المسلمون يتبعون الرسول عليه السلام بما أنزل إليه فى الكتاب الحكيم من تشريعات وعبادات وأحكام ومنهج للعلاقات الإنسانية فى قرآن كريم خطاب الله لخلقه كلف الله به رسوله ليبلغه للناس مرجعية وحيدة لرسالة الإسلام تتضمن شروطا لمن يريد أن ينتمي لدين الإسلام من ضمنها قوله سبحانه مخاطبا رسوله عليه السلام (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)) البقرة:٢٨٥)
ذلك حكم وشرط وضعه الله للناس لمن يريد أن يدخل الإسلام أن يلتزم المسلم بكل ماجاء فى آيات القرآن من تشريعات وأحكام ومنهاج حياة فى العلاقات والمعاملات يطبقها الإنسان
ومادام الله سبحانه أمرنا ان نؤمن بكتبه ورسله ولا نفرق بين أحد من رسله فبأي سند وحكم يفرق المسلمون بين أتباع الكتب والرسل الذين فرض الله على المسلمين أن يؤمنوا بكتبهم ورسلهم والذين يعيشون معهم فى وطن واحد؟! أليس ذلك الموقف السلبى من إخوتهم أهل الكتاب واعتبارهم أهل ذمة جحد لحكم الله وتشريعاته وتراجع عن التزامهم بالشرط والحكم الإلهي لكي يصح إسلام الإنسان عليه أن يؤمن بالرسل جميعا وبكتبهم التى أنزلها الله عليهم ليبلغوا الناس آياته وتشريعاته
ثانيا – ألم يقرأ شيخ الأزهر قوله سبحانه وتعالى بأن الرسل كلهم مسلمون حيث يخاطب الناس جميعا (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))البقرة : ٣٣) وقال سبحانه (وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)) البقرة:١٣٢)
وقال سبحانه وتعالى (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)) البقرة :١٣٣)
ثالثا- أليس أتباع أولئك الرسل مسلمون مادام الله أمر المسلمين بأن يؤمنوا بجميع الرسل وكتبهم ولا نفرق بين أحد منهم فما الذى جعل المسلمين يفرقون بين أتباع الرسل الذين آمنا بهم جميعا.
ألا يعتبر ذلك الموقف تحديا لشرع الله وأحكامه حينما يفرق علماء المسلمين الذين يفترض فيهم أنهم يمثلون رسالة الإسلام بكل الإيمان والصدق والأمانة ليبينوا للناس فى تعاملهم مع مجتمعاتهم أنهم يترجمون شريعة الله وأحكامه التى أنزلها على رسوله فى قرآنه؟! أليست تلك الآيات تؤكد للناس أن كل الرسل يحملون رسالة واحدة من خالق واحد وهي رسالة الإسلام وإن تعددت طرق عبادتهم وتفرقت طوائف شتى واختلفت مراجعهم؟! أليس ذلك ماحدث عند المسلمين الذين تفرقوا شيعا وأحزابا وفرقا كل له مرجعيته الخاصة وبالرغم من ذلك يسمون بالمسلمين برغم أنه وصل الخلاف بينهم إلى حروب وقتال وسفك للدماء دون تقوى من الله وحرمة لحدود الله واحترام لتشريعاته؟! أليس بين المسلمين من يرتكبون الجرائم والاغتصاب والسبي والإرهاب ويقتلون النفس التى حرم الله بدون حق؟! أليس فى المسلمين فرق ترتكب ماحرم الله من سرقة واستباحة حقوق الناس والظلم؟! من أين جاءت داعش الإرهابية؟! ومن أين نشأت القاعدة ؟! ومن أسس الإخوان الذين يعيثون فى الأرض فسادا ويرتكبون كل المحرمات للوصول إلى السلطة فى الوطن العربي؟!
فبأي حق يفضل المسلم على غيره والعيوب فى المسلمين لا يراها إلا الأعمي أساءوا للإسلام وشوهوا صورته الطاهرة وأساءوا للرسول عليه السلام بتصرفاتهم التى لا تتفق مع تشريعات القرآن وما يأمرهم به الله سبحانه من رحمة وعدل وحرية وسلام وإحسان وتحريم العدوان وقتل الإنسان
رابعا – ألم يقرأ شيخ الأزهر قوله سبحانه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ))الحجرات:13) أليست هذه الآية تبين للناس حكم الله بأن البشر جميعا متساون فى الحياة يتعارفون ويتعاونون فيما يخدم مصالحهم الدنيوية و تقييم الصالح أو الطالح ومن يدخل النار أو من يدخل الجنة فذلك حكمه عند الله وحده الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
فمن أين استقى شيخ الأزهر وصف أهل الكتاب بأهل الذمة وهل جاء حكم ذلك فى القرآن الكريم مرجعية الإسلام الأوحد؟! كيف غابت عنه تلك الآيات والأحكام ليتخذ موقفا سلبيا يتناقض مع شرع الله وأحكامه وهو فى مقام يمثل رسالة الإسلام أمام العالم ؟! وهل نسي سماحته بأن الإخوة الأقباط مواطنون لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين والمواطنة قبل الأديان فبأي حق ودليل يجعل الأقباط أهل ذمة يتكرم عليهم بتلك التسمية المجحفة والظالمة التى تدل على جهل برسالة الإسلام ومقاصد آيات القرآن وأحكامه
خامسا- ومن أجل تأكيد شيخ الأزهر بتقديس القرآن الذى أنزله الله على رسوله وما فيه من تشريعات وأحكام ملزمة للمسلمين أن يصحح تصريحه وما أوتي إليه بالنسبة للأقباط بأنهم أهل الذمة مما يتناقض مع ما أنزل الله على رسوله من أحكام وقيم سامية وأخلاق عظيمة ويعتبر الأقباط إخوة فى الوطن مؤمنين برسلهم وكتبهم التى جمعت كل المؤمنين والمسلمين وأهل الكتاب تحت شعار قوله سبحانه (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)(العنكبوت: ٤٦).
ومن لم يتبع ما أنزل الله فلا حق له أن يتحدث باسم الإسلام وليس أهلا لذلك.