الوئام الوطني : لم تشهد الساحة السياسية الموريتانية من الانسجام والتهدئة ما شهدته خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وذلك منذ أن انتهجت البلاد سياسة التعددية السياسية مطلع تسعينيات القرن الماضي.
لقد فرض رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، منذ أول يوم في سدة الحكم، إنهاء الاحتقان السياسي والتنابز بالألقاب، وأشاع ثقافة التشاور مع مختلف الطيف السياسي، منهيا بذلك عقدا كاملا من تحدي الأخلاق وإشاعة الكراهية والعنف اللفظي بين شركاء البلد في الموالاة والمعارضة.
لقد أفرزت سنوات حكم رئيس الجمهورية توافقا وإجماعا ما كان لهما أن يحصلا لولا حرصه الشخصي على إشراك الجميع في النهوض بالبلد نحو مستقبل التآخي والتكامل والتشاور، مهما كانت الرؤى مختلفة والبرامج متعددة والتوجهات متشعبة، فالهدف واحد رغم اختلاف أساليب تحقيقه.
وانطلاقا من توجيهات رئيس الجمهورية، حرصت وزارة الداخلية على إشراك الطيف السياسي في وضع التصورات الكفيلة بتنظيم انتخابات شفافة وحرة ونزيهة، ونحن على اعتاب سنة انتخابية بامتياز، ستشهد تجديد البرلمان والمجالس الجهوية والبلدية.
لقد جاءت دعوة وزير الداخلية للأحزاب الساسية، أغلبية ومعارضة، للتشاور حول الانتخابات المقبلة، سابقة في تاريخ التعاطي الرسمي مع المعارضة، وتكريسا لتوجيهات رئيس الجمهورية الخاصة بتعزيز الشراكة السياسية وتجذير التجربة الديمقراطية والحفاظ على مكتسباتها.
لكن الغريب في الأمر هو رفض بعض قادة أحزاب المعارضة لتلبية دعوة التشاور التي أطلقها وزير الداخلية، وهو الرفض الذي استغربه المراقبون لانعدام مبررات وجيهة لدى الرافضين، بالنظر إلى أن الاجتماع لم يكن لإملاءات جاهزة كما في العقود الماضية، بل لانتهاج أسلوب التشاور الذي يعني الأخذ والعطاء بغرض التوصل لأرضية مشتركة تطمئن الجميع على عدالة وشفافية عمليات الاقتراع، وتضمن لكل ذي حق حقه، ويرضى كل شريك بما منحه الناخب من أصوات باعتباره سيد الموقف داخل صناديق الاقتراع.
لكن الرافضين لسنة التشاور من أجل التوصل للمشتركات قد حفروا بأنفسهم قبور مستقبلهم السياسي في عملية انتخابية لن تنتظر من قرروا البقاء رهائن لممارسات أنظمة سابقة لم يعد لها اسم ولا وسم في ظل التحول الجذري الذي يقوده رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، على مختلف الصعد، وفي مقدمتها العملية السياسية التي تعتبر مدخل كل إصلاح ومربط كل فرس.
وكالة الوئام الوطني للأنباء