بدأت قصتي مع انتخابات فرنسا سنة 1981، حيث كنت مراهقا، و ذلك بعد الفرح الذي عم ثانوية البنين، حيث كانت أغلبية الأساتذة فرنسيين، عندما نجح مرشح اليسار، فرانسوا ميتران أمام مرشح اليمين, جيسكار دستين...
قبل ذلك كنا نتابع بشغف كبير الحملة الرئاسية و التي تميزت بمواجهة face à face تاريخية بين الرجلين. أثارت اعجابنا بعض المقولات للرجلين التي بقيت خالدة... إلي درجة أن بعضنا كان يحفظ عن ظهر قلب أهم ما قالا....
من الأمور التي أثارت اعجابنا كذلك قبول الرئيس جيسكار للهزيمة و تهنئته لمنافسه...أمر لا يصدق بالنسبة لنا في فترة كانت البلاد تعيش فيها موجة غير مسبوقة من محاولات الإنقلاب...
و بناء علي التصريحات "الثورية" لميتران، كنت علي يقين من أن أمورا كثيرة ستتغير، خاصة في علاقات فرنسا بمستعمراتها، بما فيها بلادنا...
لأكتشف فيما بعد أن العدالة و الديمقراطية و غيرهما من القيم، ليست للتصدير، بل منتوج غربي محلي يمنع تصديره خارج بلدانهم....
و لأكتشف من حينها كذلك أن هنالك ثوابت في سياسة الدول الغربية، من بينها السياسة الخارجية التي لا تتغير أبدا، رغم وصول "يساريين" أو "ديمقراطيين" إلي الحكم...
فهاهو بطلنا ميتران يدشن عهدا جديدا من الانقلابات في القارة سيكون من بينها الانقلاب علي هيداله. كما أن مسؤوليته في اغتيال الزعيم البوركينابي صانكارا كانت واضحة للجميع...
ضف إلي ذلك موقفه من القضية الفلسطينية و غيرها من قضايا التحرر العادلة...
و كل ذلك قبل أن يختم فترة حكمه التي دامت مأموريتين، 14 سنة، بمسرحية خطاب "لابول" أمام الحكام الأفارقة حيث أمرهم بدمقرطة بلادهم....
لكن تلك الخدعة لم تدم طويلا حيث بقي أغلب الإنقلابيين في الرئاسة رغم المؤتمرات الوطنية و انتخابات "كوبني" التي تم تنظيمها في جميع البلدان الإفريقية....
*- صحفي مستقل