هل هي نهاية مرحلة وبداية أخرى؟ هو السؤال الرئيس الذي يطرح اليوم حول مستقبل مسيرة النجمين ميسي الذي يلعب لباريس سان جرمان وكريستيانو رونالدو مهاجم مانشستر يونايتد. اسمان كبيران تألقا في المنافسات القارية، لكن غابا عنها لعامين متوالين. خروج النادي الباريسي من ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد، وانهيار مانشستر أمام أتلتيكو مدريد في نفس الدور، يدعو للتساؤل حول مستقبل الرجلين. وأكبر سؤال يطرح اليوم، لا سيما وأن عمر الأول 34 عاما والثاني 37، هل هي بداية أفول نجمين سحرا جماهير الكرة لسنوات.
كان حضور ميسي ورنالدو في المراحل النهائية من دوري أبطال أوروبا مسألة ثابتة منذ سنوات، وشارك الرجلان خاصة بقميصي برشلونة وريال في أعراس كروية قارية، مكنت الفريقين من التتويج في أكثر من مناسبة.
لكن انتقال اللاعبين لأندية جديدة، باريس سان جرمان بالنسبة لميسي، ويوفنتوس ثم مانشستر يونايتيد بالنسبة لكريستيانو رونالدو، يبدو أنه كان إعلان مرحلة جديدة في المسار الكروي للاعبين، قد تتجه نحو أفول نجمين.
رونالدو... بحث عن مجد ضائع
بعد مغادرته يوفنتوس الإيطالي الذي ودع الموسم الماضي من الدور ثمن النهائي أمام بورتو البرتغالي، كان طموح رونالدو لا يزال كبيرا.
شكلت عودته إلى مانشستر، النادي الذي أطلقه إلى العالم قبل رحيله عنه في 2009، فرصة لكليهما للبحث عن مجد ضائع وأعطت الأمل في كتابة قصة عودتهما إلى القمة جنبا إلى جنب.
إلا أن الخروج من الدور ثمن النهائي أمام أتلتيكو مدريد والوضع المعقد محليا لإنهاء الموسم في مركز مؤهل إلى المسابقة القارية الأم، يجعلان هذا المبتغى بعيد المنال.
هو معتاد على الإشادات، ولكن يتعين عليه أيضا تقبل الانتقادات عندما لا يرتقي إلى المستوى المطلوب، كما حصل الثلاثاء، إلى جانب لاعبين أساسيين آخرين أمثال القائد هاري ماغواير وجايدون سانشو أو ماركوس راشفورد والفرنسي بول بوغبا اللذين دخلا عن مقاعد البدلاء.
بالنسبة لميسي أيضا، بعد سبعة أشهر من وصوله إلى العاصمة الفرنسية من برشلونة، سرعان ما وجد نفسه في بيئة غير مألوفة؛ صافرات استهجان من جماهير الفريق خلال الفوز في ملعب "بارك دي برانس" على بوردو الأحد، بعد الإخفاق القاري أمام ريال مدريد الإسباني.
قال المدرب الأرجنتني ماوريسيو بوكيتينو "نستحق غضب الجماهير، ليس فقط ميسي ونيمار". إلا أن الأرقام لا تشفع للمتوج بالكرة الذهبية سبع مرات، إذ إن تمريراته الحاسمة العشر في الدوري لا تخفي الهدفين اللذين اكتفى بهما في "ليغ 1"، بالنسبة للاعب فاز بجائزة "بيتشيتشي" لأفضل هداف في الدوري الإسباني في المواسم الخمسة الماضية.
أرقامه أفضل في دوري الأبطال بعد أن أحرز خمسة أهداف في دور المجموعات، إلا أنه لم يظهر بالصورة المطلوبة أمام ريال مدريد، لا بل أهدر ركلة جزاء في الفوز 1-صفر ذهابا تبين مدى تأثيرها على النتيجة الأخيرة (خسارة 3-2 في مجموع المباراتين).
غياب عن دوري أبطال أوروبا للمرة الثانية على التوالي
للموسم الثاني تواليا، سيغيب كلا اللاعبَين عن الدور ربع النهائي للمسابقة القارية التي يتصدر فيها رونالدو قائمة الهدافين عبر التاريخ.
في العام الماضي، كان بورتو وسان جرمان من أخرجا فريقيهما السابقين، يوفنتوس وبرشلونة تواليا.
أما في الحالي، فكان الخروج على يد عدوين لدودين للاعبَين نفسيهما: أتلتيكو الذي أمطر رونالدو شباكه خلال تسع سنوات في مدريد وأطاحه مرات عدة من دوري الأبطال، حتى مع يوفنتوس عندما سجل الهاتريك الشهير في إياب الدور ثمن النهائي عام 2019، وريال مدريد، الغريم الأزلي لبرشلونة الذي أمضى ميسي معه 21 عاما منذ الفرق العمرية قبل الانتقال إلى باريس.
مع بلوغهما 37 و34 عاما، من الصعب تجاهل عبء السنوات بالنسبة لرونالدو وميسي تواليا، حتى لو لم يعد يُعوّل عليهما بشكل كبير للتألق مع فريقيهما.
بعد ثلاثة أيام من الهاتريك التي سجلها ضد توتنهام في الدوري (3-2)، لم يبدُ أن رونالدو سيسجل أمام أتلتيكو في أي لحظة مع انعدام الفرص. ولكن من دون أهدافه الستة في المباريات الخمس الأولى في دوري الأبطال هذا الموسم، لم يكن ليبلغ الشياطين الحمر الأدوار الإقصائية.
بالنسبة لميسي، إذا لا تزال ركلة الجزاء الضائعة في الأذهان، فإن السيناريو الكارثي في سانتياغو برنابيو هو سمة من سمات باريس سان جرمان الذي اعتاد على إهدار الأفضلية في العديد من مبارياته على الساحة الأوروبية.
منذ فوزه بدوري الأبطال آخر مرة عام 2015 مع النادي الكاتالوني، مُني أيضا ميسي بالعديد من الـ"ريمونتادا": ضد روما الإيطالي في 2018 وليفربول الإنكليزي في 2019، وهزيمة مدوية أمام بايرن ميونيخ الألماني في 2020 (8-2) وأخرى ضد باريس سان جرمان في العام التالي (4-1).
حتى أن اختياراتهما للوجهة المقبلة لم تكن ربما الأكثر حكمة: فقد اختار "سي آر 7" فريقًا لم يحقق أي لقب في آخر خمس سنوات، بينما لجأ ميسي إلى فريق تعتبر أفضل نتيجة قارية له بلوغ نهائي العام 2020، في نسخة استثنائية بسبب تداعيات فيروس كورونا.
مستقبل بالعديد من الأسئلة
بينما يسير ميسي بخطى ثابتة مع سان جرمان للتتويج بلقب الدوري الفرنسي، سينهي رونالدو موسما من دون أي لقب للمرة الأولى منذ 16 عامًا.
الرحيل المتوقع لكيليان مبابي إلى برنابيو مع نهاية عقده مع سان جرمان في حزيران/يونيو المقبل، قد يغيّر الأمور ربما لميسي في العاصمة الفرنسية.
إذ يمكن أن يصبح الرقم الأول مجددا إلى جانب نيمار في خط هجوم جديد مع إمكانية أيضا رحيل مواطنه أنخل دي ماريا واستقطاب نجم جديد في خط المقدمة.
أما بالنسبة لرونالدو الذي وقع على عقد لمدة موسمين، مع خيار التمديد لموسم ثالث، فقد يرتبط مستقبله في نهاية الحالي ببلوغ يونايتد دوري الأبطال من عدمه، بالإضافة إلى حاجة الفريق إلى تعزيز صفوفه في عدة مراكز والمدرب الجديد الذي سيخلف الألماني المؤقت رالف رانغنيك.
فرانس24/ أ ف ب