الانفتاح الغزواني إن صح التعبير أشد على حزب تواصل من تقوقع أسلافه وخاصة ممن ضيقوا على الحزب وضنوا عليه بمجرد حقه في الممارسة السياسية تحت اسم حزب إسلامي، رأينا حينها أصناف النضال الممزوجة بهمم الرجال، وقتها تعالت حناجر الشباب ملبيين النداء في كل وقفة نضالية، كان في النضال التواصلي لا فرق بين ذكر وأنثى إلا في الصفات الجبلية، قطعوا أشواطا في الممارسة السياسية الحزبية مقارنة بمحيط حزبي يمكن وصف أغلبه بأحزاب ذاتية ذات رؤية محدودة.
ما فعله الانفتاح الغزواني بأهل تواصل لم تفعله سجون الأمن ولا سياطه، لم يفعله الترغيب والترهيب، بل كانت تلك الأساليب معينا ينتشي منه التواصلي ويقوى بنيانه، قبل اكتشاف الخطة الأخيرة ليكتمل المشهد على مقاعد منصة مهرجان شنقيط.
"الشوى" الذي وعد به سيادة الرئيس شعبه المكلوم رغم أنه بدى لازما لا متعدي، و لكنه فعل فعلته في السادة والقادة التواصليين فخرجوا من الحزب فرادى وجماعات مصرحين وملوحين، وبذلك ضاعت على أسوار القصر الرئاسي أحلام الشباب وسقطت القدوات التي بنت ذاتها من خلال الليالي التربوية، والميدان، والتضحية .
وكأن لسان حال الشباب يقول:
أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولى فسحة الأمل.
هنا يجدر بنا التساؤل بناء على الفكر السياسي التواصلي والسؤال لمن ساروا سير القهقرى هل شرط البقاء في الحزب لديكم مربوط بالقهر السياسي؟
وهل تظنون أن الشعب الموريتاني و شباب تواصل خاصة سيثقون في مبرراتكم ؟ أم أن اللعبة رياضية بامتياز وفضلتم استقلال الانتقالات الشتوية والاحتراف من جديد في نادي قهر الشعب الموريتاني المتصدر للبطولة الوطنية قبل فوات الأوان.؟
في ظل تردي الخدمات على مستوى الوطن بسب أزمات كونية و أخرى ذاتية نابعة من الفساد وسوء التسيير، كان الشباب الموريتاني ينتظر من قادة تواصلين وغير تواصلين مزيدا من النضال والتوجيه والضغط على الحكومة حتى ترسوا سفينة وطن عائم في بحر من الفوضى والفساد يبيع ثرواته بثمن بخس ويتسول باسم الشعب الموريتاني، ما هكذا تورد الإبل يا سعد، إنها حقا أدوار لم تكتمل وهو الوصف الأدق للسياسية الموريتانية ولاعبوها.
وهنا استحضر مع الشاعر العراقي أحمد مطر معضلة الأحزاب لدينا فهي جزء من المشكل لا جزء من الحل.
أكثر الأشياء في بلدتنا
الأحـزابُ
والفَقْـرُ
وحالاتُ الطّـلاقِ.
عِنـدَنا عشرَةُ أحـزابٍ ونِصفُ الحِزبِ
في كُلِّ زُقــاقِ!
كُلُّهـا يسعـى إلى نبْـذِ الشِّقاقِ!
كُلّها يَنشَقُّ في السّاعـةِ شَقّينِ
ويَنشَـقُّ على الشَّقّينِ شَـقَّانِ
وَيَنشقّانِ عن شَقّيهِما ..
من أجـلِ تحقيـقِ الوِفـاقِ!
جَمَـراتٌ تَتهـاوى شَـرَراً
والبَـرْدُ بـاقِ
ثُمّ لا يبقـى لها
إلاّ رمـادُ الاحتراق!
**
لَـمْ يَعُـدْ عنـدي رَفيـقٌ
رَغْـمَ فاتنة البلـدَةَ اكتَظّتْ
بآلافِ الرّفـاقِ!
ولِـذا شَكّلتُ من نَفسـيَ حِزبـاً
...
نعم شكلت من نفسي حزبا... وهو لسان حال كل الشباب الموريتاني الذين فقدوا ثقتهم في الساحة السياسية وتبخرت أحلامهم، و على طريقة أحمد مطر شكلت من نفسي حزبا و اعتزلت السياسية يوم أكل الثور الأبيض بقيت أناضل أصلح أتلمس الطريق لعلي أجد رفقة تساهم معي في وضع حجر أساس تنطلق منه الأجيال الصاعدة، فإذا بي أجد هروب القادة السياسيين فكبرت أربعا على الوفاء والانتماء لكن في ظل المتحورات لن نتفاجأ من أي تحول في عصرنا الحالي.
ومن هنا أدعوا شباب تواصل وكل حزب سياسي موريتاني لديه رؤية واضحة، بالتمسك بالثوابت السياسية وبناء مؤسسات حزبية لا يضرها من ضل إذا اهتدت، وأن يناضلوا نضالا حضاريا قوامه الكلمة والنقد والإصرار على تصحيح المسار فأنتم الأكثر تميزا وثقافة من بين الشباب العربي لكن وضعتم بين فكي كماشة تحتاجون التحرر منها من أجل أن تصبحوا على وطن أجمل.
ختاما أتساءل إلى متى سنبقى نهاجر عن وطن يسكننا ونمارس فعل الهجرة حتى من حزب إلى حزب وبدون قواسم مشتركة؟
*- صحفي موريتاني مقيم بالمغرب