زارت لجنة تقصي الحقائق في البرلمان الأوروبي، حول برنامج بيغاسوس وبرامج تجسس مماثلة، (زارت) إسرائيل وفوجئت، بحسب ما أوردته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، بأن شركة "إن إس أو"، المصنعة لبيغاسوس، تربطها لوحدها عقود مع 22 دولة أوروبية وهي ليست الفاعل الوحيد في هذه "اللعبة". تفسيرات.
AA
تستمر موجة الصدمة في قضية بيغاسوس في الاتساع، لكن هذه المرة تمس الاتحاد الأوروبي. فقد زار ممثلو لجنة تقصي الحقائق في البرلمان الأوروبي بشأن بيغاسوس وبرامج تجسس مماثلة، إسرائيل، مؤخرا، وعلموا من العاملين في "إن إس أو" أن الشركة لديها عقود مع 12 من 27 عضوا في الاتحاد الأوروبي. وأشارت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن "أجوبة الشركة الإسرائيلية على أسئلة المفوضية الأوروبية تكشف أن الشركة تعمل مع العديد من الأجهزة الأمنية في الاتحاد الأوروبي".
وأضاف المصدر ذاته قائلا: "زار ممثلو اللجنة إسرائيل في الأسابيع الأخيرة لتعميق تحقيقهم بشأن الصناعة المحلية الخاصة بالحرب الإلكترونية وتحاوروا مع عاملين في "إن إس أو" وممثلي وزارة الدفاع الإسرائيلية وخبراء محليين.
تم إحداث هذه اللجنة بعد نشر مشروع بيغاسوس (Project Pegasus) العام الماضي، وهدفها هو إحداث قانون ينظم اقتناء واستيراد واستخدام برامج الحرب الإلكترونية داخل الاتحاد الأوربي مثل برنامج بيغاسوس. لكن أثناء وجود أعضاء اللجنة في إسرائيل، وخاصة منذ عودتهم إلى بروكسل، تم الكشف عن وجود صناعة متطورة في الحرب الإلكترونية في أوروبا، والعديد من زبنائها أوروبيون.
وتجدر الإشارة إلى أن برامج التجسس بيغاسوس الذي تصنعه الشركة الإسرائيلية والمنتجات المنافسة تجعل من الممكن اختراق الهاتف المحمول للضحية، ثم السماح للمشغل بالاستماع إلى محادثاته وقراءة محتوى التطبيقات التي يجب أن تحتوي على رسائل مشفرة والتمكن من الولوج الكامل إلى لائحة المتصلين والملفات الخاصة بالهاتف. كما يتيح بيغاسوس أيضا الاستماع في الوقت الفعلي إلى ما يحدث حول الهاتف المحمول، من خلال تفعيل الكاميرا والميكروفون.
12 دولة أوروبية من "الزبناء"
وأوضحت صحيفة "هآرتس" أنه خلال زيارتهم لإسرائيل، أراد المشرعون الأوروبيون معرفة هويات زبناء "إن إس أو" الحاليين في أوروبا وفوجئوا عندما اكتشفوا أن معظم دول الاتحاد الأوروبي قد وقعت عقودا مع الشركة: 14 دولة تعاملت مع "إن إس أو" في الماضي وما زالت 12 دولة على الأقل تستخدم بيغاسوس من أجل اعتراض قانوني لمكالمات الهاتف المحمول، وفقا لأجوبة "إن إس أو" على أسئلة اللجنة البرلمانية الأوروبية.
وأوضحت الشركة لأعضاء تلك اللجنة أن شركة "إن إس أو" تعمل حاليا مع 22 "مستخدم" -أجهزة الأمن والاستخبارات- في 12 دولة أوروبية. في بعض هذه البلدان، هناك أكثر من زبون واحد، ولا يتم إبرام العقد مع الدولة، ولكن مع الهيئة المستغلة لبرنامج التجسس.
في الماضي، كما كتبت "إن إس أو" إلى اللجنة، عملت الشركة مع دولتين أخريين، لكن العلاقات قطعت في غضون ذلك. لم تكشف "إن إس أو" عن هوية الدول التي مازالت تعمل ببرنامج بيغاسوس أو الدولتين اللتين تم تجميد عقودهما. لكن وفقا لمصادر في مجال الحرب الإلكترونية، فإن هاتين الدولتين هما بولندا والمجر، اللتين أزيلتا العام الماضي من قائمة الدول التي تسمح إسرائيل ببيع التكنولوجية الإلكترونية الهجومية إليها.
يعتقد بعض أعضاء اللجنة أن العقد (العقود) مع إسبانيا ربما تم تجميده بعد الكشف عن مراقبة قادة الانفصاليين الكتالونيين، لكن المصادر أوضحت أن هذا البلد، الذي يلتزم بالقانون، لا يزال على قائمة الدول التي وافقت عليها وزارة الدفاع الإسرائيلية. وأضافت المصادر نفسها أنه بعد تفجر القضية، طلبت إسرائيل و"إن إس أو" وشركة إسرائيلية أخرى تعمل في إسبانيا توضيحا من مدريد – وأكدوا أن استخدام الأجهزة الإسرائيلية كان استخدما قانونيا.
تؤكد مصادر للصحيفة الإسرائيلية أن العقد المبرم بين الشركات الإسرائيلية والحكومة الإسبانية لم يلغ. في هذه الأثناء، في إسبانيا، تم الكشف عن أن عمليات القرصنة -حتى ولو كانت إشكالية من الناحية السياسية- قد تم تنفيذها بشكل قانوني.
يسلط حجم نشاط شركة "إن إس أو" في أوروبا الضوء على لجوء الدول الغربية إلى الصناعة الإلكترونية الهجومية، والتي تعمل على التنصت على المدنيين، وفقا القانون وتحت الرقابة القضائية، على عكس الديكتاتوريات التي تستخدم هذه الأجهزة سرا ضد المنشقين والمعارضين. تتنافس "إن إس أو" وشركات إسرائيلية أخرى ومزودون أوروبيون جدد على سوق من الزبناء الشرعيين -وهو عمل لا ينطوي عادة على سلوك سيء.
هذا المجال، المسمى بالاعتراض القانوني، أثار في السنوات الأخيرة غضب شركات التكنولوجيا مثل آبل (مصنع أيفون) وميتا (فيسبوك الذي يمتلك واتساب، والذي يتم من خلاله تثبيت برنامج التجسس). رفعت هاتان الشركتان دعوى قضائية ضد "إن إس أو" لاختراقها الهواتف من خلال منصتيهما، وهما تخوضان حاليا معركة ضد هذه الصناعة. تسبب الحرب الإلكترونية هذه أيضا قلقا كبيرا في أوروبا، حيث أصدر الاتحاد الأوروبي تشريعات شاملة بشأن مسألة خصوصية الإنترنت. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه لا يوجد اهتمام بهذه التقنيات أو استخدامها في القارة الأوروبية.
وهكذا، في الأسبوع الماضي فقط، مكنت الحقائق التي تم الكشف عنها من معرفة أن اليونان كانت تستخدم بريداتور (Predator)، وهو برنامج تجسس مشابه لبيغاسوس، ضد صحفي استقصائي وضد زعيم الحزب الاشتراكي. وقال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس إن التنصت قانوني ويستند إلى أمر قضائي. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن بريداتور هو من صنع شركة سيتروكس (Cytrox) المسجلة في مقدونيا الشمالية وتعمل من اليونان.
برامج التجسس المصنوعة في الاتحاد الأوروبي
تنتمي سيتروكس إلى مجموعة إنتيليكسا (Intellexa) المملوكة لطال ديليان (Tal Dilian)، وهو عضو سابق رفيع المستوى في أجهزة المخابرات الإسرائيلية. كانت إنتيليكسا موجودة سابقا في قبرص، ولكن بعد سلسلة من الحوادث، نقلت الشركة أنشطتها إلى اليونان. وفي الوقت الذي تشرف فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية على تصدير بيغاسوس، برنامج "إن إس أو"، فإن نشاط إنتيليكسا وسيتروكس ليس كذلك.