هوامش على حديث الرئيس مع «جون أفريك»

أول مقابلة أجراها ولد الغزواني بعد انتخابه، كانت مع صحيفة «لو موند» الفرنسية، في شهر نوفمبر 2019، وكانت مقابلة «مكتوبة»، ومنذ ذلك الوقت اتضح أن مقابلات الرئيس المكتوبة أقوى من تلك المصورة، ربما لم يتعود الرجلُ بعد على الأضواء، أو أنه لا يحب الكاميرا على الإطلاق.

هنالك قادة يكرهون المقابلات المصورة، ومنهم من يكره المقابلات مطلقًا، ويعتمدون قنوات أخرى لتمرير خطاباتهم، فالمقابلات ليست ضرورة ولا قاعدة ثابتة.

أولًا: كانت أجوبة الرئيس، في مقابلة اليوم، مباشرة وخالية من الحشو، وفيها مستوى كبير من الذكاء الدبلوماسي، خاصة إجابته على السؤال الأول المتعلق بالتوتر القائم بين مالي والنيجر، لقد تفادى الفخ بذكاء.

ثانيًا: كشف ولد الغزواني معلومة مهمة، حين قال إن الرئيس الانتقالي المالي آسيمي غويتا، قدم له «ضمانات» بعد الانقلاب الأخير، ولكن بقي على الصحيفة أن تسأله عن طبيعة هذه الضمانات !

ثالثًا: طرحت الصحيفة سؤالين متتاليين، كانا بشكل مخفي عبارة عن سؤال واحد، الأول عن «الإرث الإنساني» والثاني عن «منفى معاوية».

رد ولد الغزواني على الأول بأنه من غير المنطقي أن يطرح ملف الإرث الإنساني على الطاولة في كل مرة ليقال بأنه لم يتحقق أي شيء، مع اعترافه بوجود نواقص هو على استعداد للعمل على سدها.

أما السؤال الثاني فرد عليه بنفي أي اتصال أجراه مع معاوية بعد وصوله إلى الحكم، ولكنه رحب «ضمنيا» بعودته من منفاه.

أعتقدُ أنه نجح في أن يزن كلماته في ملف حساس ومزعج لكل مسؤول موريتاني.

رابعًا: في ملف فساد العشرية، احتفظ ولد الغزواني بموقفه «المعلن» منذ البداية، القائم على مبدأ فصل السلطات وابتعاده عن التدخل في القضاء، سواء أقنعنا ذلك أم لم يقنعنا، ورغم الجهد الذي بذلته الصحيفة الفرنسية إلا أنها لم تنجح في إخراج الرئيس عن هذا الموقف، ومرت سبع أسئلة متلاحقة حول «عزيز» دون أي هجوم على سلفه، مكتفيا بمخاطبته بصيغة «الغائب».

كان في ذلك ردا «ضمنيا» على الهجوم الذي شنه عزيز في آخر مقابلة له مع نفس الصحيفة.

خامسًا: لقد غابت الجوانب الاقتصادية «المهمة» عن المقابلة، باستثناء حديث مقتضب عن «سنيم» وعن الصيد، وأشياء بسيطة جدا عن الغاز.

المعلومة الاقتصادية الهامة التي استوقفتني هي رفع إنتاج كلب الغين 2 من مليون طن من خام الحديد في عام 2019، ليصل إلى 2,5 مليون طن هذا العام، وهذا المصنع مهم جدا في إطار استراتيجية تطوير الشركة.

سادسًا: بخصوص الحوار والوضع السياسي كرر الرئيس نفس مواقفه السابقة، دون أي تغيير لا في النبرة أو الخطاب، فرفض الحوار وقبل التشاور.

سابعًا: لقد قرأنا ما قاله الرئيس في المقابلة، إلا أن قراءة ما لم يقله هو الأهم، خاصة حين صمت عن الموقف الرسمي من «التطبيع» بإبراز الموقف الشعبي، وسكت عن أشياء كثيرة ومهمة، وهو واحد من الأسلحة المهمة لدى هذا الرئيس.. سلاح الصمت!. 

 

من صفحة الصحفي المدون الشيخ محمد حرمه على فيسبوك

 

خميس, 29/07/2021 - 20:48