كورونا والشائعات رحلة الوصول إلى الحقيقة المرة

الوئام الوطني- 14 من شهر مارس 2020 الساعة 9 مساء لم تكن لحظةعادية بالنسبة للموريتانيين ، بإعلان وزير الصحة السابق نذرو ولد حامد عن تسجيل أول إصابة مؤكدة بفيروس كورونا بالبلاد ، بعد ايام من الشائعات حول وجود الفيروس ، نسبة الإصابات التي ظلت تسجل فردية طيلة الشهرين الذين تبعا تلك الواقعة صاحبها ارتفاع في معدل الإشاعات والأخبار الزائفة خاصة على مواقع التواصل الإجتماعي ، حول أعداد الإصابات اليومية وطريق انتقال الفيروس وبعض المعلومات وصفتها السلطات بالمضضلة بعد ذلك .
انتشار الشائعات جعل السلطات الصحية بالبلاد تنشئ نقطة صحفية يومية لتقديم إحصائية يومية وأخرى إجمالية للحالات الجديدة المسجلة والوفيات وحالات الشفاء ، أمر ربما ساهم في تقليص حجم الإشاعات بعد ذلك ، إضافة لوسائل الإعلام التلفزيونية والإذاعية وحتى المواقع الإخبارية التي كانت تتوخى الصدق والتحري في المعلومات كما تنص على ذلك الضوابط المهنية.
أسباب الأخبار الزائفة "من بينها التسابق الى جديد أخبار جائحة جديدة تجتاح العالم"  يقول رئيس غرفة التحرير بقناة الساحل عبد المومن ولد أحمد الذي يضيف "طالبنا كصحافيين بإتاحة المعلومة الرسمية حول كورونا من أول يوم حيث
فرضت الشائعة نفسها على الرأي العام الوطني بسبب تأخر الخرجة اليومية حول كورونا محليا الأمر الذي أعطى للشائعات فرصة أكبر و الشارع الموريتاني تعامل مع الجائحة على ثلاثة مراحل مرحلة استهلاك الشائعات وتصديقها ومرحلة أخذ التصريحات الرسمية حول الوباء وأخيرا مرحلة عدم الاكتراث بما يقال حول كرونا رسميا أو حتى شائعات" 
مجابهة الشائعات من جهة وتوفير فرصة للمواطن لمعرفة بعض من حقيقة الفيروس المستجد دفع وزارة الصحة حينها لإنشاء رقم أخضر بمصلحة التثقيف الصحي يحتوي على 12 خطا هاتفيا تم الإعلان عنه مع الموجة الأولى للفيروس ، يوكل إلى القائمين عليه الرد على أسئلة المتصلين وتوجيه المستفسرين ، وبحسب معطيات نشرتها المصلحة عام 2020 فإن نسبة تجاوبه مع المستفسرين بلغت 98% حسب ماهو معلن 
حاولنا التواصل مع مصلحة التثقيف الصحي لمعرفة معلومات أكثر حول هذا الخط وطريقة سير عمله ، لكن لم نجد تجاوبا من الجهات المختصة ... 
حول الإشاعات والأخبار الزائقة التي صاحبت ظهور الوباء يقول الدكتور مختار عباد الطبيب الملحق بالإدارة العامة للصحة  "هناك فرق بين الاشاعة والحقيقية 
اما الحقيقة فهي مبنية على ادلة علمية واضحة وهي حجتنا 
انا اعتقد انه من واجب كل طبيب تكذيب كل تلك الشائعات كما ان السلطات الصحة ملزمة بتقديم توضيحات حول كل ما يشغل الرأي العام بهذا الخصوص ، لقد تعاملنا مع الإشاعة كمختصين بنشر الأخبار الصحيحة التي كنا نتلقاها في الملتقيات ومن البحوث وهو ماواجهنا به هذه الظاهرة ، وكنا نشرح المواضيع ونبسطها للعامة سواء ماتعلق بنا كأفراد صحة أو ما جاء من طرف وزارة الصحة 
وقد لعب الخط الأخضر دورا كبيرا في ذلك حيث كان يقوم عليه دكاترة ومختصون يوجهون المتصل إلى الوجهة المناسبة
لقد ساهمت الإشاعة في انتشار الفيروس من خلال تكذيب المعطيات ونشر أخبار زائفة وذلك ماانسحب لاحقا على اللقاح الذي شاهدنا عزوفا عنه في صفوف المواطنين الذين مازال بعضهم يفند حقائق الفيروس " 
مجابهة الشائعات والأخبار الزائفة لم تحل على مايبدو دون التأثير على البعض كما يقول المواطن محمد ولد أكبد " تضررنا كثيرا ولم أك يوما من المصدقين لتلك الشائعات نظرا اما كان يجري من إغلاق عام في دول الجوار ، وقد حاولنا التحفظ والأخذ بالإجراءات الصحية لكن ذلك لم يحل دون إصابتي وإصابة والدي المصاب أصلا بمرض مزمن كان ذلك في الموجة الأولى ، لقد كانت هناك ضغوط اجتماعية ونظرة إزاء من يمتنع عن المصافحة مثلا....
وقد بدأ الموريتانيون يستجيبون للتعليمات ونبذ الإشاعات ، وقد تلقى الوالد الجرعة الأولى من اللقاح المضاد للفيروس ، ونحن ننتظر الفرصة لتلقي اللقاح ،إذ أصبح من المعلوم أن الدواء المتفق عليه الوحيد هو اللقاح " 
خطوة السلطات وإن قلصت حجم الإشعات إلا أنها لم توقفها في وسائل التواصل الإجتماعي ، حول كورونا وأعراضه وكيفية انتقاله بل وصلت طريقة الحجر الصحي وظروفه ومايتخللها من أشياء وهو مادفع السلطات بالبلاد إلى متابعة بعض من ينشر أخبارا توصف بالكاذبة .
تداعيات ذلك لم تكن فقط داخل مواقع التواصل بل تعدتها لتصل حد التأثير النفسي والاجتماعي والصحي على بعض من فئات المجتمع ، كما يرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة العلوم الإسلامية السيد سيدي محمد ولد الجيد بقوله:
"خصوصية كورونا كوباء داهم المجتمعات البشرية بأسرها وتميز بالمباغتة وسرعة الانتشار وقوة الفتك بالبشر في ظل محدودية ماهو متاح عنه من معطيات علمية موثوقة، مع العجز التام عن مجابهته نظرا لغياب لقاح للوقاية منه آنذاك...
كل ذلك فتح الباب واسعا أمام الشائعات والتخمينات، حتى لا أقول الأقاويل والأساطير والخيال الواسع.
ولعل مكمن الخبر بالنسبة للمجتمع الموريتاني تمثل في التداول الواسع لمعلومات تفيد بخرافية هذا الوباء وانتفاء وجوده أصلا،  وأنه لايعدو فبركة فجة...
تأثير الإشاعة في الغالب يكون سلبيا، وفي هذه الحالة بالذات كان شديد السلبية وعظيم الخطورة لأنه ساهم في تراخي الكثير من المواطنين في التقيد بالإجراءات الاحترازية مما عرضهم وعرض البلاد من خلالهم لمخاطر جمة.
طبعا أغلب الاشاعة المتداولة وقتها كانت تصب في اتجاه إنكار وجود الفيروس أصلا. 
اما اللقاح فقد واكبته إشاعات أخرى ، قد تكون أقل تأثيرا وأضعف انتشارا مما كان عليه الحال بالنسبة لاشاعات عدم وجود الفيروس أصلا ، تمثلت في تتفيهه والتشكيك في نجاعته .والقول أكثر من ذلك بأنه مدعاة للإصابة بأمراض خطيرة، وأنه قد يؤدي للوفاة.
أظن أن الحكومة عموما، ووزارة الصحة خصوصا أبلت بلاء حسنا من خلال الجهود الاستثنائية  التي بذلت في سبيل الحد من انتشار الفيروس من جهة والتكفل بالمصابين من جهة أخرى. 
ولا شك أن النشرة اليومية لكورونا كانت إيجابية وذات جدوائية كبرى في الحد من الشائعات وفي حصول الطمأنينة لدى المواطنين."
تداعيات الإشاعات والأخبار الزائفة المصاحبة للفيروس التاجي وإن تنوعت وتباينت نسبتها على المجتمع الواحد فقد كانت بادية تنحسر بانحساره وتتسع دائرتها بارتفاع النسب المسجلة منه ...
وهو ماساهمت السلطات إلى الحد منه  - كما تقول - ومن تداعياته النفسية والاجتماعية والصحية .

تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

تقرير: عبد الله علي

خميس, 15/07/2021 - 23:12