نفحات رمضانية .....(تابع)

من اعظم ما يميّز هذا الشهر الفضيل أنّ الله قد ضاعف فيه الأجور لعباده المسلمين، الأمر الذي جعل منه بستانًا للعطاء والكسب، فقد قيل فيه أنّه قد خاب من ادرك رمضان ولم يغفر له، لما في ذلك الشهر الفضيل من مكرمة ولما فيه من مغانم كثيرة على المرء أن يضع جهده في كسبها، وقد قال فيه الامام ابن القيم رحمه الله: وما في هذه المواسم الفاضلة موسمٌ إلّا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته يصيب بها من يعود بفضله ورحمته عليه، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرَب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات .

 

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: افعلوا الخير دهركم وتعرّضوا لنفحات رحمة الله فإنَّ لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، فشهر رمضان هو شهر النفحات الإيمانية العامرة، وهو أحد أكبر مواسم الطاعة والعطاء لما فيه من بساتين تفوح بأعذب النفحات ولما فيه من طرق مؤدية إلى رحمة الله وطاعته، ونذكر منها:

 

  • نفحة الصيام: فهي من أعظم العبادات التي اختصها الله تعالى لهذا الشهر الفضيل، وهو ركن من الأركان التي بني عليها الإسلام، وهو العمل الذي اختصه الله لنفسه تعالى، ليكون أجره على الله وحده.
  • نفحة التوبة وتجديد العهد مع الله: فالتوبة من اهم الأمور التي تعمل على تنقية الجيد من الخطيئة وهي الفرصة للبداية من جديد، وطي صفحات الذنوب والآثام، وتمزيق سبل العودة إليها، وفي رمضان أكبر موسم لاستثمار تلك النفحة المباركة العطرة.
  • النفحة الثالثة وهي نفحة القرآن: ونحن في هذا الشهر العظيم نتذكر أول آية نزلت من القرآن، عندما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم في الأربعين من عمره أذن الله عز وجل للنور أن يتنزل، فإذا جبريل عليه السلام آخذ بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: اقرأ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ، فقال في الثالثة: اقرأ باسم ربّك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربّك الأكرم الي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم. فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، وذلك تأكيد واضح وصريح على أهمية القرآن وأهمية القراءة.
  • النفحة الرابعة عن القيام: فشهر رمضان هو شهر القيام، عن حديث النبي الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم ليالي رمضان، فإذا دخلت العشر الأواخر خصّها بمزيد من الاجتهاد كما روت عائشة رضي الله عنها: أن النبي كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله وشد المئزر.
  • النفحة الخامسة عن الإخلاص: فشهر رمضان هو عبادة بين العبد وربّه وما من رادع للعبد سوى إخلاصه وخوفه من الله عز وجل، وما من رادع أيضًا سوى ان العبد قد وصل في يقينه بالله إلى استشعار مراقبة الله له، فالإخلاص في العمل من اهم أمور وشروط قبول العمل.

وذلك غيض من فيض فشهر رمضان الكريم شهر لا محدود الطاعات، وذلك بأن منّ الله على عباده بالأجور المضاعفة فالصدقات وصلة الرحم وإطعام الطعام، والسعي في حاجة الناس كلّها أمور تندرج في خانة النفحات الرمضانية المباركة التي ينبغي على المسلم اغتنامها.

 

 

اثنين, 04/04/2022 - 14:59