الإعلامي الدولي محمد سالم الصوفي يتحدث للوئام عن تجربته في الغربة وطموحه السياسي (مقابلة)

أكد الإعلامي الدولي محمد سالم الصوفي أنه يتعين على أي حزب أو قوة سياسية أن تضع معايير واضحة تتيح الاختيار من بين المتقدمين على أسس موضوعية وشفافة، مشيرا إلى أنه "قد يكون من بين تلك المعايير الكثيرة و الفرص العديدة التي تجعل الحزب يختار أي مرشح، وربما تكون من أهمها وأكثرها ورودا وإنصافا ما يُعرف بالحاضنة الاجتماعية، بمعناها الواسع".

وأوضح الصوفي، في مقابلة مع وكالة الوئام الوطني للأنباء، أنه لا يريد القول إن بعض الحواضن مقصية، "لأن ذلك يعني، ضمنيا، الاستهداف المبيّت والمقصود، وهو أمر يقوله البعض لكنه مبالغ فيه، وإنما أقول غير ممثلة في المناصب الانتخابية في مقاطعة ما قد تشكل فيها أغلبية من حيث الكم ومرجعية من حيث البعد الثقافي والتاريخي. ولا شك أن مثل تلك الاختلالات حان الوقت لمعالجتها"، بحسب تعبيره.

 

نص المقابلة: 

 

الوئام: 

الدكتور محمد سالم الصوفي، تم، قبل أيام، تكريمكم من قبل رابطة الصحفيين الموريتانيين على تميُّزكم طيلة مشواركم الزاخر في ميدان الإعلام الدولي، ما هي انطباعكم وأنتم تتلقون هذا التكريم الكبير؟

 

الدكتور محمد سالم الصوفي: أود في البداية أن أتوجه بجزيل الشكر وخالص الامتنان للزملاء الأفاضل في رابطة الصحفيين الموريتانيين على هذه اللفتة الكريمة والشكر موصول لكم على إتاحة هذه السانحة المفيدة. والحقيقة أن النخب المهاجرة، شأنها شأن جل الأوساط في المهجر،سواء تعلق الأمر بالإعلاميين من هذه النُّخب أو الباحثين في مجال العلوم غيرها من فروع المعرفة ، لا يجدون أية لفتة اتجاههم من وطنهم، مهما كان حجمها، إلا وأثرت فيهم تأثيرا ايجابيا كبيرا وتركت وقعا مهما في نفوسهم.

 فهي دليل، بالنسبة لهم، على أن وطنهم-الأم يتذكرهم ويقدر جهودهم ويقيم لهم وزنا ويحلهم مكانة ما في إحدى زوايا اهتمامات وهموم البلاد.

 لقد حصلت خلال مشواري الإعلامي والثقافي في الخارج على العديد من التكريمات الدولية، لكن هذا التكريم بالذات، رغم رمزيته ومحليته، يعزز التفكير جديا، من الآن فصاعدا، في الانشغال بقضايا الوطن ويمثل دافعا لمحاولة استغلال التجارب والعلاقات وما توفر من كفاءة في ما يخدم البلاد انه يولد شعورا جامحا بضرورة لعب دور ما في الصالح العام (الضيق والواسع).

 

الوئام: من أي موقع ستلعبون ذلك الدور؟

 

الدكتور محمد سالم الصوفي: كما قلت، فإن الغربة على مدى عقود تُراكم بعض الكفاءات العلمية، والتجارب في مجالات مختلفة، وتمكن من امتلاك أجَنْدة مليئة بالعناوين ذات البعد الدولي، وبالتالي توفر حزمة كبيرة من العلاقات المتنوعة والواسعة على مستوى شبه المنطقة والقارة والعالمين العربي والإسلامي. كل هذه الأمور يمكن وضعها تحت تصرف القائمين على الشأن العام في البلاد، وأحسب أنها تمثل دافعا قويا للمساهمة في عملية البناء وفي برامج الإصلاح وفي المبادرات التنموية، من جهة، ومن جهة أخرى يمكنها أن تفتح الباب واسعا للعب أي دور على المستوى الوطني أو المحلي من خلال للمناصب الانتخابية مثلا.

 

الوئام: هل تمتلكون فرصًا تجعل منكم خيارا للاتحاد من اجل الجمهورية لتكونوا مرشحه في المذرذره؟ وهل لديكم من التحالفات ما يضمن الفوز بمقعد نائب عن تلك المقاطعة المهمة؟

 

الدكتور محمد سالم الصوفي: دعني أقول في البداية، وقد ردَّدتها كثيرا في مناسبات مشابهة، إنه يتعين على أي حزب أو قوة سياسية أن تضع معايير واضحة تتيح الاختيار من بين المتقدمين على أسس موضوعية وشفافة قد يكون من بين تلك المعايير الكثيرة و الفرص العديدة التي تجعل الحزب يختار أي مرشح، وربما تكون من أهمها وأكثرها ورودا وإنصافا ما يُعرف بالحاضنة الاجتماعية، بمعناها الواسع، و لا أريد أن أقول إن بعض الحواضن مقصية، لأن ذلك يعني، ضمنيا، الاستهداف المبيّت والمقصود، وهو أمر يقوله البعض لكنه مبالغ فيه، وإنما أقول غير ممثلة في المناصب الانتخابية في مقاطعة ما قد تشكل فيها أغلبية من حيث الكم ومرجعية من حيث البعد الثقافي والتاريخي. ولا شك أن مثل تلك الاختلالات حان الوقت لمعالجتها.

وبالتالي فإن اختيار الحزب لمرشح يتوفر فيه ابرز المعايير يعتبر إعادةً للأمور إلى نصابها وتصحيحًا لوضع غير سليم. وأنا على يقين أن ما يسميه البعض إقصاء لم يكن أبدا عن سوء نية أو استهداف مبطن. أما في ما يتعلق بالتحالفات، فالروابط التقليدية والاجتماعية، وشبكة العلاقات بنخب المقاطعة تمثل بالتأكيد عاملا مهما لدعم مسار من هذا القبيل.

 

الوئام: حاضنتكم الاجتماعية تعنون بها "تاشمشه"؟

 

الدكتور محمد سالم الصوفي: لا أعتقد أن تسمية القبائل والعشائر واردة في وسائل الإعلام أو الخطاب السياسي عموَما. حتى و إن وجد عدم توازن في تمثيل المجموعات على مستوى بعض المقاطعات، وحتى ولو تم تغييب مجموعات مهمة، وقد اقتضى كل ذلك هذا الإجماع المنعقد اليوم على أنه أًصبح من الملح تصحيح ذلك الخلل وإعادة الاعتبار للتوازنات المحلية على نحو يرضى الجميع.

 

الوئام: الدكتور الصوفي، يلاحظ أنكم تأخرتم في لعب دور سياسي وطني ومحلي، خاصة أنكم عرفتم في الساحة الموريتانية والعربية بالاهتمام بالشأن الثقافي عموما، وقد ألفتم في هذا السياق عدة كتب.. ما مرد ذلك؟

 

الدكتور محمد سالم الصوفي: صحيح أنني تناولت بعض القضايا الثقافية العربية والوطنية في مؤلفاتي، كما لم أهمل أيضا القضايا ذات الصلة بالاهتمام العالمي وفي هذا الإطار كانت جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية آخر ما كتبت. بيد أنه يجب التنبيه إلى أنني، رغم محاولة الانشغال بالجوانب الثقافية، كنت وما زلت شديد الاهتمام بمتابعة الساحة السياسية في وطني وفي المنطقة التي أنحدر منها، سواء تعلق الأمر بالأخبار أو المواقف أو التحليل. ولا شك أن الوظائف التي عملت فيها، كصحفي وكموظف بالجامعة العربية وغيرها، كانت تفرض مني واجب التحفظ. إذ لم يكن بوسعي، قانونيا، أن أدلي علنا بأي موقف سياسي أو أن أشارك بصفة مباشرة في أية حملة سياسية، وإن كنت قد شاركت من بعيد، وعبر علاقاتي العائلية والاجتماعية والمناطقية، في دعم المرشح حينها، الرئيس الحالي السيد محمد ولد الشيخ الغزواني. 

 

الوئام: إذن بات بإمكاننا اليوم أن نقول إنكم ستدخلون المعترك السياسي قريبا؟

 

الدكتور محمد سالم: الحقيقة أنني أنظر إلى السياسة من زاويتين: الزاوية الوطنية المتعلقة بموريتانيا عموما، والزاوية المحلية الخاصة . فبالنسبة لموريتانيا، ألاحظ أننا عثرنا، بعد لأي، على رئيس لديه النية الحسنة، والبرامج الطموحة، والقدرة على خلق الجو الهادئ الذي يخول للنوايا والبرامج أن تكون سليمة ومنتجة ومفيدة. هذه النوايا الحسنة العظيمة وهذه البرامج الطموحة الكبيرة لا شك أن الرئيس نجح إلى حد ما، حزبيا وحكوميا، في إيجاد بعض الأطر الذين يبذلون جهودا مشهودة في محاولة تنفيذها ودافعوا ويدافعون عنها، لكنه ما يزال بحاجة ماسة إلى أطر آخرين لديهم الكفاءة والاقتناع والوسائل العلمية والمنطقية والبلاغية والفكرية التي تخول لهم مصاحبته في مساعيه الإصلاحية التي لا غنى عنها لموريتانيا (حتى في المستقبل البعيد). 

لذلك أجد أن كثيرين بات يلح عليهم ولوج المعترك السياسي بشكل مباشر إلى جنب هذا الرجل الذي أرى في توجهاته ملاذا لموريتانيا و أملا لبقائها. إننا نعيش في زاوية من العالم تحيط بها التوترات والحروب (نزاع الصحراء الغربية في الشمال،ومشكلة كازامانس غير بعيدة في الجنوب، الجماعات المسلحة المتطرفة قريبة في الشرق)، ناهيكم عن الأزمات العرقية والاحتقانات الفئوية والتطاحنات السياسية التي خلفتها عقود من الفوضى وغياب الوازع الوطني.

في هذا الجو المخوف نتطلع أن يتمكن الرئيس محمد ولد الشيخ ولد الغزواني من الإبحار بسفينة موريتانيا، بجميع مكوناتها، بسرعة مقبولة وآمنة ستجعلنا ننجو كلنا: حاليا وفي المدييْن المتوسط والبعيد. إذن يتوجب على من يستطيع فهم واستيعاب وترجمة وترويج سياسات هذا الرجل أن يشارك في المعترك السياسي. 

أما على المستوى المحلي ، فإنه يتعين تبني بعض الرؤى الواضحة المتعلقة بتنمية مدننا الداخلية، و الاستعداد التام للدفاع عن مصالحها، ووجود القدر الكافي من العلاقات يجعلنا نطمح أن يستغلها أهلنا في الداخل لصالحهم.

 

الوئام: هل سيكون رهانكم، في الترشح لمنصب سياسي في المذرذره، مُنصبًّا على مجموعتكم الضيقة؟

 

الدكتور محمد سالم: لا أبدا، الرهان، بعد الاستعانة بالله، يتعين أن يكون على الفاعلين السياسيين ، وعلى النُّخب عموما، وعلى الروابط العتيدة و العلاقات الواسعة، . بمعنى أن أي ترشيح لا يمثل إجماعا بالنسبة لغالبية السكان ليس مناسبا. خاصة إذا كان المتقدم للسياسة أو ألمترشح قام بذلك لأجل الناس جميعا، فعليه أن يسعى للنجاح بجهودهم جميعا. إذن لا مجال - في تقديري - لدخول السياسة من باب التفرقة، بل يتوجب دخولها من باب التعاضد والانسجام والتآخي والإجماع بغية الدفع بالشأن المحلي إلى التغيير والإصلاح والرقي.

 

الوئام: شكرا لكم و نتمنَّى لكم النجاح و التوفيق في تحقيق طموحاتكم المشروعة لوطنكم عموما ومقاطعتكم بصفة خاصة.

 

ثلاثاء, 10/05/2022 - 12:24