اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تستشعر جو الحرية السائد وتنتقد واقع القضاء وتعاطي الإدارة مع أحكامه

لأول مرة في تاريخ الأنظمة الموريتانية المتعاقبة منذ الاستقلال تقتنع هيئة رسمية معينة بالدفاع عن الدولة وتلميع صورتها أمام المجتمع الدولي بانتقاد أداء رسمي في تقرير رسمي علني استلمه رئيس الجمهورية وتم نشره على نطاق واسع.

لقد قامت اللجنة الوطنية لحقوق الانسان، التي يرأسها النقيب السابق للمحامين الأستاذ أحمد سالم ولد بوحبيني، بهذا الأمر غير المسبوق، مستشعرة جو الحرية السائد، ومقتنعة بتجذر تلك الحرية والإيمان بها من قبل أعلى شخص في هرم السلطة، بعيدا عن الشعارات البراقة والتسويق الممنهج. 

تقرير لجنة حقوق الإنسان تضمن انتقادات لواقع القضاء وتفصيلات عن الاختلال الذي يعانيه القضاء الموريتاني، حيث أكد ولد بوحبيني “أن التقليل من أهمية الخدمة القضائية وإلغاء مركزيتها هما، إن لم يكونا أصلي اختلال الجهاز القضائي واستمرار تآكل ثقة المتقاضين، فإنهما على الأقل مساهمان رئيسيان في نتائجه”.

وأضاف: “عندما يتم تجاهل الأماكن التي ينطق فيها بالقانون ويداس عليها وعندما يتم التخلص من الجديدة وضرورة احترام إجراءات الأعمال القضائية فإننا في الوقاع نقلل من الاحترام الواجب لها”.

ونبه رئيس اللجنة “أن أغلب المظالم التي يعاني منها المتقاضون اليوم، يتعرضون لها داخل العدالة وباسمها، تلك العدالة التي أصبحت ثقة المواطن فيها منعدمة”، موضحا “أن العدالة تسير بشكل سيئ وتوجد حالة ملحة للعمل من أجل إنقاذها”.

وتضمن تقرير اللجنة الجديد، الذي تسلم رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني نسخة منه، وضعية حقوق الإنسان في موريتانيا لفترة 2021 – 2022، متحدثا عن “ضعف في تكوين القضاة وأعوان القضاء”، مشيرا إلى أن “ميزانية وزارة العدل لم تتضمن مخصصات للتكوين منذ عدة سنوات، كما أن التكوينات في الخارج أصبحت نادرة، بالرغم من أهميتها في تطوير وتحسين العمل القضائي”.

ولفت التقرير الانتباه إلى ما وصفها بانعكاسات ضعف التكوين، مؤكدا آثار غياب التكوين تمثلت في “وجود بعض القضاة اليوم على رأس محاكم في مختلف المجالات التجارية والجنائية والمدنية لا يتوفرون على أي مؤهلات ولا تكوين أساسي”.

وأضاف التقرير “أنه على الرغم من كفاءة بعض القضاة، فإنهم يعانون من نقص في التكوين في مجالات تتطلب تعليما جامعيا أساسيا صلبا مرتبطا بثروة من الخبرة، ليتمكنوا من تسوية نزاعات معقدة في ميادين تقع ضمن اختصاصهم مثل القانون البحري، وقانون التأمين، والقانون الجنائي، وقانون الشركات، وقانون الضرائب، والقانون الإداري”.

وعلى مستوى الإدارة، تحدث التقرير بالتفصيل عن “التأخر في تحرير الأحكام”، منبها إلى أن “التراخي واللامبالاة في تحرير الأحكام يرهقان حقوق الخصوم الذين يرون بالتالي أن سبل طعونهم تطول بشكل غير عادي”.

وأضاف “أن التأخر في تحرير الأحكام يشكل انتهاكا لحقوق المحتجزين، خصوصا الحق في الاستماع لقضيتهم من طرف محكمة أعلى في غضون فترة زمنية معقولة”.

لقد اعتمدت اللجنة الوطنية لحقوق الانسان في أسلوب المكاشفة والصراحة، الجديد في تقاريرها السنوية، على جدية رئيسها وأعضائها وتحليهم بالصدق والتصالح مع الذات.. وعلى جو الانفتاح والشفافية الذين فرضهما رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، وحولهما من شعارات جوفاء إلى ممارسات فعلية طالت كل الميادين، فأثمرت انفتاحا سياسيا ونقدا ذاتيا، وتعززت الحريات الفردية والجماعية، وتجذر مفهوم الفصل بين السلطات.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

خميس, 17/11/2022 - 23:41