خطبة الجمعة فى قرية برينه / العمدة محمد سعيد اجدود

حضرت اليوم صلاة الجمعة في المسجد العتيق بقرية برينه المحروسة حيث صلّى بنا العلاَّمة الخطيب : محمد ولد بتّار ولد الطلبة ، الذي لبَّى مشكوراً طلب وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي بتوحيد خطبة الجمعة الثاني عشر من جمادى الأولى حول "الموقف الشرعي من التفاخر بالأنساب والتنابز بالألقاب "  لقد كانت خُطبة العلامّة المُفتي ، مُقتضبة وجامعة ، ومانعة شاملة ، وعلى جميع الموريتانيين الامتثال والسمع والطاعة وجوبًا ، أحرى إن كان الآمر ولِيُّ الأمر ، والمُفتي علاَّمة الدهر ، فجزاهما الله خيراً عنّا وعن المسلمين ، وأبقاهُما فخرا ، وذُخراً لنا ، وماذلك على الله بعزيز  …

الحمد لله 
إِن الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من سيئات أعمالنا ومن شرور أنفسنا من يهده الله ُ فلا مُضلَّ له ومن يُضلل فلا هاديَّ له ، وأشهد أن لاإله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله …
اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد …

أما بعد ، أيها الناس إن الله تبارك وتعالى يقول 
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلنَاكُم شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُم إِنَّ اللّهَ عَليمٌ خَبِيرٌ "

وعن أبي أُمامة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : 
إنَّ الله قد أذهب فخر أهل الجاهلية وتكبرها  بالآباء كلكم لآدم وحواء كطف الصاع بالصاع ، وإنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم ، 
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه قال : من سرَّه أن يكون أكرم النَّاس فليَتق الله تعالى ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الله عز وجل يقول يوم القيامة : يا أيها الناس إني جعلت نسبًا وجعلتم نسبا فجعلت أكرمكم أتقاكم ، وأبيتم إلا  ان تقولوا فلان بن فلان اكرم من فلان ابن فلان ، وفلان بن فلان اكرم من فلان بن فلان ، وانا اليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم . أين المتقون ؟ وقال المفسرون عند قوله سبحانه وتعالى  : " يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا ربَّكُم واَخْشَوْا يَوْمًا لاَيَجزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلاَمَولوُدٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شيْئا إنَّ وَعْدَ اللهِِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الدُّنيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِالله الغَرُورُ "
إنَّ هذه الآية تدل على أنه لايستحق احدٌ عند الله فضيلةً بشرف نسبه ولا بشرف ابيه ، لأنه لم يخص أحدا عن أحد ؛ فالآية عامة ، وبذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
من أبطأ به عمله لم يُسرع به نسبه …

وقال صلى الله عليه وسلم يابني عبد المطلب لايأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بانسابكم ، فأقول إنّي لا أُغني عنكم من الله شيئا .

وفي قوله سبحانه وتعالى   " وَإذِ ابْتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِيَ الظَّالِمِينَ "
دليل على أنه لا يستحق أحد فضلا بشرف نسب أبيه ولا يستحق ولاية كانت لأبيه إلا بتقوى الله  ، فقد اخبر الله تبارك وتعالى خليله إبراهيم لما سأله الإمامة لذريته بأن في ذريته الظلمة والعُصاة وأن عهد الله لاينال الظالمين
 
" والعَصْرِإنَّ الإنسَانَ  لَفِى خُسْرٍ إِلَّا  الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"

وفي الخطبة الثانيّة : 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأُميِّ الأمين وعلى آله وصحبه وتابعيه ، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله …
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد صلاة تفتح لنا بها ابواب التيسير وتُغلق عنَّا بها ابواب الشرِّ والتعسير أنت وليُّنا ومولانا فنعم المولى ونعم النصير …
أيها الناس إياكم والتعصب بالقبائل فإنها دعوى الجاهلية التي حذَر منها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال صلى الله عليه وسلم : من دعى بدعوى الجاهليّة فليس مِنَّا وليتبوأ مقعده من النَّار ، وفي حديث الرجلين اللذين اقتتَلا في بعض غزوات النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال احدهما يا لَلأنصار ، وقال الآخر : يا لَلمهاجرين ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : أدعوى الجاهليّة ؟! ، دعوها فإنها مُنْتِنَة . أي قبيحة رديئة .
وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التّعصب بالقبيلة لأنه شأن الجاهلية يتناصفون بالعصبة ، والإسلام جاء بالحق والعدل ، 
وعن أبي ذر رضي الله عنه ساببت رجلا فعيرته بأمه ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : أَعيَّرته بأمه ( إنَّكَ أمرؤٌ فيكَ جاهليّة )
وأخيرا ختم خطبته الجامعة بقصة أم المؤمنين زينب بنت جحش مع أم المؤمنين صفية بنت  حُيَيْ بن أخطبَ حيث ظلع بعير صفية وكان مع زينب فضل ظهر فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعطي صفية من فضل ظهرها ، فقالت زينب : أنا أعطي هذه اليهودية ؟!  فغضب النبي صلى الله عليه وسلم على زينب وهجرها شهرين كاملين ، مع أن لها  عذرا بالغَيْرَة التي كتب الله على النساء  !!!

العبرة أن يُعلمنا التعامل الصحيح بيننا ، وأن لا فَضلَ لِعربي على عَجمي ولا فضلَ لأبيض على أسود ، إلاَّ بالتقوى… 

• وفي الركعة الأولى قرأ الفاتحة وسورة الشمس ، وفي الركعة الثانية قرأ الفاتحة وسورة الضحى …

هذا ما استحضرته ، بالإضافة إلى النظام والهدوء والسكينة داخل المسجد الذي لم نعهده منذ زمن طويل  بسبب إقبال الأطفال الصغار على صلاة الجمعة وحدها ، دون تقديم النصائح والإرشادات لهم من طرف ذويهم ، ودون تعليمهم كيفية الطهارة وآداب المساجد ، ومن هنا أتقدم بجزيل الشكر وكامل التقدير والعرفان للأستاذين محمد الأمين ولد احمد بديّ واحمدُ ولد فتىً على ماعَانَا وماقَدَّما من أجل الحِفاظ على الهُدوء والسكينة ، لتَمكين المُصلّين من الطمأنينة داخل المسجد ، فعلى الآباء والوكلاء العِلم والإطلَّاع  …
من صفحة عمدة برينه : سعيد اجدود

سبت, 18/12/2021 - 07:11