ظل الاستثمار فى مجال المطاعم والمقاهي في موريتانيا، حتى وقت قريب، حكرا على الأجانب.. ذلك أن الطبيعة البدوية للمواطن الموريتاني أبقته بعيدا عن الاهتمام بهذا المجال.
محاولات المواطنين الأولي للاستثمار فى هذا القطاع بدأت برؤوس أموال متواضعة جدا، حيث استثمرت بعض السيدات في مطاعم صغيرة متخصصة في بيع وجبة الأرز والسمك(چيبو چن) الرائجة، خاصة في مقاطعتي السبخة والميناء في العاصمة نواكشوط.
كان الإخوة العرب اللبنانيون والتونسيون، قبل أن يلحق بهم السوريون في السنوات الأخيرة، روادا في مجال الاستثمار في المطاعم أولا، ثم المقاهي لاحقا.
ومع مرور الوقت فهم الشباب الموريتاني أهمية هذا المجال الخدمي والعائدات المهمة التى تجنى منه، وبدأ يدخل عالم الاستثمار فيه شيئا فشيئا، حيث نجحت بعض مشاريعه وخسرت أخرى، فكانت تلك هي المحاولة الثانية بعد محاولة المطاعم النسوية التقليدية.
غير أن هنالك محاولة ثالثة لا تتطلب كثيرا من رأس المال، فهي مجرد طاولة ومقاعد، كثيرا ما تكون في الهواء الطلق أو تحت خباء في بعض الحالات، وتعرف ب tangana، حيث تباع القهوة وقطع الخبز على حافة الطريق، خاصة في ساعات الصباح الأولى، وهي التي تكفل لبسطاء العمال تناول وجبة الفطور في وقت مناسب وبأسعار زهيدة، حيث لا يتجاوز سعر وجبة الفطور التى تتكون من قهوة ساخنة وقطعة خبر مع بيضة مسلوقة مبلغ 300 أوقية قديمة، بينما تصل وجبة الفطور فى بعض مقاهي الأجانب الراقية وسط العاصمة 1300 اوقية قديمة، وهى مكونة من قهوة وخبز وجبنة والفراولة وعسل وزيت وكأس من عصير البرتقال، في حين يصل سعرها 2000 اوقية قديمة فى بعض مقاهي الأحياء الراقية في مقاطعة تفرغ زينة.
ويقول خالد إسلمو أحمد، أحد المستثمرين الموريتانيين فى مجال المقاهي بتفرغ زينه،
إنه عاد من رحلته الدراسية إلى أوروبا، وشعر بأهمية هذا المجال الخدمي الهام.
وعبر خالد، في تصريح لوكالة الوئام الوطني للأنباء، عن رفضه لاحتكار الأجانب لهذا القطاع، مؤكدا أنه يجب على الموريتانيين المستثمرين ضخ الأموال فيه من أجل الحصول على عائدات مهمة.
وأوضح أنه قرر منذ فترة اتخاذ قرار بالعودة إلى الوطن والاستثمار في مقهى عصري يستجيب لرغبات الزبناء، وهو ما حصل فعلا حيث شيد مشروعه المكون من مقهى ومطعم على قارعة الطريق المتجه صوب نواذيبو.
وأضاف خالد أن الدولة يجب عليها مساعدة المستثمرين الشباب فى الوطن وتخفيف الضرائب المفروضة على استثماراتهم من أجل أن يكون ذلك محفزا للشباب فى أمريكا وأوروبا للرجوع إلى الوطن والقيام باستثمارات في وطنهم.
واتهم خالد بلدية تفرغ زينه بأنها غير منصفة بالضرائب التى تفرض عليه، بحسب تعبيره.
وأوضح أنه من ضمن الشباب الذين قرروا المساعدة في بناء وطنهم عبر المبادرات الاستثمارية، بعيدا عن التسكع على الإدارات لطلب ولوج الوظيفة العمومية.
واستعرض خالد جملة من العوائق التي واجهته خلال إقامة مشروعه، ومنها، على سبيل المثال، بدء حظر التجوال الليلي في وقت مبكر "الساعة الثامنة مساء"، مشيرا إلى أن غالبية زبنائه يرتادونه ليلا.
ومن أهم تلك العوائق، يضيف خالد، الضرائب المجحفة التي تفرضها بلدية تفرغ زينه على مثل هذه المشاريع الناشئة.
تقرير/ جمال أباه