وكالة الوئام الوطني للأنباء - استبشر الرأي العام خيرًا بخطاب رئيس الجمهورية الذي أعلن فيه عن برنامج اقتصادي جديد باسم "إقلاع" بتمويل حصري من الدولة الموريتانية وبغلاف مالي يزيد على 200 مليار أوقية.
ومع أن هذا البرنامج يعد قفزة في الاهتمام الملموس بمشاغل الشعب، ومحاولة جادة لتخطي عثرات التخلف البنيوي (الاقتصادي والاجتماعي)، إلا أن أهم ما فيه تمثل في طلب وجهه رئيس الجمهورية للأحزاب وهيئات المجتمع المدني والمنابر الإعلامية بأن تلعب دورها تاما في رقابة هذا المشروع وتقييمه.
انطلاقا من هذا الطلب الصريح والوجيه، ارتأينا، في وكالة الوئام، أن نوضح لرئيس الجمهورية وللقائمين على هذا المشروع، غير المسبوق، أن إقلاع برنامج "إقلاع" لن يكتب له النجاح ما دامت مسؤولية واجهة تسيير البلاد ملقاة على عواتق فلول العشرية الفاسدة، فالرأي العام الموريتاني يظل غير مرتاح نفسيا للمشاريع، مهما عظمت، وهو يرى يوميا غول العشرية جاثما للأبد على صدر الدولة: فتلك "اسنيم" تحتضر، وأخواتها المحتضرات كثيرات.
إن من شروط الإقلاع أن يلاحظ الرأي العام تحسنا جذريا في بقية الملفات والقطاعات، وإلا فسينظر إليه على أنه ليس إلا جزءا من التسيير المرتبك الفاعل فعلته في ميادين عديدة. إن ترك الأوبئة تقضي، شيئا فشيئا، على الثروة الحيوانية دون خطة استعجالية مدروسة للتصدي لها، يعد انتكاسة فعلية لقطاع البيطرة، كما أن العجز عن بناء سدود وحواجز للحيلولة دون قضاء فيضانات النهر على المحاصيل الزراعية يعتبر فشلا ذريعا لسياسات التنمية الريفية. ناهيكم عن عدم الجدية اللازمة والتحرك السريع والاستراتيجيات الوقائية العلمية الرامية إلى التصدي لوبائيْ كورونا والحمى النزيفية، ما يُنظر إليه على أنه فشل في السياسات الصحية المتبعة في البلاد. ولعل تسريب مواد المسابقات، كما وقع مؤخرا، وتنامي ثقافة الغش بمباركة من الجميع، يدخل بدوره في سلسلة الفشل الذريع داخل قطاع التعليم.
ومن الجدير بنا أن نذكر أن الأمر لا يتعلق، هنا، بالتحامل على وزارات التنمية الريفية والصحة والتعليم، وإنما اقتضى المقام تقديم أمثلة على الجمود الذي يعيق انطلاق خطط الإصلاح، كما يعيق، بشكل غير مباشر وعلى المستويات العَمَلية والنفسية، برنامج "إقلاع" ما دام الرأي العام ينظر إليه من مرآة القطاعات الأخرى.
وبالتالي فإن برنامج "إقلاع"، على ما له من أهمية قصوى، لن يُؤتي أكله ما لم ننظف الكواليسَ الحكومية من أدران التسيير القديم، ومن الخمول في التسيير الجديد على مستوى بعض القطاعات، ومن آثار وأبعار العشرية التي انقضت غير مأسوف عليها.
وكالة الوئام الوطني للأنباء