يُقدم هذا التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لسنتي 2021 و2022 وفقًا للمادة 6 من القانون النظامي رقم 016-2017 الصادر بتاريخ 5 يوليو 2017 المتضمن تشكيلة وسير عمل وتنظيم اللجنة. ويركز التقرير على العدالة وكوفيد 19 والتغير المناخي وحقوق الإنسان. ويقدم إلى رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية وسيكون موضوع مناقشات على مستوى اللجان المتخصصة في البرلمان.
لقد تم إنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بموجب الأجمر القانوني رقم 015/2006 الصادر عن المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، والذي تم إلغاؤه واستبداله بالقانون رقم 031/2010.
في أعقاب الحوار الوطني الذي تم تنظيمه في سنة 2011 وما نتج عنه من تعديلات دستورية في سنة 2012، أصبحت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بموجب المادة 97 من الدستور، مؤسسة دستورية لترقية وحماية حقوق الإنسان. يحكمها القانون النظامي رقم 016/2017 الصادر بتاريخ 5 يوليو 2017 الذي يحدد تشكيلة وتنظيم وسير عمل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان. كما تم تعديله بالقانون النظامي رقم 015-2021 الصادر بتاريخ 03/8/2021. ويتعلق هذا التعديل بطريقة تعيين الأعضاء الذين يتمتعون بحق التصويت والذين يتم انتخابهم جميعًا من الآن فصاعدا من قبل نظرائهم، وبتشكيلة اللجنة المكلفة بالإشراف على عملية انتخاب أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والتي يكون رئيسها شخصية مستقلة.
تتمثل المهمة الرئيسية للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في إبداء الرأي في قضايا حقوق الإنسان للحكومة والبرلمان وأي هيئة أخرى مختصة، والمساهمة في نشر وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، وترقية ومراعاة مواءمة التشريع الوطني مع الآليات القانونية لحقوق الإنسان، والمساهمة في إعداد التقارير التي يجب على الحكومة تقديمها إلى أجهزة ولجان الأمم المتحدة، والتعاون مع هذه الأجهزة في مجال حقوق الإنسان، وزيارة السجون وأماكن الاحتجاز دون سابق إنذار، والإبلاغ عن وضعية حقوق الإنسان إلى رئيس الجمهورية.
تهدف اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في الواقع، إلى ترقية وحماية حقوق الإنسان، وفقًا “لمبادئ باريس” التي اعتمدتها الأمم المتحدة والهدف رقم: 16 من أهداف التنمية المستدامة.
إن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان هي واحدة من ست (6) مؤسسات في الجمهورية لها وضع دستوري وهي المجلس الدستوري ومحكمة العدل السامية ومحكمة الحسابات والمجلس الأعلى للفتوى والمظالم والمجلس الاقتصادي والاجتماعي واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.. يتردد صدى استقلالها اليوم على المستوى الدولي، وقد توجت بالرتبة “أ” للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وعلى عكس المؤسسات ذات الصلاحيات المحددة مثل السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (الصحافة السمعيات البصرية) و اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات (الانتخابات) والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب (الوقاية من التعذيب) ومرصد حقوق المرأة (حقوق المرأة)، فإن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لديها مأمورية واسعة تغطي جميع مجالات حقوق الإنسان (الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما فيها الصحافة السمعيات البصرية والانتخابات والوقاية من التعذيب وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق المهاجرين إلخ …)
وعلى عكس المؤسسات الأخرى، تخضع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لما يسمى بمبادئ باريس التي وافقت عليها لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في مارس 1992 (القرار 1992-54) والجمعية العامة للأمم المتحدة (القرار 48-134) بتاريخ 20 دجمبر 1993.
وفي هذا الصدد تشارك اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في توطيد دولة القانون، التي تعرَّف بأنها نظام مؤسسي تخضع فيه السلطة العمومية للقانون.
في دولة القانون، يتم ترتيب النظم القانونية بطريقة هرمية بحيث تكون سلطة الدولة محدودة، وتستمد كل قاعدة صلاحيتها من مطابقتها للقواعد العليا. ويفترض مثل هذا النظام مساواة الأشخاص الخاضعين للقانون أمام النظم القانونية، والمساواة يضمنها وجود سير العمل المنتظم للمحاكم المستقلة.
تذكر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بصفتها مستشارا رئيسيا للدولة في مجال حقوق الإنسان، وتستند في عملها إلى الأحكام المستمدة من المادتين 4 و5 من قانونها المؤسس رقم 2017-016 الصادر بتاريخ 5 يوليو 2017، بأن أي انتهاك لحقوق الإنسان يمكن أن يعزى بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الدولة و / أو وكلائها و / أو اختلال فروعها.
تشكل المساواة بين الأشخاص الخاضعين للقانون أحد شروط وجود دولة القانون، وأي خرق لهذه المساواة لأي سبب ولأي طبيعة يمكن أن يتم الاستجواب فيه من قبل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بموجب صلاحياتها على النحو المنصوص عليه في المادتين 4 و5 المذكورتين أعلاه.
يشكل وجود تسلسل هرمي للنظم أحد أهم ضمانات دولة القانون. وتحدد فيه بدقة اختصاصات مختلف أجهزة الدولة، ولا تكون النظم التي يتم سنها صالحة إلا بشرط احترام جميع النظم القانونية العليا. وعلى رأس هذه المجموعة الهرمية يوجد الدستور، تليه الالتزامات الدولية، ثم القانون، ثم الأنظمة. وفي قاعدة الهرم توجد القرارات الإدارية أو الاتفاقيات بين الأشخاص الخاضعين للقانون الخاص.
إن هذا النظام القانوني ملزم لجميع الأشخاص الخاضعين للقانون، والدولة ليست أكثر من فرد، وبالتالي لا يمكنها أن تتجاهل مبدأ الشرعية: كل معيار، وكل قرار لا يحترم مبدأ أعلى سيكون من المحتمل أن يتعرض بالفعل لعقوبة قانونية. وهكذا فإن الدولة، التي تتمتع بسلطة سن القانون، تجد نفسها خاضعة للقواعد القانونية، ومن ثم يتم تأكيد وظيفتها التنظيمية وإضفاء الشرعية عليها. لذلك يفترض هذا النموذج مسبقًا الاعتراف بالمساواة بين مختلف الأشخاص الذين يحكمهم القانون الخاضعين للنظم المعمول بها.
إن المساواة في الخضوع للقانون، دون أي امتياز وشرعية القرارات هي الركائز التي من خلالها تلعب اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان دورها.
سنتناول في هذا التقرير تأثير حقوق الإنسان من خلال أربعة فصول: العدالة (الفصل الأول)، وأزمة كوفيد 19 (الفصل الثاني) والتغير المناخي (الفصل الثالث) والعمليات الانتخابية (الفصل الرابع).
.
الفصل الأول: العدالة
إن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان كيانات مستقلة في مواجهة الدولة والفاعلين الآخرين الذين يعملون لترقية وحماية حقوق الإنسان، ويجب أن تكون قادرة على العمل في احترام للنصوص الوطنية والإقليمية والدولية لحماية وترقية حقوق الإنسان. مع إظهار قدر معين من المصداقية والشرعية في تحقيق الأهداف التي حددتها بنفسها. ويجب أن تكون المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان قادرة على التعاون مع جميع مؤسسات الدولة والجهات الفاعلة في المجتمع المدني بكل استقلالية وحيادية.
في إطار ممارسة اختصاصها في مجال الشكايات، تُدعى المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان إلى إقامة علاقات مع الهيئات القضائية. وعندما تتلقى شكايات خارج مجال اختصاصها، يجب أن تكون قادرة على إحالتها إلى الهيئات المناسبة. كما يجب أن تكون قادرة على السعي من خلال النظام القضائي إلى تنفيذ القرارات المتعلقة بتسوية الشكايات. وبالمثل، يجب أن تكون قادرة على تقديم ملاحظاتها إلى المحاكم والهيئات القضائية المتخصصة حتى يتم اتخاذ قرار.
مع احترام استقلالية واختصاصات كل من المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والهيئات القضائية، يجب إقامة علاقات تعاون وإدراجها في إطار اتفاقات محددة تهدف إلى جعل الإجراءات أكثر شفافية وفعالة.
لأسباب عملية، سنعتمد في هذا التقرير منهجية تتمثل في إثارة بعض الاختلالات الوظيفية، دون الخوض في التفاصيل النظرية، لاستدعاء الوعي وإثارة تفكير شامل يمكن أن يؤدي إلى إصلاحات.
إن القانون يخول للجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلقاء نظرة على العدالة من خلال المادة 5 من القانون المتضمن تنظيم وسير عمل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، المادة 5:
“دون المساس بالصلاحيات المخولة للسلطات الإدارية والقضائية، تكلف اللجنة بالنظر في كافة وضعيات المساس بحقوق الإنسان سواء منها المرصودة أو المرفوعة إلى علمها ولها أن تتخذ أي إجراء مناسب في هذا الشأن، وذلك بالتشاور والتنسيق مع السلطات المختصة.
وفي هذا الإطار، تقدم اللجنة تقارير مفصلة تبين الإجراءات المقترحة على الحكومة والبرلمان»
وبموجب هذه الصلاحيات، اعتبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أنها مخولة لفحص تأثير سير عمل أو بالأحرى اختلالات العدالة على حقوق الإنسان لأن المرفق العمومي للعدالة يقدم خدمة للمواطنين.
أدرجت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة العوامل الهامة التالية التي تساهم في ضمان استقلالية المحكمة:
إجراءات ومؤهلات تعيين القضاة.
الضمانات المتعلقة بعدم قابليتهم للعزل حتى سن التقاعد الإلزامي أو انتهاء مأموريتهم.
شروط ترقية ونقل وتعليق وإنهاء وظائفهم المحددة قانونًا.
غياب التدخل السياسي من السلطتين التنفيذية والتشريعية.
الحماية من تضارب المصالح والتخويف.
وعلى هذا الأساس، تقدم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان هذا الفصل المستمد من مراقبتها المنتظمة للمحاكمات والملاحظات المستمدة من الزيارات التي قامت بها في إطار أداء مهمتها خلال سنتي 2021 و2022 لجميع السجون في موريتانيا .
في الواقع، راقبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عدة دورات جنائية من بينها الدورة الجنائية لانواكشوط الغربية في شهر مايو 2022 حيث تمت محاكمة 260 شخصًا في ظروف بعيدة عن المحاكمة العادلة (كما سنرى في التفاصيل التالية).
وقد لاحظت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الاختلالات في العدالة التي تعزى إلى كل من موقف السلطات القضائية والممارسات وسلوك أعوان العدالة أنفسهم، ونذكر أكثرها وضوحا في هذا الفصل من التقرير السنوي للجنة الوطنية لحقوق الإنسان.
نود أن نوضح منذ البداية أنه بقدر ما اعتبرناه مفيدًا بحكم استقلالنا ومن منطلق الطموح لعدالتنا لإظهار بعض أوجه القصور التي تمت ملاحظتها، تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد سبب للتعميم.
إن بعض القضاة يتمتعون بالكفاءة ويمارسون مهمتهم بإخلاص ومسؤولية، وبعض المحاكم تعمل بطريقة لا تشوبها شائبة تقريبًا، وبعض أعوان العدالة من محامين وكتاب ضبط وموثقين وعدول منفذين يمارسون مهنهم في الامتثال الصارم للقواعد الأخلاقية.
ومع ذلك، صحيح أن بعض المحامين يقوضون مهنة المحاماة التي يمارسها آخرون بشرف، وبعض القضاة يقوضون مهنة القضاء التي يمارسها الآخرون بشرف، وينطبق هذا على جميع المهنيين القانونيين، من موثقين، وعدول منفذين، وكتاب ضبط، إلخ.
ولا يمكن تصور الحل خارج ممارسة العقوبات التأديبية المنهجية وصرامة في ممارسة هذه المهن.
ملاحظة
دعونا نلاحظ منذ البداية أن قصر العدالة هو الخدمة العمومية الوحيدة حيث يبدأ الموظفون، وبالتالي المستخدمون، يوم عملهم فقط بين الساعة 10 صباحًا و11 صباحًا دون معرفة أسرار هذا الانتقاص منذ عقود.
ومن ناحية أخرى، يجب أن يكون الغرض من قرارات العدالة هو فعاليتها وبالتالي تطبيقها.
1ـ تنفيذ القرارات القضائية
إن الإدارة لا تنفذ القرارات القضائية ولا تحترمها، وهذا ما يفسر عدم إعطائها أهمية تذكر للدفاع عن نفسها أثناء المحاكمات التي هي طرف فيها.
تشكل حقيقة أن الإدارة لا تنفذ على نفسها بشكل تلقائي مشكلة في فعالية قرارات القضاء لأنها من غير المحتمل أن تخضع للتنفيذ الإجباري.
هذه الظاهرة ليست جديدة، وتوصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الإدارة بأن تهتم بدفاعها وممارسة سبل الطعن وتنفيذ القرارات التي أصبحت نهائية، فيوجد اليوم الآلاف من القرارات القضائية غير المنفذة، ويتم تنفيذ معظمها بفضل مد يد العون من النيابة، والذي غالبًا ما يكون عشوائيا. ومن بين القرارات غير المنفذة تأتي في الصدارة القرارات ضد الدولة وفروعها.
ولا شك أن البعض يرى أن الأمر يتعلق بمجموعة من الاختلالات الوظيفية في العدالة، وأن بعض المهنيين في هذا المجال ليسوا حريصين بما يكفي على احترام قواعدها الأخلاقية وبالتالي يساهمون في الاختلال العام للعدالة؛ لدرجة أنه من المناسب التساؤل عما إذا كانت قرارات المحكمة يشوبها بعض التعسف أحيانا، لدرجة أنها لا تستحق على هذا النحو كفاحا عظيما لضمان قابليتها للتنفيذ.
هل العدول المنفذون، وخاصة الأقل احترافًا منهم، يمارسون مهمتهم بمهنية ونزاهة حتى يستحقوا أن يُطلب منهم الاستقلال عن النيابة؟
ألا يساهم المحامون، وخاصة الأقل احترافا منهم، في هذا الخلل الوظيفي؟
أصبحت هذه الأسئلة مشروعة من خلال الملاحظة التي لا يمكن إنكارها أنه يوجد اليوم ارتباك شبه كامل في قطاع العدالة يتعين علاجه بشكل مستعجل.
2 -ارتباك الأدوار
القضاة “محامون”، يتدخل بعض القضاة لدى زملائهم بانتظام لصالح أصدقائهم وخاصة أقاربهم، وهي ممارسة قديمة ولكن الأخطر أنها لا تزال قائمة حتى اليوم.
شرطيون “محامون”، بعض الشرطيين يتابعون ملفات المحتجزين، ويلعبون دور المحامين عندما يكون ذلك ممكناً، وإلا فإنهم يخدمون كمرشدين لهم، إنها ممارسة قديمة ولكن الأخطر أنها لا تزال قائمة حتى اليوم، يكفي الانتباه إلى الحركة الدائبة أمام مكاتب التحقيق.
السماسرة “محامون”، إنهم معروفون بالاسم، وقد طردوا من أروقة قصر العدالة عدة مرات لكنهم يعودون في كل مرة لأنهم يتمتعون بالحماية الكافية، وهذه الممارسة قديمة ولكن الأخطر أنها لا تزال قائمة حتى اليوم.
يتحمل المحامون نصيبهم من المسؤولية عن اختلال العدالة وبعض المحامين لديهم علاقة بالقضاة مشكوك فيها وغير مهنية. وترتبط بعض الاختلالات في العدالة كما لاحظنا بالطعون التعسفية والمماطلة من قبل المحامين.
3 ـ الإفراج الفوري عن المبرئين
دولة القانون هي قبول الدولة بفرض القواعد التي تطبقها على نفسها بنفس الطريقة التي تطبق بها على المتقاضين وتصلح بدون تردد أخطاءها بتعويضات وعقوبات مناسبة.
ملاحظة
خلال المحاكمات، لاحظت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن الأشخاص الذين تمت تبرئتهم لم يفرج عنهم على الفور.
في أغلب الأحيان يتم إعادة توجيههم في حافلات الشرطة إلى السجن حيث يتم الانتهاء من إجراءات الإفراج عنهم.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بأن يقترن حكم البراءة، في الموقع، بالإفراج الفوري عن المتهم من قاعة المحكمة.
4 ـ تعويض المبرئين
العدالة عمل بشري وبالتالي غير كاملة ومن المحتمل أن تسبب أضراراً ومآسي في المجتمع. وعلى الدولة أن تتحمل مسؤولياتها وألا تترك المتقاضين ضحايا لهذه العيوب متخلفين عن الركب.
ملاحظة
لاحظت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن الأشخاص الذين تمت تبرئتهم، في أغلب الأحيان بعد فترة طويلة من الحبس الاحتياطي، لا يتم تعويضهم.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بتعديل النصوص لتقديم تعويضات لجميع الأشخاص الذين تمت تبرئتهم والذين تم حبسهم احتياطيا لأنهم في الواقع كانوا يقضون عقوبة لم يكن عليهم تحملها
5 ـ المحاكمة عبر الإنترنت
ملاحظة
خلال فترة حجز كوفيد، لم تنشئ المحاكم نظام جلسات استماع عن بُعد، وحتى أقل من ذلك لنقل الوثائق أو الاستنتاجات وعرائض المحامين عن طريق البريد الإلكتروني.
وهذا يعني أن فترة حجز كوفيد تميزت بتأخيرات متكررة في الجلسات والمحاكمات كان لها تأثير سلبي على حقوق الأشخاص المحتجزين.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بعمل كل ما هو ممكن لضمان انتظام الجلسات والمحاكمات مهما كانت الظروف، وخصوصا من خلال إنشاء نظام جلسات استماع ونقل الوثائق المتوافقة مع العالم الحديث وعقد محاكمات عبر الإنترنت إذا لزم الأمر.
6 ـ القضاء الاستعجالي
يجب معالجة النزاعات المتعلقة بإجراءات القضاء الاستعجالي وفقًا لإلحاح طبيعتها الفريدة.
ملاحظة
لاحظت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في إطار بطء الإجراءات، أن الملفات الاستعجالية لا تتم معالجتها في أجال قصيرة كما تقتضيه طبيعتها بل تخضع للطعن بالنقض أمام المحكمة العليا، وقد تتعرض تلك القضايا للطعن لصالح القانون في الملفات الاستعجالية.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بأن يتم التعامل مع القضايا الاستعجالية في آجال قصيرة وأن تكون قرارات محكمة الاستئناف بشأنها غير قابلة لأي طعن.
7 ـ عدم وجود سجل جنائي
إن الأشخاص مواطنون لديهم واقع معاش كما أن لديهم ماض؛ ويجب أن يكون سجلهم العدلي قابلا للتحديث لمصلحة المجتمع والعدالة المستنيرة.
ملاحظة
لا يتم الاحتفاظ بالسجل الجنائي في موريتانيا، مما يجعل مهمة القضاة صعبة في بعض الأحيان فيما يتعلق بالظروف المشددة لعودة الجناة أو الظروف المخففة للآخرين، كل شيء يحدث بشكل عشوائي.
إن العقوبات البديلة للسجن، والتي هي اليوم سياسة جنائية موصى بها بشدة بسبب طابعها التعليمي والوقائي في آن واحد لكل من المجتمع والجاني القاصر، يجب أن يستفيد منها غير العائدين فقط طالما يمكن التعرف عليهم بناء على سجل جنائي ذي مصداقية.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بإنشاء نظام سجل جنائي موثوق.
8 ـ المساعدة القضائية
المساعدة القضائية هي ركيزة مهمة للمساواة أمام القانون، وسيؤدي توظيفها في كثير من الحالات إلى إعادة التوازن بين أطراف المحاكمة.
ملاحظة
إن المساعدة القضائية التي أنشئت من أجل تمكين الأفراد الطبيعيين ذوي الموارد المحدودة من تأكيد حقوقهم في العدالة، لم يتم تفعيلها بعد على الرغم من النصوص الموجودة منذ سنة 2006.
يحتوي القانون الحالي على العديد من الثغرات التي يجب تصحيحها، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، حقيقة أنها لا تُمنح في المسائل الجنائية في حين أن للطرف المدني الحق فيها، وحقيقة أن لجانها يرأسها وكيل الجمهورية الذي يكون في بعض الأحيان خصما وحكما في آن واحد (تنازع المصالح) وأنه لمنح المساعدة، يتطلب النظام إجماع الأطراف المداولة (يصعب حصوله).
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بتعديل عاجل للنص الذي يحكم المساعدة القضائية وإنشاء نظام موثوق به يضمن المساواة في ولوج المواطنين إلى العدالة
9- تكوين القضاة.
يعتبر التكوين والتكوين المستمر ضروريا في عالم معاصر متغير باستمرار.
ملاحظة
لقد لوحظ غياب التكوين بالنسبة للقضاة وأعوان القضاء، وإن ميزانية وزارة العدل لم تمنح فيها مخصصات للتكوين منذ عدة سنوات، كما أن التكوينات في الخارج أصبحت نادرة، بالرغم من أهميتها في تطوير وتحسين العمل القضائي.
ومن آثار هذا الغياب وجود بعض القضاة اليوم على رأس محاكم في مختلف المجالات التجارية والجنائية والمدنية والتي ليس لديهم فيها أي مؤهلات ولا تكوين أساسي.
وعلى الرغم من كفاءة بعض القضاة فمن الواضح أن قضاة آخرين يشغلون مناصب رفيعة في التسلسل الهرمي القضائي ومدعوين بحكم مواقعهم إلى تسوية نزاعات معقدة مثل القانون البحري، وقانون التأمين، والقانون الجنائي، وقانون الشركات، وقانون الضرائب، والقانون الإداري، العديد من المجالات التي تتطلب تعليمًا جامعيًا أساسيًا صلبا مرتبطًا بثروة من الخبرة ليس لديهم تكوين في المجالات المذكورة ومع ذلك تقع ضمن اختصاصهم، وقد آن الأوان لتوقف هذه الوضعية التي استمرت كثيرا من الزمن والتي تؤثر على أداء وفعالية المحاكم.
وتوصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بوضع نظام تكويني مستمر تخصص له وسائل مالية في ميزانية الدولة على أن يكمل من طرف تدخل الشركاء.
10 ـ تخصص القضاة
هذا وتتطلب تقلبات الحياة وتعقيد القضايا تخصصًا من القضاة الذين لم يعد بإمكانهم، كما كان من قبل، إثبات كفاءتهم في جميع المجالات.
ملاحظة
لوحظ عدم تخصص القضاة، ويتم نقل بعض القضاة الذين اكتسبوا خبرة في مجال معين بانتظام إلى مجالات قانونية أخرى. ويلاحظ عدم وجود حدود في الانتقالات بين القضاة الجالسين وقضاة النيابة وهذا يؤثر على الكفاءة المهنية للقضاة وفعالية العدالة.
لاحظت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن بعض القضاة تلقوا تكوينا من طرف شركاء موريتانيا الفنيين والماليين في مجالات (حقوق الطفل، والأرشفة، ومكافحة الإرهاب، إلخ) يتم نقلهم بانتظام إلى مجالات أخرى لا علاقة لها بالخبرات المكتسبة.
وبسبب التحويلات العشوائية بمناسبة انعقاد كل دورة للمجلس الأعلى للقضاء، يستمر انتقال القضاة بين قضاء الحكم وقضاة النيابة وهو ما يؤثر على الكفاءة المهنية للقضاة وفعالية العدالة.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بتشجيع تخصص القضاة لكونه شرطا للإدارة الجيدة للعدالة.
11 ـ عدم قابلية عزل القضاة
عدم قابلية عزل القضاة هي الضمان الأساسي لاستقلاليتهم، وعدم فعاليتها تقوض بشكل دائم ثقة المتقاضين في استقلالهم وحيادهم.
ملاحظة
في القانون، عدم العزل هو الحماية التي يتمتع بها القضاة ضد التغييرات التعسفية للمناصب من قبل السلطة التنفيذية، في حالة عدم رضاها عن الأحكام الصادرة عن القاضي. وهذه الحماية موجودة في العديد من النظم القانونية.
لا يتم احترام عدم قابلية عزل القضاة على الرغم من النصوص الواضحة في هذا الشأن بحيث يتم نقل القضاة خلال كل مجلس أعلى للقضاء وتعيينهم كما هو الشأن مع وكلاء الإدارة.
في الماضي، تمت إقالة ثلاثة رؤساء للمحكمة العليا من وظائفهم قبل انتهاء مأموريتهم.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان باحترام مبدأ عدم قابلية عزل القضاة الذي يضمن الاستقلال الحقيقي.
12 التأخر في تحرير الأحكام
إن التراخي واللامبالاة في تحرير الأحكام يرهقان حقوق الخصوم الذين يرون بالتالي أن سبل طعنهم تطول بشكل غير عادي.
ملاحظة
لوحظ الكثير من التراخي والإهمال في سنة 2021، على مستوى محكمة الاستئناف بانوا كشوط حيث تم تأجيل 105 ملفات بسبب عدم تحرير الأحكام الابتدائية على مستوى محكمة الدرجة الأولى على الرغم من تجاوز الآجال القانونية إلى حد كبير.
إن بعض القضاة لا يحررون أحكامهم في الآجال في درجة من الإهمال البين بل عدم المسؤولية.
إن هذه الوضعية تنتهك حقوق المحتجزين، خصوصا الحق في الاستماع لقضيتهم من طرف محكمة أعلى في غضون فترة زمنية معقولة.
وبخصوص هذه الملفات 105 المذكورة فقد كلمت اللجنة في شأنها وزير العدل وأصدر تعليمات أدت إلى تحرير الأحكام.
13 ـ عدم وجود فقه قانوني
ملاحظة
لا يوجد فقه قانوني في موريتانيا.
لا يتم إبلاغ المحاكم بشكل كافٍ بقرارات المحكمة العليا بحيث يمكن لقضاة الدرجتين الأولى والثانية أن يستمروا في قراراتهم المعدلة مهما كانت قرارتهم.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالقيام بكل ما يلزم لكي تلعب المحكمة العليا دورها في توجيه وتوحيد قرارات القضاء.
14 ـ ثغرات قانونية ودور كتابات الضبط
توجد ثغرات قانونية تساهم في اكتظاظ المحاكم
ملاحظة
تؤدي الثغرات القانونية أحيانًا إلى اكتظاظ المحاكم. وعلى سبيل المثال، بالنسبة للتعقيب خارج الأجل المحدد، فإن إجراءاته هي نفس إجراءات التعقيب داخل الآجال الزمنية: مذكرات الأطراف في آجالها، تقرير المقرر، جلسة الاستماع، المداولة، ثم تحكم المحكمة برفض شكلي كان معروف مسبقا؛ ونفس الشيء ينطبق على الطعون التعسفية في طلب الرجوع في قرارات المحكمة العليا، ويدرك القضاة أن الدفع بعدم الاستلام يجب أن يمنع هذه الإجراءات من إثقال كاهل المحاكم بلا داع، لكنهم يعتبرون أنه ليس لديهم خيار إجرائي آخر إلى حد الساعة.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بإدخال إجراء إداري يجعل من الممكن منح نهاية لعدم الاستلام في هذه الحالات الواضحة على مستوى كتابة الضبط وفي هذا الصدد تعزيز سلطة وحقوق كتاب الضبط.
إنه من الضروري رفع قيمة وتحسين دور كتاب الضبط وخاصة كتاب الضبط الرئيسيين الذين هم ركيزة عمل المحاكم.
إن كتاب الضبط هم واجهة للقطاع، وفي مواجهة نقص الهيكلة، سيتم تنفيذ العمل الإداري والقضائي من قبل أشخاص غير مؤهلين لهذا العمل، مما سيؤثر سلبًا على الإنتاج القضائي.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتولى كتاب الضبط الرئيسيين بطبيعة الحال التسيير الإداري والمالي للمحكمة، والحصول على مكافآت بنفس الطريقة التي يحصل بها القضاة فيما يتعلق بمهامهم الجمة، والاستفادة من حق الانتقاء المهني، وقبل كل شيء صياغة مرسوم إنشاء صندوق المصاريف القانونية.
إن موريتانيا طرف في الاتفاقيات الدولية والإقليمية الرئيسية، وتتعهد بضمان حصول المتقاضين على محاكمة عادلة مهما كانت الوقائع المنسوبة إليهم.
15 ـ شروط المحاكمة العادلة
بعد هذه الزيارات المختلفة ومراقبة المحاكمات، تلاحظ اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الحاجة إلى بدء عملية تكوين حول شروط المحاكمة العادلة.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بأن تنظم وزارة العدل هذه الدورات التكوينية وتعلن عن استعدادها للمشاركة فيها من خلال أدوات تعليمية مناسبة ومكونين مهنيين.
16 ـ الحبس الاحتياطي
الاحتجاز هو قرار الملاذ الأخير المتاح للقضاة الذين لا ينبغي أن يلجأوا إليه إلا عند الضرورة.
عدم احترام الطبيعة الاستثنائية للحبس الاحتياطي:
لا ينبغي أن يكون الإيداع في الحبس الاحتياطي للأفراد المتهمين بارتكاب جرائم جنائية هو المبدأ. ولا يجوز أن يأمر القاضي بالحبس الاحتياطي إلا إذا كان مبررًا إما بخطورة الوقائع أو بضرورة منع اختفاء أدلة الجريمة أو هروب المتهم أو ارتكاب جرائم جديدة (المادة 138 من مدونة الإجراءات الجنائية.(
ومع ذلك، فإن تحليل الوضعيات الجنائية للأشخاص المسجونين في السجون يظهر أن جزء كبيرًا من المحتجزين موجودون هناك لارتكاب جنح بسيطة، وغالبًا ما تكون بدون عنف أو ظروف يمكن أن تبرر خطورتها.
على الرغم من طبيعته الاستثنائية، يبدو أن اللجوء إلى الحبس الاحتياطي هو القاعدة العامة. وعندما تقرر السلطة القضائية اللجوء إلى ذلك، يجب عليها من جهة أن تبرر الحرمان من الحرية للأسباب المذكورة أعلاه، خصوصا خطورة الوقائع، وضرورة منع اختفاء أدلة الجريمة، وهروب المتهم أو ارتكاب جرائم جديدة، ومن ناحية أخرى، تحديد واحترام مدة الحبس الاحتياطي، على النحو المنصوص عليه في القانون.
بالنسبة للجانحين لأول مرة الذين لم تتم إدانتهم مطلقًا بجناية أو جنحة، وأولئك الذين لا تتجاوز مدة إدانتهم الأولى سنة واحدة والمتهمين الذين يواجهون عقوبة أقل من أو تساوي خمس سنوات، لا يمكن أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي أربعة (4) أشهر للجنحة وستة (6) أشهر للجناية.
يمكن تجديد هذه الفترات بشكل استثنائي، وفقًا للشروط التي يحددها القانون، بشرائح إضافية مدتها أربعة (4) أشهر للجنح وستة (6) أشهر للجنايات. ويتم هذا التجديد بأمر مسبب من السلطة القضائية المختصة إذا رأت ذلك ضروريًا أو بناءً على طلب النيابة.
ويلاحظ في هذا الصدد، أن قضاة التحقيق نادرا ما يحددون مدة وشروط التنفيذ على الرغم من المتطلبات القانونية، المنصوص عليها في المادة 138 الفقرة 3 و5 من مدونة الإجراءات الجنائية، لتحديد الفترة الأولية وكذلك التجديدات اللاحقة.
لاحظت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بعد تلقي شكايات من بعض المحامين أن الحبس الاحتياطي، الذي هو بالفعل مسيء للغاية في تطبيقه، يتم تمديده إلى ما بعد الفترة التي يحددها القانون، وهي أربعة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة فقط في الجنح وستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة في الجنايات.
تعتبر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن هذه الاحتجازات احتجازات تعسفية ولفتت انتباه النيابة التي تعتبر أنه بمجرد إغلاق التحقيق وإحالته إلى المحكمة، لم يعد الأمر يتعلق بالحبس الاحتياطي وأن الشخص يمكن أن يبقى في السجن بينما تبرمج المحكمة جلسة الاستماع.
ومع ذلك، ترى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن هذا التفسير ليس له أساس قانوني لعدة أسباب: أولاً يجب أن تكون الحرية هي المفهوم الذي يوجه القرارات ويجب أن يكون الحبس الاحتياطي مجرد احتجاز وقائي واستثنائي، والنصوص واضحة في أنه توجد مهلة نهائية ثابتة لا يمكن تجاوزها وحجة النيابة المذكورة أعلاه لا تصمد ولا يمكن أن تبرر الاحتجاز بعد المهلة القانونية التي يحددها القانون. ومن المؤكد أنه يبدو من نتائج ورشة فندق مونوتيل التي حضرها قضاة ومحامون وأساتذة جامعيون أن المحامين من خلال طعونهم المماطلة والمفرطة قد ساهموا من خلال هذه العملية كاستراتيجية دفاعية لتأخير المحاكمة.
وقد أبلغت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وزير العدل بواسطة رسالة بتاريخ 17 يناير 2022 للمطالبة بإجراءات خاصة في هذا الاتجاه.
17 ـ شذوذ الإدانة مع وقف التنفيذ بشرط
حول نفس الموضوع، هناك شكل آخر من أشكال الاحتجاز التعسفي لاحظته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بشكل متكرر بعد زيارات السجون والشكايات الواردة من بعض المحامين، وهي الحالات التي حكم فيها القضاة بالسجن لبضعة أشهر، مع وقف التنفيذ بشرط دفع مبلغ للضحية.
في إطار مهمتها لحماية حقوق الإنسان وحماية حقوق الأشخاص المحرومين من الحرية واعتبار نفسها تواجه تحديًا في كل مرة يؤثر فيها سير عمل العدالة أو بشكل أكثر دقة اختلالات العدالة على حقوق الإنسان، لفتت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان انتباه السلطات القضائية لعدم شرعية الإجراءات المتمثلة في إبقاء شخص في السجن حتى مع وقف تنفيذ إدانته.
وبالفعل فإن هذا الشرط يفرغ الإدانة مع وقف التنفيذ من معناها الأصلي، وهو عدم تنفيذ العقوبة، بينما يبقي الشخص المحتجز في السجن في انتظار دفع مبالغ للطرف المدني. وهذا يبدو مشابها للإكراه البدني، وهو ممارسة متخلفة جدا.
وتستند قرارات القضاة بهذا المعنى إلى المادة 658 من مدونة الإجراءات الجنائية. ومع ذلك، فإن المادة 658 تنص على هذا الإجراء حصريًا للأشخاص الذين يلزم إعادة تأهيلهم قبل إطلاق سراحهم من أجل حماية المجتمع.
ولا يمكن الاحتجاج بتلك المادة أبدا في الظروف التي يستخدمها القضاة حاليًا لأنها سيكون ببساطة إكراها بدنيا مقنعا، وانتهاكًا لحقوق الإنسان واحتجازًا تعسفيًا.
وقد أبلغت اللجنة الوطني لحقوق الإنسان وزير العدل بواسطة رسالة بتاريخ 2022/03/30.
التوصيات:
– التعريف بدقة لمفهوم الحبس الاحتياطي ؛
– التشجيع على الاستعانة بإجراءات بديلة للحبس الاحتياطي ؛
– جعل الحبس الاحتياطي كملاذ استثنائي وأخير ؛
– تبرير قرار الإيداع في الحبس الاحتياطي ؛
– تحديد المدة الأولية للحبس الاحتياطي في بطاقة الإيداع ؛
– إضفاء الطابع الرسمي على تجديد مدة الحبس الاحتياطي، من أجل التمكن من ضمان مراقبة الانتظام ؛
– الاحترام الصارم لمدة الحبس الاحتياطي ؛
يتم إبلاغ المدعى عليهم / المتقاضين بحقوقهم بشكل ضئيل أو لا يتم إبلاغهم وقت توقيفهم؛ وألغاز العدالة مجهولة بالنسبة لهم، لذلك فهم يخوضون في جهل مطلق بحقوقهم وسبل الطعون المتاحة لهم.
18 ـ نقص المعلومات حول الإجراءات والحقوق:
يجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه أو احتجازه على الفور بأسباب توقيفه أو احتجازه وحقوقه، وخاصة حق الاستعانة بمحام. وهذه المعلومات ضرورية لتمكينه من الطعن في قانونية توقيفه والبدء في إعداد دفاعه إذا وجهت إليه تهمة.
يجب أن تكون الأسباب المقدمة خلال هذه المعلومات دقيقة وتقديم شرح واضح للأساس القانوني والوقائع المادية التي هي أصل التوقيف.
من بين نزلاء السجون، هناك عدد كبير من المحتجزين، حتى لو كانوا على علم بأسباب توقيفهم واحتجازهم، فهم يجهلون تمامًا سير العملية القضائية التي يخضعون لها، وآفاق الدفاع المعروضة عليهم.
البعض ينتظر بشكل سلبي حتى يتم تحديد مصيرهم على الرغم من أن هذا الانتظار قد يستغرق زمنا طويلا أو حتى أكثر بكثير مما كان متوقعًا في العادة. ولا يتم إعلام البعض بحقوقهم والتزاماتهم، ولا يتم إبلاغهم عن فترة الإفراج عنهم بدرجة أقل.
يجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه أو احتجازه أو توجيه الاتهام إليه بحقه في الاستعانة بمحام.
لاحظت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن النيابة لديها موقف سلبي يتمثل في عدم منع زيارة المحامي عندما يقدم نفسه بتفويض من المعني أو أحد أفراد أسرته فقط.
وقد طلبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من النيابة عبر رسالة موجهة إلى وزير العدل، موقفا فاعلا يتمثل في إبلاغ الشخص الموقوف في بداية التحقيق بحقه في الاستعانة بمحام وتسهيل ولوجه إذا رغب في ذلك (بمبادرة من الشرطة.(
في الواقع، لا يخفي بعض المراقبين المطلعين أن الانطباع الذي يعطيه معظم أعضاء النيابة هو أن المحامي يزعج عملهم وأنه طالما كان من الممكن تجنبه، فمن الأفضل مما يبرر الموقف السلبي للنيابة التي لا تمانع في الحصول على محام إذا تم استيفاء الشروط ولم تجد مبررا لمنعه، لكنها لن تساهم أبدا في تسهيل الحصول على محام.
التوصيات:
– السماح بأن يتمكن الشخص الخاضع للتوقيف من الاستعانة بمحام حسب اختياره وذلك من الساعة الأولى لاستجوابه / توقيفه ؛
– تفعيل الانتداب التلقائي لمحام وجعله فعالا منذ التعيين وحتى الحكم ؛
– ضمان حصول المحتجزين ذوي الهشاشة على المساعدة القانونية والقضائية ؛
يجب الاستماع إلى المتقاضين والحكم عليهم بلغة يفهمونها؛ وللقيام بذلك، يجب أن تتوفر خدمة ترجمة شفوية معتمدة للسماح لهم بمتابعة المحاكمة بأكملها.
19 ـ غياب الترجمة:
يحق لأي شخص يتم توقيفه أو اتهامه أو احتجازه ولا يفهم أو لا يتكلم اللغة التي تستخدمها السلطات جيدًا أن يُطلع على حقوقه والطريقة التي يمكنه المطالبة بها، وسبب توقيفه أو احتجازه، والتهم الموجهة إليه بلغة يفهمها.
والملاحظ أن التحقيق والاستجواب والمحاكمة وكذلك جميع أعمال المثول أمام السلطات القضائية تجرى باللغة العربية. وفي حالة عدم وجود هيئة من المترجمين القضائيين المحلفين غالبًا ما يتم تقديم الترجمة، إما عن طريق عنصر من كتابة الضبط أو بواب بالمحكمة أو أحد المارة أو متطوع من القاعة ينادى عليه، أو شخص آخر تعودوا على تكليفه بالترجمة لكنه محدود الكفاءة أو فرد من قوات الأمن بزيه الرسمي.
وهكذا كان أثناء إحدى دورات المحكمة الجنائية في نواكشوط الغربية تبين أن بعض الشرطة الذين يرتدون الزي الرسمي كانوا مكلفين بالترجمة الشفوية، وهو انتهاك صارخ لشروط المحاكمة العادلة فكيف يمكن للمتهم أن يشعر بالهدوء والحرية في قول ما يريد دون التعرض لخطر الانتقام، ويشعر بالحرية على سبيل المثال للتنديد باحتمال عنف الشرطة أو القيود أو التعذيب إذا كان المترجم شرطيًا يرتدي الزي العسكري؟
توصيات :
– إنشاء هيئة محددة للمترجمين القضائيين المحليين المحلفين ؛
– تكوين المترجمين القضائيين وتجهيزهم لأداء مهمتهم بشكل جيد ؛
– نشر مترجمين قضائيين في جميع الهيئات القضائية ؛
– ضمان صفة النزاهة والحياد للمترجم.
من أجل محاكمة عادلة، من الضروري أن يواجه أطراف المحاكمة حججهم على قدم المساواة، ومن هنا تأتي مصلحة الاستعانة بمحام وتكليف محام لمن لا يستفيدون منها.
20 ـ عدم فعالية الانتداب التلقائي لمحام:
إن الحق في الاتصال بمحام منذ بداية الحرمان من الحرية أو الحصول على مساعدة شخص من اختياره، وكذلك إمكانية الحصول بسرعة على المساعدة القضائية عند الاقتضاء مكرسة في المواثيق والأعراف الدولية ومُدرجة بالكامل في القانون رقم 2015-033 المتعلق بمكافحة التعذيب (المادة 4(.
لا يبدو أن هذا النص المحدد، الذي يعد تطبيقه ضروريًا في جميع الظروف، يحظى باهتمام لتطبيقه. ولا يلتزم كل من ضباط الشرطة القضائية والقضاة والنيابة العامة بهذا المطلب، ولا ينفذون هذا الحق الأساسي. والأفراد الموضوعون في الحراسة النظرية أو رهن الاحتجاز الإداري لا يتمكنون غالبا من الوصول إلى محاميهم.
وبشكل استثنائي، يُمنح هذا الحق لبعض الأشخاص في حالة توقيف، بموجب أحكام مدونة الإجراءات الجنائية (58)، بإذن من وكيل الجمهورية؛ وبشكل أعم عندما يتعلق الأمر بالقضايا التي يتم الإبلاغ عنها بشكل خاص من قبل الرأي العام.
إن مساعدة مدافع إلزامية في الأمور الجنائية أو عندما يعاني المتهم من ضعف متأصل من شأنه أن يعرض دفاعه للخطر. وفي هذه الحالة، إذا لم يختر المتهم مدافعًا، يعين القاضي واحدًا بحكم منصبه (المواد 101، 257، 377، إلخ. من مدونة الإجراءات الجنائية). ويخضع إنجاز غالبية أعمال التحقيق وإصدار الأحكام للالتزام بأن يستعين الشخص المتهم أو المحتجز بمساعدة محامي دفاع.
ومع ذلك، فمن الملاحظات المتكررة للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، يبدو أن المحامي المنتدب يكون حضوره أكثر لتصحيح الإجراءات القضائية بدلاً من لعب الدور التقليدي والمعتاد للمساعدة والدفاع بشكل معقول. وغالبًا ما يتم تعيين المحامين المنتدبين لمجرد حضور استجواب أحيانا أثناء الجلسة، ودون سابق مقابلة ولا حتى إجراء شكلي لمعرفة عناصر الملف.
إن مثال المحكمة الجنائية في ولاية نواكشوط الغربية بليغ، والمحاكمات التي راقبتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والتي لاحظت وأكدت أن المحامين يترافعون دون معرفة ملفات موكليهم أولاً ودون مقابلتهم سابقا (مايو 2022).
وردا على سؤال في هذا الصدد، أكدت المحكمة أنها وفرت الملفات للمحامين. وعند مقابلتهم، أوضحوا بدورهم أن هذا التوفير لم يكن منتظمًا للغاية وأنه في هذه الحالة تفاجأ المحامون برحلة إلى المغرب منعتهم من الحصول على الملفات قبل الجلسة.
من ناحية أخرى تجدر الإشارة إلى أن التعويض الذي قدم للمحامين مقابل خدمتهم مهين للمهنة.
ومع ذلك، كان الدفاع خلال هذه المحاكمات، التي شملت 236 شخصًا مع إدانات ثقيلة جدا تصل إلى 12 عامًا نافذا، لم تكن سوى شكلية بحتة وخارقا لحقوق الأشخاص المحتجزين.
ومع ذلك، حضرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وراقبت محاكمة متظاهري اركيز في محكمة الجنايات بروصو، دون تسجيل انتهاكات حقوق الدفاع أو مبادئ المحاكمة العادلة.
وكذلك، تقدمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالتوصيات التالية:
التوصيات:
يجب أن يتم إخطار أي شخص يُوقف أو يُحتجز أو يُتهم كتابيا بالنقاط التالية:
أسباب توقيفه ووقت توقيفه ونقله إلى مكان احتجاز.
تاريخ ووقت عرضه على قاض أو سلطة أخرى، وهوية الشخص الذي قام بتوقيفه أو احتجازه، وأسباب احتجازه،
الإذن بتلقي المساعدة مجانا إذا لزم الأمر من مترجم في إطار الإجراءات القضائية التي تلي توقيفه؛
الحق في الاتصال، قبل المحاكمة، بمحام من اختياره، وإذا لم تكن لديه الوسائل لتوكيل مدافع، يجب تعيين محام مؤهل مخصص للدفاع عنه وتكون خدماته مجانية.
21 ـ لا يمكن أن يكون الدفاع مرتجلًا، فهو يتطلب وقتًا للتحضير نادرا ما يمنح
نقص الوقت والوسائل الضرورية لإعداد الدفاع:
يجب أن يكون لدى الشخص المتهم بارتكاب جريمة جنائية الوقت والوسائل الضرورية لإعداد دفاعه، من خلال التواصل في سرية تامة مع محاميه. وينطبق هذا الحق في جميع مراحل الإجراءات ويكتسب أهميته الكاملة بالنسبة للأشخاص الموضوعين في الحجز المؤقت.
تظهر التجربة العملية أن هذا الحق لا يُحترم في بعض الأحيان. ولا يتمكن بعض المتهمين من الحصول على محام أو الوصول إلى عناصر الملف والتهم الموجهة إليهم حتى يوم مثولهم أمام قاضي التحقيق أو المحكمة.
تقدم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التوصيات التالية:
– إبلاغ أسرة الشخص المتهم أو المحتجز بتوقيفه واحتجازه ومكان سجنه.
– إخطار الأسرة أو الأقارب في حالة نقل المحتجز من مكان إلى آخر.
– السماح لأي شخص محتجز احتياطياً بالولوج بسهولة إلى وسائل الدفاع الخاصة به.
22 ـ افتراض البراءة
إنها نقطة أساسية لمحاكمة عادلة، واحترامها أساسي.
انتهاكات افتراض البراءة:
يُفترض أن كل شخص بريء ويجب معاملته على هذا النحو حتى يثبت ذنبه من قبل محكمة مشكلة قانونيًا. ولا ينطبق افتراض البراءة فقط على طريقة معاملة الشخص في المحكمة، ولكن أيضًا على تقييم عناصر الأدلة، بل وقبل كل شيء المعاملة التي يتعرض لها قبل المحاكمة.
يقوم قاضي التحقيق، وفق القانون، بجمع المعلومات التي يرى أنها مفيدة لإظهار الحقيقة والبحث عن الأدلة التي لصالح المتهم أو ضده. ولا يجوز إجبار المتورط أو المتهم على الشهادة ضد نفسه أو الاعتراف بالذنب. وليس عليه إثبات براءته، فالأمر متروك للادعاء لإثبات ذنبه.
لا ينبغي لوكلاء الجمهورية وعناصر الشرطة الإدلاء بتصريحات تتعلق بذنب أو براءة المتهم قبل نتيجة المحاكمة.
وهذا يعني أن السلطات ملزمة بمنع وسائل الإعلام والفئات الاجتماعية الأخرى التي لها وزن معين من التأثير على نتيجة القضية من خلال التحدث في صلب الموضوع.
من أجل أن يتم احترام مبدإ قرينة البراءة بدقة توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بما يلي:
يجب أن تكون التحقيقات والمعلومات القضائية ضد المتهم أو لصالحه؛
الشك المعقول يجب أن يفيد المتهم؛
يجب أن تستند إدانة المتهم إلى قناعة المحكمة بذنب المتهم بما لا يدع مجالا للشك؛
في إطار المحاكمة، يجب تجنب وجود رأي مسبق بشأن ذنب أو براءة المتهم
عدم استخلاص أي استنتاجات سلبية من مظهر المتهم.
أي تأخير في الإفراج عن معتقل بعد تبرئته أو قضاء عقوبته ينتهك مبدأ شرعية العقوبة.
23- تأخير الإفراج في حالة البراءة وإطلاق السراح والحكم مع وقف التنفيذ والعفو وانتهاء العقوبة:
تنص المادتان 431 و531 من قانون الإجراءات الجنائية، على التوالي، على أنه بغض النظر عن الاستئناف أو الطعن بالنقض، يجب على الفور إطلاق سراح المتهم الذي تمت تبرئته أو أقر عدم متابعته أو أدين بالسجن مع وقف التنفيذ بعد صدور الحكم أو القرار. وينطبق الشيء نفسه على المتهم المعتقل المحكوم عليه بالسجن بمجرد انقضاء مدة العقوبة المنطوق بها.
وعلى الرغم من القوة الملزمة لمثل هذه القرارات، يجب على ممثلي النيابة الامتناع عن الإيحاء بضرورة بقاء هذا الشخص في السجن، حتى لا يقوض مبدأ مشروعية العقوبة. ويلقي الفاعلون في القضاء الجنائي اللوم على بعضهم البعض. إذ يدعي مسيرو السجون عدم تلقي ملخصات للأحكام، مصدقة من قبل كتاب ضبط المحاكم ومؤشرة للتأصيل من قبل ممثلي النيابة، في الوقت المناسب. ويذهب بعض أمناء السجون إلى حد الاعتراف بأنهم عندما يحاولون استلامها من المحاكم، فإنهم يواجهون الفصل أو غيره من العوائق.
وفي الأغلب الأعم، يمتنع ممثلو النيابة عن تسهيل الإجراءات الشكلية للإفراج عن الأشخاص موضع قضايا مماثلة، بحجة أن عليهم انتظار ما يسمونه التأكد، الذي لا يمكن إلقاء مسؤوليته على السجين. وهكذا، تمر الأيام والأسابيع والأشهر في الاعتقال التعسفي دون أن تُنسب أي مسؤولية أو خطأ للفاعلين في العدالة الجنائية التي تكون أفعالها أو امتناعها عن الأفعال مصدر الاعتقال غير القانوني.
التوصيات:
إحالة نتائج الجلسة دون تأخير بعد صدور الحكم مباشرة إلى مؤسسة السجن للتنفيذ، موقعة من قبل كتابة ضبط الهيئة القضائية والنيابة؛
تحميل المسؤولية عن الاعتقال / التوقيف غير القانوني والتعسفي، للفاعلين في السلسلة العقابية، المتدخلين في عملية صياغة أعمال الإفراج عن المعتقلين الذين انتهت مدة عقوبتهم، مهما كان السبب؛
الإفراج الفوري عن المعتقلين الذين يمكن الإفراج عنهم دون عذر تأخير بمن فيهم من تنتهي عقوبتهم في عطلة نهاية الأسبوع والأعياد.
وتجري المماطلة في مسك الأحكام على الرغم من التعليمات القاطعة لنصوص الإجراءات الجزائية
24- آجال طويلة جدا للحكم:
يجب أن تبدأ الإجراءات الجنائية وتنتهي في غضون فترة زمنية معقولة. ويعني ذلك، أنه باعتبار حق المتهم في الاستفادة من الزمن والوسائل اللازمة لإعداد دفاعه، يجب أن تبدأ المحاكمة ويصدر الحكم النهائي دون تأخير مفرط. ويُلزم هذا الحق السلطات بضمان اكتمال إجراءات المسطرة بأكملها، من التحقيق إلى الطعن النهائي، وإصدار الأحكام في غضون آجال معقولة.
عندما يتم توقيف شخص متهم بارتكاب جريمة جنائية، فإن السلطات ملزمة بحل المسألة بسرعة. وبما أن المتهم محروم من حريته، فإن مفهوم “الأجل المعقول” يقابل فترة زمنية أقصر.
وتنص المادة 139 من قانون الإجراءات الجنائية، على أنه في جميع حالات الحبس الاحتياطي، يتعين على قاضي التحقيق الإسراع بالتحقيق قدر الإمكان. وهو مسؤول، تحت طائلة المخاصمة، عن أي إهمال من شأنه أن يؤخر التحقيق دون داع ويطيل الحبس الاحتياطي.
إذا لم يكمل قاضي التحقيق بأمر، فيعرض المحتجز من قبل مسير السجن على وكيل الجمهورية الذي يجب أن يعرضه على قاضي التحقيق على أن يفرج عنه فورًا، ما لم يكن محبوسًا لسبب آخر والتحقيق يأخذ مجراه.
ويلاحظ بشكل عام أن الحبس الاحتياطي يطول في كثير من الأحيان بسبب التأخير في عمل هياكل العدالة الجنائية. وأجل المثول والحكم في مجال التلبس بالجريمة محدد بشهر واحد (1)، وبانقضائه، يجب أن يمثل المحتجز للحكم عليه. ومدة الحبس الاحتياطي شهران بالنسبة للجرائم التي لا تتجاوز العقوبة القصوى لها سنتين (2)، والجرائم التي لا تتجاوز عقوبتها المنصوص عليها ستة (6) أشهر لا يمكن أن تكون موضع حبس احتياطي، إلخ. تلك ضمانات كافية، إذا تم الالتزام بها، وستضمن الوصول إلى الحكم في أجل معقول. ومع ذلك، يوجد في السجن أفراد في وضعية حبس احتياطي ممدد دون سبب مشروع. ويزعم بعض المحتجزين أنه لم تكن لديهم أي معلومات عن ملفاتهم منذ سجنهم، والبعض الآخر في حالة التلبس ينتظرون الحكم منذ بضعة أشهر أو حتى بضع سنوات.
التوصيات:
الالتزام بالتعليمات القانونية في مجال ختم التحقيق؛
ضمان بلوغ نتيجة المحاكمة في أجل معقول؛
الشروع في الإفراج الفوري، وإلا فالإيداع قيد الإجراءات فور انقضاء مدة الحبس الاحتياطي أو التأخير غير المبرر للحكم؛
جعل الطعون المشروعة ضد القرارات القضائية فعالة وعملية.
25– عقوبات المتمالئين
لا يمكن أن يتعرض المتمالئون في الأعمال الإجرامية لعقوبات أكبر من تلك التي يتعرض لها الجناة الرئيسيون.
يتم الحكم وفق نفس قواعد الأشخاص الموجودين في نفس الظروف:
هذا الأمر من قانون الإجراءات الجنائية (المادة التمهيدية) مهما كان واضحا ولا لبس فيه، لا يبدو مطبقا بالكامل عمليا. ويدعي بعض المتمالئين أنهم قد أدينوا بعقوبات أشد من تلك التي أدين بها الجناة الرئيسيون. وهذه هي حالة المتهمين بالتمالئ في القتل العمد الذين حُكم عليهم بالسجن لمدة خمس (5) سنوات، في حين حُكم على الجاني الرئيسي بالسجن لمدة سنة واحدة (1). ويدعي آخرون، لا يزالون رهن الحبس الاحتياطي، أن الجناة الرئيسيين في الأعمال التي تمت مقاضاتهم عليها قد استفادوا من الحرية المؤقتة.
التوصيات:
التطبيق الدقيق لأحكام المادة التمهيدية من قانون الإجراءات الجنائية.
ضمان الإنصاف في المعاملة القضائية للأفراد المتابعين لارتكابهم نفس الأفعال؛
احترام حقوق الدفاع.
السهر على التحقيق وضمان حقوق كافة الأطراف المعنية بالمحاكمة الجنائية؛
تفسير الشك لصالح المتهمين.
رفض أي قيمة قانونية للاعتراف المنتزع بالتعذيب أو العنف أو الإكراه؛
ضمان حصول المحتجزين على المساعدة القانونية.
26- تحرير الأحكام والقرارات من قبل القضاة في الوقت المناسب
تعد صياغة الأحكام والقرارات أساسية في الوقت المناسب من أجل الممارسة الفعلية لطرق الطعن المتاحة للمتقاضين.
النقص في معرفة أسباب الحكم وعدم فاعلية ممارسة طرق الطعن:
يتعين على المحاكم تحرير قراراتها وتسبيبها. وتنص المادة 82 الجديدة من مدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية على وجوب تحرير الحكم لحظة النطق به وعلى أي حال، في غضون أسبوعين بعد النطق بالحكم على أبعد تقدير. ويعتبر الحق في الحصول على حكم مسبَّب أمرا ضروريا لتمكين المدان من ممارسة الطعون الواردة في القانون.
وفي أغلب الأحيان، تظل أحكام الدرجة الأولى في شكل مستخرج دون أن تتم كتابتها في شكلها القانوني، بما فيها الأسباب وملابسات القرار. وهذه الوضعية تمنع المدانين من الاستفادة من النظر الإضافي وإعادته من جديد في قضاياهم.
وتتمثل الملاحظة المتكررة في عدم تحرير الأحكام والقرارات في الوقت المناسب على مستوى كافة المحاكم. وفي الكثير من الحالات، يكون ضياع فرصة إعادة النظر في الحكم ومراجعة الإدانة ناشئا عن غياب تحرير الأحكام في الوقت المناسب.
والنتيجة هي أن المحتجزين المدانين بعقوبات سالبة للحرية يقضون عقوباتهم كاملة في الدرجة الأولى حتى قبل إحالة ملفاتهم إلى المحكمة الأعلى، وبالتالي يُحرمون من جدوائية وفعالية طرق الاستئناف.
التوصيات:
ضمان جدوائية وفعالية ممارسة طرق الطعن؛
ـ ضمان تحرير القرارات القضائية في الآجال القانونية؛
ضمان إحالة الملفات إلى المحاكم الأعلى في الآجال التي تتيح مراجعة القرار المطعون فيه في الوقت المناسب؛
التأكيد على حقوق المحتجزين في ممارسة طرق الطعن المسموح بها.
يعاني تسيير عالم السجون من أنظمة غير مناسبة ثنائية الرأس وتنظيم متهالك لا يأخذ في الاعتبار الزيادة في عدد السكان الموريتانيين والعمران وما يرافقه من انفجار ديموغرافي.
ويخضع نظام السجون الموريتاني، فضلا عن الأحكام العامة والمقتضبة من الفصل 3، (المواد 648 إلى 652)، الباب الثاني من الكتاب الخامس، من قانون الإجراءات الجنائية، بموجب المرسوم رقم 70-153 بتاريخ 23 مايو 1970 المحدد للنظام الداخلي لمؤسسات السجون والمرسوم رقم 98-078 بتاريخ 26 أكتوبر 1998 المتضمن تنظيم وسير عمل منشآت السجون وإعادة الدمج.
وتضع هذه الآلية إدارة السجون تحت سلطة وزير العدل، مع تكليف وزارات أخرى بمهام مراقبة السجون وإعالة المحتجزين فيما يتعلق بصحتهم وتعليمهم وإعادة دمجهم الاجتماعي المهني.
وقد أدى عدم وجود إطار قانوني منسجم يحدد وينظم ويفصل بين مهام وعلاقات ومسؤوليات مختلف هؤلاء الفاعلين إلى خلق وضعية غير ملائمة، مما يؤدي إلى اختلال في المسؤوليات.
ومن ثم، فإن إدارة السجن تواجه صعوبات تتعلق بتهالك البنى التحتية للسجون وعدم ملاءمتها، ونقص الموارد وعدم تجانس الطواقم محدودي المؤهلات أو غير المكونين على تسيير السجون والمحتجزين.
كما ينعكس التطور الديموغرافي في زيادة عدد نزلاء السجون بفئات جديدة من السجناء الخطرين، وفي هذه الحالة فيما يتعلق بالإرهاب والجريمة المنظمة والجرائم العنيفة بجميع أنواعها ومظاهرها، في تصاعد مستمر في المجتمع الموريتاني، خاصة في الوسط شبه الحضري.
وفي هذا السياق، من المناسب إطلاع الحكومة على وضعية المؤسسات السجنية التي تظل معرضة لعدد لا حصر له من الصعوبات الهيكلية، رغم الجهود المبذولة من الدولة من أجل تحسين ظروف الاعتقال، والبحث لها عن الحلول المناسبة، وذلك بتنفيذ إصلاح عميق لنظام السجون وإعادة الدمج، الذي يهدف إلى تجسيد تعهدات رئيس الجمهورية وتنفيذ المنظومة القانونية الدولية التي انضمت إليها الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن الإحصاء والوقوف على الحقائق ميدانيا يوضحان حجم إشكالية السجون والاهتمام بإعادة الدمج الاجتماعي للمحتجزين.
27- – جرد منشآت السجون:
على الرغم من الجهود المبذولة لتحسين ظروف الاعتقال، عبر إنشاء بنى تحتية جديدة وتحسين خدمات معاملة المعتقلين، لا تزال هناك مشاكل كثيرة على مستوى السجون.
أ) – اكتظاظ السجون:
ارتفع عدد نزلاء السجون بشكل كبير، من 1800 نزيل سنة 2016 إلى أكثر من 3200 نزيل سنة 2022. وقد كانت سجون النعمة وكيفه وسيليبابي وروصو ودار النعيم في نواكشوط الأكثر تأثرا بظاهرة الاكتظاظ في السجون.
وكان لإجراءات العفو الرئاسي الممنوح سنة 2020، في سياق أزمة جائحة كوفيد 19 وبمناسبة الأعياد الوطنية والدينية، تأثير كبير في تقليل عدد المعتقلين. وقد ارتفع هذا العدد مرة أخرى ليصل إلى الرقم القياسي لأكثر من 3200 معتقل في مارس 2022.
وما يقرب من نصف المعتقلين مسجونون في نواكشوط حيث لا توجد أماكن كافية. وعلى سبيل المثال، يعرف سجن دار النعيم معدل اكتظاظ يزيد على 300٪ بنزلاء يبلغ عددهم 1050 مقابل طاقة نظرية لـــــــ ـ350 معتقل.
وليست السجون موزعة إلى أي فئات، كما لا يخضع السجناء لأي تصنيف؛ والفصل بين المتهمين والمدانين، وبين المدانين لأول مرة وأصحاب العود، وبين البالغين والقصر، خاصة في أماكن اعتقال النساء، ليس ممنهجا، في حين لا يتم تطبيق تصنيف المعتقلين حسب فئات الجرائم أو حسب الخطورة أو حسب السلوك.
ولا يتم إجراء تقييم فردي في أي من مؤسسات السجون. ولا توجد في السجون لجنة متعددة التخصصات لتقييم النزلاء سواء عند الدخول أو طيلة مسار الاعتقال. وبالتالي، لا يتم تطبيق أي تصنيف في السجون، باستثناء سجن انبيكه حيث يتم تجريب محاولة للتصنيف إلى فئات. ويجري هذا التصنيف وفقًا لتقدير المسير على أساس طبيعة العقوبة أو السلوك في حالة إعادة التصنيف. ولا توجد أداة مطورة لهذا الغرض، ولا لجنة متعددة التخصصات لدراسة الموضوع.
ولا يبدو أن خصوصيات السجينات تؤخذ بعين الاعتبار في تصنيفهن على مستوى السجون وأحياء السجون المخصصة للنساء.
ولا يبدو أن وضع النزلاء في زنازين مشتركة أو مهاجع، يخضع لإعادة نظر مسبقة في الألفة. وهذا يولد نزاعات كبرى يمكن أن تؤدي إلى تطور العنف بين المحتجزين.
التعليقات والتوصيات:
بالنسبة للمخاوف المتعلقة بالأمن والعوامل المرتبطة بإعادة تأهيل السجناء (احتياجات العلاج، على سبيل المثال) وهشاشتهم ووضعهم، ويجب أن تستند معاملة المحتجزين إلى تقييم فردي للمخاطر التي يمثلها كل منهم، وكذلك احتياجاتهم.
يجب أن يأخذ تصنيف المحتجزين في الاعتبار العوامل المتعلقة بالجرائم التي ارتكبوها ومسيرتهم الشخصية والاجتماعية والجنائية.
يجب إعادة تقييم قرار التصنيف بانتظام بناء على المخاطر التي يمثلها المحتجز واحتياجاته، وإلقيام بمراجعة إذا لزم الأمر لقرار الوضع.
غالبا ما تكون البنى التحتية غير مناسبة ولا تأخذ في الحسبان الهدف النهائي للسجن، وهو إعادة الاندماج الاجتماعي للفرد.
ب) – البنية التحتية الأساسية للسجون:
يوجد في نظام السجون 25 منشأة قيد التشغيل،، منها تسعة (9) غير مملوكة للدولة. وهذه الأخيرة موجودة في مبانٍ مستأجرة من ملاك خصوصيين.
يلاحظ تفاوت كبير بين هذه البنى التحتية، ومعظمها متهدم وسيئ التوزيع جغرافيا.
في الوقت الذي تكون فيه بعض السجون مكتظة (نواكشوط، نواذيبو، النعمة، سيليبابي، ازويرات، روصو، إلخ) لا يستطيع الآخرون الوصول إلى طاقتهم التشغيلية النظرية بسبب عزلتهم (بير أم اكرين أو ألاك أو انبيكة) أو / وانخفاض شروط الجدوى التي توفرها البيئة التي يوجدون فيها (بير أم اكرين، انبيكة) أو حالتها المتداعية (أطار، روصو، النعمة، كيفة، سيلبابي ، إلخ. )
بما أن التخطيط لبناء وتشييد بنى تحتية جديدة لا يعتمد على وزارة العدل، فغالباً ما يتم تسليم السجون بنظام تسليم المفتاح، دون أن تتطابق فعليا مع الحد الأدنى للمعايير، ولا مع حاجة موضوعية تبرر إنشائها.
لا يبدو أن السجون الحالية لديها خطط إخلاء وإجراءات وبروتوكولات أمنية، بما في ذلك السلامة من الحرائق.
ومع ذلك، تم في بداية هذا العام إطلاق أعمال بناء مجمع سجون يضم 1200 مكان في نواكشوط الجنوبية. من المبرر أن تبعث الأمل في مطابقة هذه البنية التحتية، التي نوقش مخططها وموقعها لأول مرة مع وزارة العدل المكلفة بالإشراف على المؤسسات الإصلاحية وهيئة الأركان العامة للحرس الوطني، التي يضمن عناصرها المراقبة والأمن.
التعليقات والتوصيات:
يجب أن تكون جميع مرافق الاحتجاز لائقة وتفي بالحد الأدنى من معايير النظافة. وبجب أن يقوم إشغالهم على أساس منح كل محتجز مساحة صغيرة على الأرض تسمح له بالحصول على فراش فردي مناسب ونظيف، يمكنه الاستلقاء والنوم فيه.
يجب أن يفي حجم الهواء والإضاءة والتدفئة والتهوية في جميع أماكن الاحتجاز بمعايير النظافة، بحيث يمكن للهواء النقي أن يدخل من خلال نوافذ كبيرة بما فيه الكفاية. يجب أن يكون الضوء الطبيعي والاصطناعي كافيين للسماح للمحتجزين بالقراءة والعمل دون الإضرار ببصرهم.
يجب صيانة جميع المباني التي يرتادها المحتجزون بشكل صحيح والحفاظ عليها نظيفة.
يجب أن يقوم الطبيب أو هيئة الصحة العمومية بفحص أماكن إقامة المحتجزين بانتظام وتقديم المشورة إلى رئيس المنشأة.
يجب أن تكون المرافق الصحية وشروط النظافة كافية لتمكين السجناء من الحفاظ على مظهر شخصي جيد.
يجب الحفاظ على المرافق الصحية (المراحيض) في السجن نظيفة وكافية ويمكن الوصول إليها عندما يحتاجها المحتجزون.
يجب أن تكون مرافق الاستحمام والحمام منفصلة وكافية ومتاحة للمحتجزين كلما دعت الحاجة.
يجب أن تكون الملابس التي يقدمها السجن مناسبة وغير مهينة ولا مذلة.
يجب أن تكون معدات غسيل الملابس متوفرة للحفاظ على ملابس المحتجزين نظيفة وفي حالة جيدة.
في العصر الرقمي، يمكن ويجب تكييف الوسائل للاستجابة في الوقت الفعلي للاحتياجات وللمتابعة الفعالة.
ج) – النقص في الوسائل اللوجستية:
في غياب أو نقص تجهيزات المراقبة مثل فيديوهات المراقبة وأجهزة كشف المعادن والمنتجات المحظورة، فإن الأمن والسلامة في مؤسسات السجون يعتمدان فقط على العنصر البشري، مما يؤثر على فعاليتهما لأن النتائج المتوقعة تقتصر تقريبا على التفتيش المادي والملاحظة البصرية.
لا تتوفر لدى السجون وسائل نقل كافية للقيام بالنقل إلى البنى القضائية أو عمليات النقل الطبية الخارجية أو توفير المواد الغذائية اللازمة. لا تتوفر السجون السبعة (7) العاملة الموجودة في مدينة نواكشوط، على الرغم من أنها بعيدة جدًا من البنى الصحية العمومية، إلا على سيارة واحدة غير مجهزة تستخدم كسيارة إسعاف.
كما لا يوجد إلا وحدة واحدة للنقل لتأمين النقل بين المؤسسات. وهذه الوحدة ضرورية لعقلنة شغل المؤسسات الكبيرة والنائية التي ظلت دون طاقة الاستيعاب.
تعليقات وتوصيات:
يجب أن يتم نقل المعتقلين، سواء إلى المحكمة أو البنى العمومية الخارجة أو من مؤسسة سجن إلى أخرى، في ظروف تحترم سلامتهم وكرامتهم الإنسانية.
ويجب إبلاغ النزلاء بأسباب نقلهم، لإخطار أفراد الأسرة أو غيرهم من الأشخاص المعنيين على الفور بنقلهم إلى مؤسسة أخرى.
ويتم نقل ملفات النزلاء، بما فيها الملفات الطبية، والأمتعة الشخصية، عند الاقتضاء، إلى المنشأة المستقبلة.
وينبغي اتخاذ تدابير لضمان عدم تعرض النزلاء لنظرات الجمهور وحمايتهم من الإهانة والفضول والتشهير أثناء عمليات النقل.
ويجب تخفيف وسائل الإكراه المستخدمة أثناء النقل وإزالتها بمجرد مثول النزيل أمام سلطة قضائية أو إدارية أو وصوله إلى وجهته.
ويجب ضمان الوصول إلى الخدمات الصحية الضرورية أثناء النقل.
وينبغي أن تشمل مرافقة نقل النساء السجينات إلى مؤسسة أخرى امرأة واحدة على الأقل.
وينبغي تسجيل جميع عمليات النقل، وكذا الظروف التي تتم فيها، بما فيها استخدام وسائل الإكراه، إذا لزم الأمر.
ويجب أن يكون للعدالة الجيدة، التي تسعى للتمسك بأكبر قدر ممكن من وقائع النزلاء، كتبة مجهزون وتتطلب حفظ سجلات جيدة، ولا يمكن ضمان حفظ السجلات بشكل جيد إلا عبر امتثال نصوص تنظيمية دقيقة تشتمل على عقوبات في حالة الانتهاك.
د) – غياب سجلات سجون حقيقية:
هذا الغياب يضعف الأوضاع الجنائية للنزلاء، ويحرمهم من حقوقهم الطبيعية في النفاذ إلى العدالة ويؤثر على سير العدالة الجنائية. وقد يجد النزلاء أنفسهم في أوضاع غير شرعية بسبب نقص الفعالية ونقص متابعة ملفاتهم، أو نقص المعلومات لدى المسيرين أو التنسيق بين مؤسسة السجن والهيئات القضائية.
تعليق وتوصية:
من الضروري تزويد كافة السجون، أو المؤسسات السجنية الكبرى على الأقل، بمنظومة موحدة لتسيير ملفات النزلاء تتم إدارتها بشكل مهني.
ويجب الاحتفاظ بجميع ملفات النزلاء مرتبة على أن تتضمن عناصر التعريف الضرورية، والتي يتم تسجيلها عند إدخال كل نزيل.
ولا يحق لغير أفراد طاقم السجن المعنيين الذين تتطلب مهمتهم الاطلاع على ملفات النزلاء أو عناصرها، الاطلاع على هذه العناصر.
ولا يجوز دخول أي نزيل إلى السجن دون أمر إحالة ساري المفعول، يتم بموجبه إبلاغه على الفور بأسباب اعتقاله والتهم الموجهة إليه.
يجب على طاقم السجن السهر على تمكن النزلاء من إبلاغ أسرهم على الفور أو الأشخاص المعينين لهذا الغرض، باحتجازهم.
ويجب إبلاغ النزلاء على الفور بحقوقهم وواجباتهم، في الإطار القانوني المعمول به وأي قضايا أخرى ذات صلة.
وتنبغي توعية طاقم السجن بالحالة الذهنية التي يمر بها النزلاء عند دخولهم، بما فيها مخاطر إيذاء النفس أو الانتحار التي قد يتعرضون لها.
وعلى طاقم ضبطية السجون إبلاغ النزلاء بكيفية توكيل محام من اختيارهم أو الاستفادة من المساعدة القانونية.
توضع مصالح السجون تحت وصاية الإدارة المركزية المكلفة بالشؤون الجزائية وإدارة السجون، وليس لها اختصاص أو استخدام ترابي على مستوى المهام الموكلة إليها.
هـ) – الأبعاد الفرعية لإدارة السجن:
تغطي مهام هذه الإدارة مجموعة واسعة جدًا؛ تشمل السياسة الجنائية، ومعالجة طلبات الإفراج المشروط، واللجوء إلى العفو (الرئاسي) والقضايا المتعلقة بالعفو، ومسك سجل السوابق العدلية المركزي، والمساعدة الجنائية الدولية، وإسناد مهمة ضابط الشرطة القضائية، وإدارة السجون ومراقبة الحالة المادية والصحية لمؤسسات السجون.
ولهذه المهمة الواسعة، تقتصر مديرية الشؤون الجنائية وإدارة السجون على أربع (4) مصالح وعدد قليل من الأقسام، منتظمة حول مدير يساعده نائب. ولا توجد مصالح على المستوى الجهوي ولا على مستوى المؤسسات السجنية.
كما أنه من المدهش أن يكون وكلاء الجمهورية في الولايات، رؤساء لمؤسسات اختصاصهم (الترابي). ومع ذلك، فإن هؤلاء، بموجب مقتضيات وظائفهم، مكلفون بمراقبة المؤسسات المذكورة وتحريك الدعوى العمومية ضد النزلاء.
التوصيات:
وفضلا عن ذلك، تتم مراقبة النساء المسجونات في سجن خاص بهن في نواكشوط وفي حي منعزل من سجن نواذيبو وتتولاها عناصر من الحرس الوطني، كلهم من جنس الذكور، خلافا للمعايير والقيم الدولية المقبولة.
ومع ذلك، لم يسجل أي ادعاء ذي مصداقية بشأن معاملة سيئة تعرضت لها السجينات.
تعليقات وتوصيات:
تبين معلومات مستقاة من السجناء أن نزلاء السجون لا يشعرون أنهم يستفيدون من أي معاملة بالقسط أو بالمساواة. وفي هذا الصدد، ينبغي لعمال السجون المدنيين والعسكريين أن يتلقوا تحسيسا حول مبدأ المساواة في المعاملة وعدم التمييز.
ولا تختلف معاملة المتهمين عن معاملة المدانين، مما يشير إلى أن طاقم السجن في مجمله لا يأخذ في الاعتبار مبدأ البراءة المفترضة. ومع ذلك، فالميزات الممنوحة للسجناء لا تبدو على أساس معايير واضحة ومحددة.
وهنالك عمل مهم وضروري يكمن في دفع مسؤولي مؤسسات السجون وعمال الأمن في هذه المؤسسات لإدراك أهمية تطوير العلاقات الحسنة القائمة على الاحترام والإنصاف بين العمال والسجناء.
وينبغي لكافة أعضاء طاقم السجن، سواء أكانوا مدنيين أو عسكريين، أن يتلقوا تعليمات وتكوينات كافية، تتمحور بشكل خاص حول تقنيات الاتصال والمواقف المناسبة من أجل ترقية احترام الكرامة البشرية.
ويجب تطبيق سياسة التسامح الصفري اتجاه حالات أصحاب السلوك السيء من العمال وسوء المعاملة. ويجب أن تكون الشكاوى ضد العمال من تصرفاتهم ومعاملاتهم السيئة، شاملة.
يجب أن يخضع أي ادعاء بالتعذيب أو سوء المعاملة أو أي اختفاء أو جروح خطيرة أو وفيات، تحدث خلال الحبس لمسطرة رقابية منهجية ولتحقيق خارجي متبوع بفحص مضاد. ويجب إبلاغ السلطة المختصة المستقلة عن أية أحداث أو حتى اتهامات ضد مسؤولي السجون مع إطلاق تحقيق إداري دون مساس بالتحريات القضائية.
يجب اتخاذ التدابير للحفاظ على الأدلة، وحماية الضحايا والشهود واستبعاد العمال الذين يحتمل تورطهم في التحقيق.
ويجب إبلاغ أفراد الأسرة أو أقارب السجين الضحية في حالة وفاته، أو عن طريق موافقته في حالة الجُرح الخطير أو المرض.
ويجب أن تعامل جثة المعتقل المتوفى بكرامة وأن يعاد إلى أسرته أو أقاربه في أقرب وقت ممكن.
ح) غياب التحضير لإعادة الدمج وتجنب العَوْد:
لا ينص التشريع على نظام لتطبيق العقوبات، موجه للوقاية من العَوْد. ويعود إنشاء وظيفة قاض لتنفيذ العقوبات إلى سنة 2007، غير أنها لم توضع موضع التنفيذ ولم تُعتمد نصوصها التطبيقية. وينبغي أن يكون هذا القاضي مكلفا بالرقابة على مشروعية الاعتقالات والنظم الجزائية المطبقة على كل فئة من المعتقلين فضلا عن مراجعة العقوبات.
ولا ينص القانون على عقوبات بديلة للاعتقال، مثل العمل للمصلحة العامة. ويظل اللجوء إلى السجن المغلق أو السجن مع وقف التنفيذ هو الملجأ في حالة العقوبة.
ومن ثم، فإن المراجعات الوحيدة للعقوبات الراهنة هي الإفراج المشروط والعفو الرئاسي، ولا يوجد أي أفق حقيقي أمام المدانين، حتى في حالة تحول إيجابي في السلوك.
توصية:
فضلا عن العقاب، فالوظيفة الأساسية للاحتجاز هي إعادة دمج الفرد في النسيج الاجتماعي. ويجب أن تكون أماكن الاحتجاز مصممة وظيفيًا لتلبية هذا الهدف ومزودة بطواقم تصب كفاءاتهم في بلوغ هذا الهدف.
وتدعو احتياجات النزلاء، بغض النظر عن طبيعتهم، إلى مشاركة الدولة في كافة هذه المكونات.
ط) ضعف مشاركة القطاعات الوزارية الأخرى:
فالقطاع الوزاري الوحيد الذي يساهم في مجهود صيانة السجون هو قطاع الصحة، الذي وضع تحت تصرف وزارة العدل طبيبا وممرضين، دون أي تأطير أو متابعة. ولا يتم التكفل باحتياجات علاجات الأسنان والعلاجات النفسية، بالقدر الكافي رغم أهميتها.
أما القطاعات الوزارية الأخرى: التهذيب والشؤون الإسلامية والتكوين المهني والتشغيل والإسكان إلخ فهي غائبة ببساطة عن السجون بالنظر إلى أن مجال تدخلها لا يمتد إلى هذه السجون، خلافا للمعايير المعمول بها.
ولا يستفيد أفراد الصحة الذين يعملون على مستوى السجون من الامتيازات الممنوحة لنظرائهم في البنى الصحية العمومية، وبالتالي فهم غير متحفزين للعمل في هذا الوسط، نظرا للإكراهات والمخاطر التي يتعرضون لها ولغياب الامتيازات المرتبطة بها.
ويُلاحظ أنه لم يُحوّل إلى عموم السجون في موريتانيا إلا طبيب واحد.
توصية:
توفير تغطية طبية كريمة للنزلاء تستجيب لهذا الاسم كواجب على الدولة، يتعين عليها أن تتحمل المحافظة على صحة المعتقلين بغض النظر عن مكانتهم.
تعد مشاركة المجتمع المدني في إعادة تأهيل الموقوفين ضمانا لإعادة دمج المتهمين في الحياة الاجتماعية، وتساهم زياراتهم المنتظمة في الوقاية من التعذيب وغيره من المعاملات غير الإنسانية والمهينة.
ي) ضعف مشاركة المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية:
نادرة جدا هي الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تتدخل في مؤسسات السجون من أجل عرض أنشطتها على النزلاء مع أعمال تحسين ظروف معيشتهم. ولا تغطي أنشطتها إلا عددًا محدودًا من النزلاء. ولا يوجد منها على مستوى بعض السجون إلا: منظمتان (2) هما: نورا وكاريتاس موريتاني، وهما تابعتان لمنظمات غير حكومية دولية.
توصية:
– تشجيع الأعمال والأفعال الخيرية بمبادرة من المجتمع المدني؛
ك) التكفل بجوانب التغذية والطب:
تتلقى كافة السجون مخصصات موجهة للتكفل اليومي بالنزلاء فيما يتعلق بالتغذية والنظافة الجسدية والرعاية الصحية. ومع ذلك، فالمعدل اليومي لتغذية النزيل حدد سنة 2006 بمبلغ 500 أوقية قديمة بما فيها كافة الرسوم. ولم يتغير هذا المعدل منذ ذلك التاريخ. فهو لا يأخذ في الاعتبار معدل تضخم القدرة الشرائية فضلا عن عامل البعد، علما بأن القيمة الواقعية للمبلغ تختلف حسب الوضع الجغرافي للمؤسسة ووفرة العرض من المواد ذات الأولوية.
وتختلف التغذية المقدمة للنزلاء حسب المؤسسة. ففي حين يبدو إمداد بعض المؤسسات كافيا، تغيب الشفافية في التحضير والتوزيع. ولا تتولى أي آلية شفافة القيام على التحقق من أن المخصصات اليومية من المدخلات تصل في كاملها إلى القِدر المشترك. وهنالك اتهامات ملحة بتحايل رؤساء الغرف والسجناء الآخرين الذين يتمتعون بالسلطة أو يشاركون في التسيير اليومي للشؤون الجارية.
يمكن أن يتلقى بعض النزلاء مكملات غذائية وغيرها من طرف عائلاتهم التي تمتلك الوسائل. ومع ذلك، تشتكي العائلات والمستفيدون غالبا من الأضرار التي تلحق المنتجات والأغذية أثناء عمليات التحري والتحقق الأمني، الرامية إلى البحث عن المضاربة بالمنتجات المحظورة.
وعلى ما يبدو لا وجود لوجبات خاصة تقرها السلطات من أجل تحديد كمية ونوعية المكونات الغذائية الموجهة للنزيل من أجل عقلنة وتماثل التطبيق.
وترتبط كافة السجون الوطنية بالشبكات المنزلية العمومية للإمداد بالمياه والكهرباء. غير أن بعض السجون تتأثر بالاضطراب المتكرر للإمداد بهذه المواد بسبب الانقطاعات المتكررة في الكهرباء.
ورغم قدرة بعض السجون، التي تحظى بغرف تبريد لحفظ بعض المنتجات الطازجة، فينبغي أن تعمم هذه الإمكانية على كافة المؤسسات السجنية.
تعليقات وتوصيات:
يجب توفير مياه الغذاء والشرب المخصصة للسجناء بكمية كافية وبالجودة المناسبة.
ويجب أن يتوفر السجناء على مياه الشرب النظيفة التي يمكنهم شربها بأمان، دون أي تكلفة، وحسب الحاجة.
ويجب أن تخضع جودة وكمية الطعام للمعايير كما يخضع لها إعداده، ويتم الالتزام بها عمليا.
ويجب أن تؤخذ في الاعتبار الاحتياجات الخاصة ببعض النزلاء في مجال الصحة والغذاء، كالحوامل أو المرضعات أو المرضى المزمنين.
ويجب تقديم وجبات مجانية في الساعات المعتادة وفقًا لتقاليد المجتمع.
ويجب أن تكون المطابخ وأماكن التخزين وتحضير الأغذية مناسبة، كما تكون احتياطات المنتجات الغذائية محمية ضد الرطوبة وغيرها من العوامل المتلفة الأخرى.
وينبغي أن يُمكّن لطبيب أو هيئة صحة عمومية من المراقبة المنتظمة على كمِّ وكيفِ الطعام فضلا عن تحضيره وتقديمه. كما تجرى المراقبة على مياه الشرب.
تعليقات وتوصيات:
إن تشكيل وإلقاء المسؤولية على طاقم من الموظفين المدنيين في إدارة السجون وإعادة الدمج يتكفلون بتسيير مؤسسات السجون، تحت إشرافها وتحت رقابتها سيطبق على كافة المتدخلين في أوساط السجون.
وينبغي أن يكون عمال السجون بالعدد الكافي نهارا وليلا للقيام بالمراقبة المناسبة، المطابقة للدرجة الأمنية للمؤسسة.
ويجب أن يُكوّن عمال السجون على إجراءات ومساطر العمل لمواجهة العنف بين النزلاء، بما في ذلك الأسباب الجوهرية.
ويجب أن تُسجَّل كافة حوادث العنف بين السجناء، بعناية، وكذا التدابير التي يتخذها الطاقم بشأنها.
ويجب أن تسجَّل بعناية جميع حالات التحول الذاتي أو الانتحار التي تحدث داخل السجن، بما فيها المحاولات، وكذلك الإجراءات التي اتخذها السجن أو الطاقم الصحي.2بتوووةمكوةحتنخهخمجطشروعية نه
28 العقوبات البديلة
من الملاحظ أن سياستنا الجنائية قمعية للغاية وتؤكد على السجن. إن ثقافة معظم وكلاء النيابة لدينا بوليسية للغاية بمعنى أنهم بشكل منهجي تقريبا يأمرون بالإيداع، والحبس الاحتياطي، والسجن وهم ضد الحرية المؤقتة. بينما الاتجاه العالمي اليوم لصالح عقوبات بديلة للسجن.
إنه من المستعجل تغيير النصوص واستحداث العقوبات البديلة والتكوين والتحسيس حول ترقيتها.
تؤدي السياسة الحثيثة لمكافحة العودة إلى الإجرام القائمة أساسًا على السجن إلى إصدار عقوبات قاسية للغاية، في مناخ قمعي للغاية أصلا، يتسم بانتشار قوانين جنائية صارمة على نحو متزايد.
مثال “العدالة الخضراء”، العدالة من أجل بقاء الحاضر والمستقبل. العدالة البيئية التي، منذ ما يقرب من أربعة عشر عامًا، لم تكن تهدف فقط إلى العقاب، ولكن أيضًا لتعافي الجاني وإعادة اندماجه في المجتمع.
تشير العديد من الدراسات إلى انخفاض معدل العودة إلى الإجرام عند الجانحين المدانين بعقوبات بديلة مقارنة بأولئك الذين تعرضوا لعملية السجن التقليدية.
هناك تيار فكري يهدف إلى إزالة الميل القوي للقضاة للاختيار التفضيلي للسجن من خلال إثبات أن السجون هي “مدارس إجرامية” وأن بدائل هذا الشر ممكنة جدا مع فوائد كبيرة للمجتمع والجاني.
لا ينبغي تطبيق الاحتجاز والسجن إلا عندما لا يوجد أي بديل آخر. في جميع الحالات الأخرى، يوصى باستخدام إجراءات لا تنطوي على الاحتجاز.
النتيجة المستخلصة من هذه النصوص القانونية هي مجرد وجود مبدأ الإنسانية وتعميم حظر التعذيب والمعاملات القاسية والمهينة..
29 ـ نتائج التحقيق الذي أجرته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في السجون على عينة من 349 سجينًا
احصائية للمنشآت والأشخاص المسجونين في موريتانيا
الجدول 1: عدد الأشخاص المسجونين (محتجزين أو غير محتجزين (
– 11,2 % من المحتجزين المستجوبين في سجن ألاك
– 6.4٪ % من المحتجزين المستجوبين في سجن أطار
– 53٪ % من المحتجزين المستجوبين في سجن دار النعيم
– 4.5٪ % من المحتجزين المستجوبين في سجن النساء
– 19.4٪ % من المحتجزين المستجوبين في سجن انبيكه
– 5.5٪ % من المحتجزين المستجوبين في سجن ازويرات
الجدول 2: نسبة الجنسين
– 11.5٪ % من المحتجزين من النساء
– 88.5٪ % من الموقوفين الذين تم استجوابهم هم من الرجال
الجدول 3: عدد الأشخاص المسجونين حسب السن
– 29.26٪ % من المحتجزين المستجوبين هم أقل من 25 سنة
– 35.90٪ % تتراوح سنهم بين 25 و 35 سنة
– 17.82٪ % من المحتجزين المستجوبين تتراوح سنهم بين 35 و 45 سنة
– 8.24٪ % من المحتجزين المستجوبين تتراوح سنهم بين 45 و 55 سنة
– 1.60٪ % من المحتجزين المستجوبين تتراوح سنهم بين 55 و 65 سنة
– 7.18٪ % من المحتجزين المستجوبين تبلغ سنهم 65 سنة فأكثر
الجدول 4: عدد الأشخاص المسجونين من جنسية أجنبية
– 26.6٪ % من المحتجزين المستجوبين هم من جنسية أجنبية
الجدول 5: عدد الأشخاص المدانين حسب تصنيف الجريمة الرئيسية
– 0.3٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بخيانة الأمانة
– 2.1٪ % من المستجوبين مدانون بالاعتداء
– 0.8٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بجرائم اقتصادية
– 0.5٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بجرائم إلكترونية
– 0.3٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بجنحة عقارية
– 1٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بالاختلاس
– 0.3٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بالرق
– 2.1٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بالتزوير
– 3.4٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بتشكيل عصابة من المجرمين
– 6.3٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بالهجرة السرية
– 1.6٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بالإهانات
– 0.3٪ % من الموقوفين المحكوم عليهم بتهمة السحر
– 12.5٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بالقتل
– 0.3٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بمشاكل تتعلق بجوازات السفر
– 26.4٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بمخدرات
– 0.5٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بالإتجار بالبشر
– 5.0٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بالاغتصاب
– 32٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بالسرقة
– 4.0٪ % من المحتجزين المستجوبين مدانون بالزنا
– 0.3٪ % من المحتجزين مدانون بحمل بالحيازة غير القانونية للسلاح
الجدول 6: الوضعية القضائية للسجون في موريتانيا
– 51.3٪ % من المحتجزين المستجوبين في السجون الموريتانية متهمون
– 47.7٪ % من المحتجزين المستجوبين في السجون الموريتانية مدانون
– 1.0٪ % من المحتجزين المستجوبين في السجون الموريتانية هم من مرتكبي الجرائم المتكررة.
الجدول 7: الرأي العام للسجناء حول السجن
هل فهمتم كل شيء عن محاكمتكم؟
– 54.0 % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم فهموا كل شيء عن محاكماتهم
– 46.0٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم لم يفهمون كل شيء عن محاكماتهم
هل أنتم راضون عن ظروف المنشأة؟
– 55.6٪ من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم راضون عن ظروف المنشأة
– 44.4٪ من المحتجزين المستجوبين قلوا إنهم غير راضين عن ظروف المنشأة
هل تثقون بالعدالة؟
– 38٪ من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم يثقون في العدالة
– 62٪ من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم لا يثقون بالعدالة
هل أنتم راضون عن الإشراف على المنشأة؟
– قال 64 % من المحتجزين المستجوبين قلوا إنهم راضون عن الإشراف على المنشأة
– صرح 36 % من المحتجزين المستجوبين قلوا إنهم غير راضين عن الإشراف على المنشأة.
الجدول 8: العقوبة التأديبية أو الاعتداء الواقع على السجناء
هل سبق أن خضعتم لعقوبة تأديبية؟
– 21.5٪ من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم تعرضوا لعقوبات تأديبية
– قال 78.5٪ من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم لم يخضعوا لعقوبات تأديبية
هل تعرضتم للاعتداء ؟
– 17.8٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم تعرضوا للاعتداء
– 82.2٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم لم يتعرضوا للاعتداء.
الجدول 9: الظروف المعيشية في السجن
ساعات الزنزانة:
– 57.45٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم أمضوا أكثر من 22 ساعة في زنزانتهم
الجدول 10: الأنشطة في السجن
– 69.6٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم لا يشاركوا في أنشطة في السجن
أنشطة رياضية
– 78.5٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم لم يشاركوا في أنشطة رياضية
أنشطة ترفيهية
– 84.6٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم لم يشاركوا في أنشطة ترفيهية
أنشطة ثقافية
– 90.2٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم لم يشاركوا في أنشطة ثقافية.
الجدول 11: الخدمة الطبية
مشاكل صحية
– 26.3٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا لديهم مشاكل صحية
المرض الذي يحدث أثناء السجن
– 18.9٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم أصيبوا بأمراض حدثت أثناء سجنهم
الولوج المنتظم إلى الأدوية
– قال 56.1 % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم لا يحصلون على الأدوية بانتظام
تفاقم الحالة
– 20.5٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم تدهورت حالتهم الصحية
المتابعة داخل السجن
– 72.4٪ % من المحتجزين المستجوبين قلوا إنهم لم يستفيدوا من المتابعة الطبية داخل السجن
الجدول 12: ظروف النظافة والغذاء في السجن
الحصول على الماء الصالح الشرب
– قال 11.8 % من المحتجزين المستجوبين إن الحصول على الماء الصالح للشرب نادر
كيف تستحمون ؟
– 18.9٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم يستحمون جماعيًا
كم مرة ؟
– 10.7٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إنهم يستحمون مرة في الأسبوع
نوعية الغذاء
– 27.3٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إن نوعية الطعام ليست جيدة
كمية الغذاء
– 27.4٪ % من المحتجزين المستجوبين قالوا إن كمية الطعام غير كافية
الفصل الثاني: كوفيد 19 وحقوق الإنسان
في دجمبر 2019، بعد الكشف عن حالات الالتهاب الرئوي المجهولة المسببات في مدينة ووهان (الصين)، أعلن مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن حدوث جائحة مرتبطة بفيروس كورونا الجديد تسمى كوفيد 19.
وهكذا سجلت الجمهورية الإسلامية الموريتانية أول حالة مؤكدة لها في يوم 13 مارس 2020. وهذه حالة مستوردة كان موضوعها قد عاد بعد الإقامة في النمسا عبر لاس بالماس (في إسبانيا). وتم اختبار حالة ثانية إيجابية بعد خمسة أيام، في يوم 18 مارس 2020، أيضًا بعد العودة من الإقامة في الخارج.
إن كوفيد 19 هو مرض يسببه فيروس كورونا الجديد،SARS-CoV-2. وقد علمت منظمة الصحة العالمية بوجود هذا الفيروس الجديد في يوم 31 دجمبر 2019 عندما تم الإبلاغ عن التفشي الوبائي لحالات “الالتهاب الرئوي الفيروسي” في مدينة ووهان بجمهورية الصين الشعبية. وفي يوم 30 يناير 2020، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 يمثل حالة طوارئ صحية عامة على نطاق دولي. كما سجلت بعض البلدان المجاورة لموريتانيا (السنغال والجزائر والمغرب) عشرات الحالات الإيجابية. ومن هنا جاءت خطورة الوضع والتهديد الكبير للبلد.
لقد كان لجائحة كوفيد 19 تأثيرات على الأسر اجتماعيا من خلال عدة قنوات: انخفاض الوظائف والدخل، واضطرابات الولوج إلى الأسواق الناتجة عن قيود السفر، وضغط النفقات الصحية الإضافية على دخل الأسر، والاضطرابات في قطاع التعليم، وزيادة حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، مع الحجز وزيادة انعدام الأمن الغذائي، إلخ. وحسب التقديرات الحكومية، سيؤدي انخفاض دخل الأسر بنسبة 40 ٪ إلى زيادة عدد الأسر الفقيرة الجديدة بنحو 127000، مما يزيد العدد الإجمالي لهذه الأسر إلى 281177 (خطة الاستجابة الوطنية متعددة القطاعات لجائحة كوفيد 19، 2020).
في مواجهة خطورة هذه الأزمة، تجد الدولة والشركات على اختلاف أحجامها ومن كافة القطاعات نفسها أمام تحديات مختلفة تتطلب تفكيرًا واضحًا واهتمامًا مركّزًا بالكامل على الأهداف والالتزام بالمعايير والنظم الدولية للإبداع والقواعد. وأخيرا، تضافر الجهود للعمل الجماعي.
لذلك أظهرت جائحة فيروس كورونا أن الحقوق الأساسية ليست بديهية. وتثير الإجراءات الوقائية التي تتخذها الحكومة أسئلة معقدة. ما هي الإجراءات المتناسبة؟ ما العمل عندما يكون هناك تعارض بين حق الإنسان، في الصحة على سبيل المثال، وحقوق أخرى، مثل حرية التنقل والتجمع على وجه الخصوص؟ ثم قامت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدور مهم في المقاربة التي سيتم اعتمادها في إدارة كوفيد 19 في موريتانيا. وهكذا تم إرسال آراء إلى الحكومة. منها على سبيل المثال:
الرأي الموجه إلى وزير العدل بتاريخ 31 مارس 2020 بشأن حالة الأشخاص المحرومين من الحرية.
الرأي الموجه إلى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج بشأن حالات المواطنين العالقين في الخارج بعد الجائحة والراغبين في العودة إلى البلاد.
رأي بتاريخ 12 ابريل 2020 يحث الحكومة على احترام حقوق الإنسان واتخاذ إجراءات للحد من انتشار الفيروس.
الرأي الموجه إلى وزارة الوظيفة العمومية والعمل وعصرنة الإدارة في يوم 16 يونيو 2020 بشأن إنشاء لجنة مراقبة لحماية حقوق الموظفين.
في الواقع، أثرت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على السكان ككل، ولكن بشكل خاص على الأفراد الأكثر هشاشة من المجتمع. وبالتالي، فإن التحدي يكمن في إيجاد التوازن بين الحماية الصحية، والوصول غير التمييزي للرعاية الطبية، والحق في الحياة، والقيود المفروضة على حقوق الإنسان المستخدمة تحديدا للحفاظ على هذه الحقوق الأساسية.
يغطي هذا الفصل من التقرير الثالث عشر للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إجراءات الطوارئ (أولا)، والفضاء المدني (ثانيا)، وعدم التمييز (ثالثا)، والحماية الاجتماعية (رابعا)، والحق في الماء والصرف الصحي (خامسا)، والولوج إلى العدالة (سادسا)، والولوج إلى الصحة (سابعا)، وحقوق الأشخاص المحرومين من الحرية (ثامنا)، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (تاسعا)، وحقوق النساء (عاشرا)، وحقوق الطفل (الحادي عشر)، وحقوق المهاجرين (الثاني عشر)، وينتهي بخلاصة (الثالث عشر) وتوصيات (الرابع عشر).
أولا – إجراءات الطوارئ
في مواجهة جائحة كوفيد-19، اتخذت الحكومة الموريتانية إجراءات استثنائية لحماية صحة ورفاهية السكان. وقد تم الإعلان عنها وفقًا للأحكام الدستورية وأحكام القانون الوطني الأخرى التي تحكم هذه التصريحات وممارسة سلطة الطوارئ.
يجب استخدام سلطات الطوارئ[1] ضمن الإطار المنصوص عليه في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يقر بأن الدول قد تتطلب سلطات إضافية لمواجهة وضعيات استثنائية. ويجب أن تكون هذه الصلاحيات محدودة بوقت ويجب أن تمارس بشكل مؤقت فقط بهدف العودة إلى الوضع الطبيعي في أسرع وقت ممكن.
حتى بدون إعلان حالة الطوارئ رسميًا، يمكن للدول اعتماد إجراءات استثنائية للصحة العمومية قد تقيد بعض حقوق الإنسان. ويجب أن تفي هذه القيود بمتطلبات الشرعية والضرورة والتناسب وأن تكون غير تمييزية.
لا يُسمح بتعليق أو تقييد بعض الحقوق المدنية والسياسية إلا في حالات طوارئ محددة “تهدد وجود الأمة”. ويجب وضع إجراءات وقائية معينة، بما في ذلك احترام بعض الحقوق الأساسية التي لا يمكن تعليقها في أي ظرف.
لا يتضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أحكاما بشأن الاستثناءات. وتظل التزامات الدولة المرتبطة بالمحتوى الأساسي للحق في الغذاء والصحة والسكن والحماية الاجتماعية والماء والصرف الصحي والتعليم ومستوى معيشي لائق سارية المفعول حتى في حالات الطوارئ.
قد تخضع بعض الحقوق، مثل حرية التنقل أو حرية التعبير أو حرية التجمع السلمي، لقيود لأسباب تتعلق بالصحة العمومية، حتى في عدم وجود حالة الطوارئ. ومع ذلك، يجب أن تستوفي هذه القيود المتطلبات التالية:
الشرعية: يجب أن يكون القيد “منصوصًا عليه في القانون”. وهذا يعني أن القيد يجب أن يرد في قانون وطني ذي تطبيق عام ساري المفعول وقت تطبيق التقييد. ويجب ألا يكون القانون تعسفيًا أو غير منطقي، ويجب أن يكون واضحًا ومتاحًا لعامة الناس.
الضرورة: يجب أن يكون التقييد ضروريًا لحماية أحد الأسس المسموح بها المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تشمل الصحة العمومية، ويجب أن يلبي حاجة اجتماعية ملحة.
التناسب: يجب أن يكون القيد متناسبًا مع المصلحة المعنية، أي يجب أن يكون مناسبًا للوفاء بوظيفته الوقائية، ويجب أن يكون الخيار الأقل تدخلاً من بين الخيارات التي من شأنها تحقيق النتيجة المرجوة.
عدم التمييز: لا يجوز أن يكون أي قيد تمييزيا ويتعارض مع أحكام القانون المحلي والدولي لحقوق الإنسان في هذا الصدد.
يجب أن لا تستخدم حالة الطوارئ المُعلنة في مواجهة جائحة كوفيد 19 كذريعة لاستهداف أفراد أو مجموعات معينة. ويجب ألا تتضمن الإجراءات المتخذة تمييزًا محظورًا على أسس مثل العرق أو اللون أو الجنس أو الإعاقة أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو الميلاد أو أي وضع آخر.
إن الإشراف على ممارسة سلطة الطوارئ أمر أساسي لتجسيد الديمقراطية ودولة القانون. ومن هنا تأتي أهمية الفضاء المدني المفتوح والنشط.
ثانيا. الفضاء المدني
إن المجتمع المدني ووسائل الإعلام هم الفاعلون المركزيون في الحكم الرشيد. فهم يضمنون الرقابة على تصرفات الدولة ويحاسبونها بطريقة شفافة وذات مصداقية. ويساهم المجتمع المدني ووسائل الإعلام في موريتانيا في ضمان احترام الأطر الدستورية والقانونية المتعلقة بالمؤسسات. هذه الوظيفة لوسائل الإعلام والمجتمع المدني حاسمة بشكل خاص في حالة حدوث جائحة وتوضح الضرورة المطلقة لمشاركتهم.
يلعب المجتمع المدني دورًا حيويًا في سد الثغرات التي تتركها الحكومات لتقديم الخدمات الأساسية، ونشر المعلومات حول الفيروس عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وحماية الفئات المهمشة. وفي موريتانيا، فإن قربها من المجتمعات يجعلها في وضع أفضل لتحذير السلطات من المخاطر والاحتياجات ونقاط الضعف التي يواجهها الأشخاص بسبب الوباء والتهديدات الجانبية الأخرى. وغالبًا ما يكون المجتمع المدني أكثر انخراطًا في التنديد المباشر للانتهاكات أو التهديدات وتقديم الدعم والمساعدة لمواجهة المشاكل الأمنية التي يطرحها فيروس كورونا. وهكذا، تم تنظيم العديد من المظاهرات من قبل المجتمعات المحلية على مستوى الولايات، للتنديد بعدم ولوجهم إلى الخدمات الأساسية، خصوصا الماء وكذلك الخدمات الصحية.
في هذا السياق، اعتقلت الشرطة، في 2 يونيو، سلمى بنت الطلبة، المؤلفة المزعومة لسلسلة من التسجيلات الصوتية التي تشكك في جوانب معينة من استجابة الحكومة لكوفيد 19. واتهمت السلطات على وجه الخصوص بتضخيم عدد الإصابات.
كما تم توقيف شخصين آخرين، هما محمد ولد السمان وسيدي محمد ولد بيه، للاشتباه في مشاركتهما في بث التسجيل الصوتي. وساهمت هذه الأنواع من المواقف في المصادقة على قانون جديد حول نشر معلومات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الجمعية الوطنية في يوم 24 يونيو 2020. وقد أثار ذلك انتقادات من بعض نواب المعارضة ونشطاء حقوق الإنسان الذين لاحظوا العديد من “الغموض” و “عدم الدقة”. ويأتي هذا القانون بعد أقل من عشرة أيام من قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتاريخ 16 يوليو 2020 حول حرية الرأي والتعبير والذي مع ذلك يدعو الدول إلى “التأكد من أن الردود على ظاهرة النشر الكاذب والأخبار الكاذبة تتوافق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك مبادئ الشرعية والمشروعية والضرورة والتناسب”.
وفي أعقاب هذا الوضع، وجه مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في التعبير إلى الحكومة للتأكيد على أن هذا القانون الجديد، حول نشر المعلومات الكاذبة، لا يتوافق مع المعايير الدولية. وفي الواقع، لتجنب هذا النوع من المواقف، سيكون من المستحسن ضمان مشاركة جميع الأطراف المعنية في صياغة النصوص التشريعية في المستقبل. وفي هذا السياق، تؤكد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أنها في سنة 2021، لم تشرك من قبل الحكومة، في أي مشاورات تتعلق بالإصلاحات التشريعية المنصوص عليها في القانون؛ على عكس السنة الماضية عندما تمت استشارتها من قبل وزارة العدل ومفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، بمناسبة صياغة عدة نصوص تشريعية.
في مواجهة جائحة كوفيد 19، تلعب وسائل الإعلام دورًا رئيسيًا في نشر المعلومات التي تم التحقق منها والقائمة على الحقائق، وتتعارض مع الشائعات ونظريات المؤامرة. وعلاوة على ذلك، يساهم الفاعلون في المجتمع المدني، بما في ذلك الأكاديميون والمدافعون عن حقوق الإنسان، بخبرتهم في وضع الاستجابة لكوفيد 19، وضمان مراعاة الجوانب الحاسمة المتعلقة بالصحة العمومية، وحقوق الإنسان، والتكنولوجيا، والنوع الاجتماعي، والتواصل العام، إلخ.
للأسف، في بعض السياقات، قد تكون الجائحة بمثابة فرصة لقمع حرية التعبير والحق في التجمع. وقد فُرضت إجراءات تقييدية على وسائل الإعلام، مما أعاق الولوج إلى المعلومات ومنع نشر المعلومات الهامة. وتم توقيف مواطنين لنشرهم معلومات “كاذبة” أو “مشوهة” حول تعامل حكومتهم مع الجائحة.
يقوم الفاعلون الأمنيون بمهام جديدة في تنفيذ إجراءات الحجز أو التباعد الاجتماعي. ويعتمد قبول وفعالية هذه الإجراءات إلى حد كبير على ثقة واحترام السكان لقوات الأمن. وفي السياقات التي يكون فيها وجود الدولة محدودًا، يمكن أن يلعب المجتمع المدني ووسائل الإعلام دورًا حاسمًا في تعزيز قبول وفعالية إجراءات الاستجابة للجائحة. وفي جميع أنحاء موريتانيا، نرى أمثلة إيجابية لتدخلهم إلى جانب الدولة في إرساء مستوى معين من الثقة والوعي بين السكان حول أهمية إجراءات مكافحة الجائحة. ويجب أن تكون هذه الإجراءات غير تمييزية.
ثالثا. عدم التمييز
يؤثر التمييز بشكل غير متناسب على النساء والفتيات، خصوصا في المجتمعات الهشة والتي تفتقر إلى الولوج إلى الخدمات الأساسية. ويشير التقرير الأخير لمهمة المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان والفقر المدقع[2] إلى أن موريتانيا قد أحرزت الكثير من التقدم في السنوات التي سبقت زيارته في مجال مكافحة الفقر. وفي الواقع، إذا كان عمل الحكومة الموريتانية قد مكّن من تطوير إنفاق الأسر وتراجع الفقر المدقع، فلا يزال يتعين على البلاد مواجهة تحديات كبيرة مرتبطة بالولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية والمشاكل الخطيرة المتعلقة بالأمن الغذائي والتغذوي. لذلك، من المفيد، في إطار الدراسات والمسوحات التي بدأت، وجود المزيد من المؤشرات المحدثة لضمان متابعة فعالة لأهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالفقر والجوع.
أدت جائحة كوفيد – 19 إلى تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسر في كل من المناطق الحضرية والريفية، خصوصا من خلال انخفاض الدخل مع فقدان الوظائف، والصعوبات في الولوج إلى الأسواق تبعا لتقييد التنقل بين الولايات، وضغط الإنفاق الصحي الإضافي على دخل الأسر، والتأثير على تحويلات المهاجرين، إلخ.
من أجل تخفيف الآثار السلبية للتباطؤ الاقتصادي، خففت الحكومة من سياستها المالية. وفي يوم 25 مارس 2020، أعلن رئيس الجمهورية عن إنشاء صندوق طوارئ بمساهمة أولية قدرها 2.5 مليار أوقية (حوالي 67 مليون دولار أمريكي) مفتوح للمساهمات الخاصة للحصول على الأدوية والمعدات الطبية؛ ودعم 30.000 أسرة فقيرة (تعيش بشكل رئيسي في نواكشوط) لمدة ثلاثة أشهر (0.5 مليار أوقية أو ما يقرب من 14 مليون دولار أمريكي)؛ ودعم المستهلكين والشركات. وتشمل المساعدة إلغاء الرسوم الجمركية والضرائب على الواردات الأساسية (القمح والزيت والحليب المجفف والخضروات والفواكه)، ودفع فواتير الخدمات العمومية للأسر الفقيرة وتلك التي تعيش في المناطق النائية، والضرائب البلدية للشركات الصغيرة العاملة في القطاع غير الرسمي، والضرائب والرسوم للعاملين في قطاع الصيد التقليدي لبقية السنة. علاوة على تمويل مختلف الإجراءات الاجتماعية الطارئة، وسيساهم هذا الصندوق في تسهيل تجارة المواد الغذائية وضمان تزويد الأسواق مع الحد من مخاطر ارتفاع الأسعار.
في مواجهة تداعيات الجائحة والحاجة إلى إنعاش الاقتصاد بشكل مستدام، أعدت الحكومة الموريتانية برنامج الأولوية الموسع للرئيس، والذي تم إطلاقه في سبتمبر 2020، والذي يشكل توطيدًا للبرنامج ذي الأولوية رقم 1 لرئيس الجمهورية الذي تم إطلاقه في يناير 2020 وخطة الاستجابة الوطنية متعددة القطاعات لجائحة كوفيد 19، والتي تم إعدادها بدعم من الأمم المتحدة والشركاء لتوفير استجابة فورية للتداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية. وهذا يثير تساؤلات تتعلق بالأشكال الأخرى للحماية الاجتماعية.
رابعا. الحماية الاجتماعية
تستند الحماية الاجتماعية على المبادئ المشتركة للعدالة الاجتماعية. وتم الاعتراف بها كحق من حقوق الإنسان وتم تكريسها في العديد من المعاهدات الدولية[3]. وفي موريتانيا، احتلت العناصر الرئيسية الهادفة إلى تعزيز الحماية الاجتماعية مكانة متميزة ضمن خطط العمل المتتالية للإطار الاستراتيجي لمكافحة الفقر التي تم وضعها وتنفيذها منذ سنة 2001، ثم في خطة العمل الاستراتيجية لمكافحة الفقر 2016-2030. وتكررت رغبة الحكومة الموريتانية في الاستثمار في البرامج الاجتماعية مؤخرًا بإعلان برنامج الأولوية الموسع لرئيس الجمهورية في أغسطس 2020، والذي ينص على تخصيص موارد معتبرة لتغطية الاحتياجات الأساسية والولوج إلى الخدمات الاجتماعية، وإنشاء المندوبية العامة للتضامن ومكافحة الاقصاء “تآزر”.
يتم تنظيم الحماية الاجتماعية الرسمية من خلال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتأمين الصحي. وبالنسبة للأشخاص خارج النظام الرسمي، فلدى موريتانيا العديد من المشاريع والبرامج المدعومة من قبل الشركاء الفنيين والماليين. وتشمل هذه على وجه الخصوص نشر السجل الاجتماعي، وبرنامج التحويل الاجتماعي العادي (التكافل)، وبرنامج الاستجابة للصدمات (المعونة)، وبرنامج بيع المواد الغذائية بأسعار مدعومة (أمل)، وبرامج التغذية المدرسية، والتكفل الطبي للمحتاجين، وبرامج التحويلات المنتجة وإنشاء الأصول بالإضافة إلى مجموعة من التدخلات من أجل الترقية الاجتماعية وتسهيل الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، بما في ذلك الصحة والتغذية والتعليم والماء والصرف الصحي.
لقد شهدت الحماية الاجتماعية في السنوات الأخيرة تطوراً مؤسسياً إيجابياً من خلال اعتماد الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية في يونيو 2013، على أساس قيم التضامن الوطنية ومبادئ الإنصاف والعدالة الاجتماعية وحقوق المواطنين والمواطنات. وتقدم هذه الاستراتيجية رؤية وآفاقا طويلة الأمد للإنشاء التدريجي لنظام متماسك ومتكامل للحماية الاجتماعية، مع تحديد الأهداف والأولويات والآليات لتنفيذ إجراءات محددة من خلال برامج الأعمال المنظمة حول المحاور ذات الأولوية وخطط أعمال مفصلة لمختلف المحاور.
ومع ذلك، فقد تم وضع نظام الحماية الاجتماعية على المحك بعد عواقب جائحة كوفيد 19. وفي الواقع، فإن للإجراءات التقييدية التي تم وضعها للحد من انتشار الفيروس (حظر التجول من الساعة 5 مساءً حتى الساعة 6 صباحًا، وإغلاق الحدود الوطنية، وحظر التنقل بين مناطق البلاد، وإغلاق جميع الأعمال التجارية غير الأساسية، إلخ) آثارا سلبية على حياة الأسر الهشة أصلا. وقد عانت أسر من فقدان الدخل بسبب فقدان العمل؛ وتأثرت سبل العيش، مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وصعوبة الحصول على الغذاء؛ وأدى انخفاض الدخل إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي المحلي وانخفاض كبير في تحويلات العمال والتجار؛ وعانت المناطق الحضرية على حد سواء من الآثار الصحية المباشرة والإجراءات الاجتماعية المتخذة للتخفيف من الجائحة؛ وكانت المناطق الريفية الأكثر تضررا من اضطراب التجارة غير الرسمية، وتعليق تحويل الأموال، واضطراب سلاسل التوريد المحلية، والتضخم في أسعار المواد الغذائية الأساسية والمنتجات الأساسية الأخرى. وهذا شعر به أيضًا السكان اللاجئون، فضلا عن أفراد المجتمع الموريتاني الأكثر هشاشة المقيمين في المناطق الريفية. ومع ذلك، فإن الولوج إلى الماء والصرف الصحي ضروري لحماية صحة الإنسان.
خامساً – الحق في الماء والصرف الصحي
الحصول على الماء له نتائج مباشرة على الصحة والغذاء والتعليم والإنتاج الزراعي والتنمية الاقتصادية للأسر. إنه أحد الاحتياجات الإنسانية الأساسية للسكان. والماء خدمة أساسية، وحق أساسي معترف به من قبل الأمم المتحدة على هذا النحو: إنه ليس امتيازًا. فالحق في الماء والحق في الصرف الصحي جزء من الحق في مستوى معيشي لائق. وقد أعادت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التأكيد على أن الحق في الماء والصرف الصحي يعد مكونا أساسيا للحق في مستوى معيشي لائق، وأنهما مرتبطين ارتباطًا وثيقًا، من بين حقوق أخرى منصوص عليها في العهد، في الحق في الصحة.
إن جائحة كوفيد 19 تجعل المظالم في الحصول على الماء أكثر وضوحًا. ومع ذلك، فإن نقص ماء الشرب والصرف الصحي في المنزل أو في المدرسة أو في المرافق الصحية سيجعل الإجراءات الوقائية صعبة. وفي بعض الحالات، بدون ماء وصرف صحي كافيين، يمكن أن تصبح هذه البيئات نفسها مكانًا لانتشار المرض. وفي هذا السياق، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن: توفير الماء النقي والصرف الصحي والنظافة أساسي لحماية صحة الإنسان أثناء تفشي كوفيد 19. وهذا يبرر تمويل العديد من برامج التنمية. لكن، قد توقف تنفيذ هذه البرامج، بسبب كوفيد 19، ويمكن أن يعرض للخطر بشكل كبير التقدم المحرز في العديد من أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما هذا المتعلق بالماء.
يمكن دعم الوقاية من انتقال فيروس كوفيد 19 من إنسان إلى آخر من خلال ترقية الحق في الماء والصرف الصحي، ودعم البنية التحتية ودعم فنيي الماء والمياه العادمة الذين يضمنون الجودة والتطبيق المنهجي للماء والصرف الصحي والنظافة الصحية وممارسات إدارة النفايات في المجتمعات والمنازل والمدارس والأسواق والمرافق الصحية.
هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم المخاطر المرتبطة بماء الشرب الملوث، والانتقال البيئي، ولضمان تكوين مشغلي المياه العادمة ودعمهم طوال الأزمة. ومع ذلك، يمكن للعديد من الإجراءات تحسين سلامة المياه، بما في ذلك: حماية مصدر الماء، ومعالجة الماء عند نقاط التوزيع أو التجميع أو الاستهلاك، والتأكد من تخزين الماء المعالج بأمان في المنزل في حاويات نظيفة ومغطاة بانتظام. ويمكن تخطيط هذه الإجراءات وتنفيذها ومراقبتها بشكل فعال بمساعدة خطط إدارة سلامة الماء.
يجب أن تقلل طرق معالجة الماء المركزية التقليدية التي تستخدم الترشيح والتطهير بشكل كبير من تركيز SARS-CoV-2. وقد ثبت أن فيروسات كورونا البشرية الأخرى حساسة للكلور والتطهير بالأشعة فوق البنفسجية.
في الواقع، توجد النساء في الخطوط الأمامية، وغالبًا ما يتحملن مسؤولية جلب الماء ورعاية الأسرة. وبالإضافة إلى نقص الماء، فإن الاختلاط وخطر تسريع انتشار الفيروس أمر ينذر بالخطر أيضًا. أما بالنسبة للتباعد الاجتماعي، فإن الوضع أكثر إثارة للقلق، لأنه من المفترض أن تستقبل الملاجئ، على سبيل المثال، سبعة أشخاص كحد أقصى، ولكن الواقع مختلف تمامًا، حيث ينتهي بهم الأمر بأكثر من 10 أشخاص لكل مأوى.
وبالتالي، فإن الحق في الماء والصرف الصحي مكون أساسي من حقوق الإنسان. والأمر نفسه ينطبق على خدمات أخرى، وخصوصا الولوج إلى العدالة.
سادسا. الولوج إلى العدالة
لقد أدت الجائحة العالمية كوفيد 19، بحكم حجمها وطبيعتها المفاجئة، إلى تعطيل سير عمل العدالة بشكل كبير. وهكذا تم تعليق الجلسات الحضورية في المحاكم والهيئات القضائية في سنة 2020 لعدة أسابيع لتجنب انتشار الفيروس. وخلال هذه الفترة، لم يتم تطوير أي حل بديل (منصة، جلسة عن بعد، إلخ) من قبل السلطات المختصة. وهو ما لا يرجح أن يضمن حقوق المتقاضين. كما أدى الحجز إلى تقييد حركة موظفي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وأعضاء المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان والمحامين والمحضرين والموثقين والمساعدين القانونيين. وهذا ليس في صالح منع وحل النزاعات الناشئة عن تنفيذ استجابة الحكومة لكوفيد 19.
ومع ذلك، بالرغم من كل القيود المذكورة أعلاه، نجحت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في تشغيل آلية تسيير الشكايات الخاصة بها. التي تعتمد على نظام استقبال واضح ومعالجة مناسبة وتسيير معلوماتي ملائم.
سابعا. الولوج إلى الصحة
في مواجهة كوفيد، تحدث المرضى عن أوجه القصور في بروتوكولات النظافة الأساسية، ونقص قاعات العزل ونقص العاملين الصحيين والأطباء والممرضات وبعض الأدوية والمعدات الطبية بشكل عام. ومع ذلك، فإن الحق في الصحة ينص على وجوب توفر المرافق والمنشآت والخدمات الصحية بكميات كافية؛ ومتاحة للجميع دون تمييز وبأسعار مناسبة للجميع، حتى الفئات المهمشة، ومقبولة، أي تحترم أخلاقيات مهنة الطب وتتناسب مع الثقافة؛ ومناسبة علميا وطبيا وذات نوعية جيدة.
من أجل فعالية الحق في الصحة واستجابة لأزمة كوفيد 19، تمكنت السلطات الصحية في موريتانيا من التنسيق مع المجتمع الدولي. وقامت وزارة الصحة، بدعم من الشركاء الفنيين والماليين، وفي المقام الأول منظمة الصحة العالمية، بإعداد وتنفيذ خطة التدخل الوطنية لفيروس كوفيد 19 من أجل الحد من عبء الحالات المرضية والوفيات المرتبطة بالفيروس. وتهدف هذه الخطة إلى الوقاية من تفشي كوفيد 19 في موريتانيا واكتشافه والاستجابة له من خلال استراتيجيات مصممة لتقليل انتقال الفيروس، وتوفير تكفل مناسب لحالات كوفيد 19، وتمكين النظام الصحي من أن يصبح أكثر مرونة في المستقبل. وقد ركزت السلطات في البداية على تعزيز القدرات في مجال الرعاية الصحية من أجل توفير الخدمات الصحية اللازمة للأشخاص المتضررين من كوفيد 19. كما سعت إلى اتخاذ إجراءات تهدف لمنع زيادة الفقر المدقع وانعدام الأمن الغذائي.
بهذا الزخم ومنذ بداية الأزمة الصحية، دعمت الأمم المتحدة والدول الصديقة لموريتانيا الحكومة في تنفيذ برنامجها للاستجابة الصحية والأمنية في حالات الطوارئ. لقد قدموا الدعم الفني والبنية التحتية للحكومة لتطوير خطة التدخل الخاصة بها من أجل دعم جميع المكونات الطبية والصحة العمومية في البلد من أجل استعداد أفضل والاستجابة بشكل فعال لانتشار فيروس كوفيد 19. وقد مكنت هذه الشراكة من إبطاء انتشار الفيروس، وعلاج جميع الأشخاص المصابين ووضع ابروتوكولات مكنت موريتانيا من إعادة فتح حدودها تدريجياً وإعادة إطلاق أنشطتها الاجتماعية والاقتصادية الوطنية.
قامت موريتانيا بتلقيح أكثر من 13٪ من سكانها ضد كوفيد 19، لتحقيق الهدف العالمي الذي حددته منظمة الصحة العالمية بحلول نهاية سبتمبر 2021 لتوسيع دائرة التلقيح والمساعدة في عكس مسار الجائحة. وبدأت التلقيح ضد كوفيد 19 في مارس 2021، في المجموعات السكانية ذات الأولوية، بمجرد وصول الجرعات التي تم الحصول عليها بموجب الاتفاقات الثنائية. وقد كانت تغطية التلقيح خجولة خلال الشهرين الأولين، ويرجع ذلك جزئيًا إلى انخفاض الالتزام بالتطعيم بين السكان والعدد المحدود لنقاط التلقيح. وتم التغلب على هذا التحدي من خلال تنفيذ ثلاث حملات تلقيح ونشر وتكوين القائمين بالتلقيح من قبل وزارة الصحة بدعم من منظمة الصحة العالمية في مقاطعات البلاد، وزيادة نقاط التلقيح في المراكز الصحية ونقاط الدخول وغيرها من الأماكن المزدحمة، وخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية؛ وبذلك بلغ معدل التلقيحات 30000 في اليوم وسط الموجة الثالثة.
في الواقع، من المناسب التذكير بأن جائحة كوفيد 19 أوقفت تنفيذ بعض برامج التنمية. وهذا يمكن أن يعرض للخطر التقدم المحرز في العديد من أهداف التنمية المستدامة، حصوصا تلك المتعلقة بالصحة وإدارة السجون.
ثامنا. حقوق الأشخاص المحرومين من الحرية
يشكل كوفيد 19، مثل الأمراض المعدية الأخرى، خطرًا أكبر على السكان الذين يعيشون في أماكن متقاربة. وهذا الخطر حاد بشكل خاص في أماكن الاحتجاز مثل السجون أو مراكز الاحتجاز، أو في مساكن الأشخاص ذوي الإعاقة ومرافق رعاية المسنين، حيث يمكن أن ينتشر الفيروس بسرعة، لا سيما إذا كان الولوج إلى الرعاية الصحية محدودًا أصلا.
في مواجهة جائحة كوفيد 19، اتخذت الحكومة الموريتانية إجراءات وقائية لتجنب انتشار قد يكون مميتا للسكان. وفي حين أن هذه الإجراءات لا تزال بحاجة إلى تكييفها مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي، خصوصا فيما يتعلق بالفئات الأكثر هشاشة، فإن وضعية الأشخاص المحرومين من الحرية مقلقة للغاية.
لا يوفر نظام السجون ضمانات لاحترام إجراءات النظافة والتباعد الاجتماعي التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية. ولذلك، يُخشى أن تكون معظم الاجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا غير فعالة في السجون، خصوصا بسبب البنية التحتية المتداعية الخالية من المرافق الصحية المناسبة لغسل الأيدي، على سبيل المثال، واكتظاظ السجون، وعدم كفاية الوسائل الصحية المتاحة للمؤسسات الإصلاحية من أجل الاستجابة بشكل مناسب لظهور حالات كوفيد 19 داخلها.
ينبغي أن يُعرض على الأشخاص المحرومين من الحرية فحص طبي عند دخولهم ومن ثم الاستفادة من الرعاية والعلاجات الطبية كلما دعت الحاجة إلى ذلك. والغرض من الفحص الطبي هو حماية صحة المحتجز وموظفي مركز الاحتجاز والمحتجزين الآخرين، والتأكد من معالجة الأمراض في أسرع وقت ممكن لتجنب انتشار الفيروس. ويجب أن يحصل جميع المحتجزين على الرعاية والعلاجات الطبية دون تمييز.
في الحالات المشتبه فيها أو المؤكدة لكوفيد 19، يجب أن يحصل جميع الأشخاص المحرومين من الحرية على الرعاية الصحية، بما في ذلك الرعاية الصحية العاجلة والمتخصصة، دون تأخير. ويجب عزل الشخص أو الأشخاص المشتبه في إصابتهم بالفيروس في ظروف كريمة، بعيدًا عن عامة السكان، ويجب اتخاذ إجراءات لمنع العنف أو وصم هؤلاء الأشخاص.
على الرغم من أن الإجراءات ضرورية لمنع انتقال كوفيد 19 في أماكن الاحتجاز، يجب على السلطات ضمان احترام حقوق الإنسان. ولا يمكن أبدًا إخضاع الضمانات الإجرائية التي تحمي الحرية الشخصية لإجراءات عدم التقيد. ومن أجل حماية الحقوق غير القابلة للانتقاص، بما في ذلك الحق في الحياة وحظر التعذيب، لا ينبغي تقييد الحق في المثول أمام محكمة لتمكينها من الحكم دون تأخير حول شرعية الاحتجاز.
يجب الحفاظ على القدرة على مقابلة محام ويجب على سلطات السجن ضمان أن المحامين يمكنهم التحدث إلى موكليهم في سرية تامة. وقد يؤدي تعليق الجلسات إلى تفاقم خطر الإصابة بفيروس كورونا في أماكن الاحتجاز. وحتى في حالة الطوارئ الرسمية، لا يجوز للدولة أن تحيد عن المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة وحماية الأشخاص أصحاب الهشاشة، خاصة ذوي الإعاقة.
تاسعا. حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
تواجه موريتانيا منذ أزيد من عامين، جائحة كوفيد 19 ولا يزال الأشخاص ذوو الإعاقة وأسرهم ومقدمو الرعاية يعانون بشكل غير متناسب من آثار هذه الأزمة غير المسبوقة.
قبل ظهور كوفيد 19، كان الأشخاص ذوو الإعاقة يواجهون بالفعل جميع أنواع العقبات، غالبًا بشكل يومي. وكان بعضهم يوجدون في أكثر الوضعيات هشاشة في موريتانيا. ومن الثابت والموثق جيدًا أن الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على العمل أو الحماية أو المشاركة الكاملة في المجتمع. وهم أكثر عرضة للعيش في الفقر، وغالبًا ما يكونون ضحايا للعنف والإهمال وسوء المعاملة، ويكونون من بين أكثر الأشخاص تهميشًا عندما تحدث أزمة.
بشكل ملموس، أدى ظهور كوفيد 19 إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يوجدون في وضعية هشة في موريتانيا وأنشأ عقبات جديدة تعيق الحماية والمشاركة الكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومع ذلك، فإن اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تحظر التمييز على أساس الإعاقة، وتعرفه بأنه “أي تمييز أو استبعاد أو تقييد على أساس الإعاقة يكون غرضه أو أثره إضعاف أو إحباط الاعتراف بكافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة مع الآخرين، في الميادين السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو المدنية أو أي ميدان آخر.”.
هناك ضغوطات وأسباب محددة يمكن أن تؤدي إلى تدهور الصحة العقلية للأشخاص ذوي الإعاقة أثناء أزمة كوفيد 19. وتظهر الأبحاث حول تأثير كوفيد 19 أن الأشخاص ذوي الإعاقة (بما في ذلك الإعاقات الجسدية أو العقلية أو الفكرية أو الحسية) يواجهون صعوبة أكبر في الوصول إلى الموارد الطبية الأساسية، والتي يمكن أن تصبح أكثر صعوبة عندما تصبح الموارد شحيحة. ويفيد بعض الأشخاص ذوي الإعاقة بمستويات أعلى من العزلة الاجتماعية مقارنة بنظرائهم غير المعوقين. وقد يعانون من شعور أكثر حدة بالعزلة استجابةً لإجراءات التباعد الجسدي.
يجد العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعتمدون على أشخاص آخرين في حياتهم اليومية (من خلال الدعم الرسمي من مقدمي الخدمات أو الدعم غير الرسمي من الأقارب / الأصدقاء) أنفسهم بدون دعم بسبب قيود الحركة وإجراءات التباعد الجسدي. وهذا يمكن أن يعرضهم لخطر كبير، بحيث يبقون دون الحصول على الطعام والسلع الأساسية والأدوية، وكذلك منعهم من القيام بالأنشطة اليومية الأساسية مثل الاستحمام أو الطبخ أو تناول الطعام.
لا يتم توصيل المعلومات العمومية حول إجراءات مكافحة كوفيد 19 ولا نشرها بشكل منهجي في تنسيقات ووسائل إعلام يمكن الولوج إليها للوصول إلى جميع الأشخاص ذوي الإعاقة (مثل الترجمة بلغة الإشارة، وترجمة الأفلام، والتنسيق سهل القراءة، إلخ).
بالإضافة إلى ذلك، قد لا يتمكن بعض الأشخاص ذوي الإعاقة، مثل الأشخاص الذين يعانون من إعاقات نفسية-اجتماعية والأشخاص المصابين بالتوحد، من التعامل مع الحجز الصارم في المنزل.
تعد النزهات القصيرة والحذرة طوال اليوم عاملاً أساسيًا لمساعدتهم على التعامل مع الموقف. مع العلم أن النساء والفتيات أكثر تضررا بالجائحة من الرجال.
عاشرا – حقوق النساء والفتيات
لقد سجلت الجمهورية الإسلامية الموريتانية أول حالة إصابة مؤكدة بكوفيد 19 في يوم 13 مارس 2020. وكوفيد 19 هو مرض ناجم عن فيروس كورونا جديد، SARS-CoV-2. وقد أثر بشدة على النساء أكثر من الرجال، اقتصاديًا واجتماعيًا، ومن حيث الصحة. ونظرًا لأدوارهن كمعيلات للأسر، وعاملات صحيات في الخطوط الأمامية ومتطوعات في المجتمع، فإن النساء أكثر عرضة للإصابة بالفيروس.
أدت جائحة كوفيد 19 إلى تفاقم العنف وغيره من أشكال عدم المساواة بين الجنسين[1]. وهذا يمكن أن يعرض للخطر التقدم المحرز في العديد من أهداف التنمية المستدامة، خصوصا تلك المتعلقة بالنوع الاجتماعي. ووفقًا لمسح حديث للأسر (صندوق الأمم المتحدة للسكان، 2020)، تواجه النساء الموريتانيات العنف القائم على النوع الاجتماعي في المنزل بسبب الضغوط الاقتصادية الناجمة عن البطالة (نقلا عن 86.3٪ من الأشخاص المستجوبين)، وزيادة العمل المنزلي، خاصة بسبب إغلاق المدارس (72.8٪)، ونقص سبل العيش للنساء في القطاع غير الرسمي (68.4٪)، والتواصل الوثيق مع أفراد الأسرة في ظروف الحجز أو حظر التجول الذي يزيد من مخاطر الصراع والعنف. كما أن ولوج الفتيات إلى التعليم معرض للخطر أيضًا، حيث قد لا يتمكن من العودة إلى المدرسة بمجرد رفع إغلاق المدارس. والفتيات – وخاصة المراهقات – اللائي يدرسن في المنزل أكثر عرضة للضغط من الأولاد للمساهمة في الأعمال المنزلية على حساب دراستهن. كما أن ظروف العمل غير المستقرة التي تعيشها النساء الموريتانيات (خاصة في القطاع غير الرسمي) قد عرّضتهن بشكل أكبر للتداعيات الاقتصادية للجائحة. مع هامش محدود للمناورة حيث تزداد مسؤولياتهن المنزلية بسبب إغلاق المدارس والأسواق وتقليل ساعات عملهن. وكل هذا يضعف استقلاليتهن وقوتهن الشرائية.
تعتبر حماية النساء من العنف، سواء في الحياة الخاصة أو المهنية، عاملاً مهمًا. وعلى الرغم من المحاولات المتعددة لاعتماد تشريع يعالج العنف ضد النساء ووجود مشروع قانون اعتمده مجلس الوزراء في سنة 2020، ولم تعتمد موريتانيا بعد تشريعات محددة تجرم العنف ضد النساء والفتيات. وهذا يدل على انسداد وعداء غير مبرر لأشخاص معينين ومجموعات معينة لتعزيز مواءمة النصوص الوطنية مع النصوص الدولية. وبالفعل، فإن آليات إعداد النصوص الدولية تأخذ في الاعتبار، في عملية التشاور الخاصة بها، جميع الأطراف المعنيين، خاصة المنظمات الدينية. وفي هذا الإطار، تشارك مجموعة الدول الإسلامية في إعداد الاتفاقيات الدولية. وموريتانيا ليست ملزمة بالموافقة على المعاهدات أو الاتفاقات الدولية. ومع ذلك، فإن هذه المعاهدات أو الاتفاقات عندما يتم التصديق عليها أو الموافقة عليها بانتظام، يكون لها، منذ نشرها، سلطة أعلى من سلطة القوانين، شريطة التطبيق لكل اتفاقية أو معاهدة، من قبل الطرف الآخر (المادة 80 من الدستور).
ويصادف أيضًا أن تقوم موريتانيا، من أجل حماية هذه المصالح العليا، بالتصديق على معاهدة أو اتفاق ولكن مع وجود تحفظ عام أو تحفظات محددة تتعلق بواحدة أو أكثر من مواد المعاهدة أو الاتفاقية المذكورة.
بالإضافة إلى ذلك، بسبب عدم وجود تعريف للاغتصاب في التشريع الموريتاني، تتعرض الناجيات من الاعتداء الجنسي لخطر المقاضاة بالزنا إذا تقدمن بشكاية. في حين أن نقص الإحصاءات والبيانات غير المصنفة حول وقوع العنف القائم على النوع الاجتماعي يجعل من الصعب تحديد المشكلة بدقة وتكلفتها، وتفيد المنظمات غير الحكومية والفاعلون المؤسسيون أنها واسعة الانتشار، وخاصة العنف الجنسي[2]. ورسميا، فإن ختان الإناث محظور بموجب المدونة الجنائية الخاصة بحماية الطفولة التي تفرض عقوبات بالسجن وغرامات على أي فعل أو محاولة للإضرار بالأعضاء التناسلية للفتاة. ومع ذلك، لا تزال هذه الممارسة منتشرة نسبيًا في موريتانيا، على الرغم من جهود الحكومة والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية للقضاء على هذه الممارسة. ووفقًا لمسح المؤشرات المتعددة (2015)، فإن 66.6٪ من النساء لديهن ابنة واحدة على الأقل خضعت لختان الإناث/ استئصال و36.1٪ من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة وافقن على هذه الممارسة. ومع ذلك، فإن ختان الإناث يشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الطفل.
الحادي عشر. حقوق الطفل
إن الأطفال أساسيون للتنمية المستقبلية للمجتمع. إنهم يمثلون اليوم غالبية سكان العالم. ويجب أن يتمتع جميع الأطفال بنفس الحقوق ونفس الحريات دون تمييز. كما أن وضعهم كأطفال يمنحهم الحق في رعاية ومساعدة خاصة. وتحدد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1989 ودخلت حيز التطبيق في موريتانيا في سنة 1991، هذه الحقوق الأساسية المتأصلة في الكرامة الإنسانية والتنمية المتناسقة. لكل طفل.
بسبب كوفيد 19، توقف تنفيذ بعض برامج التنمية وهذا يمكن أن يعرض للخطر بشكل كبير التقدم المحرز في العديد من أهداف التنمية المستدامة، خصوصا تلك المتعلقة بالصحة والنمو والتعليم والشغل والفقر والجوع. وبالتالي، يواجه العديد من الأطفال الفقر بينما تواجه أسرهم مصاعب مالية بسبب المرض، والعجز عن العمل، وفقدان الشغل والدخل، وغير ذلك من حالات انعدام الأمن الاقتصادي ذات الصلة.
يشكل كوفيد 19 تهديدًا كبيرًا لحقوق الأطفال في البقاء والنمو وأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه. وتأثيراته على الصحة البدنية والعقلية كبيرة، خصوصا الحجز والتباعد الجسدي. إن الولوج إلى الخدمات الرئيسية، بما في ذلك الرعاية الصحية الأساسية الحيوية مثل التلقيحات وتسجيل المواليد كان مختلا. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر تغذية الأطفال مصدر قلق حيوي لأن بعض الأطفال لا يمكنهم الحصول على الطعام المغذي بانتظام أثناء الحجز أو بسبب المصاعب المالية المرتبطة بكوفيد 19.
إن لجائحة كوفيد 19 عواقب مدمرة على المدى القصير والمتوسط والطويل على الأطفال وحقوقهم وتطرح تحديًا كبيرًا أمام تحقيق خطة 2030. ويمكن أن يكون لها أيضًا تأثيرات جسدية وعاطفية ونفسية خطيرة على الأطفال، خاصة في البلدان التي نفذت إجراءات إلزامية للبقاء في المنزل، وللحجز، وللأطفال في وضعية هشاشة.
يمكن أن تؤدي عمليات الإغلاق والحجز بالأطفال إلى خطر مشاهدة أو التعرض للعنف الجسدي والنفسي، بما في ذلك سوء المعاملة والعنف الجنسي. وهناك خطر متزايد من التعرض لمحتوى غير لائق عبر الإنترنت ومحتالين عبر الإنترنت بسبب الاستخدام المتزايد للمنصات عبر الإنترنت. وبالتالي، تتعرض الفتيات بشكل خاص للخطر ويواجهن تهديدات متزايدة بالعنف الجنسي والاستغلال والتمييز وسوء المعاملة. ويواجه أطفال الشوارع أيضًا خطرًا متزايدًا للعنف والاستغلال بسبب عدم استقرارهم وعدم قدرتهم على الامتثال لإجراءات الحجز المرتبطة بالفيروس.
لقد تم تعطيل التعلم بسبب جائحة كوفيد 19 على الرغم من إجراءات الاستجابة التي اعتمدتها الحكومة، بدعم من الأمم المتحدة، لضمان استمراريته عبر التعلم عن بعد (التلفزيون، والإذاعة، وإنتاج المحتوى الرقمي، ومنصات التكوين، إلخ).
وبالفعل، أدى ظهور جائحة كوفيد 19 في موريتانيا إلى تعطيل مسار السنة الدراسية وأدى إلى توقف الدراسة من 15 مارس إلى 1 سبتمبر 2020 بالإضافة إلى تأخير كبير في عملية الإصلاح التي تم إطلاقها في بداية سنة 2020. ولضمان الاستمرارية التعليمية، اتخذت الحكومة إجراءات، بدعم من منظومة الأمم المتحدة، تسمح بمتابعة التعلم عن بعد للتلاميذ في فصول الامتحانات، من خلال: تفعيل التلفزيون والإذاعة المدرسية، وإنتاج أدوات ورقية، وإنتاج المحتوى الرقمي، وإنشاء منصات للتكوين عن بعد في وسائط متعددة، وإنشاء منتديات للأسئلة والأجوبة على المنصة.
لقد تمت جدولة إعادة فتح الفصول الدراسية من 1 سبتمبر إلى 30 أكتوبر 2020 بهدف ضمان اللحاق بدروس الثلث الأخير من السنة والتحقق من صحتها من خلال تنظيم امتحانات التجاوز والشهادة. وقد اتخذت الوزارة، بالشراكة مع مختلف القطاعات الوزارية المعنية وجميع الشركاء الفنيين والماليين، كل الإجراءات للتغلب على الصعوبات المرتبطة بالحماية الجسدية من فيروس كورونا وتهيئة ظروف تعليمية أفضل من أجل إنجاح العودة إلى الدراسة. وتحقيقا لهذه الغاية، تم وضع خطة استجابة مع المجموعة المحلية لشركاء التعليم. في مواجهة هذا الوضع، الذي استمر لفترة أطول من المتوقع، واتخذ القطاع المكلف بالتعليم الوطني والتكوين الفني والمهني والإصلاح إجراءات سريعة لضمان استمرارية التعلم، خاصة للتلاميذ في فصول الامتحانات (6AF-4AS و7 AS) بعد أزمة كوفيد 19. بالإضافة إلى ذلك، أرسلت وزارة التهذيب الوطني والتكوين الفني والإصلاح بعثات على المستوى الوطني للتوعية حول البروتوكول المتفق عليه مع وزارة الصحة ووزارة الداخلية واللامركزية، وتوزيع 270،000 كمامة على الأطفال فوق 11 سنة وموظفي التعليم، وتطهير المدارس وتوزيع مستلزمات النظافة[3] ، بما فيهم الأطفال المهاجرون.
الثاني عشر. حقوق المهاجرين
تؤثر أزمة الصحة العمومية الناجمة عن كوفيد 19 بشكل غير متناسب على الأشخاص والمجتمعات الذين كانوا أصلا في وضعيات هشة. ونتيجة لذلك، تأثر المهاجرون وأفراد أسرهم خاصة أولئك الذين يعيشون أصلا في وضعيات هشة، بشكل غير متناسب بالجائحة بسبب ثلاثة عوامل مترابطة مما أدى إلى تفاقم الهشاشة القائمة. أولاً، يقع العديد من المهاجرين والأشخاص المتنقلين ضمن الفئات الاجتماعية والاقتصادية الهشة. إنهم يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر ولديهم ولوج محدود إلى الرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى. ثانيًا، غالبًا ما يعملون في القطاع غير الرسمي، في ظروف عمل غير مواتية وولوج محدود إلى أنظمة الحماية الاجتماعية. ثالثًا، في ظل عدم وجود إجراءات حماية فعالة وكافية، يواجه بعض طالبي اللجوء عقبات في الولوج إلى إجراءات اللجوء.
في الواقع، اتخذت الحكومة الموريتانية إجراءات إيجابية للتخفيف من الآثار السلبية للجائحة، واعتمدت مقاربة قائمة على حقوق الإنسان وإشراك المهاجرين في جهود مكافحة كوفيد 19 والتعافي.
أجرت المنظمة الدولية للهجرة في موريتانيا، في دجمبر 2021، مسحا حول الهجرة في نواكشوط. ووفقًا لنتائج المسح، كان لجائحة كوفيد 19 تأثير على دخل المهاجرين بشكل خاص. وفي الواقع، أفاد أكثر من ثلاثة من كل خمسة مهاجرين (63٪) أن دخلهم انخفض منذ بداية الجائحة، بينما قال 26٪ إنهم واجهوا صعوبات في إرسال المال إلى أسرهم. ويمكن تفسير ذلك من خلال حقيقة أن المهاجرين يعملون بشكل غير رسمي وفي القطاعات التي تأثرت جدا بالإجراءات المتخذة ضد انتشار كوفيد 19، مثل قطاع التموين أو الأعمال التجارية الصغيرة. وفي المقابل، يعتبر 14٪ أن دخلهم لم يتأثر بالجائحة وعواقبها الاقتصادية.
يكشف تحليل النتائج أيضًا عن تأثير جائحة كوفيد 19 على الحياة اليومية للمهاجرين. وبالفعل، سلط 69 % من المشاركين الضوء على تأثير القيود المفروضة على التنقل على حياتهم اليومية، حيث فرضت السلطات الموريتانية حظر تجول، وقيودًا على دخول ومغادرة البلاد، بالإضافة إلى إغلاق نقاط الدخول، في إطار مكافحة كوفيد 19. وأبلغ أكثر من ثلث المهاجرين عن فقدان وظائفهم بشكل مؤقت. بالإضافة إلى ذلك، قال 26٪ من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع إنهم فقدوا وظائفهم بشكل دائم أثناء الجائحة. ويعمل العديد من المهاجرين في وظائف يومية محفوفة بالمخاطر، وبالتالي فهم معرضون بشكل خاص لقيود التنقل المرتبطة بمكافحة كوفيد 19.
كما تناول المسح تأثير الجائحة على حصول المهاجرين على الغذاء. وتظهر النتائج أن ما يزيد قليلاً عن ثلثي المهاجرين الذين شملهم الاستطلاع يشيرون إلى أنهم قلقون أكثر بشأن حصولهم على الغذاء منذ بداية الجائحة (مقارنة بالثلث فقط قبل الجائحة). وهذا يؤكد التأثير الكبير للقيود في إطار مكافحة كوفيد 19 على مصادر دخل المهاجرين.
الثالث عشر. خلاصة
لا يزال كوفيد 19 حقيقة واقعة في موريتانيا. ومع ذلك، فإن إجراءات الاستجابة التي اتخذتها الحكومة والمؤسسات الإقليمية والدولية وكذلك حملة التلقيح تشير إلى آفاق إيجابية. وقد أدى التحسن النسبي في الوضع الصحي إلى الرفع التدريجي للقيود المفروضة منذ بداية الأزمة في سنة 2020، كما أكده التقرير السنوي 2020 لخطة الاستجابة لكوفيد 19، حتى لو كانت الموجات المتتالية والمتغيرات الجديدة تثير مخاوف من إعادة تنشيط بعض هذه الإجراءات. ويبدو بشكل عام أن رفع هذه الإجراءات لم تكن له آثار فورية وجوهرية من حيث تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأسر.
الرابع عشر. توصيات
1) تدابير الطوارئ يجب:
أن تكون مؤقتة بشكل صارم في نطاقها؛
أن تكون أقل تدخلا قدر الإمكان لتحقيق أهداف الصحة العمومية؛
أن تكون منصوصا عليها، وتتضمن إجراءات وقائية مثل بنود الإنهاء أو المراجعة، لضمان العودة إلى القوانين العادية بمجرد انتهاء حالة الطوارئ.
2) الفضاء المدني
الاعتراف بمساهمات المجتمع المدني، خصوصا المدافعون عن حقوق الإنسان والمهنيون الإعلاميون واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان؛
إشراك اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في صياغة النصوص التشريعية التي تتعلق بحقوق الإنسان؛
إنشاء هيئة على المستوى الوطني يكون لها الحق الحصري في أن تقرر، بناءً على طلب الحكومة، توافق أو عدم توافق مشاريع و/أو مقترحات القوانين مع الشريعة الإسلامية؛
التأكد من أن السبل الموجودة لمشاركة المجتمع المدني يتم الحفاظ عليها في فترة كوفيد 19.
توفير مساحة للمهنيين الطبيين للتحدث بحرية وتبادل المعلومات فيما بينهم ومع الجمهور.
تسهيل الولوج إلى الإنترنت.
احترام حرية وسائل الإعلام والدفاع عنها أثناء فترة كوفيد 19 وذلك وفقا للقانون المحلي والدولي لحقوق الإنسان؛
التأكد من أن القوانين والأنظمة الجديدة التي تم إصدارها لمكافحة كوفيد 19 لا تقيد بأي حال من الأحول بعض الحقوق الأساسية، خصوصا الحق في الحياة، وحظر التعذيب وغيره من العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والاعتراف أمام القانون وقرينة البراءة.
3) عدم التمييز
ضمان المساواة في الحصول على الرعاية الصحية والقضاء على أي ممارسات تمييزية ضد الفئات الهشة[4]؛
إزالة جميع الأحكام التمييزية في القانون والممارسة فيما يتعلق بالحصول على الأرض والموارد الطبيعية الأخرى؛
تنفيذ إجراءات قائمة على حقوق الإنسان تهدف إلى مواجهة خطاب الكراهية؛
ضمان سبل الانتصاف للأفراد ضد مرتكبي أعمال التمييز، بما في ذلك عندما يتم ارتكاب هذه الأعمال من قبل سلطات قوات حفظ النظام أو غيرهم من مسؤولي الدولة، وكذلك الحق في طلب التعويض عن الأضرار التي لحقت بهم؛
وضع السكان المعرضين للخطر في قلب الإجراءات التي تتخذها الحكومة في إطار خطط الاستجابة لكوفيد 19؛
معالجة تأثيرات كوفيد 19 على الأمن الغذائي للمجتمعات الهشة؛
دعم القطاع الزراعي للحد من تأثير اضطراب سلاسل التوريد، مما يجعل من الصعب توفير المنتجات في السوق.
4) الحماية الاجتماعية
مراجعة الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية من أجل ضمان المستويات الأساسية للتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛
معالجة المشكلة المتكررة المتمثلة في زيادة الفقر من خلال إقامة شبكات الأمان الاجتماعي واستراتيجيات تعزيز القدرات، وخاصة بالنسبة للنساء والشباب، وترقية الأنشطة المدرة للدخل؛
تطبيق إجراءات حماية العمل وأنظمة الحماية الاجتماعية الأخرى لحماية الفئات الأكثر هشاشة
منع ومكافحة ومعاقبة أشكال الرق المعاصرة والعمل القسري والاتجار بالبشر.
5) الحق في الماء والصرف الصحي
ضمان إمكانية الحصول على ماء الشرب لجميع شرائح السكان وبتكلفة في متناول الجميع، خاصة في المناطق التي يكون فيها الخطر الوبائي أعلى؛
تجنب أي انقطاع لخدمات الماء. ويمكن أن يكون هذا الإغلاق ضارًا بشكل خاص أثناء أزمات الصحة العمومية مثل جائحة كوفيد 19.
6) الولوج إلى العدالة
تعزيز التحول الرقمي لوزارة العدل. وبالتالي، سيكون لدى القضاة وموظفي العدالة أدوات فعالة للتبادل مع المهنيين القانونيين، وستتاح للمتقاضين إمكانية تقديم طلبات للحصول على المساعدة القضائية واتخاذ الإجراءات القانونية عبر الإنترنت، ومتابعة قضاياهم عبر الإنترنت، وسيتم تسهيل توجيه المحتجزين وسيتمكن أقاربهم من القيام بالإجراءات عبر الإنترنت (طلب زيارة، وإرسال المال، إلخ) ؛
تشجيع الجلسات عن بعد؛
نشر المعلومات حول آليات تسيير الشكايات الموجودة في خدمة أولئك الذين يعانون من الممارسات التمييزية أو أي انتهاكات أخرى لحقوقهم.
7) الولوج إلى الصحة
الاستمرار في الإجراءات الإلزامية المتعلقة بالتباعد الجسدي وارتداء الكمامات وغسل اليدين مع الحفاظ على المراقبة المستمرة؛
توطيد حشد الجهود لزيادة توافر اللقاحات وتعزيز التزام السكان بالتلقيح ضد كوفيد، خصوصا من خلال توسيع الحملات الإعلامية والتحسيسية؛
الاستمرار في دعم قطاع الصحة من خلال توفير الموارد الكافية لترسيخ المكاسب التي تحققت في مكافحة الجائحة.
8) حقوق الأشخاص المحرومين من الحرية
ينبغي أن يُعرض على الأشخاص المحرومين من الحرية فحص طبي عند دخولهم السجن ومن ثم الاستفادة من الرعاية والعلاجات الطبية كلما دعت الحاجة إلى ذلك؛
تقليص عدد نزلاء السجون بالإفراج عن مجموعات من السجناء المعرضين للخطر، بما في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة، من خلال تنفيذ خطط الإفراج المبكر والإفراج المشروط، أو بتخفيف العقوبات وتقليل استخدام الحبس الاحتياطي واللجوء إلى العقوبات البديلة؛
تعزيز الإجراءات الوقائية ضد انتشار كوفيد 19 في السجون.
9) حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم من أجل إشراكهم بنشاط في إعداد الاستجابات لكوفيد 19؛
تسهيل الحصول على المعلومات حول الإجراءات المرتبطة بالجائحة للأشخاص ذوي الإعاقة، خصوصا من خلال ترجمة لغة الإشارة، وترجمة الأفلام والتنسيقات سهلة القراءة؛
التأكد من أن برامج الإمداد الغذائي تأخذ في الاعتبار الأشخاص ذوي الإعاقة.
10) حقوق النساء
دمج العنف القائم على النوع الاجتماعي في استجابات كوفيد 19؛
دعم التكفل الصحي بالنساء والفتيات؛
ضمان استمرارية شحن المنتجات الصحية التي تحتاجها النساء والفتيات بشكل خاص؛
دعم هياكل وخدمات حماية ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي؛
توفير أرقام الطوارئ وأنواع أخرى مختلفة من آليات الدعم والإبلاغ التي يمكن الوصول إليها عن بعد؛
تمرير وتطبيق قانون مناهضة العنف ضد النساء والفتيات لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي؛
تعميم القوانين الحالية وضمان قمع أكبر لمرتكبي العنف القائم على النوع الاجتماعي؛
11) حقوق الطفل
التأكد من أن التعلم عبر الإنترنت لا يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة القائمة؛
ضمان حلول تعليمية متعددة أخرى والتأكد من جعل التعلم المنزلي ممكنًا؛
ضمان ألا يعرض الحجز الأطفال للعنف الجسدي والنفسي، بما في ذلك سوء المعاملة والعنف الجنسي.
12) حقوق المهاجرين
ينبغي وضع إجراءات تشريعية وسياسية وإدارية وعملية، بما في ذلك إجراءات الاتصال، لضمان ولوج سريع وفعال للمهاجرين إلى المرافق والمنشآت والخدمات الصحية؛
ينبغي أن تهدف جهود التحسيس إلى نشر المعلومات بطرق تراعي حماية المهاجرين؛
إعطاء الأولوية للإفراج عن المهاجرين المحتجزين ووضع مجموعة من البدائل للاحتجاز من أجل حماية حقوق وصحة المهاجرين؛
يجب أن يضمن تعزيز الرقابة على الحدود عدم التمييز والسرية والكرامة ولا ينبغي أن تنطوي على احتجاز إلزامي أو لأجل غير محدد؛
يجب أن تحترم إجراءات الهجرة واللجوء النصوص المعمول بها؛
تعليق الإعادة القسرية للمهاجرين إلى بلدانهم الأصلية مؤقتًا أثناء فترة كوفيد 19.
الفصل الثالث: الاحتباس الحراري وحقوق الإنسان
إن الأزمة المناخية هي أكبر تهديد لبقاء نوعنا البشري والآن تعرض للخطر حقوق الإنسان في جميع أنحاء الكوكب. إنه يسخن بسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الأنشطة البشرية. وارتفاع درجات الحرارة له آثار سلبية مباشرة، مثل الجفاف، والفيضانات، وارتفاع مستوى سطح البحر، وموجات الحرارة، وظواهر الطقس المتطرفة، وتناقص التنوع البيولوجي، وانهيار النظم البيئية. ويشكل التغير المناخي تهديدًا ليس فقط للحياة البشرية، ولكن لجميع الكائنات الحية. إنه ينتهك بالفعل حقوق الإنسان لعدد لا يحصى من الأشخاص والوضع يزداد سوءًا.
إن التغير المناخي يمكن أن يؤدي إلى حدوث أو تفاقم وضعيات الهشاشة. وهو يؤثر بالإضافة إلى السياقات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية والسياسية، على قدرة الأشخاص على الاستجابة والتمتع بحقوق الإنسان. وهذا يقود بعض الأشخاص إلى التنقل داخل البلد أو عبر الحدود، ويجعل الأشخاص الآخرين غير قادرين على الابتعاد عن المناطق المتضررة.
وإذ يساوره القلق إزاء التأثيرات غير المتناسبة والمتزايدة للتغير المناخي على إفريقيا والتحديات التي تواجه التنمية الاجتماعية والاقتصادية للقارة، عقد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي اجتماعا حول موضوع: التغير المناخي، السلم والأمن في إفريقيا في يوم 21 ابريل 2022.
ودعا المجلس إلى إجراء تسجيل للأشخاص اللاجئين والنازحين ضحايا التغير المناخي في إفريقيا وحمايتهم من جميع أشكال الاستغلال، كما دعا إلى اتباع مقاربة شاملة لمواجهة التحديات التي يفرضها التغير المناخي والتي تتعارض مع السلم والأمن في القارة.
وفقًا لأحد التقارير، من المتوقع أن يضطر ما يصل إلى 85 مليون إفريقي للهجرة داخل بلدانهم بحلول سنة 2050 بسبب آثار التغير المناخي.
للتغير المناخي آثار سلبية على التمتع بمجموعة واسعة من حقوق الإنسان، خصوصا الحق في الحياة، والصحة، والماء، والصرف الصحي، والغذاء، والتعليم، والسكن، وتقرير المصير، والبيئة النظيفة والصحية والمستدامة، والتنمية المستدامة، والأمن وقدرة الحكومة على ضمان التمتع بهذه الحقوق، وبالتالي تفاقم آثارها على الأشخاص الذين هم في وضعية هشة، مما يجعل النزوح خيارًا شائعًا للتكيف للسكان المتضررين الذين يتعين عليهم التعامل مع تدهور ظروفهم المعيشية. ويعد التغير المناخي أيضًا مصدرًا مؤكدًا بشكل متزايد للنزاعات والتشوهات الاجتماعية بسبب ندرة الموارد. وغالبًا ما يُساء فهم آثار التغير المناخي، وكيفية إسهامها في حالات الهشاشة في جميع أنحاء موريتانيا، أو لا يتم الاعتراف بها، ولا تزال البيانات حول الآثار الضارة المرتبطة بالتغير المناخي وحقوق الإنسان بعيدة عن الاكتمال.
تنتمي موريتانيا إلى منطقة الساحل الإفريقي الأكثر تضررًا من الجفاف المتكرر منذ سنة 1968. وازداد التصحر الناتج عن ذلك لأن تأثير المناخ، المقترن بالعمل البشري، أدى إلى عواقب مباشرة على بيئة محفوفة بالمخاطر بالفعل، وهي تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية العامة للبلد والبيئة المادية. لذلك فإن تعرض البلد للتغير المناخي يمس جميع القطاعات الحيوية للاقتصاد الوطني.
في موريتانيا، بدأت آثار التغير المناخي تظهر بالفعل. فارتفاع درجات الحرارة، والجفاف، وتآكل السواحل، وكذلك زيادة الأمطار الغزيرة، كل ذلك يبرز الاتجاه المستمر لتدهور النظم البيئية الزراعية والرعوية والغابات. وهذه الوضعية لها عواقب سلبية على الأمن الغذائي لسكان الريف وتزيد من احتمال نشوب نزاع بين مختلف المجموعات التي تستغل الموارد الطبيعية. وتتمثل العواقب في نزوح جماعي أكبر من الريف إلى نواكشوط من جهة وزيادة في الهجرة بين الشمال والجنوب والتي تعتبر نواكشوط إحدى نقاط العبور فيها.
لقد صادقت موريتانيا على العديد من الاتفاقيات المتعلقة بالمناخ بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وبروتوكول كيوتو، واتفاقية باريس، وإعلان ليبرفيل حول الصحة والبيئة.
كما أن اتفاق باريس يقر أنه عندما تتخذ الدول إجراءات لمواجهة التغير المناخي، يجب عليها احترام التزاماتها في مجال حقوق الإنسان وتعزيزها ومراعاتها. كما أقرت مجموعة الخبراء الحكوميين الدوليين المعنية بالتطور المناخي بأن المقاربة القائمة على الحقوق والمشاركة الهادفة للمجموعات في وضعية هشة تعزز التنمية المقاومة للتغير المناخي. ولذلك ينبغي أن تسترشد جميع الجهود المبذولة للتخفيف من التغير المناخي والتكيف معه بالنظم والمعايير والمبادئ ذات الصلة بمجال حقوق الإنسان، خصوصا تلك المرتبطة بالمشاركة والولوج إلى المعلومات والشفافية والإنصاف وعدم التمييز والمساواة.
في موريتانيا، على الرغم من أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لا تزال منخفضة للغاية، فإن الاتجاه الملحوظ منذ سنة 2015 آخذ في الارتفاع. وقد التزمت موريتانيا، في إطار مساهمتها المحددة على المستوى الوطني، بخفض انبعاثات غازات الدفيئة بحلول سنة 2030. ويتم أخذ قطاعات الطاقة والزراعة والغابات واستخدام الأراضي والعمليات الصناعية واستخدام المنتجات وكذلك النفايات في الاعتبار في هذا الالتزام.
إن موريتانيا لديها برنامج عمل وطني للتكيف تم إنشاؤه في سنة 2004 وفقا لمقاربة تشاركية متعددة التخصصات ويتناول قضية الإجهاد المناخي وتأثيراته على الموارد، ولكن لم يتم أخذ بُعد حقوق الإنسان في الاعتبار بشكل صريح.
تركز الأولويات الوطنية من حيث التكيف على حماية المدن الساحلية من مخاطر الغمر البحري، واستعادة التنوع البيولوجي والنظم البيئية، وتطوير الإيكولوجيا الزراعية، والحصول على الماء، وتعزيز صمود الفئات السكانية الهشة.
يسلط ملف المناخ في موريتانيا الضوء على الاحتياجات الهامة فيما يتعلق بتعزيز القدرات في جمع ومعالجة وتحليل بيانات الأرصاد الجوية والمناخية، ودراسات هشاشة السكان وقطاعات التنمية.
تطمح اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى العمل سويا مع جميع هياكل الدولة والهيئات الدولية ومنظمات المجتمع المدني بحيث يتم تعميم التغير المناخي في جميع قطاعات النشاط مع مقاربة قائمة على حقوق الإنسان. ولذلك تطلب دعوتها إلى إعداد السياسات القطاعية حتى تقدم خبرتها بحيث تكون هذه السياسات قائمة على حقوق الإنسان.
تتعهد اللجنة على المدى القصير، من بين إجراءات أخرى بما يلي:
1 ـ التوعية وتعميق المعرفة حول الصلة بين التغير المناخي وحقوق الإنسان في موريتانيا؛
2 ـ تحديد الاحتياجات / النواقص فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان في سياق التغير المناخي باتباع مقاربة قائمة على النوع الاجتماعي؛
3 ـ تحديد الإطار القانوني الذي يحدد التزامات الحكومة في مجال ترقية وحماية وتنفيذ حقوق الأفراد والمجتمعات المتضررة من آثار التغير المناخي لإبلاغ التنفيذ الفعال للقوانين والسياسات وتقليل التعرض لمخاطر التغير المناخي؛
4 ـ العمل مع جميع الأطراف المعنية وفي مقدمتها الدولة الموريتانية حتى نتأكد أن كل إجراء أو تشريع يتوافق مع التزاماتها في مجال حقوق الإنسان ولا يؤثر على التمتع الكامل بحقوق الإنسان للأشخاص المتضررين من التغير المناخي.
الفصل الرابع: حقوق الإنسان في العمليات الانتخابية
تخطط موريتانيا لإجراء انتخابات بلدية وتشريعية السنة المقبلة وانتخابات رئاسية في العام التالي.
تأتي هذه الانتخابات في جو هادئ وهو ما تحتاجه موريتانيا بشدة بعد مقاطعة الكثير من الانتخابات المتنازع على نتائجها.
وبالفعل، فإن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخرًا بين المعارضة والحكومة مطمئن.
إن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مدعوة للعب دور مهم في هذه العملية من أجل ضمان أن تتم مع احترام حقوق الإنسان.
واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مجهزة بما يكفي في هذا الصدد بحكم صلاحياتها وخبرتها المكتسبة لاسيما مع الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وبشكل خاص مع الرابطة الفرنكوفونية للجان الوطنية لحقوق الإنسان التي طورت خبرة داخلية لأعضائها أقرها الدليل العملي “المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والعمليات الانتخابية (2020)”.
إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1948، كرس على وجه الخصوص حق كل مواطن في المشاركة في الشؤون العامة، وأيضا حرية الرأي والتعبير (المادة 19) والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات (المادة 20) وكذلك مبدأ عدم التمييز (المادة 7)، وأكدت المادة 21 على أهمية إجراء انتخابات نزيهة بشكل دوري لضمان حق كل فرد في المشاركة في الشؤون العامة لبلده.
تنص المادة 25 (ب) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن لكل مواطن الحق والإمكانية للتصويت وأن يُنتخب في انتخابات دورية نزيهة بالاقتراع العام والمتساوي وبالانتخاب السري، مما يضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين.
تعتبر الانتخابات جوهر الديمقراطية وتظل الوسيلة الأساسية لممارسة الفرد لحقه في المشاركة في الشؤون العامة.
يجب حماية هذه الحقوق بشكل خاص خلال العمليات الانتخابية.
وبهذه الروح، تم تسجيل إعلان باماكو، الذي اعتمده رؤساء دول وحكومات الفرنكوفونية في 3 نوفمبر 2000، والذي يشير إلى أن “الديمقراطية تتطلب، على وجه الخصوص، إجراء انتخابات حرة وموثوقة وشفافة، على فترات منتظمة، على أساس احترام وممارسة، دون أي عائق ولا أي تمييز، الحق في الحرية والسلامة الجسدية لكل ناخب وكل مرشح، والحق في حرية الرأي والتعبير، خصوصا من خلال الصحافة ووسائل الاتصال الأخرى، وحرية التجمع والتظاهر، وحرية تكوين الجمعيات”.
يجب أن تكون حالة حقوق الإنسان موضع اهتمام خاص طوال فترة الانتخابات. ومن المحتمل بالفعل أن تؤدي هذه اللحظات الأساسية في الحياة الديمقراطية إلى توترات ويمكن أن تؤدي، في ظروف معينة، إلى قيود أو تجاوزات أو حتى انتهاكات خطيرة للحقوق والحريات.
في هذه السياقات الحساسة للغاية، يمكن للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن تلعب دورًا رئيسيًا بالنظر إلى صلاحياتها لترقية وحماية حقوق الإنسان، كما هو موضح في مبادئ باريس. في هذا الإطار، يمكن للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن تقوم بالعديد من الإجراءات أثناء العملية الانتخابية من أجل تعزيز طابعها الديمقراطي: تحليل وتقديم الآراء حول مشاريع القوانين المطبقة على الانتخابات والتي لها تأثير على حقوق الإنسان؛ وتوعية وتكوين الفاعلين المشاركين في تسيير ومراقبة الانتخابات؛ ورصد ومراقبة انتهاكات حقوق الإنسان أو حتى التحقيق في الشكايات الفردية والجماعية المتعلقة بانتهاكات حقوق الأفراد.
إن الهيئات التي تسهل الحوار بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان هي الجهات الفاعلة الرئيسية التي تعمل في الميدان من خلال تنوير الرأي العام حول قضايا حقوق الإنسان. كما أنها تشكل أيضا آلية يتمثل دورها في تقديم النصح والمشورة للدولة حول قضايا حقوق الإنسان.
في الواقع، أقر مجلس حقوق الإنسان في قراره 17 19 بالدور الهام الذي تلعبه مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في تطوير مؤسسات وطنية مستقلة وفعالة للدفاع عن حقوق الإنسان.
وأحاط المجلس علما بالدور الذي تلعبه المؤسسات الوطنية المستقلة لترقية وحماية حقوق الإنسان التي تعمل مع الحكومات لضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان على المستوى الوطني، ولا سيما من خلال المساهمة، حسب الاقتضاء، في متابعة التوصيات المقدمة من الآليات الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان من خلال دعم التعاون بين الحكومة ومنظمة الأمم المتحدة لترقية وحماية حقوق الإنسان.
إن امتثال العمليات الانتخابية للمعايير الدولية وقيمتها الديمقراطية ومصداقيتها، يعتمد إلى حد كبير على الاحترام الفعال لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتتمتع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بالشرعية الكاملة للتدخل أثناء هذه العمليات، وحتى مسؤولية القيام بذلك، لأنها تنطوي على حقوق وحريات متعددة. وتنبع شرعيتها في هذا المجال من النصوص الدولية وأنظمتها الأساسية وصلاحياتها، التي تضع اختصاصًا عامًا في مجال حقوق الإنسان. وبشكل استثنائي أكثر، قد يمنحهم الإطار القانوني المحلي اختصاصًا صريحا في المسائل الانتخابية.
إن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان المتوافقة مع مبادئ باريس لها قيمة مضافة للمساهمة في هذا المجال، بسبب خصائصها الفريدة – الاستقلال والتعددية على وجه الخصوص – وبالنظر إلى الإطار التحليلي والآفاق التي يمكن أن تقدمها، باتباع مقاربة قائمة على الحقوق. لذلك، فإن الأمر متروك لها للدفاع عن صلاحياتها في هذا المجال وتعزيزها، وتجسيدها.
إن إشراك المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في العمليات الانتخابية من أجل انتخابات شفافة وشاملة وسلمية، قائمة على احترام حقوق الإنسان، توصي، من جهة، للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان باتباع مقاربة أكثر ديناميكية للوقاية من العنف الانتخابي ومن ناحية أخرى، الحفاظ على علاقات ثابتة مع الأطراف المعنية بالانتخابات، من خلال إطار تشاوري لتوعيتهم بمسؤولياتهم.
لقد تم تكليف المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بوظيفة مزدوجة بموجب القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة والمسمى “مبادئ باريس” الذي يقنن دور وصلاحيات لجان أو مجالس حقوق الإنسان.
وظيفتها الأولى هي تقديم المشورة للحكومة، والوظيفة الثانية تمكن من مراقبة العمل العمومي.
ترتبط مفاهيم “حقوق الإنسان” و “الانتخابات” ارتباطًا وثيقًا.
يساهم تنظيم انتخابات ديمقراطية ذات مصداقية وشفافة في إعمال حقوق الإنسان. واحترام حقوق الإنسان في فترة الانتخابات ضمان لإجراء انتخابات ديمقراطية وحرة وموثوقة وشفافة.
تنشئ العديد من الآليات القانونية الدولية ارتباطا بين المشاركة الديمقراطية في الشؤون السياسية والعامة وإعمال حقوق الإنسان. وتشمل، من بين أمور أخرى:
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ؛
الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، في مادته 13؛
في الفضاء الفرنكفوني، يعد إعلان باماكو هو المهم (2000).
الحقوق التي غالبًا ما تكون على المحك خلال فترة الانتخابات هي:
الحق في المشاركة في توجيه القضايا العامة لبلده
الحق في الولوج، بشروط متساوية، إلى الوظيفة العمومية لبلده
الحق في انتخابات نزيهة ودورية، بالاقتراع العام المتساوي والاقتراع السري أو باتباع إجراء معادل يضمن حرية التصويت
الحق في حرية الرأي والتعبير
الحق في حرية تكوين الجمعيات
الحق في حرية التجمع السلمي
الحق في حرية الحركة / التنقل
الحق في الحياة والحرية والأمن / السلامة الجسدية
الحق في الحماية من التمييز وخطاب الكراهية
الحق في الطعن للأشخاص الذين حرموا من حقهم في المشاركة.
تعتبر الانتخابات لحظة فريدة في الحياة الديمقراطية لأي دولة من حيث أنها تحدد اتجاه سياسات وأولويات البلد. ولا يوجد حدث آخر يوضح بشكل أفضل ممارسة الحق في المشاركة العامة.
ولا تعتبر الحماية والممارسة القوية لحرية التجمع وتكوين الجمعيات ضرورية في أي وقت آخر. (…) وأثناء الانتخابات، لا ينبغي أن يعاني الناس من قيود على الفضاء المتاح لهم لممارسة حقوقهم في حرية التجمع وتكوين الجمعيات. على العكس من ذلك، يجب توسيع هذه الفضاء.
المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات (2018(. A / HRC / 38/34
ومع ذلك، من المناسب مراعاة حدود الحق في حرية التعبير
الوقاية من دوافع التمييز، والكراهية والعنف على وسائل التواصل الاجتماعي
خلال فترة الانتخابات، من المرجح أن تكون شبكات التواصل الاجتماعي مكانا للتعبير المتطرف بين مؤيدي الحركات أو الأحزاب السياسية المعادية. وبعض هذه التعبيرات، التي قد تستهدف بشكل خاص مرشحا – مرشحين و / أو مناصريهم، تشكل في الواقع تحريضًا على التمييز والكراهية والعنف.
سواء كانت تتخذ شكلاً سمعيًا بصريًا أو مكتوبًا، يمكن التعليق على وجهات النظر هذه على نطاق واسع ونقلها وتضخيمها على المنصات أو المنتديات أو وسائل الإعلام الأخرى، بما في ذلك من خلال الحسابات الحقيقية أو الوهمية.
يمكن أن تساهم هذه التعبيرات في إنشاء مناخ عام من التخويف وأعمال العنف ضد فئات معينة من الأشخاص، ومنعهم من المشاركة في الانتخابات وبالتالي ممارسة حقوقهم بشكل فعال. ويمكن أن تشارك اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على مستويات مختلفة من أجل المساعدة في الوقاية من هذا النوع من الخطابات والكتابات ونشرها واستنكارها عند ثبوتها. وتتوفر اليوم العديد من الموارد حول هذا الموضوع.
الالتزام بالمواضيع ذات الأولوية
الانخراط، قدر الإمكان فيما يتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي والمنصات، في عمل التوعية العامة للجمهور، وخاصة الشباب، وفيما يتعلق بحدود حرية التعبير ومسؤوليات الجميع فيما يتعلق باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي.
تذكير السلطات المختصة (سلطات التنظيم، ومصالح التحقيق، والسلطات القضائية ، إلخ) بالحاجة إلى يقظة خاصة في الإبلاغ عن خطاب الكراهية والرد عليه، بما في ذلك على المستوى القانوني المحتمل، في إطار يحترم الحقوق والحريات.
فرنسا في سنة 2015، اعتمدت اللجنة الاستشارية الوطنية لحقوق الإنسان رأيًا حول مكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت. وعلى الرغم من أنه لا يركز بشكل خاص على السياقات الانتخابية، إلا أن الرأي يحدد السبل لتعزيز الأجهزة الموجودة لمكافحة الكراهية على الإنترنت، ولا سيما فيما يتعلق بالنصوص المتعلقة بحرية الصحافة والأحكام الجنائية، والتطورات المؤسسية الممكنة (مثل إنشاء مرصد للكراهية على الإنترنت). كما اقترح الرأي اعتماد خطة عمل وطنية للتعليم والمواطنة الرقمية.
هناك فرق أساسي بين الدور الذي يلعبه مراقبو الانتخابات المرسلون من المنظمة الدولية للفرانكفونية أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة ودور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في مراقبة الانتخابات من خلال مقاربة بالحقوق أو مقاربة قائمة على الحقوق.
الأوائل يراقبون الحملة الانتخابية وانتظام الاقتراع وجرد النتائج، مع مراعاة قانون الانتخابات والمبادئ الأساسية التي تضمن انتخابات نزيهة، بينما تنظر المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من جانبها في تجاوزات حقوق الإنسان طوال جميع الفترة المعنية.
كما تتعلق مراقبة احترام حقوق الإنسان خلال الفترة الانتخابية بتحليل الإطار القانوني والمؤسسي الذي يحكم العمليات الانتخابية.
يساهم تقييم المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان للامتثال لقانون الانتخابات و / أو النصوص التي تحكم العمليات الانتخابية في المراقبة العملية والفعالة لحقوق الإنسان خلال الفترة الانتخابية ويمكن أن يؤدي إلى توصيات لمقترحات الإصلاح.
يمكن تحليل الإطار القانوني للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من:
ملائمة أحكام مدونة الانتخابات والنصوص الوطنية الأخرى، خصوصا المدونة المدنية (الحقوق المدنية)، والمدونة الجنائية (الإجراءات القمعية)، إلخ.
تحديد أي ثغرات و / أو تناقضات قانونية فيما يتعلق بالأحكام التمييزية بشكل مباشر أو غير مباشر.
تحديد ومنع التمييز المباشر و / أو غير المباشر الذي قد يؤدي إلى انتهاكات الحقوق.
تقديم توصيات؛
اقتراح سبل الإصلاح القانوني.
الوقاية من العنف
تتفق معظم الدراسات على أن الانتخابات ليست سببًا جذريًا للعنف في الواقع عندما يتم إجراؤها بمصداقية، فالانتخابات هي بديل للعنف لأنها تهدف إلى حل التنافس على السلطة سلميًا وعلنيًا.
ومع ذلك، فإن العنف الانتخابي موجود.
حسب دليل مراقبة المعهد الديمقراطي الوطني للشبكة العالمية لمراقبي الانتخابات المحليين، فإن العنف ضد المرشحين والنشطاء والصحفيين والناخبين ومسؤولي الانتخابات والمراقبين يهدد بتقليل اختيار الناخبين وإلغاء التصويت. ويمكن استخدام العنف للإكراه عن طريق ترهيب الأفراد والمجتمعات للتصويت ضد إرادتهم لمرشح ما.
يمكن أن يحدث أثناء أي جزء من الدورة الانتخابية، ويتضمن العنف الانتخابي استخدام القوة بقصد التسبب في ضرر أو التهديد باستخدام القوة لإلحاق الضرر بالأشخاص أو الممتلكات المشاركة في العمليات الانتخابية. ويمكن أن ينتشر العنف الانتخابي قبل أو يوم الاقتراع كما كان الحال في انتخابات 2009 في أفغانستان ويمكن أن يحدث على نطاق واسع مباشرة بعد الانتخابات كما حدث في كينيا في 2007، وساحل العاج في 2010.
ومع ذلك، فإن أكثر أشكال العنف الانتخابي شيوعًا هي أشكال العنف الأقل انتشارا والتي تهدف إلى منع الناخبين من المشاركة في التصويت، أو إجبار الناخبين على المشاركة أو تغيير اختيارهم، أو إقصاء المرشحين، أو تعطيل العملية أو إلغاء الأصوات في أماكن معينة أو للانتقام من الدعم السياسي أو الأصوات المدلى بها.
الوساطة والوقاية من العنف والدعوة للحوار والتسوية السلمية للخلافات
من المحتمل أن تشهد العديد من الموضوعات المرتبطة بالعمليات الانتخابية وجهات نظر وخطابات متضاربة، مما قد يكون مصدرًا لدعاوى كبيرة. في بيئة متوترة، ويمكن أن يكون صوت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مفيدًا في توعية السلطات المحلية والزعماء التقليديين والقادة السياسيين أو الدينيين بضرورة منع جميع أشكال العنف، من خلال تفضيل القنوات المفتوحة للحوار والطعن، وبالتالي التسوية السلمية للخلافات.
يمكن أن تلعب اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أيضًا دورًا هامًا في الوساطة. كما أنها قادرة على دعوة وتوعية جميع الفاعلين في العملية لاستخدام سبل الانتصاف القانونية المتاحة والإدارية والقضائية، في حالة وجود خلافات حول شروط سير العملية أو نتائجها، والانتهاكات المحتملة للحقوق والحريات الأساسية في هذا السياق. كما يمكن للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بحكم صلاحياتها، التصرف في حالة العنف، في إطار عمل المراقبة، ومعالجة الطلبات الفردية و / أو الجماعية أو الإحالات الذاتية.
أمثلة
النيجر بمناسبة الانتخابات الرئاسية لسنة 2016، أنشأت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان “لجنة الحكماء” المكونة من رئيس المؤسسة، ونائبة الرئيس، والمقرر العام، والأمين العام وكذلك الشخصيات النيجيرية المعترف بها لاستقامتها ونزاهتها الأخلاقية (الرئيس السابق للمحكمة الدستورية، والوزير الأول السابق للفترة الانتقالية، والأمين العام للجمعية الإسلامية بالنيجر، والأمين العام لجمعية الزعماء التقليديين بالنيجر، ورئيس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية بنيامي، وراعي الكنيسة الإنجيلية).
اجتمعت هذه اللجنة، التي تم تفعيلها قبل الجولة الثانية، في سياق توترات سياسية قوية، واستطاعت دعوة قادة أحزاب الأغلبية المعارضة إلى الهدوء وضبط النفس، وتأمين الالتزامات من جانبهم. كما أدارت نقطة صحفية إذاعية وتلفزيونية لتوعية الرأي العام الوطني والدولي.
السنغال في سياق الانتخابات الرئاسية في فبراير 2019، أتيحت الفرصة للجنة السنغالية لحقوق الإنسان للدعوة إلى الهدوء والسكينة والحوار والتشاور من خلال البيانات الصحفية، بعد التباينات الكبيرة داخل الطبقة السياسية (فيما يتعلق بقضايا مثل مصداقية السجل الانتخابي، وتوافره، وتوافر توزيع بطاقات الناخبين، والرعاية، وخصائص هيئة تسيير الانتخابات، إلخ).
يجب على المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تحديد:
النصوص الوطنية التي تحكم العمليات الانتخابية أو مواد هذه النصوص التي سيتم تحليلها
الآليات القانونية الدولية المرجعية
الآليات القانونية المرجعية الإقليمية وشبه الإقليمية
النصوص الوطنية المرجعية
عند الضرورة، السوابق القضائية والملاحظات والتوصيات العامة للآليات الدولية والإقليمية.
التحقق من فعالية إدماج الآليات الدولية والإقليمية في النظام القانوني المحلي؛
التحقق من توافق النصوص الوطنية أو المواد المستهدفة مع الآليات الدولية والإقليمية والوطنية المحددة: الغموض أو الأحكام أو القيود التمييزية؛ إلخ
مسؤولية: الانتخابات هي وقت المطالبة بحقوق الإنسان بقوة، وبالتالي التزام المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بإبداء رأيها؛ مما يعزز مصداقيتها ويشكل عملية مساءلة.
وسيلة: لنقل وإسماع المواقف وتوصيات المؤسسة، لعامة الناس وبالتالي المساهمة في مراعاتها وتنفيذها من قبل المؤسسات المختصة.
فرصة: للتعريف بشكل غير مباشر بالمؤسسة وصلاحياتها، وتثمين عملها الأوسع نطاقا لحماية وترقية الحقوق، وترسيخ مكانتها في المشهد المؤسسي الوطني، على المستويين الوطني والمحلي، في المناطق
من جهة أخرى، إذا لم يكن القصد من المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن تكون هيئات لتسيير الانتخابات، فلا يُقصد بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن تحل محل عمل هيئات تسيير الانتخابات ولكن يمكنها أن تلعب دورًا استشاريًا لدى هذه الهيئات ومن المتوقع أن تعزز الحوار بين الفاعلين والمؤسسات؛ وتنشر ثقافة السلام التي تنطوي على احترام حقوق الإنسان قبل وأثناء وبعد الانتخابات.
ومع ذلك، قد تنص التشريعات و/أو الأحكام ذات الطبيعة التنظيمية و / أو المدونة الانتخابية على مشاركتهم في عمل هذا النوع من الهيئات (بالجلوس هناك)، أو منحهم اختصاصًا محددًا، على سبيل المثال فيما يتعلق باعتماد المراقبين.
بوركينا فاسو، المادة 14 من المرسوم 02017-0209 / PRES / PM / MJDHPC / MINEFID الصادر في 19 أبريل 2018 بشأن تنظيم وسير عمل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان يعطي المؤسسة صلاحية مراقبة حقوق الإنسان أثناء فترة الانتخابات، من خلال لجنتها الفرعية الدائمة المكلفة بالحقوق المدنية والسياسية.
ينص قانون ساحل العاج رقم 708 2019 بتاريخ 5 أغسطس 2019 على عضوية المجلس الوطني لحقوق الإنسان في اللجنة المستقلة للانتخابات. مرسوم يتضمن تعيين أعضاء هذا الأخيرة (مرسوم رقم 2019-775 بتاريخ 25 سبتمبر 2019).
ينص القانون المغربي رقم 30-11 الذي يحدد شروط وإجراءات المراقبة المستقلة والمحايدة للانتخابات على “إنشاء لجنة خاصة لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان لاعتماد مراقبي الانتخابات المكلفين بتلقي وفحص والبت في طلبات الاعتماد “. وتصدر هذه اللجنة بطاقات خاصة للمراقبين وتزود الأشخاص المعتمدين بميثاق يحدد المبادئ والقواعد الأساسية التي يجب عليهم مراعاتها في ممارسة مهامهم.
رواندا المادة 6 (5) من القانون رقم 19/2013 الصادر بتاريخ 25/03/2013 المتضمن مهام وتنظيم وسير عمل اللجنة الوطنية لحقوق الشخص المعدل بالقانون رقم 61/2018 الصادر بتاريخ 24/08/2018 ينص على أنه، في إطار حماية حقوق الشخص، فإن اللجنة مسؤولة عن “ضمان احترام حقوق الشخص في العملية الانتخابية وتقديم التقرير إلى الهيئات المخولة” (انظر الجريدة الرسمية رقم 38 بتاريخ 17/09/ 2018 (.
يمنح القانون السنغالي 97-04 الصادر بتاريخ 10 مارس 1997 المتعلق باللجنة السنغالية لحقوق الإنسان على المؤسسة دور الملاحظة والتقييم والحوار والتشاور والترقية فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان. وعلى هذا الأساس تشارك اللجنة في مراقبة ومتابعة العمليات الانتخابية.
التوصيات
تذكر السلطات بأنها مدعوة بشكل صريح للمساهمة في امتثال اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لمبادئ باريس وسير عملها، وفي الواقع فإن مهمة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان هي “الاستماع إلى الشكايات، ورصد وتوثيق الانتهاكات لجميع جوانب الحق في المشاركة في الشؤون العامة، ولا سيما المهمشين من الأفراد والجماعات، والتصرف لمواجهة هذه الانتهاكات، وامتلاك الموارد اللازمة لهذا الغرض “.
توصي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان السلطات بتسهيل مهمة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في إطار العملية الانتخابية بهدف ضمان احترام حقوق الإنسان أثناء فترة الانتخابات، وخاصة حقوق الفئات الأكثر هشاشة.
حالة الشكايات التي تلقتها وعالجتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من 1 يناير إلى 31 دجمبر 2021.