أكد الدكتور الحسين مدو، رئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية HAPA، أن بداية التحول الجديد الذي يعرفه قطاع الإعلام الآن انطلق مع قرار رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني القاضي بتشكيل لجنة عليا لإصلاح قطاع الاعلام، مشيرا إلى أن هذا القرار "شكل استجابة مقدرة للفاعلين بالحقل وانصاتا لانشغالاتهم الفعلية في ترقية القطاع ومعالجة اختلالاته".
ووصف الدكتور مدو، في مقابلة شاملة وحصرية مع وكالة الوئام الوطني للأنباء، إن المشهد السمعي البصري، الذي تم تحريره بموجب القانون 2010/05، بأنه "لم يكتمل"، موضحا أن ما تم تحريره في هذا المجال هو قنوات تجارية،" وننتظر من حين لآخر توفر الإرادة السياسية اللازمة لتحرير قنوات جمعوية إفساحا للمزيد من التنوع في المضامين الإعلامية المقدمة"، بحسب تعبيره.
وأوضح رئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية أن ثمة تصورات، وصفها بالخاطئة، ترى أن السلطة العليا "يقتصر دورها على التعاطي مع الإعلاميين، إفساحا للحرية، ردعا لهم، تكوينا.. إلى غير ذلك، في حين أن شركاءها متعددون بموجب القانون"، مؤكدا أن هؤلاء الشركاء هم "الإعلاميون بطبيعة، وكذلك السياسيون وقادة المجتمع المدني، لأنها مطالبة بأن تؤمن لهم النفاذ العادل نحو المنابر الإعلامية".
وأضاف:" لذلك كانت أولى الاجتماعات التي قمنا بها على مستوى السلطة بعد اللقاءات التشاورية مع الإعلاميين هو إتاحة الفرصة لرؤساء الفرق البرلمانية للانصات لمطالبهم والاستماع إليهم ولما يشغلهم لتأمين نفاذهم إلى الإعلام العمومي".
نص المقابلة:
وكالة الوئام:
ما تقييمكم للظرف الذي تعيشه الصحافة المحلية وهي تخلد ذكرى عيدها الدواي؟
الدكتور الحسين مدو:
شكرا لإتاحة هذه الفرصة للحديث عن واقع الصحافة الموريتانية في أجواء الاحتفال والاحتفاء بعيد الثالث مايو.
كنت أعتقد أننا في هذا السياق الزمني نعيش ثلاثية أعياد، شغل وفطر ثم حرية، وآمل أن تكون فرصة سانحة للحديث عن تقييم واقع الصحافة الموريتانية، أولا لتثمين أداءات وعطاءات الراحلين الذين ساهموا في الوصول إلى ما وصلت إليه الصحافة، الذين ساهموا في ظروف مختلفة تماما عن الظروف الحالية، وهي صعبة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية وعلى مستوى الحريات.
هؤلاء الراحلون المشاركون في تأسيس الصحافة كان لهم منذ تأسيس الدولة الموريتانية كان لهم دور كبير في الوصول إلى ما نحن فيه الآن، ولذلك فهذه فرصة للترحم عليهم وتثمين أدائهم، وهي مناسبة ايضا لتحفيز كل الأجيال الحالية من أجل المزيد من البذل والعطاء وتملك مستويات الحرية الموجودة واستثمار كل الوسائط الممكنة والوسائل المتاحة من أجل المزيد من التمكين لتأمين صرح الصحافة بصفة عامة وتنوير الرأي العام والمساعدة في ظهور وانبثاق إعلام قوي مهني نوعي وتنوع.
لذلك فهذه مناسبة سعيدة لي أقدم فيها التحيات لزملائي الصحفيين وزميلاتي الصحفيات.
تثمين هذا الأداء قد لا يضاهيه إلا الاهتمام بتحفيزهم للمزيد من التمهين والتقدم لأننا نعيش ونمارس مهنة ليست ملكا لنا، فهي ملك لآخرين ونحن وسائل ووسائط من أجل تقديم الأحسن والأكثر تنافسية والأكثر استجابة لتطلعات مستهلكي المادة الإعلامية.
أما فيما يتعلق بعملية التقييم، فإن السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية هي هيأة مستقلة تم إنشاؤها سنة 2006، يعهد إليها القانون أساسا بالسهر على احترام وسائل الإعلام العمومية والخاصة، بغض النظر عن الوسيط الاتصالي الذي تستخدمه، سواء كان مكتوبا سمعيا أو بصريا، السهر على احترام هذه المؤسسات للقوانين المعمول بها في المجال الإعلامي.
هذه المؤسسات بقدرما تتوفر على آليات تضمن لها تطبيق واحترام تلك الآليات والسهر على احترامها، فهنالك الضوابط التأديبية والضمانات التكوينية، فالسلطة لها رؤية أشمل تتجاوز هذه الضوابط تتجاوز هذا البعد الضبطي إلى البعد التطويري، فمن واجبها أن تساهم في تكريس الحريات وفي توسيع مجالاتها ولكن كذلك ضبط هذه الحريات حينما تتهددها مخاطر مثل التغول على حساب الحرية أو الدوس على المحظورات أو المساس بالقدسات التي تحميها النظم القانونية.
وكالة الوئام:
ما طبيعة العلاقة التي تربط السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية بالإعلاميين، وبباقي الشركاء كالأحزاب السياسية والمجتمع المدني؟
الدكتور الحسين مدو:
السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية تساهم في نفاذ الفاعلين السياسيين والمجتمعيين إلى وسائل الإعلام العمومية، كما تمارس أدوارا في الوساطة والتحكيم بين وسائل الإعلام وجمهورها وبين وسائل الإعلام فيما بينها، وتسهر على حماية وترقية وتطوير الذاتية الثقافية بما تفرضه من تعدد بناء ومن تعددية في الرؤى والأفكار المقدمة، وهذه عموما يمكن أن تتنزل ضمن دائرة حماية الحريات من كل الانتهاكات التي قد تحصل، وحتى من الحريات أيضا عندما تجنح.
لذلك فهي مسؤولية مزدوجة، مساهمة في تطوير الحقل الإعلامي من خلال التشاور مع السلطات العمومية ومع الشركاء من أجل المزيد من ضبط وتأمين هذا الحقل، ومن الناحية الثانية، وهي الناحية الضبطية والردعية تعمل السلطة على ألا يجنح الشركاء والفاعلون الإعلاميون إلى المساس بالقوانين التي تحكم الحقل الإعلامي في موريتانيا.
السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية هي جزء من الآليات الأكثر تقدمية لضبط الإعلام، تتنازل فيها السلطات الرسمية عن بعض صلاحياتها لصالح هيئات مستقلة يعهد إليها بضبط وتطوير الحقل الإعلامي.
التجربة التي راكمتها بلادنا منذ 2006 في هذا المجال هي تجربة نوعية، سواء فيما يتعلق بضبط وتطوير المحتوى الإعلامي، أو بتأمين نفاذ الفاعلين السياسيين إلى وسائل الإعلام العمومية والخاصة.
صحيح أنها تجربة لا تتعالى على نواقصها الذاتية والموضوعية وترتبط أيما ارتباط بمستوى تطور الديمقراطية في أي بلد لدرجة تنازل السلطات عن بعض الصلاحيات لهيئات مستقلة مستحدثة، لذلك كان لنا إحساس أن عائلة هيئات الضبط تشكل عائلة واحدة يتعين تثمين أدائها، وتتعين مواكبتها وتجاوز نواقصها، فكل تقدم للهيئات الضبطية نوع من تكريس الديمقراطية التمثيلية، لأن القانون يسند لها التحقيق في قطاعات حيوية شركاؤها متشاكسون يكون من الصعب إدارتها بالطرق التقليدية بكل ما تحمله من تعقيد وبيروقراطية، فجاء تنازل الدولة عن بعض الصلاحيات لضبطيات مستقلة أقدر على الحركة وأجدر بأن تمنح تلك المصداقية لحساب استقلاليتها أيضا، لذلك تطور وتقدم لهذه الضبطيات هو تطور للمسار الديمقراطي برمته.
واريد أن اشير إلى أن ثمة تصورات خاطئة ترى أن السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية يقتصر دورها على التعاطي مع الإعلاميين، إفساحا للحرية، ردعا لهم، تكوينا.. إلى غير ذلك، في حين أن شركاءها متعددون بموجب القانون، فهم الإعلاميون بطبيعة، وكذلك السياسيون وقادة المجتمع المدني، لأنها مطالبة بأن تؤمن لهم النفاذ العادل نحو المنابر الإعلامية، لذلك كانت أولى الاجتماعات التي قمنا بها على مستوى السلطة بعد اللقاءات التشاورية مع الإعلاميين هو إتاحة الفرصة لرؤساء الفرق البرلمانية للانصات لمطالبهم والاستماع إليهم ولما يشغلهم لتأمين نفاذهم إلى الإعلام العمومي.
صحيح ان هذه القضية قد لا يكون لها كبير إشكال في أوقات الاستحقاقات الانتخابية، فبعد الانتخابات الأخيرة تلقت السلطة التهانئ من مختلف الطيف السياسي المشارك على، طريقة توزيع الحصص الإعلانية المجانية عبر وسائل الإعلام العمومي، لكن هذا النفاذ يجب اللا يختصر على المواسم الانتخابية فهو حق للجميع في كل الأوقات بحكم القوانين التي تسعى لكريس الديمقراطية والمساواة بين الشركاء السياسيين على المنابر الإعلامية العمومية، وهذا ما يشكل مربط الفرس بالنسبة مع الفاعلين السياسيين بشكل دائم.
لقد استدعى ذلك من السلطة القيام بجملة من التحقيقات التي نسميها التحقيقات التعددية التي تهدف لقياس درجة حضور الاغلبية والمعارضة والنوع والشباب والنساء، وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة والإعلانات واللغات الوطنية المقدمة داخل الوجبات الإعلامية المقدمة من طرف الإعلام العمومي خارج الأوقات الانتخابية تقييما وتأمينا لنفاذ كل هؤلاء، وتدخل في ذلك الاستدعاءات الدائمة لمختلف القائمين على وسائل الإعلام من أجل تحفيزهم على أخذ تلك التعددية بالاعتبار في البرامج واللقاءات الحوارية وإنعاش ضرورة انبثاق حوار دائم في وسائل الإعلام ينعشه ضيف متعدد سياسيا واجتماعيا.
وكالة الوئام/
يعيش المشهد الإعلامي تحولا وتجذرا لمسار الإصلاح الذي أطلقته السلطات العمومية.. ما أهم تجلياته؟
الدكتور الحسين مدو:
كما تعلمون، فإن بداية هذا التحول الجديد انطلقت مع قرار رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني والقاضي بتشكيل لجنة عليا لإصلاح قطاع الاعلام وهو القرار الذي شكل استجابة مقدرة للفاعلين بالحقل وانصاتا لانشغالاتهم الفعلية في ترقية القطاع ومعالجة اختلالاته.
وقد عهد الى هذه اللجنة وفق مسار تشاوري بالاستماع للصحفيين والخبراء وصياغة المقترحات الوجيهة التي من شانها تعزيز الحقل والتعاطي مع مختلف مصاعبه.
سلمت اللجنة تقريرها وتعكف الحكومة حاليا على صياغته في قوانين ولوائح تنظيمية وقد اثمرت نتائج اللجنة مقترحات متعددة لتحسين المداخل القانونية المهنية والاجتماعية للحقل.
وتجري الآن مراجعة النصوص الناظمة بدء بالقانون المنشئ للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية نحو مزيد التمهين والتحيين والتمثيل بما يواكب متطلبات توسيع الحرية والتفعيل وتطلعات العاملين بالحقل.
وتضم ترسانة القوانين هذه قانون الصحفي المهني تكريسا للحرية والمهنية ومراجعة الدعم العمومي للصحافة الخاصة رفعا لمكانته وتوسيعا لدائرة تدخلاته ومدخلاته فضلا عن اصدار مراسيم البطاقة الصحفية والخدمة الالكترونية.
وسيتم خلال هذه الدورة البرلمانية اكمال استصدار باقي المنظومة القانونية وفق مسار تشاوري كبير.
وبفعل تلك الإجراءات، دخلت الصحافة الموريتانية مرحلة تحول جديدة بعد إطلاق المسار الإصلاحي، كما عرف المشهد الاعلامي بموريتانيا تطورات متسارعة من حيث مستوى الحريات وتشجيع إعلام القرب وتسريع التحول الرقمي للإعلام والتمكين للإعلام كفاعل في التغيير الاجتماعي وفي المسار الديمقراطي.
وتوفر هذه الصحافة تنوعا في العرض للمواطنين وتعددا في المقاربات وهو عرض متنوع من حيث المضامين ويستحق الإسناد من حيث النوعية.
وعلى العموم فانا سعيد بأن الاحتفال بيوم الثالث مايو الحالي يتزامن مع بداية التجذر الفعلي وقطف ثمار تلك الاصلاحات، وبلغة الأرقام سأعمد إلى سرد بعض المكاسب التي تحققت في هذا الصدد:
المكسب الأول كان على مستوى الترسانة القانونية الناظمة بالحقل الإعلامي، وفي الصدد استصدار المرسوم الخاص بالخدمة الألكترونية بما يعني توسيع مفهوم ممارسة الصحافة الألكترونية بصفة عامة في بلدنا.
أما النقطة الثانية التي تهمنا أكثر بحكم التخصص في السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية هي مصادقة مجلس الوزراء على بعض التعديلات في القانون المنشئ للسلطة في ال13 إبريل الماضي، وتتنزل هذه المصادقة ضمن المسار الإصلاحي، وهي خطوة متقدمة وتقدمية لأنها تشكل، كما أسلفت، استجابة لتطلعات الصحفيين، وتتجلى، وفق السؤال الذي طرحتم، في النقاط التي سأتحدث عنها سيما فيما يتعلق بالسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية.
التعديلات الجديدة، التي تنتظر إحالتها لمصادقة البرلمان عليها، تحمل تمثيلا جديدا للبعد التمثيلي وللبعد الديمقراطي وتوسيعا لصلاحيات السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية وتوطيدا لتمثيل الجسم الصحفي وللطيف المعارض، وهذا جزء من المطالب التي كان الصحفيون يعبرون عنها في كل مرة، بمعنى
التعديل الجديد سينقل الهيئة القيادية للسلطة العليا من 6 أفراد إلى 9.
آليات تعيين الأفراد وسماتهم هذه طالتها أيضا لمسات تطويرية، بمعنى أننا سنكون لأول مرة أمام آلية اختيار تضمن تمثيل الجسم الصحفي من قبل الصحفيين انفسهم ممثلين في الهيئات والمؤسسات الصحفية من خلال اقتراح فردين اثنين من هيئة قيادة السلطة العليا على أن يعينهم رئيس الجمهورية لاحقا.
الطيف المعارض سيمثل في الهيئة الفيادية للسلطة بعد أن ألزم القانون رئيس الجمعية الوطنية باقتراح تعيين من يمثل هذا الطيف، لذلك ثمة تعزيز للتمثيل التنفيذي للصحافة والمعارضة في السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية.
ينضاف إلى رزنامة الإصلاحات هذه أن يتم إعداد وإكمال، وفق مسار تشاوري، مختلف المتطلبات القانونية الأخرى بما فيها قانون الصحفي المهني ومرسوم البطاقة الصحفية والقانون المندج للدعم العمومي للصحافة الخصوصية في بلادنا، كما رفعت، بأمر من رئيس الجمهورية، المخصصات المقدمة لصندوق دعم الصحافة هذه السنة بنسبة 50% من المخصصات الإجمالية التي كانت قائمة في انتظار التصديق على آلية الدعم المندمجة في إطار الدعم العمومي للصحافة الخاصة، التي ينتظر أن تغير وتعدل وتنوع من المدخلات والآليات الكفيلة بتطبيق هذا الدعم.
هذه عموما هي ثمار الإصلاح الإعلامي التي بدأ تطبيقها عمليا وبدأ التصديق على عدد من الإجراءات القانونية التي نعيشها في السياق الحالي.
وكالة الوئام:
كيف تنظرون لمستقبل الصحافة في موريتانيا؟
الدكتور الحسين مدو:
نحن نعيش الآن مرحلة تحول ضمن مسار إصلاحي بدأ قبل سنة ويجري تطبيقه بشكل متدرج وتدريجي وتشاوري وقد تقدمنا عليه خطوات، سواء فيما يتعلق بقانون الصحفي المهني أو بمرسوم البطاقة الصحفية، فالمهنة الصحفية هي مهنة انسيانية تتطلب في كثير من الحالات وجود ضمانات حتى لا تتحول إلى تسيب وإلى فوضى، لذلك فهذا القانون وهذا المرسوم يقدمان الضمانات المادية والمعنوية من خلال التمكين للصحفي المهني والاهتمام بكل المداخيل الاقتصادية والاجتماعية للمهنة وللمنتسبين إليها.
وسيعهد للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية بمتابعة تطبيق هذا القانون من خلال متابعة المسارات المهنية للصحفيين المهنيين.
وينتظر من هذا القانون أن يؤمن للصحفيين حاملي البطاقة الصحفية المهنية، ليس فقط حضور المؤتمرات الصحفية، وإنما كذلك علاوات مادية مرتبطة بالمهنة وفق احترافية معينة.
صحيح أن مستوى الحريات سيتعزز أكثر وسيتوطد، وإلى ذلك فإن ممارسة المهنة، في سياقاتها القانونية والاجتماعية أيضا، قد توطدت.
هذا يدفعني لدعوة الصحفيين إلى مزيد من تملك هذه الإصلاحات التي تحدث الآن، سيما أنهم هم الذين وضعوها واقترحوها والسلطات العمومية في طور تنفيذها.
ليس سرا أن ثمة تحديات تواجه المشهد الإعلامي، بعضها ذاتي وبعضها موضوعي وبعضها يرتبط بمتطلبات تعزيز التكوين ونحن في عهد السماوات المفتوحة التي تتطلب المواكبة الدائمة لمختلف التطورات الحاصلة في المشهد الإعلامي بصفة عامة وبعضها موضوعي مرتبط بالسياق الحاصن بما فيه من عوامل اقتصادية تساعد في توفير الإشهار الذي يشكل عصب حياة الإعلام وترفع وتنوع من الدعم العمومي المقدم للصحافة، والبعد القانوني الذي التعاطي معه الآن بشكل إيجابي.
وكما تعلمون فإن المشهد السمعي البصري تم تحريره في موريتانيا بموجب القانون 2010/05، ولكن لم يكتمل، لأن ما تم تحريره في هذا المجال هو قنوات تجارية، وننتظر من حين لآخر توفر الإرادة السياسية اللازمة لتحرير قنوات جمعوية إفساحا للمزيد من التنوع في المضامين الإعلامية المقدمة.
أما على مستوى الإعلام العمومي فثمة مطالب متكررة بضرورة النفاذ العادل خارج الأوقات الانتخابية لمختلف السياسيين وممثلي المجتمع المدني لهذه الوسائط، وكان تحرير المجال السمعي البصري في وسائل الإعلام العمومي ناقصا في ظل غياب توقيعها على دفاتر الشروط مع السلطة العيا للصحافة والسمعيات البصرية، ولعقود البرامج مع وزارة الثقافة الوصية على القطاع.
نحن الآن في طور التشاور مع وزارة الثقافة والجهات المعنية في هذا الصدد، ونأمل أن يكتمل تحرير المجال السمعي البصري وفق هاتين النقطتين.
كذلك من العوائق ما كشفه تحقيق أجرته السلطة العليا مؤخرا، حول قانونية عقود العمال في الإعلام بصقة عامة، العمومي والخصوصي.
التحقيق كشف حجم الاختلالات الموجودة، وعمد إلى صياغة الاقتراحات الكفيلة بتجاوزها، بما في ذلك قضية المتعاونين.
نحن أمام حرية مشهودة وانفتاح كبير، ولكننا أمام وضع اقتصادي في المقاولة الصحفية يجعل المستثمرين في الإعلام يستفيدون أكثر من هذا الإطار القانوني المفسح للحريات ولكن لا يعيرون، في كثير من الحالات، كبير اهتمام للمقاولة في أبعادها الاقتصادية، وهذا له انعكاس كبير، ليس فقط على المخرجات الإعلامية المقدمة للمتلقي، ولكن أيضا على حقوق العاملين ضمن هذه المؤسسات، وهو نا يحد من تحقيق التراكم الذاتي داخل المؤسسات الصحفية ويحول دون توفير المهنة للعيش الكريم لمنتسبيها ويجعلها تعيش في تدفق دائم ونزيف خارج الحقل، وهذا ما يتطلب تطبيق الخطوات التي يتضمنها الإصلاح الحالي.
وكالة الوئام:
الدكتور الحسين مدو، رئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، شكرا جزيلا لكم على إتاحة الفرصة وعلى الأجوبة الشافية الكافية.