موريتانيا والإمارات.. توأمان جمعهما التاريخ وباعدتهما الجغرافيا/ إسماعيل ولد الرباني*

الوئام الوطني : من نوادر العلاقات الدولية أن تمضي العلاقة بين بلدين في منحنى تصاعدي لا يعرف الهبوط، ولا حتى مراوحة المكان، مهما تطابقت وجهات النظر بين حكام بلد وآخر. 

لقد تجسد هذا النادر وتجذر في العلاقات الأخوية التي ظلت تربط موريتانيا بشقيقتها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيام الاتحاد العربي الوحيد الذي صمد في وجه الأعاصير منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي. 

إن صرح تلك العلاقات قائم على أساس صلب ومتين غرسه مؤسسا البلدين، الأستاذ المختار ولد داداه والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتعهده قادة الإمارات ورؤساء موريتانيا استصلاحا لأرضية التعاون، وسقيا لجذور المحبة، وحصادا لحبوب الألفة والتنسيق والتقارب.

غير أن ذلك المنحنى تضاعفت وتيرة تصاعده مع استلام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد السلطة، قبل أكثر من عامين، فكانت دولة الإمارات وجهته الأولى بعد التنصيب، ووصلت الرسالة قادة أبوظبي عبر البريد السريع والمضمون، فقرأوا ما بين سطورها من الوفاء والشكر والعرفان بالجميل، وردوا على التحية بمثلها، فتضاعف الاهتمام بموريتانيا، وتقاطرت الهبات، وتم تتويج كل ذلك بدعوة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني كضيف شرف على القمة العالمية للصناعة والتصنيع، التي استضافتها  دولة الإمارات على هامش معرض "اكسبو 2020 دبي".

لقد أولى رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وولي عهده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لموريتانيا كل الاهتمام والمحبة، وفتحا طرق التواصل والتعاون معها، ومنحا رئيسها كل ما يستحق من تقدير، وشعبها كل ما يحتاج من مساعدة وفي كل المجالات، والتي كان من ضمنها، مثالا لا حصرا، تمويل مستشفى الشيخ محمد بن زايد الميداني بالعاصمة نواكشوط، الذي دشنه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يوم 27 يوليو 2021، وقد تبرعت به دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بحضور السفير الإماراتي بنواكشوط حمد غانم حمد المهيري، وعدد من أعضاء الحكومة.

ويتكون المستشفى الذي يقع في أقصى منطقة تفرغ زينة شمال نواكشوط، من جناحين: يضم الأول منهما، 120 سريرا منها 24 سرير عناية مركزة، وقاعة استقبال كبيرة، و 30 غرفة حجز، و 6 غرف للكادر الطبي، وقاعتين للصيدلية وللمختبر، و 6 دورات مياه للمرضى، و 04 حمامات وغرف ملابس للكوادر الطبية، غرفتان للكهرباء، وبعض التجهيزات الطبية الضرورية للحجز والتكفل بمرضى كوفيد.

كما يضم هذا الجناح أنظمة التحكم في أبواب الممرات والكهرباء والماء والصرف الصحي وكشف الحرائق، و نظاما للغازات الطبية مزودا بشبكة توزيع مع غرفة خارجية لمعدات الغازات: شطف، هواء مضغوط، مع محابس الأكسجين، فضلاً عن مولدي كهرباء بقدرة 500 ك ف أ لضمان استمرار الكهرباء، و 3 خزانات مياه بسعة إجمالية تصل إلى 60 مترا مكعبا مع مضخة مياه.

أما الجناح الثاني الذي يتربع على مساحة 4600 متر مربع، فيضم 100 سرير طبي، وقاعتين للاستقبال والإدارة، وقاعة فحص و 10 قاعات للحجز، وكذا قاعتين للصيدلية، وللمختبر، ودورات مياه للمرضى، وحمامات وغرف ملابس للكوادر الطبية.

إضافة إلى أنظمة الكهرباء والتكييف، خزانات للماء والصرف الصحي، ومولد كهربائي بقدرة 1000 ك ف أ يغطي كافة أجزاء المستشفى المتنقل، مع خزان وقود بسعة 20 م3، وخزانات مياه بسعة إجمالية 30 متر مكعب مع مضخات مياه وصرف.

 هذا فضلا عن الفرش الطبي والمكتبي للمبنى (الأسرة، الطاولات، الكراسي، الأغطية، المخدات ...إلخ) مع طفايات الحريق، والتجهيزات الطبية الضرورية للحجز والتكفل بمرضى كوفيد19.

ولم يقتصر وقوف دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب الشعب الموريتاني في حربه ضد فيروس كورونا المستجد، على إنشاء وتجهيز المستشفى المذكور، بل إنها بادرت بتزويد وزارة الصحة الموريتانية بدفعات من اللقاحات المضادة للفيروس المتجدد، وهو ما ساعد في التصدي لثلاث موجات من كوفيد-19، ساهمت اللقاحات المقدمة من قبل أبوظبي على تقليل الخسائر البشرية الناجمة عنها. 

وخلال شهر رمضان الأخير، أرسلت دولة الإمارات طائرة مساعدات تحتوي على 49 طناً من المواد الغذائية إلى موريتانيا، وذلك ضمن المبادرات الإنسانية التي تطلقها أبوظبي خلال الشهر الكريم.

مساعدات وفرت الاحتياجات لشريحة من السكان التي تعاني من أوضاع إنسانية صعبة، نتيجة الظروف التي فرضتها تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".

كل هذا فضلا عن التدخلات العديدة لدولة الإمارات لمساعدة الشعب الموريتاني عن طريق الهبات والقروض الميسرة والمشاريع التنموية الهامة.

 

*- المدير الناشر لوكالة الوئام الوطني للأنباء

 

أربعاء, 24/11/2021 - 11:05