في ذاك الحي خيام و أعرشة و بيوتات معمورة بطلاب جاءوا من كل حدب وصوب يبتغون تحصيل العلم على شيخ ستيني تعلوه المهابة و تسكنه السكينة و تغشاه الرحمة يجلس بين طلابه على ضوء نار أوقدوها فأضاءت ما حولهم و هم يقرؤون متونهم فرادی و دول و الشيخ يشرح لهم كل حسب تخصصه و كأنما يتنزل عليه العلم وحيا من السماء إنها المحظرة فخر و عز الشناقطة و هوية بلد رفع راية العلم خفاقة في السماء التفوق المعرفي يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، فهي إذن قد أرضعت أبنائها علما سائغا للفهم خارجا من نص قطعي الدلالة و فهم جهابذة العلماء المجتهدين الذين تربوا في أحضانها على منهج الموسوعية و النبوغ العلمي فحققوا و أصلوا فوجدوا القبول و التزكية من هنا و هناك لم تتهم الظروف و لا الصعاب عن مبتغاهم في نشر و توسیع جغرافيا معارفهم فأشع نور المحظرة و أضاء الآفاق و أصبحت قبلة المهتمين ينهلون من معين عطائها الزاخر قيم الصلاح و الفلاح و يتربون فيها على الصبر و التعاون فتخرج من جامعاتها جمع جمع بين العلم و العمل فحفظوا للبلد تاريخه و عرفوا به الحواضر و الأمصار فكانت المحظرة بأسلوبها الفريد و المميز و طريقتها الخاصة ظاهرة في بلاد تتسم طبيعتها بالقساوة و البداوة فالمحظرة هي السفير المعتمد في المناظرات و المناقشات و التحقيقات العلمية فمن حفظ لها عهدها فهو والله للعهد الحافظ و للرحم لواصل و الدورها الرائد لفاهم و إنه من الذين تربوا فيها على حب أهل الفضل (خيركم من تعلم القرءان وعلمه) و إنه لماضيها بحاضرها الواصل، ففي سابقة يعلن عن مسابقة لحفظ متونها و إنها خطوة موفقة على طريق إصلاح شامل سيجعل من المحظرة أولوية في سلم بناء عالم المعرفة الجامعة و في بيئة الأصالة و المعاصرة و في حضن الرعاية السامية والمتابعة العلمية الهادفة إلى بقاء المؤسسة العلمية المحظرية رائدة تطلع بدورها العلمي و التربوي و تعزز من تماسك اللحمة المجتمعية، و هنا يأتي أهمية دعم دور الإشراف الإداري و كذلك دعم قناة المحظرة لتطلع بدورها الإعلامي في سبر أغوار التراث المحظري و إخراجه من صناديق النسيان إلى فضاء المعرفة الأوسع وفق تقنيات الإخراج و الإعداد التلفزيوني الهادف إلى إدخال مخرجات المحظرة إلى كل بيت بأسلوب علمي ممتع، و إشراك الدعاة و العلماء و مشايخ المحاظر في تكريمات الدولة في مناسباتها الرسمية.
(من يرد الله به خيرا يفقه في الدين)
محمد الخرشي