علينا جميعا التمسك بدعوة الخطاب الإلهي ومناصرة رسالة السلام في كل مكان ومناصرة المفكرين والأقلام الجادة والمنابر المتحمسة، رغم كل العراقيل، لصقل رسالة الإسلام من الشوائب والدخيل ومن الأباطيل والإسرائيليات الكاذبة التي تقف دون البناء ودون التحديث ودون الانفتاح ودون التعامل سلميا مع الآخر ودون فهم الدين على حقيقته.
فالإسلام، رحمة وعدل وحرية وسلام؛ رحمة للجميع مدرا وحضرا عبادا وبلادا وشجرا ودوابا.
لن نفهم هذه الشريعة على حقيقتها إلا إذا تسلحنا بإيمان حقيقي ولعلنا لم نبلغ بعد درجة الإيمان الحقيقي، التي تجعل كل الاعمال موجهة إلى الله، في قوله تعالى:
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي و مماتي لله رب العالمين. الأنعام (162)
فمؤتمراتنا ترجح إرضاء كفة المخلوق...
وتتفنن في ذلك أيما تفنن، وعين الله ناظرة الينا...فأين درجة الإيمان الحقيقي؟؟؟؟
وهذا ما جعل هذه المؤتمرات ترتطم دائما بصخرة الوجود و تغرق سفينتها دون قبطان....."وعلى نفسها جنت براقش"
فما كان لله دام و اتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل ..
نعم. أعمالنا، أفعالنا، حركاتنا، سكناتنا لأغراض بشرية وحاجات آنية.ومآرب شتى... مصب كل هذه الأعمال ينبغي أن يكون مرضاة الله
وهي لعمري مآرب علينا أن نربأ بانفسنا عنها. فغاية كل الأعمال، مرضاة الله، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) الذاريات.
لقد انتشر بيننا التشريع المنتحل و الروايات المضللة المدجلة واندس أعداء الإسلام فينا من مجوس و يهود يتكلمون باسم الدين، محاولين تهويده" و"تمجيسه" بنشر الروايات الكاذبة التي تسعى إلى ذلك وتفننوا في محاولة إرجاعها الى مصادر التشريع وبرعوا في ذلك أيما براعة كيدا و احتيالا وانقلابا على القرآن، فقد برع اليهود في محاولة بث الإسرائيليات وجعلها دينا يحتذي، بل دينا ميسورا مسوغا بأيادي بشرية وفكر يهودي.
- باسم الإسلام انتشرت المذهبية -باسم الإسلام انتشرت الخرافات والشعوذة
-باسم الإسلام ملكت رقاب الأحرار والشعوب ووظفت أبخس توظيف -باسم الإسلام انتشر القتل والرعب والإرهاب والتصرفات الهمجية، التي تجعل من الدين الإسلامي عامل هدم وعامل استعباد للشعوب وتسلط وهيمنة وقهر ونهب وتجبر .
- باسم الإسلام تم الانقلاب على القرآن لتحييده عن المتن وأخذت بدلا منه مسوغات الدخيل ولم يعد المسلم المؤمن حقا، قادرا على الكلام لتألب وتكالب المضللين عليه.
وحين تم الانقلاب على القرآن دخلنا في دوامة من الفتن والحروب لا حد لها وانتشر التحزب والتمذهب والانقسامات لا تنتهي ولم نحصد من نتائجها الا التفرق، شيعا وطوائف
فتغلب علينا الآخرون واستباحوا ثرواتنا الهائلة وتملكوا على خيراتنا واستلبوا منا أعز شيء فينا: حرية الفرد وحرية القرار، فأصبحنا اتباعا دينين وسياسيين، ننتظر ما يملى علينا و أخشى ما نخشاه أن تغضب علينا قوى الشر.
لا نفهم الحداثة ولا مساءلتها، لا نفهم التطور ولا التجاوز، لا نفهم التغيير ولا التحول...
سؤال الحداثة اليوم أن نسمو كأمة إسلامية مع تعاليم القرآن السمحة إلى فكر جامع يجعلنا، كمؤمنين بالله، نقرا القرآن و نستجلي أهم معانيه، ونتجاوز كل دخيل وكل روايات باطلة، ترفض الآخر وترفض احترامه وترفض التعايش معه.
ومن أراد أن يقف على مثل هذه الآراء فليعد الى كتاب "المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الالهي" و كتاب "ومضات على الطريق" للمفكر الأسلامي والداعية علي محمد الشرفاء أو كتب المفكر محمد عبد أو كتب المفكر عبد الرحمن الكواكبي ليقف على حقيقة دعوة الخطاب الإلهي ورسالة السلام في أصولها الحقيقية.
مرجعية هذه الأمة هو القرآن، به علت كلمتها وعلا شانها قديما، وبه تعلو كلمتها ويعلو شانها حديثا.
علينا أن نفهم أن الغرب في تدهور خطير وأن السر فيما وصل اليه اليوم من تطور ونجاح هو احترام الحريات وتقدير العمل وإقامة العدل والمساوة وهي القيم التي علمنا الإسلام من خلال الخطاب الإلهي في القرآن، قال تعالى: وما أرسناك إلا رحمة للعالمين وقال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ المائدة(8) وقال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا. النساء (58)
ولكن الغرب بدأ ينحاف عن هذه القيم والمثل، مما يعني أن نهايته قريبة وليس ما يعيشه العالم اليوم من تململات واضطرابات وتذبذبات، إلا دليلا واضحا على هذا التدهور.
فعلى المسلمين، بل على البشرية جمعاء أن يعرفوا أن الله شرفنا بأن ترك بيننا القرآن، الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأننا باتباعنا ما جاء في القرآن، سنظل أمة عربية إسلامية رائدة، غالبة لا مغلوبة
وأن القيم التي ينادي بها الغرب من
تحرير وعدل واحترام الآخر وتعايش سلمي ورفق بالحيوان، هي قيم نادى بها الإسلام حين نادى بالعلم والتعلم والعمل و إعطاء كل ذي حق حقه. نادى باحترام المرأة و إعطائها حقوقها كاملة وأعطى لليتيم حقوقه والأجير حقوقه، ووصف القرآن كل العلاقات وحددها ورسمها وفصلها وأعطى الحكم الفصل فيها.
أمتنا العربية الاسلامية، لا منفذ لنا ولا ملجأ، إلا برجوعنا إلى كتاب الله نتدبره و نقرؤه، به ومن خلاله سنفهم أن الإنسان قد كرمه الله وشرفه وحمله الرسالة وخلقه للعبادة، يستوى في ذلك القوي منا والضعيف، الأبيض منا والاسود، قال تعالى:
يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ ۖ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا طه.(108)
وقد جاءت أوامر الله بهذا الشأن في القرءان واضحة جلية، قال تعالى : وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِى مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِۦ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّيكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الأنعام .(153)
صدق الله العظيم
الدكتور محمد ولد الرباني أستاذ جامعي وباحث
عضو في رسالة السلام العالمية