افتتاحية الوئام/ خطاب الرئيس وشروح الوزير

تميز خطاب رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، في مدينة ودان، بمناسبة افتتاح مهرجان "مدائن التراث"، بفكرتين تتعلق أولاهما بالاحتقان الفئوي، وتتعلق الثانية بتعهداته الخاصة بالتظاهرة. بينما ركز وزير الثقافة، السيد المختار ولد داهي، في خطابه، على شرح الفكرة الثانية من خطاب الرئيس والمتمثلة في التعهدات.

 

رئيس الجمهورية، الذي اعتبر ‏‏"مدينة وادان كنزا تراثيا نادر النظير"، قال، في معرض رسالته غير المسبوقة بخصوص تعاطي رؤساء موريتانيا مع هموم الفئات والشرائح المطحونة تاريخيا، ان ودان استطاعت "أن تكون مركزا اقتصاديا نشطا، وجسرا واصلا شمال إفريقيا بجنوب الصحراء الكبرى، ومصدر إشعاع حضاري واسع الانتشار بفضل عبقرية علمائها، وكذلك بفضل القدرات الإبداعية الفائقة لأبنائها القائمين على مختلف الخدمات: من صناعة تقليدية وتنمية حيوانية أو زراعية وتشييد عمراني". واصفا هذه الفئات التي، لم يتناولها أي رئيس سابق في خطاباته، بأنها "هي التي مكنت من قهر الظروف الطبيعية القاسية، ولولا جهودها الاسطورية ما تشكلت المدينة أصلا وما استطاعت البقاء والصمود في وجه عاديات الزمن".

 

ثم خلص رئيس الجمهورية إلى مربط الفرس في رسالته حول الاحتقان الفئوي، معبرا عن مرارة الحيف تجاه الفئات المغبونة، قائلا: "وإن مما يحز في نفسي كثيرا ما تعرضت له هذه الفئات في مجتمعنا تاريخيا من ظلم ونظرة سلبية مع أنها، في ميزان القياس السليم، ينبغي أن تكون على رأس الهرم الاجتماعي، فهي في طليعة بناة الحضارة والعمران وهي عماد المدنية والابتكار والإنتاج. ولقد آن الأوان أن نطهّر موروثنا الثقافي من رواسب ذلك الظلم الشنيع، وأن نتخلص نهائيا من تلك الاحكام المسبقة والصور النمطية التي تناقض الحقيقة، وتصادم قواعد الشرع والقانون، وتضعف اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية، وتعيق تطور العقليات وفق ما تقتضيه مفاهيم الدولة والقانون والمواطنة". مطالبا بـ"تجاوز رواسب هذا الظلم في موروثنا الثقافي وتطهير الخطاب والمسلكيات من تلك الاحكام المسبقة والصور النمطية الزائفة".

 

وبالنسبة لكل المحللين، كانت تلك، أول ردة فعل رسمية على النظرة الدونية والمسلكيات الظالمة التي تعاني منها الشرائح في موريتانيا.

 

أما الفكرة الثانية في خطاب رئيس الجمهورية فتمثلت في تعهداته بشأن المهرجان الخاص بالمدن التاريخية والأثرية. موضحا أن " هدف هذا المهرجان هو الاحتفاء بتراثنا وترقية مدائنه ودعمها بالمشاريع التنموية تثبيتا للساكنة في مواطنها وتحفيزا للصناعات الثقافية والتراثية، وقد كنت التزمت في مدينة شنقيط وكذلك في مدينة وادان بالعمل على ألا يتحول هذا المهرجان إلى هدف في حد ذاته ينتهي أثره بانتهاء فعالياته. وعملا بمقتضى هذا الالتزام أجرت الحكومة مراجعة شاملة لأساليب وأهداف المهرجان وخصصت، تحضيرا للنسخة الحالية منه، أكثر من ثلاثة مليارات أوقية قديمة لتمويل مشاريع تنموية متنوعة تساهم في تحسين النفاذ إلى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وتعليم وفي فك العزلة ودعم التنمية الزراعية والحيوانية".

 

وقد جاء خطاب وزير الثقافة، السيد المختار ولد داهي، ليكون شرحا متكاملا وتفصيلا دقيقا للفكرة الثانية من خطاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني. وفي هذا الصدد، أكد وزير الثقافة أنه "تمت إضافة مكونة تنموية لمهرجان مدائن التراث شملت تشييد مرافق تعليمية، وتوفير المياه الصالحة للشرب، وتعزيز شبكة الكهرباء، وشبكة الاتصالات بتغطية 100% لكافة الساكنة"، وأنه "تم بناء سدين مائيين، مع حفر العديد من الآبار الارتوازية المعمقة بوادي المدينة، وتسييجه، وإمداده بشبكة ري، إلى جانب تهيئته، واستصلاح واديين جديدين في المدينة قابلين لزراعة 14 ألف نخلة، وتشييد فضاء ثقافي وشبابي يضم ملعبا رياضيا بنجيلة، ودارا للثقافة، ومرافق أخرى متخصصة".

 

وكشف الوزير، في تقريظه لهذا الجانب من خطاب الرئيس، أن "هذه النسخة تتضمن مكونة علمية، تحوي العديد من الندوات والمحاضرات عن التاريخ والآثار والمدن القديمة، يقدمها 24 محاضرا ومعقبا، إضافة إلى تنظيم وزارة الخارجية لندوة تحت عنوان "الإسلام والآخر" مع سلسلة من الأماسي الثقافية والأدبية، وبكل لغاتنا الوطنية، ينعشها 21 شاعرا وأكثر من 100 فنان والعديد من الفرق المديحية والمسرحية".

 

وإذا كان خطاب رئيس الجمهورية اهتم، في فقرة منه، بما تعهد به في مثل هذه المهرجانات، وما أضافته حكومته لتحسين مردوديتها على الساكنة، وإذا كان وزير الثقافة قد تناول هذه النقطة بالذات بالشرح، مبرزا التحسينات التي طرأت على الجوانب التنموية والشكلية للمهرجان، فإن كلمة رئيس الجمهورية مثلت، بحق، قفزة حقيقية في التعاطي الإيجابي مع هموم الفئات التي تعاني من النظرة النمطية التقليدية، فأصرّ، في سابقة لم تعرفها كلمات الرؤساء الموريتانيين، على أن يعيد الاعتبار للفئات المهمشة والهشة والمغبونة، ناصحا بتجاوز القوالب الجامدة والعقليات السحيقة والمسلكيات الفئوية والقبلية التي تعتبر هذه الفئات أول ضحاياها.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

سبت, 11/12/2021 - 08:33