الوئام تنشر مقابلة وزير الصحة مع "مجلة المستشفيات العربية"

أجرت مجلة المستشفيات العربية لقاء هاما مع وزير الصحة السيد المختار ولد داهي 

تطرق اللقاء الى جوانب عدة من اهمها واقع قطاع الصحة فى البلاد وابرز السمات التى يتميز بها القطاع والخطط المتبعة للنهوض بالقطاع وكذلك الخطط المستقبلية المتبعة للنهوض بقطاع الصحة بصفة عامة 

 

نص المقابلة : 

نود في البداية الإضاءة على واقع القطاع الصحي في موريتانيا. ما هي أبرز السمات التي يتميز بها هذا القطاع؟ ماذا عن الثغرات؟

يشهد القطاع الصحي منذ 3 سنوات عملا دؤوبا من أجل تطويره ورفع مستواه، إنفاذا لتعهدات فخامة رئيس الجمهورية؛ وقد تم قطع أشواط معتبرة في هذا الاتجاه رغم تحدي جائحة كوفيد– 19 الذي أثّر على وتيرة العمل وتسارعه في الاتجاهات غير المرتبطة بالتصدي لها. 

وفي هذا الإطار تم التركيز على تيسير الولوج الجغرافي والمادي للخدمات الصحية من خلال وضع الخارطة الصحية، واتخاذ جملة إجراءات تيسر النفاذ للخدمات الصحية في إطار البرنامج الموسع لفخامة رئيس الجمهورية “أولوياتي” مثل خفض التكلفة الجزافية للنساء الحوامل حيث تحصل المرأة الحامل على كل العلاجات والتدخلات الجراحية الضرورية لها ولوليدها حتى شهرين بعد ولادته فقط مقابل ما يعادل 12$، كما تقررت مجانية الإنعاش الطبي، والنقل بين الوحدات الصحية ونقل ضحايا حوادث السير، ولهذا الغرض تم نشر 22 سيارة إسعاف مجهزة على مختلف محاور الطرق الوطنية. أيضا تقرر توحيد سعر الأدوية على عموم التراب الوطني وتعزيز الرقابة على التقيد بهذا الإجراء من خلال تفعيل المفتشية الداخلية للقطاع وتعزيز دورها، من دون أن ننسى ما تم القيام به لصالح المصادر البشرية من اكتتاب لأكثر من 2000 وحدة جديدة، وزيادة للرواتب 100%، وتعميم لبعض العلاوات.

بطبيعة الحال لا يزال هناك  نواقص، وهو ما  نعمل على تداركه  حيث  وجهنا العمل، تطبيقا لتعهدات فخامة رئيس الجمهورية، إلى استكمال ما  تم القيام به في مجال التأمين الصحي من خلال صندوق التأمين التضامني الاختياري، وإلى توفير الأدوية  الأساسية  مضمونة الجودة ومناسبة الثمن في  صيدليات مختلف وحدات الهرم الصحي من  خلال  برنامج “الميسر”،  وأيضا  توفير التجهيزات الأساسية لمختلف المستشفيات الوطنية، ويجري العمل على بعض البرامج الأخرى الهادفة إلى تقريب الخدمات الصحية من المواطنين  مثل  برنامج القوافل الصحية ومركز مواجهة الطوارئ في مجال الصحة العمومية. 

ما هي الخطط وأسس العمل المتبعة لديكم من أجل النهوض بهذا القطاع الحيوي ومواكبة التطورات المتلاحقة على مختلف الأصعدة؟    

القطاع الصحي الآن في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على خطته العشرية للفترة من 2022 – 2031، وهي في المقام الأول تنزيلا لتعهدات فخامة رئيس الجمهورية في مجال الصحة، كما أنها على مستوى آخر تداركا لمواطن النقص ومكامن الخلل الملاحظة خلال الفترات السابقة، وتأسيسا على المعطيات التي خلصت إليها الدراسة الاستقصائية الديموغرافية والصحية، هذا فضلا عن مساهمات المتدخلين والشركاء ومسؤولي مختلف وحدات الهرم الصحي الوطني التي أغنت وعمقت جوانب أساسية من هذه الخطة. 

تولي الخطة أهمية كبيرة لتعزيز قدرات النظام الصحي الوطني على مستوى المصادر البشرية والبنى التحتية والتجهيزات، وللتغطية الصحية الشاملة، ولصحة الأم وحديثي الولادة، ومواجهة الطوارئ الصحية التي كانت من أهم الدروس المستخلصة من جائحة كوفيد– 19، هذا فضلا عن الأدوية، والخارطة الصحية ومحاور أخرى كثيرة يضيق المقام عن بسطها. تحدّثتم مؤخرا عن تجربة الحكومة الموريتانية في مجال التغطية الصحية بعد أن عكفت القطاعات المعنية خلال السنوات الثلاث الأخيرة على تنفيذ حزمة إجراءات لتسريع وتيرة التغطية الشاملة بالتأمين الصحي ضمن مقاربة تهدف إلى بلوغ معدل 70% قبل نهاية 2025.

ما هي الخطوات المتبعة من أجل إنجاح هذه الخطة؟ وما هي أهميتها للمجتمع الموريتاني؟  

على مستوى تنفيذ تعهدات فخامة رئيس الجمهورية في مجال التغطية الصحية الشاملة تم قطع أشواط مهمة وغير مسبوقة؛ فبالإضافة إلى 15% من السكان الذين هم مؤمّنون عن طريق صندوق التأمين الصحي الوطني من الموظفين وعمال القطاع الخاص وغيرهم، تم مؤخرا بتعليمات من فخامة رئيس الجمهورية تأمين 100.000 أسرة فقيرة أي ما يناهز  650.000 فرد دفعة واحدة، وهو عدد كبير كما ترون ضاعف نسبة التأمين حتى بلغت 30%.

في السياق نفسه، تمت أيضا المصادقة على صندوق التأمين التضامني الاختياري، وهو موجه لعمال القطاع غير المصنف ويهدف إلى توفير التأمين لـ 70% المتبقية من المواطنين، والعمل على إطلاقه متقدم، والآن في مرحلة وضع النصوص التطبيقية الخاصة بتحديد حزمة الخدمات  ومبالغ المساهمات.

مشروع “عناية” يعتبر واحدا من المقاربات الرائدة لإصلاح المنظومة الصحية. ما هو هذا المشروع؟ ما هي أهميته؟ وما هي آلية العمل المتبعة؟   

في مجال التمويل القائم على تحقيق النتائج، يعد مشروع “عناية” أحد المقاربات الرائدة لإصلاح المنظومة الصحية في بلادنا والتي انطلقت عام 2019. لقد تمكن المشروع بواسطة مقاربة التمويل القائم على تحقيق النتائج وإنجاز حصيلة عمل نوعية انعكست في تطور بارز للمؤشرات الصحية 

وتعزيز ملموس لجودة الخدمات الصحية. لقد عززت المقاربة الجديدة من اللامركزية في التسيير وأدخلت طرق تنظيمية مبتكرة لتسيير المنشآت الصحية مكنتها من صنع فارق كبير

بين واقعها بعد وقبل تدخل المشروع خاصة على المستوى الولايات الثلاث التي يتدخل فيها، وهي: الحوض  الشرقي، الحوض الغربي وولاية كيدماغه.

قمتم مؤخرا بزيارة الى المملكة العربية السعودية. أين تكمن أهمية هذه الزيارة؟ وما هو حجم علاقات التبادل مع السعودية على مستوى القطاع الصحي؟  

الزيارة التي قمت بها الى المملكة العربية السعودية كانت مناسبة لتناول محفظة التعاون بين بلادنا والمملكة العربية السعودية في مجال الصحة والتبادل حول الآفاق الممكنة لهذه الشراكة، وتم خلالها التباحث حول مجموعة من القضايا نذكر منها على وجه الخصوص:  

  • تشييد مستشفى الملك سلمان بن عبد العزيز في نواكشوط. 
  • تسريع إجراءات انطلاق مشروع الصحة الإنجابية الممول من طرف البنك الإسلامي. 
  • تشييد وتجهيز مركز وطني كبير لغسيل الكلى في نواكشوط.  

إضافة إلى الدعم المؤسسي لبعض الهيئات التابعة للقطاع، وتبادل الخبرات والتدريب، والابتعاث الطبي والتوأمة بين بعض المؤسسات الشبيهة بالبلدين. 

كيف تقيّمون واقع المستشفيات الحكومية؟ وما هي أوجه التعاون مع القطاع الصحي الخاص؟  

كما أسلفت، توجد بعض النواقص والاختلالات لكن أيضا تم تسجيل تحسن ملحوظ في العديد من الجوانب، نحن لدينا سياسة استشفائية نسهر على تطبيقها من أجل الرفع من مستوى المستشفيات، كما أن لدينا خارطة صحية من خلال تنزيلها سنتمكن من الوصول الى تصنيف أكثر عدالة وعقلنة لتوزيع الموارد البشرية والتجهيزات والموارد المالية على هذه المؤسسات الاستشفائية، وهو تصنيف يأخذ بعين الاعتبار مستوى الكثافة السكانية وخصوصية المنطقة ومستوى تغطيتها الصحية.  

وكما أسلفت أيضا، هناك تحسن مسجل في مجال توفير المصادر البشرية، والتجهيزات الطبية، وفي مجال تمويل الصحة؛ هذا هو الأهم للمراجعين وللمؤسسات لأن تطور الصحة مرهون بدفع مقابل الخدمات الصحية، وهذا ما ساعدت فيه

كثيرا الخدمات التي يتولى البرنامج الموسع لفخامة رئيس الجمهورية دفع تكاليفها.

نود الحديث عن تجربتكم في مكافحة فيروس كورونا المستجد. كيف تقيّمون هذه التجربة؟  

في مجال التصدي للجائحة تمكنت بلادنا بفضل الله من تأخير دخول الوباء 3 أشهر للبلاد، وذلك بفعل الإجراءات التي أقرتها الحكومة تنفيذا لتعليمات فخامة رئيس الجمهورية من خلال إغلاق  جميع المنافذ  وتطبيق حظر التجول والقيام بإجراءات اجتماعية مواكبة  بغية  التخفيف من  انعكاسات الإجراءات  المتخذة  على السكان الأكثر هشاشة،  وفي هذا السياق تم إنشاء صندوق  التضامن الاجتماعي ومكافحة  فيروس كورونا  والذي  من خلاله  قدمت الحكومة  الإعانات  المادية  للأسر الفقيرة كما سددت عنها فواتير الماء والكهرباء، ووجهت جزءا آخر منه إلى الإعفاءات الضريبية والرفع من جاهزية النظام الصحي.

بفضل هذه الإجراءات تأخر تسجيل أول حالة ببلادنا إلى غاية 13 مارس 2020، وهو ما أكسب النظام الصحي بعض الوقت ليستعد لمواجهة هذا الوباء خاصة على مستوى الرفع من القدرة على الرقابة وتتبع الحالات، وتكوين المصادر البشرية واقتناء بعض المعدات الضرورية، وهذا مكن بالفعل من تدعيم نظام الرقابة الوبائية ومن قدرات النظام الصحي على التكفل بالحالات. بالموازاة، تم العمل على تعزيز قدرات المعهد الوطني للبحوث في مجال الصحة العمومية من خلال اقتناء جهاز لفصل التسلسل الجيني للفيروسات، وهو ما مكن من استقلالية النظام الصحي في هذا المجال بعد أن كان يبعث بالعينات خارج البلد لتحليلها  جينيا، كما انتسبت بلادنا مبكرا لمختلف المبادرات الدولية من أجل الحصول على للقاحات، الامر الذي سمح ببلوغ تغطية جيدة بالتلقيح  ضد كوفيد– 19، تجاوزت  70%، من مجموع  المستهدفين  البالغين من العمر 18فما فوق،  بالنسبة للجرعة الأولى، وهي في حدود 60% بالنسبة لمكتملي التلقيح. 

ما هي آليات العمل والمنهجية التي تم اتباعها لديكم للتصدي للوباء؟  

مثّل التصدي لجائحة كوفيد– 19 مثالا للتكامل البنّاء بين مختلف القوى الوطنية سواء تعلق الأمر بالقطاعات الحكومية أو بالمجتمع السياسي والمدني والشركاء الفنيين والماليين.

وقد أثمرت هذه الجهود مجتمعة نتائج مهمة خففت من وطأة الجائحة من خلال الإجراءات الاجتماعية الهامة، ومن خلال انخراط الجميع في التعبئة والرفع من مستوى الوعي بخطورتها وحث المواطنين على التقيد بالإجراءات الاحترازية في المراحل الأولى من الوباء ثم الإقبال على التلقيح في المراحل التالية، هذا فضلا عن تعبئة الموارد المالية من طرف الحكومة والشركاء ورجال الأعمال الموريتانيين.

فرضت جائحة كورونا أعباء كبيرة على القطاع الصحي، كيف تصفون هذه التجربة وما هي الخلاصات التي خرجتم بها؟  

تجربة كورونا كانت تحديا حقيقيا لكن ولله الحمد تمكنا من مواجهته في مختلف مراحله، من خلال تأخير وصوله للبلاد أولا، ومن خلال الرقابة والتتبع والرفع من قدرات الاستقبال والتكفل ثانيا، ثم بعد ذلك عبر التلقيح. 

الخلاصة التي خرجنا بها من هذه التجربة تقضي بضرورة تقوية نظام الرقابة ومواجهة الطوارئ الصحية، وهو ما نعمل عليه الآن بالتعاون مع مختلف الشركاء المؤسسين على مستوى الحكومة وبعض الشركاء الفنيين والماليين للقطاع وفي مقدمتهم المنظمة العالمية للصحة. 

ما هي المشاريع والخطط المستقبلية التي تسعون الى تطبيقها للسير قدما بالقطاع الصحي في موريتانيا؟  

يعمل القطاع في المستقبل على العديد من الورش التي من شأنها أن تعزز من المكتسبات الموجودة، وتطور العمل على مجالات أخرى محورية للقطاع، نذكر منها: 

  • بناء مستشفيات حديثة خصوصا للأنكلوجيا، الأم والطفل، وأمراض السكري، والعمل على تقريب البنى التحتية الصحية من السكان عبر توفير نقاط صحية قريبة. 
  • تسريع وتيرة التأمين الصحي الشامل لتشمل 50% من السكان في أفق 2024، و70% في أفق 2027.
  • تنقية مجال الأدوية توفيرا، توزيعا، جودة وأثمانا؛ وإنشاء سلطة وطنية لمراقبة جودة الأدوية والمستلزمات الطبية.

 

أربعاء, 10/08/2022 - 12:55