الوئام تنشر النص الكامل للمقابلة الحصرية مع نقيب المحامين الأستاذ إبراهيم أبتي حول "ملفات العشرية".. .فيديو

خص المحامي الشهير الأستاذ إبراهيم ولد أبتي، نقيب المحامين الموريتانيين ورئيس فريق الدفاع عن الحق العام، وكالة الوئام الوطني للأنباء بمقابلة حصرية تحدث خلالها عن المؤتمر الصحفي الأخير للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وعن إصراره على التمسك بالمادة 93 من الدستور.

كما تناولت المقابلة تنويرا للرأي العام في بعض الإشكالات القانونية المصاحبة لعرض المتهمين فيما بات يعرف بملفات العشرية على القضاء.

 

نص المقابلة: 

 

وكالة الوئام:

 ما تقييمكم للمؤتمر الصحفي الأخير الذي عقده الرئيس السابق، ووصفه لمساره القضائي بمحاولة منعه من التمتع بالحق في ممارسة السياسة؟ 

 

نقيب المحامين الأستاذ إبراهيم ولد أبتي:

 أعتقد أن المؤتمر الصحفي الذي نظمه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لم يتناول الملف القضائي المنشور أمام القضاء، خلافا لما وعد به في مقابلته الأخيرة مع مجلة "جون آفريك" بأنه سيتحدث عن القضاء.

الرئيس السابق ما زال يمتنع عن التجاوب مع القضاء "ديوان التحقيق"، كما أن الاشكاليات الجوهرية التي يتمحور حولها الملف القضائي غابت تماما عن المؤتمر الصحفي، من أين لك هذا؟، كيف تراكمت الأموال؟، ولماذا ترفض التعاطي مع القضاء؟، تأسيس الشركات؟، الأموال الهائلة؟.. كل هذه الامور غابت عن المؤتمر الصحفي.

أعتقد أنه للمرة الأولى نجد متهما في قضية من هذا الحجم يعقد مؤتمرات صحفية ويتحدث دون أن يتطرق لما هو متابع من أجله، فهذا يمكن أن يوصف بأنه تمكين هذا الشخص من كافة حقوقه دون أدنى تضييق، حتى أنه يتكلم للصحافة وينظم مؤتمراته الصحفية، وهذا في الحقيقة مهم بحد ذاته، فأنا شخصيا كنقيب أعتز بكون سلطات الاتهام والتحقيق لم تعترض ولم تقيد تصرف هذا المتهم فظل يتكلم. حسبه.

 

الوئام:

 ما مدى وجاهة إصرار ولد عبد العزيز على تطبيق المادة 93 من الدستور في التعاطي معه كمتهم؟ 

 

النقيب إبراهيم :

المادة 93 من الدستور تجاوزتها الأحداث، فكل الأفعال موضع المتابعة للرئيس السابق لا علاقة لها البتة بالمهام التي أسندها الدستور لكل رئيس موريتاني، الذي يحدد بالتفصيل المهام التي على رئيس الجمهورية مزاولتها، فإن هو حاد عن تلك المهام التي نص عليها الدستور يصبح عرضة للمتابعة والمساءلة من طرف القضاء العادل. 

هذه القضية تتعلق بحيازة الشخص على أموال هائلة أقر بوجودها، وأقر كذلك أنه لم يتصرف ولم يأخذ مليما من رواتبه لمدة عشر سنوات، وفي نفس الوقت يصرح أنه ثري ويرفض أن يبرر مصدر هذه الأموال الهائلة. 

كما أن هذا الشخص متهم بأنه أودع الكثيرين عشرات المليارات، وأنه يسير حسابات، وأنه يسير شركات، وأنه وأنه وأنه... 

 كل هذه المسائل لا علاقة لها بمهام رئيس الجمهورية و التي إن حاد عنها يصبح عرضة للمساءلة أمام القضاء العادي، وهنا أريد أن استشهد بتصرف سبق أن اتخذه قاض انجليزي. 

فهنالك قاض اسباني أصدر بطاقة إيقاف دولية من نوع خاص، لأنها تسمى بطاقة إيقاف أوروبية يلزم تنفيذها، ضد المجرم "بينوشيه" بسبب ممارسته التعذيب والقتل في جمهورية الشيلي، وكان المتهم المطلوب حينها يتعالج في إحدى المصحات في بريطانيا. 

عندما قدمت هذه البطاقة للتنفيذ تقدم محامو بينوشيه بالقول إنه يتوفر على حماية ولا تجوز متابعته ولا مساءلته، فكان رد القاضي الانجليزي ردا ذكيا، فقال لهم أعتقد أن ممارسة التعذيب ليست من مهام رئيس الجمهورية. 

هذا المثل بالإمكان أن نطبقه على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، إذ أن جميع الاتهامات التي صاغتها النيابة العامة، وموضع التحقيق الجاري من طرق قطب التحقيق المكلف بمكافحة الفساد من هذا النوع، ولا علاقة لها بمهام الرئيس، ولا علاقة لها بالمادة 93 من الدستور التي تم تجاوزها، واليوم أصبح الرئيس السابق متهما يستجوب من طرف قطب التحقيق المكلف بمكافحة الفساد.   

 

الوئام:

 هل يلزم القانون رئيس الجمهورية بتبرير مصادر ثروته التي تحصل عليها خلال ممارسته مهامه الرسمية؟

 

النقيب إبراهيم:

قانون الشفافية يلزم الرئيس السابق والوزراء والوزراء السابقين بتبرير مصادر ثرواتهم التي تحصلوا عليها خلال ممارستهم لمهامهم الرسمية. 

وهنا أعتقد أن أحد الوزراء السابقين، موضع المتابعة مع محمد ولد عبد العزيز، نظم تصريحا إعلاميا بين فيه جميع ممتلكاته، فلماذا الرجل الذي أقر بحيازة أموال هائلة يصر على عدم الإفصاح عن مصادر أمواله؟. 

لقد كان شخصية عمومية، وكل شخص عمومي لا بد أن يطبق عليه المبدأ الشهير، ومنبعه منبع إسلامي، "من أين لك هذا؟"، وعليه فهو ملزم بأن يرد على هذا السؤال، وإن لم يرد عليه فحسبه. 

 

الوئام:

 ما مصادر الدخل التي يتيحها القانون لرئيس الجمهورية عدا عن راتبه الشهري وتعويضات أسفاره؟ 

 

النقيب إبراهيم:

رئيس الجمهورية لا يتقاضى إلا راتبه، فكل ما يحصل عليه خارج هذه الرواتب يعتبر إما رشوة، وإما وإما... 

وهنا لا بد أن نذكر بتعاطي الرئيس المرحوم المختار ولد داداه مع المال العام، فقد كان الرؤساء يقدمون له المبالغ الهائلة، إما في الحقائب، وإما في الشيكات المصرفية، مثل الملك فصل، الرئيس الغابوني، الرئيس الإفواري.. كلهم سلموا الرئيس المختار ولد داداه مبالغ هائلة، فكان ينادي على أمين الخزانة ويقول له هذه المبالغ للدولة الموريتانية، فلا أحد كان سيعطيني مليما لو كنت جالسا في خيمة أهل داداه، ويسلم تلك الأموال للدولة الموريتانية. 

هذا نموذج عاشته موريتانيا من خلال الرئيس السابق المختار ولد داداه، فكيف يقول رئيس اليوم أن لديه أموالا اكتسبها من خارج راتبه، خاصة أن لديه راتبا هائلا وضخما لا يدانيه راتب أي شخص في هذا البلد. 

إذا أن أية مبالغ يحصل عليها رئيس خارج راتبه فهي من كسب غير حلال. 

وهنا أريد أن أذكر كذلك بمثال آخر، فالرئيس المختار ولد داداه، وأنا استشهد وهذه حقيقة، كان عنده تعامل نادر من نوعه مع المال العام، ويقول في مذكراته إنه كان في فندق طوكيو، وكان حينها رئيسا لمنظمة الوحدة الافريقية، وكان في رحلة مع وزراء خارجية بعض الدول الافريقية لحشد الدعم ضد الميز العنصري في جنوب إفريقيا. 

وبينما كان الرئيس المختار ولد داداه في الفندق، إذا بالعاملين في الاستقبال يبلغونه بوجود رجل أعمال يود لقاءه، فاستقبله في غرفته وعرض عليه رجل الأعمال هدية "تساعد في تكاليف السفر"، فتذكر الرئيس بسرعة أن هذا الرجل يدير شركة يوجد مقرها في نواذيبو، فشكره على الهدية وأبلغه بتولي الوحدة الافريقية تكاليف السفر وأبلغه بأنه لا حاجة له بأي مبلغ ورفض استلام الهدية. 

فهكذا ينبغي أن يكون تصرف الرؤساء. 

فأي هدية تعطى لرئيس، مهما كانت، فإنه يسلمها للخزينة العامة حتى تكون ملكا للدولة، فهو لا يملك إلا راتبه بدون زيادة أو نقصان.    

 

الوئام:

 هل من أجل قانوني لمحاكمة المشمولين فيما بات يعرف بملفات العشرية؟

 

النقيب إبراهيم:

إجراءات التحقيق لا أجل لها، لكن هنالك استثناء واحد، وهو عندما يكون المتهم قيد السجن يحرص القانون على السرعة في التحقيق، أما في القضايا التي لا سجين فيها فالقضاء يتصرف طبقا لضرورات التحقيق وضرورات القيام بالتحريات، الاستجواب، المواجهات، والقيام بالخبرات، والتحقيقات على جميع المستويات، فإن هو أكمل كل هذه المشاور يختم تحقيقه، لكن لا تدقيق من حيث الأجل الذي يضرب لإنهاء التحقيق.

 

الوئام: 

شكرا جزيلا على ما اقتطعتموه لنا من وقتكم الثمين. 

 

أحد, 02/05/2021 - 21:52