افتتاحية الوئام الوطني : حاول المؤججون دفع الرئيس الموريتاني إلى القيام بردة فعل عنيفة تجاه دولة مجاورة تسعى، بكل الوسائل، إلى بناء سلام مستديم مع بلادنا. لكنه ظل يسيّر ملف مذبحة "ربينة العطاي"، رغم فظاعته، بحكمة كبيرة وبمراعاة رزينة للمصالح الاستراتيجية للشعب الموريتاني بعيدا عن التهويل والتشنج. صحيح أن العمليات الإجرامية ضد الموريتانيين تضاعفت في مالي خلال الأعوام المنصرمة، لكن الرئيس الموريتاني كان أدرى الناس بأن وسط وشمال مالي تحكمه الأعراق والقبائل والمنظمات الإرهابية والمهربون والعصابات الإجرامية وحتى الصعاليك، وأن الدولة المالية لا تملك أية سيادة هناك. وبالتالي كان عليه أن يحتاط لموريتانيا كي لا تقع في خطأ تاريخي بمعاقبة حكومة جارة على أفعال شنيعة لا تبرهن على شيء أكثر من عدم سيطرتها على الوضع وضعفها في حماية أراضيها وضبط تصرفات مواطنيها وجنودها.
كان الرئيس الموريتاني عارفا بأن 80% من الماشية الموريتانية ترعى مدة ثمانية أشهر من السنة على الأراضي المالية، وأن 90% من تجار الحوضين إما في مالي أو يعبرون من مالي، وأن وشائج التداخل الصوفي أيضا لا تقل أهمية بين الشعبين. لذلك قرر تسيير الملف بحكمة مشوبة بكثير من الصرامة، إذ رفض استقبال الوفد المالي كتعبير عن الغضب الرسمي، وفرض على الماليين، عبر مفاوضين موريتانيين أكفاء، أن يشكلوا مع الجانب الموريتاني لجنة تحقيق مشتركة يكون تحديد هوية الجناة واستجلابهم أول أهدافها، وأن تقبل مالي بقوات عسكرية موريتانية على أراضيها لحماية الموريتانيين، وأن يشارك الجيش الموريتاني في دوريات عسكرية مشتركة على الحدود وداخل الأراضي المالية، وأن يتم إنشاء مركز أمني واستخباراتي لتبادل المعلومات وتنسيق التدخل.
هذه النقاط التي حصل عليها الوفد الموريتاني المفاوض، تعد مكسبا دبلوماسيا كبيرا يدخل ضمن سياسات الحكمة والصرامة والتروي والموضوعية التي ينتهجها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
وكالة الوئام الوطني للأنباء