افتتاحية الوئام : لم يعد المواطن يدري ما الذي تريده المعارضة تحديدا، وهل لديها أجندة إصلاح حقيقي تتقاطع فيها مع نظام رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وتختلف فيها معه، فتزكي هذا الفعل، وتنتقد ذلك، وترفض ذاك.
إن أي إنجاز تقدم عليه الحكومة، أو أي تصور تقدمه المعارضة، أو رؤية تصدر عن محلل.. كل ذلك يعتبر عملا بشريا خاضعا لسلطة الصواب والخطأ، ولا يمكن لأي من هؤلاء ادعاء العصمة أو التصرف بناء على وحي منزل عليه من السماء. ولذلك فما من صواب يصدر من أي طرف يجب أن يكون محل إشادة من الجميع، وما كان من خطأ فلا حرج في نقده ورفضه من طرف الكل.
لقد صادقت الحكومة على "مشروع قانون حماية الرموز" وقدمته للبرلمان بغرض المصادقة عليه وتحويله إلى قانون يحمي رموز الدولة من التلاعب في ظل الاستغلال المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وما صاحب انتشارها من فوضى باتت تتطلب ردعا سريعا للحفاظ على كيان البلد ومستقبله.
إن مشروع القانون، الذي تسعى السلطات العليا لتمريره عبر البرلمان ليصبح قانونا نافذا وقابلا للتطبيق، لا يعدو كونه مسعى جديا لحماية الرموز الوطنية، كالدين الإسلامي والقوات المسلحة والوحدة الترابية وما يمس شرف المواطنين، من تطاول البعض والنيل من الأعراض والحقوق، وهو ضرورة باتت ملحة في ظل تفشي ظاهرة النشر التي أصبحت متاحة للجميع، وعلى نطاق واسع.
فما الذي تخشاه المعارضة من المصادقة على مشروع القرار، بعد أن وافقت الأغلبية في الدورة البرلمانية الأخيرة على تأجيل البت فيه، وبعد أن حذفت الحكومة مادته المتعلقة بتصوير الشرطة أثناء القيام بمهامها، وبعد أن اتضح جليا أنه لا يمس الحريات العامة من قريب ولا من بعيد، وأنه لا يتضمن أي منع، من أي نوع كان لانتقاد تصرفات رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة وبقية مسؤولي الدولة فيما يتعلق بالشأن العام، الذي يعتبر هما مشتركا بين السلطة والمعارضة والمواطنين.
إن رفض نواب المعارضة المصادقة على مشروع القانون لا يمكن فهمه خارج سياق السعي لتكريس الفوضى، وتعريض السلم الأهلي للخطر، وترك رموز البلد عرضة للدوس تحت الأقدام، وهو ما لن تقبله السلطة الحاكمة، ولا أغلبيتها الداعمة، ولا الرأي العام المراقب والحكم بين فرقاء اللعبة السياسية في البلد.
فعلى المعارضة أن تحدد ميزانا أخلاقيا لمواقفها من النظام، فتضع بصمة التثمين على الإنجازات، وترفع راية الرفض لما تراه من خروقات، حتى يتبين الرأي العام سبيل إنصافها وإنصاف النظام في معركتهما من أجل الحكم، بدل الرفض الدائم والأحكام المسبقة على كل ما يصدر عن الحكومة من صالح وطالح، وهو ما يترك الانطباع بأن رفضها يأتي دائما من أجل الرفض.
وكالة الوئام الوطني للأنباء