العمل والواقعية.. سلاح فعال لمواجهة التداعيات السلبية لارتفاع أسعار المحروقات

الوئام الوطني : مع استمرار الحرب الدائرة في أوكرانيا وتفاقم أزمة الطاقة عالميا، لم يبق أمام حكومتنا، على غرار حكومات العالم، غير خفض الدعم المقدم للمحروقات من اجل التحكم في أسعارها، وهو الدعم الذي توفره خزينة الدولة على حساب آنجاز مشاريع تنموية هامة والوفاء بالتزامات ضرورية.

لم يكن امام الحكومة بد من تخفيض ذلك الدعم، وبالمحصلة فإن اسعار المحروقات سترتفع تلقائيا، وهو ما حدث بالفعل. 

وبارتفاع اسعار المحروقات سترتفع أسعار تذاكر النقل داخل المدن وخارجها، وهو ما بدأ اليوم أيضا، وهو أمر متفهم جدا، وإن كانت الدولة مسؤولة عن التحكم فيه حتى لا يخضع لمضاربات وجشع الانتهازيين. 

لكن هذا الغلاء، الخارج عن إرادة الحكومة، سيكون أشد وقعا ما لم تصاحبه نهضة جماهيرية تكسر قيود الكسل والاتكالية والتبذير، وتفرض العمل والواقعية، فلا مستقبل لشعب يعيش ثلثاه بالاعتماد على ثلث واحد، ولا أمل لأمة تنفق أكثر مما تكسب، ولا بقاء لمجتمع يمارس هواية التبذير.

إن أصحاب السيارات الخصوصية عليهم أن يتعاملوا مع الظرف الجديد بواقعية أكثر، فيلغوا المشاوير غير الضرورية، ويستخدموا وسائل النقل العمومي في الكثير من الحالات، وهي مناسبة لدعوة الحكومة لتنظيم النقل العمومي وتجديد أساطيله وفرض قوانين السير، حتى يجد الزبون راحته ويقتنع باستخدام هذا النوع من النقل في غير اوقات الضرورة التي تفرض عليه استخدام سيارته الخاصة. 

ففي مدينة نواكشوط، التي تضم ثلث ساكنة البلد برمته، تتنوع وسائل النقل حسب المناطق وطبيعة التنقل.

فمن الناس من يتنقل مسافات بعيدة ويحتاج للباصات وسيارات الأجرة.

ومنهم من يتنقل مسافات متوسطة أو قصيرة تؤمنها لهم عربات "تيك توك" ثلاثية العجلات، أو حتى العربات التي تجرها الحمير أو الخيول "شاريت"، وهي التي عادة ما تستخدمها الأسر الفقيرة كوسيلة للتنقل القريب لأنها لا تكلف اكثر من 20 أوقية قديمة، في الكثير من المسافات.

وفي ظل الارتفاع الكبير لأسعار المحروقات، بات لزاما على الجميع التفكير في محاكاة ساكنة مقاطعتي السبخة والميناء (سينكييم وسيزييم)، اللتين حافظتا على استخدام عربات نقل بالحصان تستخدم كوسيلة نقل داخل تلك المناطق المترامية الأطراف داخل المقاطعتين اللتين يقتصر هذا النوع من وسائل النقل عليهما في العاصمة نواكشوط. 

"بابيس" سائق عربة حصان يتنقل ما بين منطقة البصرة وسوق السبخة، مرورا بالوقفة الشهيرة، قال لوكالة الوئام الوطني للأنباء إنه يشتغل على عربته منذ 5 سنوات وهي لمواطن  مسن من "السونوكي" يقطن في مقاطعة السبخة.

وأوضح" بابيس " أنه يتحصل يوميا على  مبلغ بحدود 7500 أوقية قديمة فى حال ما إذا كان العمل جيدا، مشيرا إلى أن دخله، وفي أسوء الحالات، لا يقل عن 3000 أوقية قديمة.

وأضاف "بابيس" أنه وزملاءه الممارسين لمهنة النقل عبر العربات التي تجرها الخيول عبر ذات الخط، ينقلون العديد من الزبناء الذين غالبيتهم نساء يعملن في سوقي السبخة والميناء أو يتبضعن منهما، منبها إلى أنه يقوم، في حالات نادرة، برحلات سياحية كثيرا تكون لصالح أطفال يبتغون التنزه لمسافات قصيرة وبدون وجهة معينة أحيانا.

وأكد أنه وزملاءه في مهنة النقل نادرا ما يدخولون وسط المدينة "كبتال"، مضيفا أنه لا يتذكر أن أحدا من زملائه دخل تفرغ زينة أو حتى لكصر في مهمة عمل تتعلق بمهنتهم، بحسب تعبيره

إنها البدائل في عصر التحديات الكبرى القادمة من خلف الحدود، والتي لم يلح حل لها في الأفق المنظور على الأقل، ما دامت الحرب الروسية على أوكرانيا مستمرة.

 

 

 

تقرير/ جمال أباه

 

سبت, 16/07/2022 - 16:20