الوزير والسفير السابق محمد فال بلال يكتب: عن العلاقات بين الأجيال

أثناء متابعتي لخطاب الرئيس بمناسبة الاستقلال، استوقفني حديثه عن "أهمية تصحيح ميزان العدالة التوزيعية للثروة…"• و بما أنها أول مرة أسمع فيها مسؤولا ساميا يتحدث عن "عدالة التوزيع"، سعدتُ بالأمر جدا، وقفزت إلى ذهني رسائل الشباب المطالِبة بالقِسْط والإنصاف بين الأجيال بشأن توزيع الرواتب والوظائف، واتهامه الدولة بالمَيل والانحياز للأجيال السابقة. وقررت أن أطرق مع أصدقاء ومتابعي الصفحة موضوع علاقات الأجيال فيما بينها، وفيما بينها والدولة.

أين الحقيقة؟

حتى أوائل الثمانينيات، كنا نتحدث عن بداية فجوة بين الأجيال، وذلك استنادا إلى ما كنا نراه من انفصام بين الشباب وكبار السن واختلاف في العقليات والقِيّم والثقافة؛ إلاّ أن الفجوة تعمّقت منذ ذلك الحين، واتخذت منحى جديدا يجعلنا نتحدث اليوم عن صراع بين الأجيال. تحولت الفجوة إلى قطيعة، وتحول الانفصام إلى صِدام. كنا ندري أن تغييرات القرن 21 تقودنا نحو تحول جذري داخل المجتمع، وكنا نشاهد ذلك بجلاء في التناقض بين سلوك الشباب وطموحاتهم وتطلعاتهم من جهة، وتصلب المجتمع المحافظ والرافض للتجديد، وما ينتج عن ذلك من مشاكل وصعوبات داخل الأسرة الواحدة. أما اليوم، فلم يعد التدابر يقتصر على الثقافة والسلوك ونمط الحياة، ولم يعد يقتصر على الأسرة، بل تجاوزها إلى الشارع والمرافق العمومية والسياسة والاقتصاد.

ويتضح ذلك عند سماع بعض الشعارات والخطابات الساخطة التي يطلقها الشباب بخصوص توزيع الوظائف والرواتب والموارد العامة. لقد أدى ارتفاع نسبة البطالة والفقر داخل الشباب واستمرار عدد من المتقاعدين في بعض المناصب إلى ظهور فكرة لدى الجيل الجديد مفادها أن ثمّة علاقة بين الحالتين؛ يعني بين تدهور أوضاع الشباب، وبين توظيف المتقاعدين. سمعنا هذا الرأي بقوة في الآونة الأخيرة، وتعاملنا معه بمنطق "لگْزانَه"، لا نصدِّقه ولا نكذِّبه نظرا لغياب أي معلومات أو تخمينات تؤكده أو تفنّده. الأمر هنا يحتاج إلى معلومات دقيقة حول توزيع كتلة الرواتب وتوزيع الوظائف والمسؤوليات بين الفئات العُمرية.

ونظرا لذلك، أتمنى أن تقوم الهيئات المختصة بشأن العمال والرواتب بنشر إحصاءات دقيقة يمكن الرجوع إليها لمعرفة: ما هي نسبة المتقاعدين المتواجدين في وظائف الدولة من مجموع الموظفين؟ وما هي نسبة دخلهم من كتلة الأجور؟ وما هو معدّل العمر في الحكومة، والبرلمان، والقيادات السياسية، والجيش، وإدارة الشركات والمؤسسات الكبيرة؟ إن الحصول على أجوبة صحيحة لهذه الأسئلة سوف يساعدنا على فهم الإشكالية الحقيقية التي يعاني منها البلد عموما والشباب خصوصا. وفي انتظار ما تكشفه الأرقام، أنصح بصَون الأسلحة والذخيرة وتوجيهها خالصة ضد الفساد والمفسدين في إطار جبهة واسعة مفتوحة لكل من يستطيع المساهمة فيها بشطر كلمة أو بشق تمرة.. والله المستعان.

 

من صفحة الكاتب على فيسبوك

 

ثلاثاء, 06/12/2022 - 13:56