موريتانيا : ظاهرة استغلال الأطفال فى التسول / حنان أحمد الولي

 

المكان كلية الآداب والعلوم الانسانية، حيث يتواجد اطفال في عمر الزهور تفكر حين تراهم في كيفية وصولهم الى هذا المكان الذي يبعد عن مركز العاصمة انواكشوط حوالي 13كلم، اما الهدف من تواجدهم هنا فهو جلي من الاناء الذي يحمله كل واحد منهم. الاناء المعدني الذي يضعون فيه مايجود به الطلاب من نقود. حين سألت طفلا منهم عن اسمه اجاب اسمي موسى ولكن عن عمره اكتفى ان يبتسم فيبدو انه مجهول بالنسبة له وهو الذي يبدو في التاسعه من عمره على اقل تقدير. يقول موسى "استيقظ باكرا لكي لايفوتني باص الجامعة فهو سبيلي الوحيد لاصل الى هناك، ويجب ان اصل والى ساواجه عقاب سيدي!" هنا استوقفته لاعرف من هو السيد لكنه رفض الافصاح عن اسمه وقال انه من يعمل لديه ويقدم له حصيلته في المساء، حين سألت ما المقابل قال: "انه يدرسنا القرآن ويوفر لنا وجبة في المساء عند عودتنا من العمل". كان سؤالي الاخير مصدر حزن له حين سئلته اذا كان اهله يعلمون بما يجري فقال : "امي وابي في البادية وانا هنا مع عمي لادرس لكنه لا يعرف اين اذهب طوال اليوم" وبعد هذا السؤال توجس مني واراد المغادرة.
نرى اطفالاً كموسى كل يوم في الاسواق وفي زحمة السيارات وقرب الادارات ولكن لا نتصور حجم المأساة الموجودة خلف كل واحد منهم. هناك امثلة كثيرة من عمالة الاطفال في موريتانيا ويجب التصدي لهذه الظاهرة التي تتزايد اعداد المتضررين منها يومياً. لقد أصبحوا يمارسون اعمالاً خطرة مثل تنظيف زجاج السيارة اثناء توقفها للاشارة الحمراء، ومثل المساعدة في اعمال البناء وفي مرائب السيارات.
اشارت الدراسات الى انه يوجد طفل واحد من كل 10 أطفال  في سوق العمل في جميع أنحاء العالم وان هناك 152 مليون طفل في سوق العمل بينهم 72 مليون طفل يمارسون أعمالا خطرة وان أفريقيا تحتل المرتبة الأولى بعدد الأطفال الملتحقين بالعمل، حيث يصل عددهم إلى 72 مليون طفل، ماذا ننتظر بعد لدقِّ ناقوس الخطر. الطفولة حق.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور الشيخ التجانى خيري استاذ علم الاجتماع ورئيس قسم الجذع المشترك بكلية اللغة العربية في جامعة العلوم الاسلامية بلعيون: 
" التسول هو ظاهرة اجتماعية قديمة يطبق عليها ما يطبق على الظواهر الاجتماعية وهي تتسم بالالزامية والقهر فهي من اكراهات المجتمع غالبا.
الظروف هي ماتساعد على التسول ومنها ظروف التنشئة الاجتماعية والتعود على الاستعطاف والطلب. في مايخص ظاهرة تسول الاطفال وخاصة الجانب الذي تعالجه القصة فان ذهابهم الى الجامعة وهي بعيدة هذا البعد انما هو عادة عند المتسولين وهي اللعب على عامل الزمان والمكان، فهم يرون في الجامعة ربما قلة المنافسة وكثرة المتواجدين وهذه عوامل تساعدهم في مرادهم.
اما عادة ارسال المعلم للاطفال للتسول فهي عادة دخيلة من دول شقيقة كمالي والسنغال، ففي هذه الدول يقوم من يسمى "سرين دار" او معلم القرآن بارسال الاطفال الى التسول ليجلبوا له المال كنوع من الاجرة له ولكنها ظاهرة خطيرة جداً ويمكن ان تفتح لهم باباً اخطر وهو باب الجريمة فقد لوحظ انهم يقومون بالسرقة احيانا في الباصات ومن المنازل والهدف هو تقديم عائد اكبر ل "المعلم" عند العودة.
هذه الظاهرة هي من اخطر ظواهر عمالة الاطفال ويجب التصدي لها بحزم."

تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

خميس, 17/06/2021 - 09:19