تستعد الساحة القضائية لعقد ما يصفه المراقبون بمحاكمة القرن، التي سيمثل فيها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وكبار معاونيه خلال العشرية الأخيرة أمام القضاء في انتظار محاكمتهم على التهم الموجهة إليهم في ملفات فساد كبرى خلال فترة حكم امتدت لنحو 11 عاما بدأت بالانقلاب على نظام الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله وانتهت بتنظيم انتخابات رئاسية فاز في جولتها الأولى الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.
ومع اقتراب موعد المحاكمة التي طال انتظارها، يكثف دفاع الرئيس السابق من حملاته التصعيدية ضد القضاء وضد السلطة الحاكمة كنوع من الهروب إلى الأمام، قبل مواجهته بالأدلة والقرائن والشهود بإدانة موكلهم الذي طالما اعترف بالثراء الفاحش رغم اعترافاته المتكررة بأن أمواله الطائلة لم يكن من ضمنها راتبه الكبير الذي تقاضاه طيلة فترة حكمه.
خبراء القانون والاقتصاد والمراقبون يجمعون على أن فريق دفاع ولد عبد العزيز يكتب بياناته النارية والتبريرية لثراء موكله على رمال متحركة في يوم عاصف، فالمعني طالما اعترف في تصريحات علنية وموثقة بأنه لم يكن يملك خلال سنته الأولى في الحكم غير حفارة واحدة، بينما اعترف في تصريحات اخرى علنية وموثقة، أيضا، بثرائه الفاحش دون ان يذكر مصادر ذلك الثراء.
إن المحاكمة المنتظرة ستسعى إلى تبرير الرئيس السابق لكيفية الحصول على الأموال الطائلة التي اعترف بحيازتها، فذلك وحده هو ما سيخرجه من ورطة الاتهام ويقوده إلى حكم البراءة، حيث أن كل مال تحصل عليه أثناء مأموريتيه خارج مرتبه يعتبر رشوة وتحايلا وشططا في استخدام السلطة، وهو ما تجرمه قوانين البلد وتدفع بصاحبه إلى الإدانة المنصوص عليها في قوانين لا تحتمل التأويل.
إن فريق الدفاع عن ولد عبد العزيز يعيش وضعا لا يحسد عليه، فهو ضحية لاعترافات موكله التي أحبطت كل محاولات دفع التهم المثبتة بالأدلة والقرائن في محاضر التحقيق.
غير ان اعترافات المتهم الرئيسي في ملف فساد العشرية لن تكون العقبة الكأداء الوحيدة في طريق دفاعه أثناء جلسات المحاكمة، بل إن شهادات أركان الحكم السابق وما قدموه للتحقيق من وثائق مكتوبة وتسجيلات صوتية وروايات متطابقة حول مسؤولية رأس النظام السابق عما تم من فساد، وما أهدر من أموال عمومية، وما استغل من نفوذ في الداخل والخارج.. كل ذلك سيصعب من مهمة الدفاع عن الرئيس السابق، وسيلفت الانتباه إلى أن كل بيانات دفاعه وخرجاته الإعلامية لم تكن سوى صراخ في الوقت الضائع، وأن المحاكمة ستكشف للرأي العام أن الحملات الاعلامية الاستباقية لن تطمس الأدلة الماثلة، ولن تؤثر على قضاة المحكمة.
وكالة الوئام الوطني للأنباء