روصو : الحملة الزراعية : قوارض وخسائر وتحايل على التعويضات.(تقرير خاص للوئام)

وكالة الوئام الوطني للأنباء (روصو) - معلوم أن الحكومة الموريتانية أطلقت حملتها الزراعية للموسم 2020 – 2021، خلال شهر أغشت المنصرم، وذلك من منطقة "مسيل لعويجه" بمركز انتيكان الإداري في ولاية الترارزه.

وكان وزير التنمية الريفية الدي ولد الزين قد أعلن، ضمن حديث على قناة الموريتانية، ان وصول الاكتفاء الذاتي الموريتاني في مجال الأرز سيتحقق فعليا ابتداء من الموسم الزراعي 2021-2022. فيما قالت مصادر عليمة داخل أوساط المزارعين الموريتانيين، في اتصال مع وكالة الوئام الوطني، ان الحملة الحالية، بفعل الآفات الزراعية، لا يمكن أن توفر أكثر من 440 ألف طن ستعطي بعد تقشيرها أقل من 20 ألف طن من الأرز الأبيض وهو ما يساوي طلبية مفوضية الأمن الغذائي لحوانيت أمل، فيما ستفتقر السوق الوطنية لحاجياتها العادية من هذه المادة. وتقول نفس المصادر ان على موريتانيا أن تتهيأ لتقديم طلبيات إلى تايوان والبنغلادش بغية تموين سوقها من الأرز على غرار ما فعلت مع الجزائر خلال أزمة الخضروات.

هذا النقص الحاد من الأرز يعود إلى انتشار آفة القوارض (خاصة الفئران) والحشرات (خاصة البق المصاص) في مزارع شمامه على نطاق واسع، إضافة إلى اتهامات يوجهها بعض المزارعين للدولة بـ"التقاعس عن إغاثة المحاصيل وتوفير المبيدات". علما بأن مصادر في الدولة، من جانبها، تتهم بعض المزارعين بـ"التخلي عن مزارعهم وتركها عرضة للقوارض والحشرات بغية الحصول على التعويض الذي عودتهم عليه خلال الموسم الماضي".

من أجل تقديم صورة أوضح عن الموضوع، اتصلت وكالة الوئام بالسيد بوها ولد معيوف رئيس المكتب الجهوي للاتحادية الوطنية للمزارعين (وهي جزء من الاتحاد الوطني لأرباب العمل) فصرح لها بأن "وزارة التنمية الريفية، بشأن زراعة الخضروات، وزعت البذور والأسمدة على المزارعين حسب الطلب، إلا أن شيئا لم يتحقق على أرض الواقع. وهذا ما لا يمكن تفسيره إلا بوجود تواطؤ أو إهمال من طرف الجانب التنفيذي". وفي سؤال لوكالة الوئام عن المسؤول في هذه الحالة، قال ولد معيوف ان "البذور والمدخلات تكون عند الوزارة، وهي من توزعها على المندوبيات الجهوية التي يجب عليها أن توزعها حسب طلبات المزارعين بمعايير شفافة، فإن لم يكن لذلك التقسيم نتائج إيجابية مرئية فمعناه أن هناك تفريط أو إهمال. فإما أن رأس المال البشري لا يعول عليه أو أن معايير المتابعة والتقسيم كانت غير سليمة".

واعتبر رئيس الاتحادية السيد بوها ولد معيوف، بشأن السياسات الزراعية، أن "مشكل الكركارات أوضح أن الشمس لا يمكن حجبها بغربال".

وبخصوص زراعة الأرز، قال ولد معيوف: "لكي نكون موضوعيين يجب أن نعرف أن الأمطار تأتي معها بالآفات والأمراض. ففي بداية هذه الحملة ارتفع الكثير من الأصوات كما هو الحال في نهاية الحملة السابقة. ومعلوم أن الأمطار بدأت في شمامه يوم 13 يوليو وتبعتها أمطار أخرى يوم 15 من نفس الشهر فارتفعت أصوات المزارعين ووصفوا المنطقة الزراعية بأنها منكوبة، فأرسلت الوزارة بعثة لتقييم الوضع، غير أن آلية تقييمها أفسدت كل المعطيات لأنها اعتمدت على صور للأقمار الصناعية غير مناسبة وغير دقيقة. والمهم أنه تم حصاد المزارع وتم التعويض للمنكوبين، وبقيت الحشائش والفضلات لتكون ملجأ للحشرات والفئران لأن الأرز تفتق من جديد (نكرَه) فأصبح مناخا ملائما لتكاثر الفئران إضافة إلى السيول التي عرفتها بعض المناطق والتي دفعت بالقوارض والحشرات إلى مساحات أخرى كانت خالية منها. إذن هناك مساحات زراعية اجتاحتها الفئران فأفسدتها كليا". وعن سؤال حول ردة فعل المزارعين، قال ولد معيوف: "بعض المزارعين غادروا مساحاتهم نهائيا وبعضهم تواصل مع الوزارة بخصوص البحث عن المبيدات. ولا شك أن المساحات التي لم يتم تقليبها أصلا تضررت بنسبة 99%، لكن بقيت مساحات لم تتضرر أبدا مثل بحيرة اركيز حيث يوجد ما يناهز 1500 هكتار وآفطوط ومنطقة كرمسين حيث يوجد ما يناهز 9000 هكتار". وقال ولد معيوف ان "من بين المزارعين من لا يعرفون التعامل مع هذه الآفات خاصة البق المصاص الذي لا يظهر إلا ليلا ويهاجم السنابل، ومنهم من يعرف التعامل معه، وبالتالي كانت الخسارة حسب مهنية وخبرة المزارعين. أضف إلى ذلك أن المبيدات يجب أن تكون موجودة وفي متناول المزارعين من حيث الأسعار".

من جهته، قال السيد خطري ولد العتيق، المندوب الجهوي للتنمية الريفية في ولاية الترارزه، في اتصال مع وكالة الوئام الوطني: "لابد من الإشارة إلى أننا خرجنا للتو من حملة عرفت أضرارا بالغة لحوالي 28 ألف هكتار بسبب تهاطل الأمطار قبل موسمها العادي. هذه الظاهرة أدت إلى أن أغلب المزارع التي تضررت تم حصادها في وقت متأخر وتركت حشائشها دون إحراق ودون بيعها في الأسواق لتكون أعلافا للبقر، مما وفر مأوى للقوارض بجميع أشكالها وبأعداد هائلة. وأدى ذلك إلى انتشار الآفات في مساحات كبيرة، وقد تكاثرت هذه الحشرات والقوارض إلى أن أصبحت أعدادها هائلة. ومن المعروف أنها تقضي على المحاصيل في حالة انتشارها بشكل غير عادي". وقال ولد العتيق ان "تلك المساحات التي بقيت للقوارض أنبتت الأرز من جديد (وهو ما يعرف بـ"تنكرَه") فلحقت بها أضرار فادحة بسبب هجوم البق الماص على السنابل، لكن بعض المساحات لم تصب بأذى مثل آفطوط وبحيرة اركيز واكراع إبراهيم، كما أن المزارع التي انطلقت متأخرة، آخر سبتمبر، ليست عندها أي مشكلة. إذن من الطبيعي، فبفعل الرطوبة وتوفر الفضلات، أن تنتشر الحشرات والفئران".

وعن مشكلة التعويض، قال المندوب الجهوي ان "المزارعين الذين خسروا في الحملة الماضية اعتمدهم المحققون لأنهم وجدوا المساحات خضراء، بفعل اتنكري (إعادة الإنبات) فأخذوا التعويضات ومضوا لحالهم".

وعن سؤال لوكالة الوئام عن إمكانية حدوث نقص كبير في الأرز هذه السنة، قال ولد العتيق: "من أجل دراسة مثل هذا الاحتمال لابد لنا من النظر في مردودية المربعات وأخذ العينات، وهذا ما لم نقم به بعد. ولا شك أن المحصول قد يتضرر، لكننا، لحد الآن، لم نقم بالتقديرات. مع العلم أن المندوبية وزعت 4 آلاف كلغ من السموم، ووزعت عينات من تجارب لديها على بعض المبيدات، وقامت بحملة توعية داخل صفوف المزارعين".

 

جمعة, 13/11/2020 - 16:15