الوئام الوطني -
يتعرّض كتاب «الطلاق يهدد أمن المجتمع» للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي للطلاق الشفهي الذي هو بمثابة كلمة تخرج في ساعة غضب تؤدي لتدمير أسرة بأكملها.
وجاء ذلك الطلاق اعتمادًا على روايات ما أنزل الله بها من سلطان ترتب عليها الكثير من الكوارث الاجتماعية وتدمير الأسرة الإسلامية.
وكانت شبكة إعلام المرأة العربية، قد أعلنت فوز كتاب «الطلاق يتهدد أمن المجتمع)) الصادر عن مؤسسة «رسالة السلام للأبحاث والتنوير» كأفضل كتاب عربي لعام 2019 لما يحتويه من عرض للمشكلة التي باتت تهدد أمن مجتمعنا ويعرض حلولًا ومقترحات.
, مسؤولية المرأة
يقول المفكر العربي علي الشرفاء في كتاب «الطلاق»: ولو قارنّا حجم المسؤولية الملقاة على الأنثى، لنجدها أضعاف مسؤولية الرجل المحددة في جلب الرزق والصرف على الشؤون المنزلية ومتطلبات الأسرة، مع فارق المسؤولية بينهما. وبالرغم من ذلك نجد الذكور طغوا على حق المرأة في تشريعاتهم وفيما ابتدعوه من فقه ظالم صادرَ حق المرأة بالكامل واعتبرها مجرد متعة للرجل وخادمة في البيت ومربية لأطفاله وله الحق أن يطردها من بيته وقتما يشاء بكلمة (طالق) دون حقوق لها.
ويشير (الشرفاء) إلى أنه «لو تدبرنا في القرآن الكريم لوجدنا العدد الكبير من الآيات تتعلق بحقوق المرأة والتي تجاوزت سبعون آية، تتضمن تشريعات وأحكام وعظات لحماية المرأة من أي تعسف في معاملتها من قِبَل الزوج، بالرغم مما تتحمله من مسؤولية جليلة من حمل ورضاعة وتربية وسهر، علاوة على مسؤولية البيت حيث تصبح مسؤولياتها ثلاثة أضعاف مسؤولية الرجل.
لقد احتكر الرجال وضع كتب الفقه، واعتمدت عليه قوانين الأحوال الشخصية في المجتمعات العربية بشكل يخالف التشريع الإلهي، ضاربين عرض الحائط بكافة حقوق المرأة بكل الاستبداد والأنانية لخدمة أهوائهم الشخصية ورغباتهم في الاستعلاء على المرأة وإذلالها لتكون مهمتها الإنجاب والتربية والخدمة في المنزل.
الفقهاء تجاوزوا الخطوط الحمراء
وقد تجاوز الفقهاء الخطوط الحمراء في التشريع الإلهي الذي أنصف المرأة، ووضع من الأحكام درعًا يحفظ حقوقها، فقد ظُلِمَت المرأة قرونًا طويلة حين تم هجر القرآن وتشريعاته التي تحقق العدل للأسرة ذكورًا وإناثًا وأزواجًا.
وقد عرض القرآن الكثير من التشريعات الخاصة بها في أكثر من سورة، وهي (سورة النساء وسورة الطلاق)، وتضمنت سورة البقرة وسورة المائدة وسورة النور وسورة المجادلة وسورة الممتحنة وسورة التحريم الكثير من الآيات الخاصة بالمرأة أيضًا.
ولو قارنَّا حرص القرآن الكريم على ذِكر مكانة المرأة وحقوقها بالنسبة للرجل، لوجدنا ذِكر الرجل أو الذَكر بالنذر اليسير ، لأن الله سبحانه يعلم اعتداد الرجل بالقوة والاستعلاء والتميز بالذكورة، مما يعطيه حق السيادة على المرأة متجاوزًا بذلك كل التشريعات والأحكام الإلهية لإرضاء نفسه وتحقيق رغباته الأنانية.
وعلى مَر العصور، ظلَّ فقه الأحوال الشخصية محصورًا على الرجال، ولم يسعَ أحدهم لاتباع التشريع الإلهي وأحكامه فيما يختص بأحكام المرأة والتي تحافظ على حقوقها.
ولذلك، وحيث أن المرأة لم يكن لها دور في المشاركة مع الرجل في التشريع واستنباط الأحكام من الآيات الكريمة لوضع قوانين الأحوال الشخصية تتفق مع التشريعات الإلهية، لتغيرت معالم المجتمع العربي والإسلامي في حماية الأسرة، لتطلق مناخًا آمنًا ومستقرًا لتربية الأطفال ورعايتهم عِلمًا وأخلاقًا، حيث ترتقي المجتمعات العربية والإسلامية في التعليم والإبداع والمساهمة الإيجابية في تقدُّم البشرية في كل المجالات.
الأحكام المغايرة لشرع الله تسببت في تشريد الأطفال
ولكن أحكام الفقه المغايرة لشرع الله، تسببت للأسف في تشريد الأطفال في الشوارع مما جعلهم يضيعون بين المخدرات والتسول والسرقات، ومنهم من استغلتهم الجماعات الإرهابية وحولتهم إلى وحوش وقتلة واستباحوا إنسانيتهم، وفقدت المجتمعات عشرات الآلاف من الشباب كان يمكن أن يتحولوا إلى قاطرة التقدم والتطور في مجتمعاتهم.
ولذلك فإن قضية الطلاق تتطلب ضرورة العودة لكتاب الله الذي يأمر بالعدل والإنصاف ويُحرِّم العدوان بكل أشكاله المعنوية والمادية، فلا خلاص للمجتمع العربي والإسلامي إلا بالعودة لكتاب الله ليخرجنا من الظلمات إلى النور ويحمي الحقوق بالعدل ويهزم الباطل.
ومن أجل تصحيح مسار الأسرة العربية والإسلامية، ينبغي تشكيل لجنة من الخبراء القانونيين مناصفةً بين الرجال والنساء، بحيث تكون مهمتهم تصحيح ميزان العدل ووضع قانون جديد للأحوال الشخصية معتمدًا على مرجعية واحدة هي كتاب الله وآياته فقط، حتى نبدأ خطوة شجاعة نحو بناء أسس سليمة وعادلة تحقق المصالحة بين الرجل والمرأة، وتحدد مسؤولية كل منهما في سبيل بناء مجتمع التعاون والألفة والرحمة، وتعظيم المودة بين الزوجين من أجل استكمال مهمتهما في بناء لَبِنات قوية ومتينة تتجاوز الخلافات البسيطة.
هدفهما الأسمى رعاية الأطفال والحفاظ عليهم، وحماية الأسرة من التفكك لأن الأسرة قوام المجتمع، عندئذٍ تستطيع المجتمعات العربية والإسلامية التقدم والتطور والرقي وقيادة الحضارة الإنسانية نحو العدل والحرية والرحمة والسلام.
وقد كرَّم الله تعالى المرأة والأم في قوله تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» (لقمان : 14)