دعوة ابن بيه تمكّن الإنسان المسلم من لعب دور حضاري في بناء المجتمع الإنساني المعاصر
- للشيخ المجدّد دور في تبديد الصورة القاتمة والمشوّهة عن الإسلام في أذهان الغرب
- يدعو إلى حوار واسع مع مختلف الأديان في سبيل التعايش بسلام ونشر تعاليم الخير والإخاء
- رفع راية الإسلام سلاماً في كلّ مكان لإطفاء الحرائق والتمسك بمكارم الأخلاق
خطابه يبلور رؤية فكرية وثقافية حاضنة لأبناء الأمة على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم
- سعيه في تجديد الخطاب الديني يرمي إلى إعداد إنسان واع ومثقف يسهم بنشر تعاليم وثقافة الدين الحقّ
- تحقيق رؤية إنسانية للدين منفتحة على آفاق العلم والمعـرفة ومكتسبات الإنـسان الحضارية
-أرسى قواعد العمل المؤسساتي في خلق فضاء معرفي حر ومبدع قائم على قضايا التجديد والإصلاح الديني
- ضرورة انعقاد مؤتمر ثقافي يُظهر سماحة ورقي الإسلام ويبيّن مكان العلة في جسد الأمة.
من يدقّق في مسيرة العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، يرى المنهج العلمي والعمق الثقافي اللذين بلورا شخصية هذا الأصيل المجدد، في سبيل فتح آفاق واسعة لحوار إنساني ينشد السلام والخير والمحبة للإنسانية جمعاء، إنطلاقاً من مفاهيم إسلامية بحتة، ليس بوصفها فقهاً وعقيدة دينية وحسب، بل هوية ثقافية وفكرية وأخلاقيه لشعوب المنطقة العربية ومحيطها.
هذه العدة موجهة لأكثر من ملياري مسلم حول العالم، هم بحاجة لمنارة فكرية ثقافية حضارية تغني وتغذي وتبلور هوية ودور الإنسان المسلم أينما كان، وتمكّنه من لعب دور حضاري في بناء المجتمع الإنساني المعاصر، عبر نبذ العنف والتطرف الذي جلب للمنطقة العربية والعالم الخراب والويلات، مما شكّل وكوّن لدى العامة في الغرب صورة بشعة عن الإنسان المسلم تجافي حقيقة أصول معتقداته وأخلاقياته الدينية والفكرية.
وللعلامة عبدالله بن بيه دور كبير في تبديد هذه الصورة، والعمل على تعزيز التواصل مع شرائح فكرية ودينية في عدد من الدول الغربية، من أجل التعمق بالقضايا الضرورية والملحة وتبسيطها لتكون في متناول العامة. ومن ناحية أخرى كان لابد من فتح حوار واسع مع مختلف الأديان الأخرى في سبيل التعايش بسلام جنباً إلى جنب، من أجل نشر تعاليم الخير والإخاء ونبذ الحروب التي تحرق كلّ شيء، حيث دعا الشيخ ابن بيه "لإطفاء الحرائق" التي تقضي على مقدرات الشعوب العربية والإسلامية، وتفتح آفاقاً واسعة لكلّ من يحمل البغضاء والضغينة للانقضاض والنهش في جسد الأمة الواهن أصلاً بفعل التفكّك السياسي العقيم، وتجذر الخلافات والأحقاد حتى بين أبناء البلد الواحد. في الحروب لا ينتصر أحد، بل توزّع الهزيمة على الجميع بالتساوي. لأنّ من يغذي ويموّل ويدعم القتال والاقتتال لا يريد الخير لهذه المنطقة التي فيها نبتت جذور التوحيد الذي غير وجه العالم.
بينما نرى العلامة الشيخ عبدالله بن بيه يرفع راية الإسلام سلاماً في كلّ مكان، ويدفع بالتي هي أحسن لإطفاء كلّ حريق في المنطقة، ويتمسك بمكارم الأخلاق وبجذور الدين في رؤيته لتجديد لغة ومفاهيم فقهية وفكرية منفتحة وأصيلة تتكىء على الموروث لمحاكات اللحظة الراهنة من الزمن، من أجل بلورة رؤية فكرية وثقافية تكون حاضنة لأبناء الأمة على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم، تمكّنهم من مواجهة كلّ الهجمات الشرسة التي تريد تشويه الثقافة الإسلامية، وتجعلهم قادرين على الاختلاط في المجتمعات والثقافات الأخرى دون التخلي عن قيم الدين الحنيف، بل أكثر من ذلك يريد العلامة عبدالله بن بيه في رحلته مع التجديد والتبسيط بالخطاب الديني، أن يمكّن المسلم من التأثير بمحيطه بشكل إيجابي يسهم بنشر تعاليم وثقافة الدين الحقّ عبر إعداد أفراد وجماعات من المسلمين لديهم القدرة الفكرية والثقافية ليكونوا رياديين وواعين للمتغيرات التي تحصل كلّ لحظة في العالم، نتيجة التطور التكنولوجي الهائل والمبهر بكل ما للكلمة من معنى، وقد عمل العلامة عبدالله بن بيه من أجل تأسيس لمثل ذلك عبر إنتاج عمل مؤسساتي واسع النطاق يتيح لمختلف أنماط التعدد الفكري والثقافي ذي الطابع العقلاني والعلمي أن تتفاعل فـي مـا بينها وتتآلف جهودها لبناء الكفاءات العلمية والكوادر البحثية القادرة على البحث العلمي في قضايا التجديد والإصلاح الثقافي والديني بشكل معمق، وتنسيق ودعم التواصل والتعاون بين الباحثين والمفكرين من أجل خلق فضاء معرفي حر ومبدع قائم على قضايا التجديد والإصلاح الديني فـي المجتمعات العربية والإسلامية، ويعمل على تحقيق رؤية إنسانية للدين منفتحة على آفاق العلم والمعـرفة ومكتسبات الإنـسان الحضارية، يمكّنها من فتح حوار مع مختلف ثقافات وديانات الأمم من أجل فهم ثقافاتها التي تتطور هي الأخرى مع تطور كلّ ما يحيط بها ويجعلها مادة غنية لفهم حقيقة ما يحصل اليوم في المنطقة العالم.
ولم يقتصر دور واجتهاد العلامة عبدالله بن بيه عند هذا الحدّ، بل شدّد على أن يترك رجال الدين والعلماء العمل السياسي وشؤونه لأهل السياسة وقادة بلدانهم حيث يقول: "إنّ مصطلح الإسلام السياسي دخيل على الشريعة الإسلامية، إذ إن الإسلام لا يمكن وصفه بالأبيض أو الأسود أو الأحمر، كما أنه لم يهضم مصطلح الإسلام السياسي، مشدداً على وجوب ترك العالِم أو الشيخ الإسلامي ورجال الدين الأمور السياسية التي لا يفهمونها، والتسليم بأمور السياسة والإدارة لقادة البلاد.
هي دعوة واعية ومدركة لحجم المخاطر التي تعصف بالعالم الإسلامي والعربي الذي يعاني من أزمات غير مسبوقة على المستويات كافة حيث وصف الشيخ المجدد ابن بيه "العالم الإسلامي" بـ"المريض الذي يعاني الكثير من المشكلات والأمراض، ويمرّ بمرحلة حرجة من مراحل التاريخ"، مشيراً إلى أنّ علاج العالم الإسلامي يكون بيد علمائه ومشايخه، بانتهاج النهج الصحيح، وهو تسليم أمور المجتمع أمور السياسية لقادة بلدانهم.
لأنّ الشيخ العلامة عبدالله بن بيه يدرك أنّ القادة تصنعهم مجتمعاتهم وأن لرجال الدين دوراً في ذلك عبر بناء مجتمعات مسلمة تعلي من شأن تعاليم الإسلام، هذا هو دور رجل الدين نشر تعاليم الدين الحنيف وتذكير الناس بتعاليم الله ورسوله مما سينتج بيئة طيبة تفرض حضورها على كافة مكونات المجتمع، بما يسهم وينتج دون شك طبقة سياسية تخضع لحكم وشروط الشريعة وذلك دون التدخل المباشر في العمل السياسي.
إن الشيخ المجدّد رجل دين وسلام ومحبة بوعيه الكبير للمخاطر المحدقة بالأمة، أكد مراراً على أهمية مراجعة الكثير من المراجع التاريخية والدينية من أجل تصويب الحياة العامة للمسلمين، وللتأكيد على أنّ الإسلام سلام مطلق، إسلام يتطور ويواكب العلم من أجل الرقي بالأمة، ومن أجل دعوة للحوار المتواصل بين جميع الأمم لتعزيز التعايش وتبيان الحقائق التي هي حاجة للناس جميعاً.
وفي الختام نتوجه برسالة للعلامة الشيخ عبدالله بن بيه من أجل انعقاد مؤتمر ثقافي يشارك فيه نخبة من المفكرين والشعراء والروائيين العرب والمسلمين، من أجل صناعة وتجسيد فكر التعايش والتسامح من خلال أعمال يكرسها المثقفون لهذه الغاية تظهر سماحة ورقي الإسلام الحق، وتبيّن مكان العلة في جسد الأمة من خلال الأعمال الروائية والمسرحية وأيضاً الشعرية وغيرها.. فثمة خصائص وسمات لدى هذه الأنواع من الأدب قريبة من المتلقي تمكّنها من إيصال الأفكار وتبسيطها، مما يسهم في فهم ووعي لدى شرائح واسعة من المجتمع العربي
والإسلامي.
———————-
بقلم الكاتب والشاعر اللبناني: بلال المصري