قال وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، السبت، إن توفير فرص عمل للشباب يعتبر من أكبر التحديات في الساحل الإفريقي لمواجهات الأزمات الأمنية بالمنطقة.
كلام ولد الشيخ أحمد جاء في حديث للأناضول، على هامش أعمال النسخة الثانية من "منتدى أنطاليا الدبلوماسي"، المنعقد في مدينة أنطاليا غرب تركيا، ويستمر بين 11 ـ 13 مارس/ آذار الجاري.
** كثافة سكانية
وأضاف ولد الشيخ أحمد: "خلق فرص عمل للشباب أظن أنها من الأشياء الأساسية جدا"، مشيرا إلى أن موريتانيا "تطور مشروعا مهما في الهيدروجين الأخضر، وهو مشروع مستقبلي سيكون من أكبر المشاريع لأن لدينا شمسا ورياحا ومياها والمساحة الكبيرة وهذا كل ما يتطلبه مشروع ضخم مثل هذا".
والهيدروجين الأخضر يعد خيارا استراتيجيا في موريتانيا لتطوير الطاقة وتشجيع الاستثمار الخاص والشراكة.
وأوضح أن منطقة الساحل "من مناطق العالم التي يمثل فيها الشباب ما تحت 30 سنة نحو 70 في المئة من السكان"، لافتا إلى أن "النمو السكاني السنوي هو مشكلة كبرى".
وأضاف أن "الخطورة تأتي من هذا النمو الديموغرافي الذي لا يأتي متماشيا مع الفرص في الميدان التنموي وفرص العمل للشباب خاصة".
وشدد ولد الشيخ أحمد على أنه "يجب على المجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الأوروبي الذي هو مجاور لدول الساحل دعمها".
وأردف: "يمكن لدول مثل تركيا والقطاع الخاص التركي أن يكون لها دور أكبر في هذه المنطقة الواعدة من ناحية الموارد الطبيعية والبشرية، ولا يمكن أن يحصل هذا التغير إلا بدعم دولي قوي".
ومجموعة دول الساحل الإفريقي تضم (موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والنيجر) وهي تجمع إقليمي للتنسيق والتعاون ومواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، وجذب تمويلات واستقطاب استثمار أجنبي لتحقيق التنمية وتوفير فرص عمل وإقامة البنى التحتية اللازمة للنهوض بالدول الأعضاء، وفق ما يعرّف التكتل نفسه.
** فرص العمل والهجرة
وبيّن الوزير أن "قضية الهجرة عبر البحار التي بدأت تبتلع كثيرا من الشباب، والهجرة من المنطقة الغربية، كانت متعارفا أنها تتم عبر ليبيا وواجهته أوروبا بقوة وجاء طريق جديد عبر البحر الأطلسي وهو ما أدى لتفاقم كبير في قضية الهجرة للشباب".
وأضاف ولد الشيخ أحمد: "نطمح لمشاريع أخرى من مثل مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى فيها فرص كبيرة، ولدينا موارد بشرية كبيرة تتطلب الاستثمار من قبل دول كتركيا وغيرها في القطاع الخاص لخلق فرص عمل".
وتابع: "أعتقد أن التحدي الكبير لدينا اليوم هو خلق فرص عمل للشباب من أجل تجنب الأزمات المحلية بما فيها الأزمة الأمنية".
** التغير المناخي
وأشاد الوزير الموريتاني "بوضع موضوع التغير المناخي في أجندة مؤتمر أنطاليا الدبلوماسي على البلدان، لأن موضوع التغيرات المناخية أصبح اليوم مهم جدا ونحن في دول الساحل نعاني من هذا".
وأضاف: "نظن أن موضوع التغير المناخي من الأسباب الأساسية التي أدت لعدم الأمن في هذه البلدان لأن قضية المياه وقضية الزراعة ومربي الحيوان يبحثون عن مراعي كلها أسباب تؤدي لخلافات والحروب التي نراها هناك".
ولفت ولد الشيخ أحمد، إلى أن "كثيرين يظنون أن ما يحصل في منطقة الساحل يتعلق بالدين لكن لا علاقة للإسلام في الخلافات".
وأوضح أن ما يحث "إما أنه يأتي من جماعات متطرفة ولا علاقة لها بالإسلام وكانت تقوم ببيع المخدرات والأسلحة، أو بعض الخلافات تبدأ في الأصل بالبحث عن المياه ومراعي الحيوان".
وأردف "المناخ هو جزء كبير من الخلافات، ومن الأساسي أن نرجع إلى الأصول الحقيقية لهذا الأمور، وهي تتطلب استثمارات كبرى، وما تقوم به موريتانيا على سبيل المثال هو المشروع الكبير السور الأخضر العظيم (غريت غرين وول) وهو جسر كبير يمتد إلى إريتريا".
وشرح ولد الشيخ أحمد ذلك بالقول، إن هذه "الدول (الإفريقية) تريد أن يكون لها قدرة على تغير المناخ وزرع الأشجار، وخلق مناخ يتماشى مع التحديات التي تواجهها".
و"السور الأخضر العظيم" مبادرة أطلقها الاتحاد الإفريقي عام 2007 للقضاء على التصحر والفقر والجوع، في منطقة الساحل الإفريقي التي تعد إحدى أكثر الأماكن فقرا في العالم.
** الطاقة البديلة
وحول مواضيع الطاقة البديلة قال ولد الشيخ أحمد: "موريتانيا لديها إنتاج في الغاز وحصلنا على ثروة غازية قرب الشواطئ الموريتانية بالقرب من حدود السنغال الشقيقة، وسيبدأ الاستثمار والإنتاج في هذا المشروع عام 2023 وسيكون له تداعيات كبيرة على الدولتين".
وأضاف: "الطاقة الجديدة والنظيفة بما فيها الهيدروجين والشمس والرياح تتطلب استثمارات حقيقية والنتيجة على المدى الطويل ستكون مهمة، وما يحصل في العالم بأسعار الغاز والبترول (بالارتفاع) يدل على أن المستقبل سيكون خاصة من ناحية التغيرات المناخية للطاقات المتجددة".
وأعرب ولد الشيخ أحمد، عن أمله "من شركائنا في الدول الغنية وكذلك شركائنا وأشقائنا في تركيا أن تحصل استثمارات"، مشيرا إلى أنه "تحدث اليوم مع شركة تركية (لم يسمها) بإمكانها أن تأتي بنهاية الشهر إلى موريتانيا".
ولفت إلى أن "هذا كله موضوع واعد ومهم جدا وفيه إرادة سياسية في اللقاء الذي حصل بين الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني والرئيس (رجب طيب) أردوغان في الاجتماع التركي الإفريقي (بإسطنبول في ديسمبر/ كانون الأول الماضي) وكانت هناك إرادة سياسية حقيقية قوية لفعيل هذا التعاون".
وختم ولد الشيخ أحمد بالقول: "هناك آفاق واعدة في العلاقة التركية الموريتانية، التبادل التجاري، مشيرا إلى أنه "منذ 2019 إلى الآن تضاعف 3 مرات".
وأضاف: "هناك آفاق أخرى مثل الغاز والحديد والسمك، ولدينا مؤسسة وقف معارف للتعليم ونتمنى أن يكون هناك تبادل تجاري وفي مجال الصحة بأن تفتح المستشفيات التركية أبوابها لكثير من المواطنين الموريتانيين ونتمنى أن يتطور ذلك".