عندما يذهب دونالد ترمب غدا الى منتجعه الباذخ في "مار آ لاغو"، يغلب الظن أنه لن يذهب وحيدا كظاهرة سياسية غير مسبوقة وانما سيتبعه 77 مليونا من البيض المتشددين والأصوليين الكاثوليكيين ومدمني السلاحالذين لا يجدون عسرا في رفع لافتة تقول: "إذا أرادوا أخذ سلاحك فاعطهم الرصاصة أولا". وحيثما يكون ترمب، ستتحلق حوله زمر المؤمنين بعظمة أمريكا بيضاء كالثلج ومتدينة حد التماهي مع القديسين والأنبياء، وخالصة لذويها الذين لم يعبروا اليها نهر غراندي قادمين من جمهوريات الموز والكوكايين وأحزمة الفقر اللاتيني المدقع.
وبين كل ضربتين في ملاعب الغولف، سيتحول ترمب الى "بطل مضاد" يحاول أن يبني مجده السياسي على بلاغ كاذب أمام المحاكم الأمريكية. والحق أنه تعرض فعلا للسرقة ولكن ما خف حمله وغلا ثمنه، مما هرب به اللصوص الافتراضيين، لم يكن مطلق انتخابات رئاسية وانما بلدا يريد الترمبيون اعادة زجه في تيار معاكس لكل ما أقرته حركة الحقوق المدنية عبر تاريخ طويل من النضالات المضنية. والأرجح أن ترمب سيرفع لواء هذه الجماعات المتطرفة وقد يصبح أيقونتها وصوتها الصارخ في البراري الأمريكية الشاسعة لأن ترديد أطروحة "نحن الأعظم لأننا الأكثر بياضا وسلاحا وايمانا" لا يتطلب اجهادا للفكر أو ركاما من التجربة السياسية. ولعله سيفعل ذلك لأنه لا يطيق البقاء بعيدا عن الأضواء ولا يعرف كيف يغلق فمه آن توزن الكلمات بالذهب.
ومع أن التوجس من ظاهرة ترمب قد يبدو سابقا لأوانه ، إلا أن الرئيس المغرد قد لا يتورع عن خلط ما يعتبره مجدا شخصيا مع عظمة بعض الولايات المتحدة ضد المسلمين والسود واللاتينيين وباعة النفط العربي السهل. ولو حدث ذلك، فسيكون الطريق عسيرا أمام العازمين على اصلاح الدمار الذي ألحقته سنوات ترمب بأمريكا وهيبتها وصورتها في مرآة العالم.