أربع ركائز من إسمنت الإصلاح أقامها نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لتكون دعامة قاعدية لصرح موريتانيا الحديثة. وتجسدت تلك الركائز في "دولة القانون"، و"تطوير الاقتصاد"، و"تقليص الفوارق الاجتماعية"، و"التشاور الوطني".
ليس لنا إلا أن نلقي نظرة خاطفة على هذه الركائز لنرى كم أننا مقبلون فعلا على نمط جديد من الحكامة القائمة على الجدية والإنصاف والإخلاص، بعيدا عن دندنات الحملات الإعلامية الغوغائية التي مزقت الآذان على مدى العقود الفارطة.
فعلى مستوى دولة القانون، لم تعد السلطة التنفيذية تتدخل في الشأن القضائي، وأصبحت الملفات، حتى الحساسة منها، تعرض أمام المحاكم دونما حرج، مثل ما رأينا مؤخرا بشأن حالة يشتبه في أنها استرقاقية.
وتعزيزا لمفهوم دولة القانون، صادقت الجمعية الوطنية على قانون الإخطار الذي يلغي الترخيص المسبق للجمعيات والروابط وفق قانون جائر ظل يحكم البلاد منذ 1964. وجاء هذا القانون رغبة من نظام حكمنا الحالي في التماشي مع روح الدستور الموريتاني والانسجام مع حرية النشاط الجمعوي وحرية التعبير الممارسة من خلال منظمات المجتمع المدني.
وتأكيدا لمضي النظام الحالي في إتمام بناء دولة القانون، توقفت عمليات التنصت على مكالمات المواطنين، وتتبع تفاصيل حياتهم الخاصة، وابتزازهم بالصور والمكالمات كما كان سائدا قبل سنوات قليلة.
إننا نعيش اليوم في ظل دولة قانون لا تشوبها شوائب الدعايات الرنانة وأكاذيب الأبواق المأجورة.
وعلى مستوى تطوير الاقتصاد، كلنا يتذكر يوم أعلن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عن إطلاق برنامج اقتصادي جديد يشمل البنى التحتية والقطاعات الإنتاجية ودعم فرص التشغيل، بتمويل ذاتي يربو غلافه الإجمالي على 240 مليار أوقية قديمة، وذلك بالموازاة مع ما يجري تنفيذه حاليا من مشاريع على مختلف الصعد. وقد ركز هذا البرنامج الطموح على تطوير البنى التحتية الداعمة للنمو، وتعزيز قدرات القطاعات الاجتماعية، ودعم الطلب، وترقية الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي، ودعم القطاع الخاص، ومكافحة التصحر ودعم فرص التشغيل. دون أن تنسينا التدوينات المسيّسة أن الوكالة الوطنية لترقية الاستثمارات تمكنت من جلب استثمارات خصوصية للاقتصاد الوطني في مجالي الصناعة الزراعية والتجارة، بلغت قيمتها 123 مليار أوقية قديمة ما مكن من خلق قرابة 11 ألف فرصة عمل، منها 3300 فرصة دائمة و7600 غير دائمة. كما وقعت الحكومة الموريتانية وبرنامج الأمم المتحدة للإنماء اتفاقية لتمويل مشروع دعم النمو الشامل والمستديم، بقيمة مالية تبلغ ست مليارات وثمانين مليون أوقية قديمة بهدف مكافحة الفقر وتحقيق تنمية مستدامة والحد من البطالة على مدى سنتين. ينضاف إلى ذلك أن الحكومة أعلنت عن خطة للإقلاع الاقتصادي تنبني على إصلاحات عميقة من أجل إنعاش الاقتصاد عبر التركيز على جلب الاستثمارات في القطاع الخاص لتجاوز تداعيات جائحة كورونا. وقد عرضت الحكومة الفرص المتاحة، سواء في معرض «إكسبو دبي 2020»، أو في معارض دولية أخرى، أو في ندوات ونقاشات دولية ذات طابع اقتصادي.
وعلى مستوى تقليص الفوارق الاجتماعية، ركز نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على الفئات الهشة والمناطق الفقيرة، ووجه إليها تمويلات وبرامج وكالة تآزر، ووزع الأموال نقدا، وقدم المواد الغذائية مجانا، وبنى المدارس لأجلها، وشق الطرق في محيطها. كل ذلك لكي يتمكن المعدمون من الالتحاق بركب إخوتهم من الميسورين فتضيق الهوة وتتقلص الفوارق في أفق قريب.
أما على مستوى التشاور الوطني، فقد قال الرئيس محمد ولد الغزواني، في خطابه بمناسبة تخليد عيد الاستقلال، إن "التحضير الجاري لإطلاق تشاور وطني مؤشر على أن سُنة الانفتاح والتداول المسؤول بدأت تترسخ تدريجيا في البلد كنهج أساس للتعاطي مع الشأن العام". مشيرا إلى أن الحوار المرتقب "لن يحظر فيه أي موضوع ولن يكون فيه إقصاء لأحد". وقال الرئيس، في نفس الخطاب، إن البلد يعيش "مناخا سياسيا هادئا ومسؤولا، حرصنا على توفيره منذ اللحظات الأولى، بالانفتاح على أطياف مشهدنا السياسي والمجتمعي كافة، وعلى التداول معها حول كبريات القضايا الوطنية".
إنه الانفتاح أو لا يكون: سياسيون يجدون من يناقشهم ويشاورهم ويأخذ برأيهم، وحقوقيون يجدون من يستمع إليهم بهدوء ويأخذ مقترحاتهم بعين الاعتبار. إنها بحق سابقة في مجال تعاطي الأنظمة مع الطيف الوطني؛ فالتشاور الوطني، في الحقيقة، انطلق يوم تم تنصيب المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني رئيسا لموريتانيا إذ التقى كل الأطراف مهما كانت مواقفها، ومهما تطرفت آراؤها، ومهما تعنتت مطالبها، ومهما تعددت ألوانها.
لقد وقف صرحُ موريتانيا على قاعدة متينة؛ لأن نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بناه على ركائز "دولة القانون"، و"تطوير الاقتصاد"، و"تقليص الفوارق الاجتماعية"، و"التشاور الوطني". وإنها، لعمري، ركائز صلبة صالحة للاستمرار.
وكالة الوئام الوطني للأنباء