لم يستغرب المراقبون مستوى حدة اللهجة التي قابل بها قادة المشروع الانفصالي في مخيمات تيندوف القرار الأممي الجديد القاضي بالتجديد عاما إضافيا لبعثة المينورسو وما تضمنه وصاحبه من مطالبات وتذكير بضرورة احترام بنود وقف إطلاق النار وتعهدات الأطراف بإبقاء الوضع الميداني على حالته دونما تغيير على الأرض.
إن حالة التشنج والهيستيريا التي أصابت زعيم الجبهة الانفصالية إبراهيم غالي ومن يدورون في فلكه، جاءت نتاجا طبيعيا لتجاهل مجلس الأمن الدولي للإشارة إلى المناورات التي تقوم بها البوليساريو حاليا بالمعبر، وهو ما فوت الفرصة على الجبهة التي راهنت على هذه التحركات لتحقيق مكاسب إعلامية وسياسية بغية التأثير على المجتمع الدولي.
ثم إن لغة التهديد والتصعيد التي استخدمتها الجبهة ضد إرادة المجتمع الدولي في بسط السلم والأمن في آخر جبهة عربية هادئة، لم تكن سوى محاولة لصيانة ما تبقى من ماء الوجه أمام حليف دفع باتجاه التصعيد وراهن على نتائجه قبيل اجتماع مجلس الأمن الخاص بالنزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، فكان لزاما على من تم توظيفهم في معركة خاسرة أن يتعاملوا مع الواقع الميداني بعقلانية فرضها التفوق العسكري المغربي من جهة، وعززتها مواقف المجتمع الدولي والقوى المؤثرة عالميا المثمنة لتنازلات الرباط لطي صفحة الملف من خلال مبادرة الحكم الذاتي، من جهة ثانية، لكنهم في ذات الوقت أبقوا على جذوة التصعيد والتوتير متقدة في العالم الافتراضي البعيد عن التنزيل في ميدان الفعل.
لم يقتصر خطاب استعراض العضلات الافتراضية على التهديد بحمل السلاح التقليدي ضد المملكة المغربية التي أكدت مراكز الرصد والبحث تفوقها العسكري البري والجوي والبحري في المنطقة، بل تجاوز الخطاب ليشمل تخوين الأمم المتحدة، وهو ما اعتبره البعض صرخة يأس مبحوحة لن يتجاوز صداها طرف لسان من أطلقها، ولن يصل مسامع من حرض على إطلاقها أحرى أن تجد حظها من اهتمام الآخرين.
لقد قطع قرار مجلس الأمن 2548، الصادر يو30 أكتوبر 2020، الذي تم بموجبه تمديد ولاية البعثة الأممية المينورسو لمدة سنة إضافية حتى 31 أكتوبر 2021، الشك والخوف من توتير أجواء المنطقة بيقين جدية المجتمع الدولي في ضبط أمنها واستقرارها دونما رضوخ للمزايدات والمناورات والمغامرات غير المحسوبة العواقب.
القرار أكد في فقرته السادسة على ضرورة الاحترام الكامل للاتفاقات العسكرية المبرمة مع المينورسو، حاثا الأطراف على الاحترام الكامل لالتزاماتهم و تعهداتهم اتجاه المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة والامتناع عن أي تصرف من شأنه أن يقوض مسار المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة وخلق جو من عدم الاستقرار بالإقليم.
وبموازاة القرار الأممي الساعي لتوفير أجواء ملائمة لإيجاد مخرج توافقي وواقعي للصراع المفتعل، ذَكَّرت الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة بالالتزامات التي تعهدت بموجبها البوليساريو بالكف عن ممارساتها الاستفزازية في المنطقة العازلة الگرگرات كما يحيل على القرارات السابقة لمجلس الأمن، خصوصا القرار رقم 2414/2018 الذي ألزم البوليساريو بالانسحاب الفوري من معبر الگرگرات والكف عن ممارساتها الاستفزازية.
والآن، وبعد رفض المجتمع الدولي الرضوخ لتهديدات التصعيد، وفرضه التجديد لمهمة البعثة الأممية، ودعوته لإبقاء الوضع الميداني لما كان عليه دونما تغيير، لم يبق أمام قادة جبهة البوليساريو غير الرضوخ ميدانيا للسلم، والتصعيد افتراضيا لإرضاء الحليف وتجييش من تبقى معهم من دعاة الانفصال عبر البيانات ومجموعات الواتساب.
وكالة الوئام الوطني للأنباء