سلطت حادثة مقتل سائقين مهنيين مغاربة في دولة مالي الضوء على ظروف العمل التي تعيشها هذه الفئة من العمال، الذين يقطعون آلاف الكيلومترات انطلاقا من المغرب لنقل البضائع والسلع نحو موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وساحل العاج وتشاد.
وقُتل سائقان مغربيان، الأحد، رميا بالرصاص على أيدي عناصر مسلحة مجهولة مقنعين حين كانوا متوجهين بشاحنات محملة بالبضائع إلى باماكو، وقد لاذ الفاعلون بالفرار مباشرة بعد ارتكاب جرمهم.
وأدانت المنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط، العضو بالمنظمة الديمقراطية للشغل، بـ”شدة عملية اغتيال السائقين المهنيين المغربيين ومحاولة قتل سائق آخر مرافق أصيب بجروح متفاوتة الخطورة، كانوا يؤدون واجبهم المهني والوطني في تأمين المبادلات التجارية بين المملكة المغربية ودولة مالي”.
وأوردت المنظمة، ضمن بلاغ لها، أن “مثل هذا الاعتداء تكرر مرات عديدة، خصوصا أن دولة مالي الشقيقة تعرف انفلاتات أمنية بين الفينة والأخرى. وقد سبق للقوات الأمنية المالية أن حذرت من استعمال بعض الطرق التي تنشط فيها مليشيات مسلحة”.
ودعت الهيئة النقابية “الدبلوماسية المغربية إلى فتح تحقيق تحت إشراف منظمة الاتحاد الإفريقي بخصوص هذا العمل الإرهابي، وإلى تحمل مسؤوليتها الوطنية في حماية أرواح وممتلكات مهنيي وسائقي شاحنات نقل البضائع الدولي بإفريقيا جنوب الصحراء”.
ويلعب هؤلاء السائقون المهنيون المغاربة دورا مهما في تعزيز التبادل التجاري بين المملكة ودول إفريقيا وجلب العملة الصعبة للبلاد، ناهيك عن تعزيز العلاقات الاقتصادية مع هذه البلدان في إطار خيار انفتاح المغرب على القارة.
ووفق إفادات مصطفى شعون، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط، فإن عدد شاحنات نقل البضائع المنطلقة من المغرب تجاه إفريقيا جنوب الصحراء يناهز سبعة آلاف إلى ثمانية آلاف شاحنة يوميا عبر معبر الكركرات.
وذكر شعون، في تصريح لجريدة هسبريس، أن الشاحنة الواحدة تضم سائقين يتناوبان على السياقة على مدى آلاف الكيلومترات لنقل بضائع أغلبها من المواد الاستهلاكية، إضافة إلى مواد التجهيزات.
وأورد المتحدث أن هذه الشاحنات تنطلق أغلبها من أكادير والداخلة وعدد قليل من الدار البيضاء، لقطع مسافة طويلة محفوفة بالمخاطر؛ من بينها الاعتداءات والمضايقات والأمراض المعدية، ناهيك عن غياب بنيات استقبال مواتية.
وقال الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط إن النقابة سبق أن راسلت وزارة الصحة والحكومة المنتهية ولايتها من أجل توفير مركز طبي في معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا، لتلقيح السائقين المهنيين المتوجهين نحو دول غرب إفريقيا مجانا وفحصهم حين الرجوع لتفادي تفشي الأمراض؛ لكن لم يتحقق ذلك.
واستحضر شعون مسؤولية أرباب المقاولات العاملة في النقل الدولي في هذا الصدد، حيث قال إن من الواجب عليهم أن يوفروا ظروف العمل المواتية للسائقين ويمنحوا لهم أجرة في المستوى ويسهروا على تكوينهم ومواكبتهم.
وسبق للمنظمة أن قدمت مشروعا إلى والي جهة الداخلة وادي الذهب ورئيس الجهة لبناء محطة استراحة، توفر كل الشروط المواتية في منطقة “بير كندوز” القريبة من المعبر الحدودي الكركرات.
مشاكل سائقي النقل الدولي متعددة، فبحسب شعون، فإن التأمين المتوفر لشاحنات نقل البضائع لا يشمل دول غرب إفريقيا؛ على الرغم من أهمية وقيمة الحمولة التي يؤمنها هؤلاء السائقون في طرق صعبة وطويلة.
ويؤكد الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط، ضمن تصريحه، أن قضية السائقين المهنيين لنقل البضائع إلى الخارج يجب أن تعتبر قضية وطنية تستلزم الاهتمام اللازم من الحكومة المقبلة.
نقلا عن: هسبريس