الوئام الوطني- 1981 كان عام رُسوِ عبارة روصو الحالية على الشواطئ الموريتانية السينيغالية ، أربع إلى خمس رحلات يومية هي معدل جولات العبارة في رحلتها الإنتاجية ذات المردود الاقتصادي الكبير على الدولة الموريتانية ، وماتخلقه من فرص عمل لشباب الضفة الذين يستفيد أغلبهم من الحركة التجارية النشطة بمدينة روصو الحدودية ، وبفعل موقعها الجيوستراتيجي الذي تختص به عن باقي ولايات الوطن
قرار حكومي بإغلاق الحدود الجوية والبرية بعد ظهور وباء كورونا جعل حركة العبارة التي استمر عقودا أمام حقيقة مرة هي تضاؤل حركيتها لأشهر وعي حالة غير تلك التي عهدها العاملون هناك طويلا
المختار ولد أبي (50 سنة) دأب على التجارة مع السنغاليين عند هذا المعبر منذ (15سنة) يبتاع منهم بضائعهم ويبيعهم من البضائع الموريتانية مما يدر عليه دخلا معتبرا قبل أن يتم منع الأجانب من دخول البلاد ، كل شيء تغير فجأة حسب قوله " علما بقرار الحكومة الذي جاء نتيجة للحالة الوبائية وكان لزاما علينا الامتثال له ، كان هناك بعض المخالفين إلا أن ذلك لم يكن جيدا ، بدا واضحا أننا سنتأثر اقتصاديا ، لقد كانت العبارة وحركتها مصدر عيشنا الوحيد ، عشنا أياما صعبة ، بلغ بنا الأمر أن صرنا نتبادل من على زوارق صغيرة ، لم يكن أمامنا حل غير ذلك ...
بعد أكثر من شهر بدأنا نتعود على ذلك لقد كانوا يسمحون للحركة التجارية فقط مع محدودية ذلك تراجعت أرباحنا كثيرا ، لم يعد بالإمكان تحمل ماكان يجري ، فلم يعد السنيغاليون يأتون إلينا بتلك الكثرة كما اعتدنا وتأثر دخلنا كثيرا في تلك المرحلة "
ليس التاجر المختار المختار وحده المتأثر هنا على هذا المعبر فهذا المختار السالم ولد المحجوب الذي فقد عمله بعد تراجع المبيعات على الضفة حيث كان يعمل بدكان لبيع المواد الغذائية بالجملة ، يتحدث المختار بحرقة عما عاشه خلال تلك الفترة بقوله :
" أبلغني رب العمل بالاستغناء عن خدماتي فلم يعد دخل المحل يغطي التكاليف التي من ضمنها راتبي الشهري ، لم يستغرق الأمر كثير بعد إعلان إغلاق المعابر الحدودية في وجه الأجانب ، لقد كان أكثر زبنائنا من السنغاليين ، وبدأت الأحوال تزداد صعوبة ، لم تكن هناك فرصة للمواصلة في ذلك العمل بعد 6 أشهر من عملي "
لم تكن عبارة روصو مجرد عبارة تحمل 80 طنا خلال رحلاتها الأربع أو الخمس اليومية بل كانت حركيتها مصدر عيش للكثيرين مداخيل معتبرة تعود بها على الخزية العامة للدولة ، لم نجد أرقاما دقيقة تحدد النسبة المئوية ، بيد أن المتخصص في الاقتصاد الكلي إمم ولد انفع يرى أنها "منشأة توفر مئات الوظائف معظمها غير مباشر ومن الطبيعي أن تكون ذات دخل كبير نسبيا "
مضيفا " الاقتصاد الموريتاني تأثر كثيرا بسبب جائحة كورونا خاصة في ما يتعلق بالقطاع الخدمي كالتجارة والنقل تحديدا كما تشير إلى ذلك التقارير الدولية ، وعبارة روصو منشأة ذات صابعة تجاري وصناعي تعمل منذ عقود ويرنكز مجال تدخلها في نقل البضائع والأشخاص ولاشك أن الاجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها من الطرفين الموريتاني والسنغالي أدت إلى توقف أنشطة مهمة تتعلق أساسا بتجارة المواشي والملابس والأجهزة بين الضفتين ضفْ إلى ذلك تعطل العمالة التي كانت تأتي من الضفة السنغالية وهي عمالة كانت تعمل بشكل يومي وعند انتهاء أوقات الدوام تعود للضفة السنغالية ، ومما عمق انعكاس الإجراءات على مستوى العبارة هو أن هذه العمالة هي عمالة غير مصنفة وعدغير مسجلة عند الجهات الحكومية وهو مايجعل الحكومة عاجزة عن الوصول إلى هذه العمالة لتقديم مساعدات إليها للتخفيف من أثر الجائحة نظرا لأنها غير مسجلة أصلا في الدورة الاقتصادية " ينتهي حديث ولد إنفع
هامش الربح الذي كان يجده أغلب العاملين على الضفة ممن يعيشون على حركية العبارة تضائل أو اضمحل كليا بعد التطبيق الصارم للإجراءات الإحترازية
بعد أشهر عاد المختار لنشاطه القديم لكن النشاط لم يعد كما كان ، بل زادت ديونه وتقلصت مداخيله مما جعله يحول مجال عمله إلى بيع العطور ومستلزمات الهواتف علها تمكن من تغطية الحاجيات
أزمات متعددة خلفتها أزمة جائحة كورونا في كل الأصعدة وعلى كافة المستويات وعلى الجانب الاقتصادي كان لها تأثير كبير يوصله اقتصاديون إلى تقلص 3% في بعض الدول ، كما هو الحال بموريتانيا التي يتوقع أن تشهد انتعاشا بمعدل 4% خلال الأعوام القادمة
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.
تقرير : عبد الله علي