنه لا شيء تُمثل مساندتُه إجماعًا شعبيا وسياسيا حقيقيا غير هذه القضية.
إننا أمام منعطف جديد، تحوم فيه كل الآمال حول بناء ثقافة جديدة يكون القضاء بموجبها قادرا على مساءلة الرؤساء الذين أساءوا التصرف، والوزراء الذين استغلوا مناصبهم لمصلحتهم الشخصية، والمسؤولين الذين فرّطوا في أماناتهم، والوسطاء الذين رشوْا أو ارتشوا.
إنه المنعطف الحاسم في تاريخ البلاد: أعينٌ جاحظة تراقب عن كثب وجهة الأحداث، آذانٌ صاغية لكل شاردة وواردة حول الموضوع، ألسنة سليطة تلوك كل حقيقة وكل دعاية وكل معلومة سليمة أو مغلوطة حول تداعيات الملف.. إنه اليوم الموعود في تاريخ محاربة الفساد، واليوم الموعود في بناء جسر احترام المال العام، واليوم الموعود في تجسيد سيادة القانون.
إننا نقترب من دق الجرس المعلن عن قيام دولة القانون حيث تسود العدالة وحيث يستعيد الشعب منهوباته لأول مرة في تاريخه الموسوم بالفوضوية والمحاباة والاختلاس. وعلى أنغام ذلك الجرس، الذي طالما انتظرنا رناته وترانيمه، سوف يغني الرأي العام أنشودته الخالدة:
إذا الشعبُ يومًا أراد الحياةْ
فلابد أن يستجيب القَدَرْ!..
هيئة تحرير وكالة الوئام الوطني للأنباء