الوئام الوطني :بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لتربعه على عرش أسلافه، الذي يصادف هذه السنة حلول السنة الهجرية الجديدة، دعا الملك محمد السادس الرئاسة الجزائرية، للمرة الثانية، للعمل يدا في يد لإقامة علاقات طبيعية بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري، اللذين تجمعهما روابط تاريخية وانسانية والمصير المشترك.
وقال الملك محمد السادس، في خطابه بالمناسبة، "إن التزامنا بالنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لا يعادله إلا حرصنا المتواصل، على معالجة أولويات المغرب، على الصعيدين الجهوي والدولي"، مشددا، مرة أخرى، "بأن الحدود، التي تفرق بين الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لن تكون أبدا، حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما".
وأضاف أنه يريدها أن تكون "جسورا، تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثال للشعوب المغاربية الأخرى"، مهيبا بالمغاربة "لمواصلة التحلي بقيم الأخوة والتضامن، وحسن الجوار، التي تربطنا بأشقائنا الجزائريين؛ الذين نؤكد لهم بأنهم سيجدون دائما، المغرب والمغاربة إلى جانبهم، في كل الظروف والأحوال".
وأوضح جلالة الملك أن من يقومون بالادعاءات التي تتهم المغاربة بسب الجزائر والجزائريين، بطريقة غير مسؤولة، "يريدون إشعال نار الفتنة بين الشعبين الشقيقين"، مؤكدا أن ما يقال عن العلاقات المغربية الجزائرية، "غير معقول ويحز في النفس. ونحن لم ولن نسمح لأي أحد، بالإساءة إلى أشقائنا وجيراننا"، بحسب تعبيره.
وعبر الملك محمد السادس على حرصه على الخروج من هذا الوضع، وتعزيز التقارب والتواصل والتفاهم بين الشعبين، مشيرا إلى تطلعه "للعمل مع الرئاسة الجزائرية، لأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد، لإقامة علاقات طبيعية، بين شعبين شقيقين، تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية، والمصير المشترك".
وفي خطابه بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد، دعا الملك محمد السادس إلى تفعيل المؤسسات الدستورية من اجل النهوض بوضعية المرأة، لأن ما وصفه بمغرب التنمية والكرامة لايمكن أن يتم بدون مشاركة المرأة الكاملة في كل المجالات، و"بمشاركة جميع المغاربة، رجالا ونساء، في عملية التنمية".
ونبه الخطاب الملكي إلى حرص العاهل المغربي، منذ اعتلائه العرش، "على النهوض بوضعية المرأة، وفسح آفاق الارتقاء أمامها، وإعطائها المكانة التي تستحقها"، مضيفا أن من أهم الإصلاحات التي قام بها جلالة الملك، "إصدار مدونة الأسرة، واعتماد دستور 2011، الذي يكرس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات، وينص على مبدأ المناصفة،كهدف تسعى الدولة إلى تحقيقه".
وأوضح أن الأمر هنا، "لا يتعلق بمنح المرأة امتيازات مجانية؛ وإنما بإعطائها حقوقها القانونية والشرعية. وفي مغرب اليوم، لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها".
ودعا الملك محمد السادس إلى "تفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض بوضعيتها"، مؤكدا أنه "إذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية؛ لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها".
واستنكر جلالة الملك اعتقاد فئة من الموظفين ورجال العدالة أن هذه المدونة خاصة بالنساء، "والواقع أن مدونة الأسرة، ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة؛ وإنما هي مدونة للأسرة كلها"، على حد تعبيره.
ووصف جلالته المدونة بأنها "تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال"، مشددا على "ضرورة التزام الجميع، بالتطبيق الصحيح والكامل، لمقتضياتها القانونية، كما يتعين تجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة ، ومراجعة بعض البنود، التي تم الانحراف بها عن أهدافها، إذا اقتضى الحال ذلك".
وقال جلالة الملك، بصفته أميرا للمؤمنين ، وكما أوضح في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان ، "فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله ، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية"، مؤكدا حرصه على أن يتم ذلك "في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية ، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح ، والتشاور والحوار ، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية".
وفي نفس الإطار، دعا العاهل المغربي "للعمل على تعميم محاكم الأسرة، على كل المناطق، وتمكينها من الموارد البشرية المؤهلة، ومن الوسائل المادية، الكفيلة بأداء مهامها على الوجه المطلوب"، منبها إلى أنه "على الجميع أن يفهم، أن تمكين المرأة من حقوقها، لا يعني أنه سيكون على حساب الرجل؛ ولا يعني كذلك أنه سيكون على حساب المرأة".
وقال الملك محمد السادس إن "تقدم المغرب يبقى رهينا بمكانة المرأة، وبمشاركتها الفاعلة، في مختلف مجالات التنمية".
وفي مجال تعليقه على أزمة كوفيد، أوضح الخطاب الملكي أن المغرب تمكن من تجاوز الأزمة بتضافر جهود المواطنين والسلطات، منبها إلى أن الوضعية، خلال السنوات الأخيرة، "كانت مطبوعة بتأثير أزمة كوفيد 19، على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية".
وأوضح الملك محمد السادس أن العديد من الناس، خاصة من الفئات الهشة والفقيرة، "تأثروا كثيرا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ولكننا تمكنا، والحمد لله، من تدبير هذه المرحلة الصعبة، بطريقة فريدة، بفضل تضافر جهود المواطنين والسلطات".
وأكد العاهل المغربي أن الدولة "بذلت مجهودات جبارة، وتحملت تكاليف باهظة، لمواجهة آثار هذا الوباء، حيث قامت بتقديم مساعدات مادية مباشرة للأسر المحتاجة، وبدعم القطاعات المتضررة"، مضيفا أن الدولة "عملت على توفير المواد الأساسية، دون انقطاع، وبكميات كافية، في كل مناطق البلاد".
ونبه الملك محمد السادس إلى أن المغرب "كان، بشهادة الجميع، من الدول الأولى، التي بادرت بشراء اللقاح، وتوفيره بالمجان، لجميع المواطنين والأجانب المقيمين بالمغرب، رغم ثمنه الباهظ".
وكالة الوئام الوطني للأنباء