من المهم أن نوثق ابتداء أن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني يتابع دقائق الوضع العام بكافة تفاصيله بكل صدق و مسؤولية و حصافة وحرص منقطع النظير على المصلحة العليا للشعب و الدولة ، وتلك هي البوصلة العامة التي تحدد الاهداف و الوسائل!
و يسعى صاحب الفخامة إلى التعاطي و التعامل مع التركة الثقيلة التي وجدها أمامه بمهنية و احترافية تؤمن تحقيق آمال و طموحات الموريتانيين أينما كانوا في ربوع الوطن. و من الغريب أن يتغافل البعض عن هذه المعطيات و يضرب بها عرض الحائط و لا يقيم لها وزنا و تأثيرا. وهذا ليس من الموضوعية في شيء!
فلماذا لا نتوقف عند بعض الحقائق الدامغة : كتفليس بعض الشركات الوطنية وكنسها من المشهد تماما ( سونمكس ، أنير ...الخ الخ)أو جعلها مشلولة وفي حالة يرثي لها كشركتي الكهرباء و المياه رغم عمق صلتهما بحياة الناس اليومية. أليس عيبا أن تكون معدات و أجهزة هاتين الشركتين - مثلا لا حصرا- متهالكة و مندثرة ، و تجاوزت العمر الافتراضي بسنين ، ثم بعد ذلك نتحسر على رداءة الخدمة أو ضعفها أو عدم مطابقتها للمعايير.!!
إن هذا يعني ببساطة أن البلاد باتت خلوا من شركات وطنية قوية قادرة على حماية المجتمع و الدولة من الهزات و الارتدادات السلبية و غيرها.
إن ما يعتبره البعض مشاكل او أزمات ليست وليدة اللحظة السياسية الراهنة . لقد كانت الاوضاع صعبة جدا ، فقد عانى شعبنا من التهميش و الحرمان و القمع و مصادرة الحريات العامة و الخاصة و تم التنكيل برجال الأعمال و إهدار كرامتهم و رميهم في المعتقلات و الالتفاف على ممتلكاتهم بحجج شتى وواهية.
و لكن حين جاء فخامة رئيس الجمهورية فإنه كان على وعي تام بكل ذلك و أكثر ، و لهذا بدأ في إرساء دولة القانون و المؤسسات التي يتمتع فيها الجميع بحقوقهم و يقومون بواجباتهم و يعبرون عن أنفسهم بما يشاؤون من آراء أو أفكار أو توجهات .
وربما حين حصلت بلادنا على هذا القدر من الحرية ، فإن بعضنا بدأ " يتخطى" الحدود المرسومة لذلك من الناحية القانونية. وهنا بدأ الشطط في ممارسة الحرية !
على الموريتانيين جميعا وعي اللحظة التاريخية التي نعيشها ، فالعالم يتغير بسرعة كبيرة ، بسبب ثورة المعلومات و الاتصالات التي ذوبت معها الحدود و المسافات. و من السهل متابعة اي حدث - وعلى الهواء مباشرة- لحظة وقوعه و ستتكفل وسائط التواصل بتعميمه داخليا و خارجيا ، سواء كان الأمر بحسن نية أو بسوئها !
وهذا ما يترتب عليه أن يكون الجميع متمتعين بالحس الوطني في أعلى تجلياته فيما نكتب و ننشر و نروج .
و علينا ألا ننسى أننا لسنا في جزيرة نائية منعزلة ، بل نحن نسكن الارض و لدينا جيران نتقاسم معهم التأثير و التأثر ، وكما نحترم لهم اختياراتهم و خصوصياتهم فعليهم أن يفعلوا الشيء نفسه ، فلا نقوم بأي فعل من شأنه استفزازهم حتى لا يبادلوننا الاستفزاز. بل يحب أن نحترمهم و بالتالي سيحترموننا.
هذا الوعي المأمول يجعلنا على قناعة تامة أن وطننا موريتانيا قبل كل شيء وهدفنا الأكبر و الاستراتيجي هو بناؤه و تنميته و ازدهاره و عزته في عالم لا مكان فيه للضعفاء و القاعدين و الكسالى.
إذن ليس شرطا أن ننشر عن بلدنا او مجتمعنا كل ما نعرف ، فليس كل شيء للنشر. لا. ابدا. بل إن النشر يكون بقدر و بحساب الربح و الخسارة . فإذا كانت فائدة النشر مضمونة و مؤكدة و في مصلحة الوطن فلننشر. و إذا كان العكس ، فلا نشر و لاهم يحزنون!
و يجب أن تتحدد مواقفنا بمواقف الوطن ومصالحه العليا الكبيرة و ليس بمواقف شخصية جزئية لا قيمة لها ، و ذلك حتى لا نتسبب لبلادنا او شعبنا او جيشنا الباسل بمشكلة او ازمة بدون مبرر و بلا موجب لذلك.
و في هذا السياق دائما علينا أن نثمن عاليا مناخ الهدوء و العافية السياسية ، كما نعتز بما يبذل من جهد كبير في سبيل حل المشاكل الصعبة و العويصة و لكنها ليست قطعا مستحيلة ، بل مقدورا عليها إن شاء الله بالعمل الجاد و المخلص مع فخامة رئيس الجمهورية و الخيرين من ابناء الوطن.
إن عدم وعي ذلك ستكون كلفته كبيرة جدا. فلو تسببنا لا قدر الله بتعكير صفو الأمن العام و استبدلناه بالفوضى الهدامة بطبعها ، فكأننا نريد تدمير وطننا بأيدينا . و لنا في تجارب الدول الاخرى القريبة و البعيدة مثلا و مثالا يحتذي مما لا يسر لا عدوا و لا صديقا.
لماذا إذا تم تعيين فلان أو علان نصرف أوقاتا ثمينة في النقاش و الجدال حول ذلك ..؟ هذا لا ينبغي و نحن نعلم أننا انتخبنا بأغلبية اصواتنا فخامة الرئيس ومنحناه ثقتنا في أن يرعى شأننا العام و له سلطة تقديرية في اختيار من يراه اهلا للمسؤولية و الثقة و خدمة الوطن. هكذا الحال في كافة الديمقراطيات العريقة. فلنغير من هذا السلوك السياسي السلبي الذي لا يساهم في بناء الدولة.
فلنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب . و الوطن وطننا جميعا و هو أمانة في أعناق الجميع و له دين مستحق علينا كافة.
ومن النكت الطريفة أن مديرا في إحدى الشركات أشار لرئيسه في فترة سابقة ان المولد الكهربائي بات متجاوزا لعمره الافتراضي ، فقال له الرئيس هل يستطيع العمل حتى نهاية مأموريتنا ، فأجابه : نعم. فقال الرئيس ذلك هو المهم! و لم يكلف نفسه أن يستبدله بمولد آخر جديد.!
علينا كمواطنين بسطاء أن نعرف أن بناء الدول هو عملية معقدة و مركبة و تتطلب عملا كبيرا و بنفس طويل ، و لهذا علينا أن نتكاتف و ندعم ما تقوم به الدولة و نطالبها بالمزيد ومن موقع الحرص و الاشفاق على اللحمة الوطنية ووحدة كافة مكونات شعبنا.
بذلك نكون أضأنا شمعة أمل حقيقي في أن الأمور ستكون افضل إن شاء الله ، و لم نكتفي بلعن الظلام فقط.
المصطفي الشيخ محمد فاضل