"شاورما سياسية ": حسن عثمان

وكالة الوئام الوطني - تحت عنوان : "شاوارما سياسية " كتب العميد والإعلامي البارز الأستاذ حسن عثمان المدير الناشر لجريدة "مغاربي " المهتمة بالشؤون المغاربية والواسعة الانتشار فى جميع  دول المغرب العربي  افتتاحية عددها الذي سيصدر  يوم غد الاربعاء   09- 12- 2020 - 

وهذا نص الافتتاحية:  

 

شاوارما سياسية 

 _  حتى الآن ، لم يقل رجب طيب أردوغان أنه رأى في المنام من أمره باعادة بناء "الباب العالي" ، ولكن تركيا التي يقودها عبر بحار سياسية متلاطمة الأمواج تبدو كما لو أنها عازمة على استعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية وسير السلاطين بدءا بأرطغرل وانتهاء بمحمد الفاتح وبايزيد الثاني. ففي شرق المتوسط، تنشر تركيا أسطول تنقيب عن الغاز يهتدي بفتوحات القرصان الأحمر بارباروسا الذي وضع ليبيا في جيبه الواسع ورمى بصره بعيدا الى شواطئ تونس والجزائر. وفي الهلال الخصيب المحترق بالنفط والحروب المذهبية، تدس تركيا يدها في جروح عراقية سورية ولا ترى حرجا في أن يموت بعض أبناء الرافدين عطشا بعد أن حالت سدودها دون تدفق ماء الحياة الى بردى والفرات. وكما هي حاضرة في  مطحنة ناغورني كراباخ سندا لأذربيجان ونكاية في أرمينيا المطالبة بفدية للدم الذي أراقه العثمانيون ذات احتلال سابق، فان حنينها لمياه البحر الأحمر الدافئة لا يزال حارا وطاغيا بما يكفي لمراودة أنظمة هشة في القرن الأفريقي عن نفسها وسيادتها المفترضة.

هل يتعلق الأمر بنسخة تركية للفوضى الخلاقة أم أن سليل السلاطين العثمانيين يرى أن نظاما عالميا قد انهار بكلياته وأن لكل امرئ ما استطاع أن يلتهمه من الشاورما وفواكه الضعفاء في الدول الفاشلة؟

 

واذا كان الاتحاد الأوربي قد عزم أخيرا على اعلان استيائه من طفح الكيل التركي وتغوله على شرق المتوسط، فقد يجدر به أن يتذكر أن المختلفين إخوة في آخر الأمر بحساب ما أكده الأركيولوجيون من أن معظم شعوب أوروبا كانت في الأصل تركية تجوب هضبة الأناضول بحثا عن وجبة طعام ساخنة. أما ذوي الانساب التركية من باشاوات وأغاوات الشمال الأفريقي المغاربي فسيتعين عليهم أن يختاروا بين الانتماء الى تاريخ تتغنى به المسلسلات التلفزيونية أو مستقبل تحفره الأصابع القوية والارادات التي تعي أنه كلما توحد القطيع ، بات الأسد جائعا على حد ما يجري به المثل الأفريقي

 

بقلم \ العميد حسن عثمان : المدير الناشر لجريدة "مغاربي"

ثلاثاء, 08/12/2020 - 15:10